الشعب الفلسطيني ينتفض مجددا ضد سياسات الفصل العنصري والتطهير العرقي التي تمارسها دولة اسرائيل العنصرية في النكبة المستمرة منذ خلق الدولة الاسرائيلية عام 1948. الانتفاضة بدأت في مدينة القدس وامتدت بين كافة السكان الفلسطينيين، سواء في فلسطين ال 48، أو قطاع غزة، أو الضفة الغربية، أو مخيمات اللجوء في الشتات الفلسطيني، وهو واقع لم يسمع به أحد منذ الانتفاضتين الأولى والثانية.
بقلم الرابطة الأممية للعمال_ الأممية الرابعة
القدس
كما في الانتفاضة الثانية كانت نقطة الانطلاق هي القتال في مدينة القدس. في حي الشيخ جراح الفلسطيني تقاوم العائلات الفلسطينية التطهير العرقي المستمر، وهي الآن ترفض القبول بأوامر الإخلاء من المحاكم الاسرائيلية لتسليم منازلهم إلى المستوطنين الاسرائيليين.
عند باب العامود، المدخل الرئيسي للمدينة القديمة، وهو مكان تقليدي للّقاء والتواصل الاجتماعي للشباب الفلسطيني، وقف الشباب ضد أوامر الشرطة بمنعهم من دخول الموقع.
في المدينة القديمة، يقاتل المسلمون الفلسطينيون من أجل حقهم في الصلاة بحرية في المسجد الأقصى، ثالث أقدس الأماكن في الإسلام، مما أدى إلى اشتباكات مع الشرطة والجيش الإسرائيليين في حرم المساجد. بالإضافة إلى الشرطة والجيش، استخدمت دولة إسرائيل العصابات الفاشية الصهيونية لمهاجمة الفلسطينيين، وأصيب المئات منهم و / أو اعتقلو.
فلسطين الـ 1948
من القدس، امتدت الانتفاقضة الفلسطينية إلى أراضي الـ 48 (كما يسمي الفلسطينيون أرضهم المحتلة عام 1948، والتي تعترف بها الأمم المتحدة كدولة “اسرائيل).
الشباب الفلسطيني نزل إلى الشوارع في المدن والأحياء الفلسطينية كاللد، ويافا، والرملة، والناصرة، وحيفا، وعكا، وأم الفحم، والنقب. وتجدر الإشارة إلى أن الانتفاضة الفلسطينية الحالية سبقتها تحركات أخيرة في أم الفحم ضد تعاون الشرطة الإسرائيلية مع العصابات الإجرامية.
كما أفادت الصحافية لينا السعافين، كانت نقطة الذروة في مدينة اللد، قرب تل أبيب وموقع المطار الاسرائيلي الرئيسي. عام 1948 تم طرد معظم السكان الفلسطينيين البالغ عددهم 19 ألفا، وإعدام 200 شخص على أيدي الميليشيات الصهيونية التي كان من بين أعضائها رئيس الوزراء الإسرائيلي المستقبلي إسحاق رابين. اليوم يشكل الفلسطينيون فقط 30% من سكانها.
في 10 أيار قام الفلسطينيون بوضع العلم الفلسطيني على عامود إنارة تضامنا مع الفلسطينيين في القدس، وكفعل انتقامي قام مستوطن اسرائيلي بقتل موسى حسونة في ذات الليلة. وفي اليوم التالي، تم استهداف جنازته من قبل العصابات الفاشية الصهيونية. رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أعلن حالة الطوارئ في المدينة (للمرة الأولى منذ العام 1966)، وأرسل 16 وحدة للشرطة/ وأعلن أن “الدولة اليهودية لن تتسامح مع المذابح ضد مواطنينا”. وزير الأمن العام أمير أوحانا طالب بالإفراج عن قاتل موسى حسونة، معلنا أن: “اعتقال المسلح في اللد وأصدقائه الذين تصرفوا على ما يبدو دفاعا عن النفس أمر مروع. المواطنون الملتزمون بالقانون والذين يحملون السلاح هم بالنسبة للسلطات قوة مضاعفة للتحييد الفوري للتهديدات والمخاطر”.
هذا البيان يجسد الطبيعة الاستعمارية لدولة اسرائيل، التي تشجع الجماعات الفاشية اليمينية المتطرفة على متابعة جرائمها، مثل ليهافا، وشباب التل، و “لا فاميليا” وبيتار يروشاليم، مشجعي كرة القدم الذين اقتحموا مدينة اللد، وأحرقوا سيارات الفلسطينيين، وهاجموا المسجد، وخربوا المقبرة وهم يهتفون “الموت للعرب”. في “باتيام” تم بث إعدام فلسطيني في وقت متزامن مع اقتحام منازل الفلسطينيين في حيفا وعكا. في 10 أيار، أعلنت سلطات الشرطة اعتقال 1000 مواطن، من بينهم 850 فلسطينيا و 150 من أنصارهم.
