الثلاثاء يوليو 23, 2024
الثلاثاء, يوليو 23, 2024

فلسطين.. ستة أشهر من الإبادة الجماعية والمقاومة

فلسطينفلسطين.. ستة أشهر من الإبادة الجماعية والمقاومة

✍🏾  فابيو بوسكو

 في الثامن من نيسان كان قد مضى على الإبادة الجماعية التي يقترفها الكيان الصهيوني بحق الفلسطينيين في غزة ستة أشهر. هذه الإبادة الجماعية كشفت عن وجهها عبر القصف المدمر الذي دمر 70٪ من المباني في غزة، بما في ذلك الشوارع، والمنازل، والمدارس، والمستشفيات، وشبكات المياه، والكهرباء، والصرف الصحي.
وفوق كل ذلك، يستمر الاحتلال العسكري وإعدام آلاف الفلسطينيين. كما تبينت النيّة لارتكاب الإبادة الجماعية من خلال منع دخول المساعدات الإنسانية: الغذاء والدواء، ما يعّرض سكان غزة، البالغ عددهم 2,3 مليون نسمة، للموت بسبب الجوع والأمراض، وخاصة الأطفال منهم. في غزة وحدها، قتلت القوات الإسرائيلية (35) ألف فلسطيني، معظمهم من النساء والأطفال، إضافة إلى آلاف الأشخاص الذين فُقدوا تحت أنقاض المباني[i].
كما يتواصل العدوان الصهيوني في الضفة الغربية أيضاً، حيث أدى العنف الذي تمارسه القوات العسكرية الصهيونية والمستوطنين الصهاينة على حد سواء إلى مقتل نحو 400 فلسطيني، واختطاف أكثر من 8 آلاف شخص من أطفال نساء ورجال.
كذلك في فلسطين المحتلة عام 1948 (التي تسميها الأمم المتحدة “دولة إسرائيل”)، تمارس قوات الشرطة الصهيونية قمعا شرسا على الأحياء والمدن الفلسطينية، حيث تقوم بمداهمة المنازل، واعتقال الفلسطينيين، وحظر أي نوع من المظاهرات ضد الإبادة الجماعية في غزة، سواء في الشوارع أو على شبكة الإنترنت.
أيضا في مدينة القدس، تمنع القوات العسكرية الصهيونية حرية الوصول إلى المسجد الأقصى، قبل وأثناء شهر رمضان المبارك، الذي انتهى في العاشر من نيسان الماضي.
أما في البلدان المجاورة، فإن القوات العسكرية الصهيونية تهاجم المدن اللبنانية والسورية بانتظام، دون إبداء أي رد فعل مناسب من قبل حكومتي البلدين أو من حزب الله. 

نتنياهو والصهيونية أصل البلاء

 في 14 آذار، دافع السيناتور الأمريكي تشاك شومر، أحد أبرز السياسيين الصهاينة من أصل يهودي، عن فكرة عزل رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وإجراء انتخابات جديدة. وقال إن “نتنياهو عقبة أمام السلام”.
هذا التصريح يتضمن الحقيقة والكذب معاً. لقد فضحت الإبادة الجماعية في غزة زيف الصورة الإيجابية لـ “إسرائيل” في العالم كله تقريبا، بما فيه الولايات المتحدة وأوروبا الغربية (دول مهمة مثل روسيا والهند لا تزال استثناءات). ودون الدعم العاطفي والفكري في كافة أنحاء العالم، فإن الدولة الصهيونية تتجه نحو زوالها[ii].
لكن من ناحية أخرى، من الوهم فصل الإبادة الجماعية التي يقترفها نتنياهو عن طبيعة الدولة الصهيونية وأفعالها، فحتى بدون نتنياهو ستبقى “اسرائيل” كياناً يمارس سياسات التطهير العرقي، والفصل العنصري ضد الشعب الفلسطيني[iii].
هناك تحركات صهيونية مهمة ضد نتنياهو داخل فلسطين المحتلة من قبل قطاعات معارضة مهمة، بما في ذلك الرأسماليون الإسرائيليون القلقون من تأثير الإبادة الجماعية على أعمالهم، والطبقة الوسطى من أصل أوروبي في تل أبيب، وعائلات السجناء الإسرائيليين في غزة، وقطاعات من مؤسسة الجيش والأجهزة الأمنية: الموساد والشين بيت، وحتى من قبل الصهاينة اليساريين[iv].
في الوقت نفسه، فإن الغالبية العظمى من السكان اليهود الإسرائيليين تدعم سياسات الإبادة الجماعية. وقد حظي القصف المدمر على غزة بتأييد 94% من السكان الإسرائيليين من أصل يهودي. كما يؤيد 72% من اليهود “الإسرائيليين” إيقاف المساعدات الإنسانية[v].
بيني غانتس نفسه، السياسي الصهيوني الأكثر شعبية بين “الإسرائيليين”، وأيضا خيار إدارة بايدن ليحل محل نتنياهو، يدعو إلى وقف إدخال جميع المساعدات الإنسانية إلى القطاع حتى تقوم حماس بتسليم جميع الأسرى الإسرائيليين. ولذلك يسعى نتنياهو إلى بقائه السياسي من خلال تقديم نفسه على أنه السياسي “الإسرائيلي” الوحيد القادر على معارضة الضغوط التي تمارسها الولايات المتحدة والدول الأوروبية، ومنع وقف إطلاق النار الفوري وإنشاء دويلة فلسطينية صغيرة في غزة والضفة الغربية. 