غزة
محاصرون من قبل دولة اسرائيل والنظام المصري منذ العام 2007، ومستهدفون بقصف صهيوني متكرر، يعيش 2 مليون فلسطيني أزمة إنسانية مأساوية في قطاع غزة. وفقا للصحافي أحمد جبر تم إغلاق 80% من الأنشطة الاقتصادية وورش العمل بسبب الحصار الاسرائيلي وما نتج عنه من شح في الموارد. صيد الأسماك تم تقييده بسبب حصار البحرية الاسرائيلية. القصف الإسرائيلي لمحطات توليد الطاقة ومعالجة المياه أدى إلى الحد من توفير الكهرباء لتكون لمدة 4 ساعات في اليوم بالمتوسط
كما أن 96% من المياه ملوثة وغير صالحة للاستهلاك. في ظل المذبحة الجديدة، قد يواجه الفلسطينيون نقصا تاما للطاقة الكهربائية في غضون أيام قليلة. حماس تمارس سلطة الأمر الواقع بعد فوزها في الانتخابات البرلمانية عام 2006، والتي لم تقبلها قوة الاحتلال الإسرائيلي ولا الإمبرياليتين الأمريكية والأوروبية.
غزة لعبت تاريخيا دورا رائدا في النضال الفلسطيني. الانتفاضة الأولى اندلعت في غزة عام 1987، إضافة إلى مسيرات العودة في العامين 2018_ 2019، والتي قتل فيها 189 فلسطينيا على يد جيش الاحتلال الاسرائيلي، وجرح أكثر من 20 ألفا.
في مواجهة أحداث القدس، قامت حماس وحليفتها حركة الجهاد الإسلامي بإطلاق بعض الصواريخ على الدولة الصهيونية، تحذيرا بأنها متحدة مع المقاومة.
وبعكس ما تروج له الدعاية الصهيونية، فإن المقاومة مشروعة في ظل الاحتلال بكافة الوسائل: هذا ليس إرهابا. الإرهابي هو دولة إسرائيل العنصرية.
منذ ذلك الوقت، تواجه غزة مجزرة جديدة، حيث تتعرض للقصف الوحشي من قبل سلاح الجو الإسرائيلي الذي يطلق صواريخ ذات قوة تدميرية عالية. ووفقا لتقرير للأمم المتحدة، فقد تضرر نحو 300 مبنى جراء القصف، وقتل حتى الآن 200 فلسطيني وجرح الآلاف.
إن هناك تحسن تقني ملموس في الصواريخ التي يتم إطلاقها من غزة، سواء في القدرة على الإطلاق المتسلسل، ما يجعل اعتراضها أكثر صعوبة، وفي المدى المتزايد – يمكنها الآن الوصول إلى أهداف تبلغ 250 كيلومترا.
وعلى الرغم من التحسن في مدى هذه الصواريخ، إلا أنها لا تضاهي أحدث الصواريخ والطائرات التي قدمتها الولايات المتحدة للجيش الإسرائيلي. لهذا السبب لا يمكننا أن نطلق على العدوان الإسرائيلي وصف الحرب، بل هو مجزرة.
الضفة الغربية
في الضفة الغربية، تواجه المقاومة الفلسطينية نظام فصل عنصري، بجدران ونقاط تفتيش، يفرضها الاحتلال الإسرائيلي، وكذلك الشرطة والمخابرات التابعة للسلطة الفلسطينية، التي تحافظ على اتفاقية تعاون أمني مخزية مع دولة إسرائيل.
ورغم الصعوبات، شهدت كافة المدن والقرى الفلسطينية بالضفة الغربية، كرام الله، وبيت لحم، والخليل، تظاهرات الشباب الفلسطيني، الذي واجه قمعا عنيفا من قبل قوات الاحتلال العسكري، ما أجبر السلطة الفلسطينية على اتخاذ موقف ضد القصف الاسرائيلي لغزة واستئناف المفاوضات.
اللاجئون والشتات
صورة النضال الفلسطيني تكتمل بالتعبئة القوية للفلسطينيين الذين يعيشون خارج الأراضي الفلسطينية، وهم أكثر من نصف السكان البالغ عددهم حوالي 13 مليون نسمة، والذين لا تسمح لهم قوات الاحتلال الإسرائيلي بالعودة إلى وطنهم.
هناك اضطرابات شديدة بين الشباب في مخيمات اللاجئين الفلسطينيين في الأردن ولبنان، البلدين اللذين قام فيهما الفلسطينيون، متحدون مع عرب محليين، بتنظيم مظاهرات على الحدود مع فلسطين المحتلة، حيث تم قمعهم من قبل القوات الإسرائيلية والأردنية واللبنانية.
بعيدا عن الأردن ولبنان، كانت هناك حراكات تضامنية في الكثير من المدن حول العالم (لندن، وباريس، وبرلين، ونيويورك، واسطنبول، وكيب تاون، وساو باولو وغيرها) بحضور فلسطيني وعربي واسع بشكل عام.
في البلدان العربية كانت هناك أيضا مظاهرات في تونس، وليبيا، والمغرب، وإدلب (محافظة سورية محاصرة من قبل قوات النظام السوري).
موقف الإمبريالية
من بين تصريحات متعددة تدعو دولة إسرائيل وحماس إلى وقف إطلاق النار، فإن الموقف النموذجي هو موقف الإدارة الديمقراطية الأمريكية.
الرئيس بايدن ووزير خارجيته، أنتوني بلينكين، دافعا عن حق دولة إسرائيل العنصرية في الدفاع عن نفسها ضد “عدوان” الفلسطينيين. إضافة إلى ذلك يرفضان إعادة النظر في بيع أسلحة عالية التقنية بقيمة 735 مليون دولار لدولة اسرائيل، التي تستخدمها لاقتراف المجزرة في غزة. ومن الجدير بالذكر أن الولايات المتحدة تتبرع بمبلغ 3.8 مليار دولار أمريكي سنويا على شكل أسلحة لدولة إسرائيل. كما أنها تستخدم حق النقض ضد أي قرار في مجلس الأمن الدولي لا يحظى بموافقة اسرائيلية.
في النهاية، الأمم المتحدة تصدر تصريحاتها المعتادة الداعية للحد من الهجمات من قبل كل من الفلسطينيين والاسرائيليين، ولاستئناف المفاوضات، بنية تطبيق “حل الدولتين”، الذي كان ومازال غير عادل، والذي بات بالفعل غير قابل للتطبيق إثر زحف استعمار المستوطنين الإسرائيليين على الأراضي الفلسطينية.
بعض الاستنتاجات الأولية
الانتفاضة الفلسطينية الراهنة عفوية، وقد تغلبت على حالة التجزئة التي فرضها الاستعمار الاسرائيلي، وأصبحت انتفاضة لكل الشعب داخل وخارج فلسطين المحتلة. هذه الحقيقة ذات الأهمية القصوى تعيد آفاق الوحدة الفلسطينية التي تخلت عنها منظمة التحرير الفلسطينية بعد اتفاقيات أوسلو (1993). كما أنها تعيد ترجمة النضال من أجل فلسطين حرة علمانية ديمقراطية من النهر إلى البحر، وهو الشعار الأصلي لمنظمة التحرير الفلسطينية الذي تم التخلي عنه واستبداله بـ “حل الدولتين”.
الانتفاضة الفلسطينية الحالية، التي توحد مجتمعا مشتتا، تواجه أعداء عتاة: دولة إسرائيل وقواتها العسكرية والشرطية وشبه العسكرية، والدعم الحاسم للإمبريالية الأمريكية والأوروبية، وكذلك تهاون الأمم المتحدة و”المجتمع الدولي”؛ والأنظمة العربية التي بات العديد منها في طور التطبيع مع دولة إسرائيل. والبرجوازية الفلسطينية ممثلة بالسلطة الوطنية الفلسطينية المستفيدة من مجال الأعمال للاحتلال، والمتعاونة في قمع قوات الاحتلال الإسرائيلي.
حتى يتم ترسيخ الانتفاضة الفلسطينية على أنها انتفاضة ثالثة، فإنها تحتاج إلى تنسيق محلي ودولي لتمثيل فلسطين في أراضي العام 1948، والقدس، والضفة الغربية، وغزة، والشتات، كما فعلت منظمة التحرير الفلسطينية منذ أواخر الستينيات وحتى اتفاقيات أوسلو.. وإلى تنسيق التعبيرات المختلفة للمقاومة الفلسطينية في الأفق السياسي لتفكيك دولة إسرائيل، من أجل فلسطين حرة علمانية وديمقراطية من النهر إلى البحر. ومن الأمثلة على ذلك الحركة النسائية الفلسطينية “طالعات”، التي تعلن أنه لا توجد أمة حرة دون نساء أحرار وترفض التعاون مع المنظمات النسوية الصهيونية، وإلى توحيد النضال ضد التحيز الجنسي مع النضال من أجل التحرر الوطني.