جو، رجل الإبادة الجماعية

 أفضل وصف لسياسات الرئيس الأمريكي جو بايدن جاء من قبل المتظاهرين الذين قاطعوا أنشطته الانتخابية وهم يهتفون “إبادة جماعية يا جو”.
منذ بداية الإبادة الجماعية، أرسل بايدن 100 شحنة من الأسلحة إلى “إسرائيل” (واحدة كل يومين)، وطلب من الكونجرس مبلغ إضافي قدره 14 مليار دولار أمريكي لتقديمه كمساعدات عسكرية لإسرائيل، بالإضافة إلى 3,8 مليار دولار أمريكي ترسل كأسلحة كل عام. وتشمل الحمولة الأخيرة طائرات إف- 25، إف- 35 (الأحدث في العالم)، و1800 قذيفة إم كي 84 تزن 925 كيلوغراما، و500 قذيفة إم كي 82 تزن 227 كيلوغراما.
إضافة إلى ذلك، علّق بايدن تمويل وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)، والتي تعد المصدر الرئيسي للمساعدات الإنسانية للفلسطينيين، وحصل على دعم حلفائه في كندا، وأستراليا، والمملكة المتحدة، وألمانيا، وإيطاليا، وهولندا، وسويسرا، وفنلندا، وإستونيا، واليابان، والنمسا، ورومانيا التي ستقوم بنفس الشيء.
كما استخدم بايدن حق النقض (الفيتو) في مجلس الأمن ضد 4 قرارات لوقف إطلاق النار، وامتنع مؤخرا عن التصويت على قرار جديد لوقف إطلاق النار بعد أن اعتبرته الولايات المتحدة غير ملزم.
في مواجهة خسارة الرأي العام داخل الولايات المتحدة وخارجها، يعمل بايدن على إنقاذ كل من صورة إسرائيل وحملته الانتخابية. إنه لا يعارض العدوان العسكري “الإسرائيلي”، لكنه يدرك أنه يجب أن يتم بطريقة تؤدي إلى إرباك الرأي العام، وتخفيف وطأة التعبئة الدولية ضد الإبادة الجماعية، خاصة في الولايات المتحدة وأوروبا وغيرهما كالدول العربية. ولتحقيق هذه الغاية، يضغط على نتنياهو للتركيز على الأعمال العسكرية التي تفضي إلى مقتل عدد أقل من الفلسطينيين، وتسمح بدخول ما يكفي من المساعدات الإنسانية لمنع الموت الجماعي من الجوع. علاوة على ذلك، يريد بايدن من الحكومة الإسرائيلية أن تعلن تأييدها للسلام مع الفلسطينيين وحل الدولتين من خلال فتح باب التفاوض مع السلطة الوطنية الفلسطينية المتعاونة.
أما في مواجهة معارضة نتنياهو لأي من هذه الإجراءات، يلقي بايدن خطابات تعبيرية ويقوم بأفعال رمزية، منها إعادة تمويل الأونروا من قبل بعض الحلفاء مثل أستراليا وكندا واليابان، والامتناع عن التصويت في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة يوم 25 آذار، والإعلان عن بناء ميناء مرتجل في غزة، ليشكل حلا وهميا، يخدم في الواقع مصالح شركات الطاقة الأمريكية[vi].
قد يكون تأثير دعمه للإبادة الجماعية في غزة حاسما بالنسبة لأدائه في الانتخابات الوطنية. وخصمه دونالد ترامب قدم نفسه على أنه الشخص الذي سيضع حدا لكل من الحرب و”حماس” على حد سواء، وقد دعا مؤخرا إسرائيل إلى وقف حربها في غزة قبل أن تفقد سمعتها الدولية. 

الدول الإمبريالية تسعى لإخفاء دعمها لـ “إسرائيل”