الوحدة مع الثورات العربية هي نقطة رئيسية أخرى في استراتيجية تحرير فلسطين. بينما تتعاون الديكتاتوريات العربية بشكل مباشر أو غير مباشر مع دولة إسرائيل، فإن الجماهير العربية تدعم الفلسطينيين. إن دخول الجماهير العربية إلى الحراك يشكل الدعم الأساسي للجماهير الفلسطينية، وبالتالي الحاجة إلى بناء روابط التضامن.
وكذلك فإن وحدة العمل الواسعة في دعم المقاومة وتعزيز التضامن الأممي، والحملات مثل حملة المقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات، هي أيضا مفاتيح لتعرية الفصل العنصري والتطهير العرقي الذي يتعرض له الفلسطينيون، وللضغط على الحكومات في كافة البلدان.
للمضي في هذا النضال حتى النهاية، هناك حاجة إلى قيادة سياسية ثورية جديدة للنضال من أجل تحرير فلسطين. سواء أكانت ذات توجهات وطنية أو يسارية أو إسلامية، فإن المنظمات الحالية ليس لديها برنامج سياسي يشير إلى هذا الاتجاه. المنظمة الوطنية الرئيسية هي فتح بقيادة محمود عباس، الذي يدير السلطة الفلسطينية، والتي تتعاون بشكل مباشر مع الاحتلال الإسرائيلي. وتحت مظلة السلطة الفلسطينية، فإن المنظمات الرئيسية لليسار الفلسطيني (الجبهة الشعبية، والجبهة الديمقراطية، وحزب الشعب) أدارت ظهرها للثورات في العالم العربي عبر دعم ديكتاتوريين من أمثال بشار الأسد (اقرأ بالبرتغالية تحليل اليسار الفلسطيني https://litci.org/pt/63807-2/
أما المنظمات ذات التوجه الإسلامي من ناحية أخرى (حماس والجهاد الإسلامي والحركة الاسلامية في الداخل) فإنها تنادي بفلسطين الإسلامية، التي تقسم الجماهير الفلسطينية. علاوة على ذلك، فإن العلاقات السياسية بين الجهاد الإسلامي والدكتاتورية الرأسمالية الإيرانية وضعتها في الاتجاه المعاكس للنضالات الديمقراطية للطبقة العاملة الإيرانية والسورية واللبنانية (اقرأ بالبرتغالية، ماهر الأخرس والطريق إلى تحرير فلسطين
https://litci.org/pt/maher-al-
هذه القيادة السياسية الجديدة ستكون مستندة إلى الطبقة العاملة الفلسطينية، والفلاحين، والعمال الشباب، الذين يشكلون الطبقات الاجتماعية ذات المصلحة الاستراتيجية في هزيمة دولة اسرائيل، وتفكيكها، وبناء فلسطين الحرة العلمانية الديمقراطية من النهر إلى البحر.
نعم لإنهاء المجزرة الإسرائيلية في غزة!
نعم للدعم غير المشروط للمقاومة الفلسطينية والتضامن الدولي الفاعل معها!
نعم للوحدة العسكرية بين حماس وكافة التنظيمات الفلسطينية ضد العدوان الإسرائيلي، ومن أجل إنهاء حصار غزة! وإصلاح كل الأضرار التي لحقت بأهل غزة!
نعم لإنهاء عمليات إخلاء العائلات الفلسطينية وهدم منازلهم في ظل التطهير العرقي المستمر!
نعم لتحريم تواجد الجيش والشرطة والقوات شبه العسكرية الإسرائيلية في القدس القديمة وخاصة في الحرم!
نعم لانسحاب فوري لجميع قوات الاحتلال الاسرائيلي من الضفة الغربية والقدس وكافة المدن والأحياء الفلسطينية! ونعم أيضاً لحل الجيش والشرطة الإسرائيليين!
نعم لإلغاء كافة القوانين العنصرية ضد الفلسطينيين!
نعم لتحرير كافة الأسرى الفلسطينيين!
نعم لحق عودة اللاجئين الفلسطينيين!
نعم لتوحيد النضالات الفلسطينية وبناء مجالس عمالية وشعبية لتمركز المقاومة الفلسطينية!
نعم لقيادة سياسية ثورية جديدة من أجل تحرير فلسطين!
نعم لإنهاء دولة اسرائيل العنصرية وسياساتها ذات الفصل العنصري والطهير العرقي!
نعم لفلسطين حرة علمانية وديمقراطية من النهر إلى البحر!
ترجمة
تامر خرمه
مراجعة
فيكتوريوس بيان شمس