 الرفض الشعبي العالمي للإبادة الجماعية يؤثر على موقف الدول الأوروبية الرئيسية، إذ تحافظ المملكة المتحدة وفرنسا وألمانيا على دعمها غير المشروط لإسرائيل، ولكنها تسعى إلى النأي بنفسها عن الإبادة الجماعية المستمرة في غزة.
الحالة الأكثر رمزية هي ألمانيا، ففي تغير حاد، بات 69% من الرأي العام الألماني لا يعتبر العمل العسكري الإسرائيلي في غزة مبررا. كما صرحت وزيرة الخارجية، أنالينا بيربوك، بأن الوضع في غزة بات جحيما، وأنه يجب اتباع القانون الإنساني الدولي. لكن رغم ذلك، تواصل الحكومة الألمانية تصدير الأسلحة (وهي ثاني أكبر مصدر بعد الولايات المتحدة)، وتواصل قطع التمويل عن الأونروا، واضطهاد اللاجئين العرب[vii].
كما أن بوتين يدعم إسرائيل، ويتمسك باتفاق أبرمه مع نتنياهو يسمح لـ “إسرائيل” بقصف الأراضي السورية كل أسبوع، دون أي عائق من القاعدتين الروسيتين في سوريا وبطارياتهما المضادة للطائرات. لكن بوتين يستغل نفاق بايدن في موقفه لإضعافه، وللتغطية على الإبادة الجماعية التي يرتكبها بوتين نفسه في أوكرانيا، عبر السعي المتعمد إلى القضاء على الشعب الأوكراني وثقافته.
الصين من جهتها تدافع عن فكرة وقف إطلاق النار، لكنها تحافظ على كافة الاتفاقيات مع الكيان “الإسرائيلي”، وتعارض تصرفات الحوثيين اليمنيين الذين يغلقون مضيق باب المندب عند مدخل البحر الأحمر تضامنا مع الفلسطينيين. 

فرانشيسكا ألبانيز ومحكمة العدل الدولية

 في 26 آذار، قدمت فرانشيسكا ألبانيز، مقررة الأمم المتحدة الخاصة لحقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967، تقريرها الذي يحمل عنوان “تشريح الإبادة الجماعية”، والذي ذكرت فيه أنه يمكن وصف أعمال “دولة إسرائيل” في غزة بأنها إبادة جماعية بموجب اتفاقية منع وقوع جريمة الإبادة الجماعية التي اعتمدتها الأمم المتحدة في عام 1948، والتي خرقتها اسرائيل عبر ثلاث تجاوزات: القتل الجماعي، إلحاق الأذى الجماعي جسديا أو نفسيا بشكل خطير، تعمد تدمير الأحوال المعيشية كليا أو جزئيا.
كما تستشهد ألبانيز بمنع وصول المساعدات الإنسانية والخطابات العامة للسلطات “الإسرائيلية” حول تجريد الفلسطينيين من إنسانيتهم، وهو أمر أساسي في تعريف الإبادة الجماعية. وتشير أيضا إلى أن الإبادة الجماعية المستمرة هي جزء من عملية التطهير العرقي والفصل العنصري التي يقوم بها الكيان “الإسرائيلي” ضد الفلسطينيين منذ سبعة عقود.
استنادا إلى لإرشادات القانون الدولي، دعت ألبانيز، في تقريرها، إلى فرض حظر على إرسال الأسلحة إلى “إسرائيل”، إلى جانب تطبيق العقوبات من قبل الدول الأعضاء في الأمم المتحدة[viii].
بعد يومين، وعلى الرغم من هذا التقرير اللاذع الموجه إلى لجنة حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة، اقتصر موقف محكمة العدل الدولية على مطالبة “دولة إسرائيل” بإتاحة إدخال المساعدات الإنسانية دون تقييد، وفتح المزيد من نقاط الدخول إلى قطاع غزة. كما طالبت القوات “الإسرائيلية” بالامتناع عن ارتكاب أعمال الإبادة الجماعية… ولم تذكر شيئا عن وقف إطلاق النار، أو الرحيل الفوري للقوات “الإسرائيلية” من غزة، أو فرض حظر إرسال الأسلحة إلى “إسرائيل”، وهي التدابير الضرورية لجعل وصول المساعدات الإنسانية قابل للاستمرار. 

المقاومة الشعبية وتواطؤ الأنظمة العربية

 كانت القاعدة السائدة بين الأنظمة العربية هي: “تحدثوا عن فلسطين كثيراً، ثم حطموا شعوبكم” قبل الإبادة الجماعية في غزة، وثلاث دول فقط من جامعة الدول العربية لم تدخل في في طور تطبيع العلاقات مع “إسرائيل”، هي: الكويت وتونس والجزائر.
منذ الهجوم المضاد الذي شنته “حماس” في السابع من أكتوبر/ تشرين الأول، أصيبت عمليات التطبيع بالشلل، لكن موقف الأنظمة العربية اقتصر على الدعوة إلى وقف إطلاق النار والتوصل إلى حل دائم للقضية الفلسطينية. وفي الوقت نفسه، تسعى هذه الأنظمة إلى الاستفادة من الأزمة، إذ يفرض النظام المصري ما بين 5 و10 آلاف دولار على الفلسطيني الذي يغادر غزة، وتسعى السعودية إلى إبرام اتفاقية أمنية مع الولايات المتحدة والحصول التكنولوجيا النووية. 

النظامان السوري واللبناني يغضان الطرف عن الهجمات “الإسرائيلية” على بلديهما

 في الأسبوع الأخير من شهر آذار، قصفت القوات “الإسرائيلية” منطقة السيدة زينب، جنوب دمشق، وحلب، أكبر المدن السورية، حيث قتل أكثر من 40 شخصا. وفي الأول من نيسان، تم تفجير السفارة الإيرانية في دمشق، وكان من بين القتلى جنرالين من الحرس الثوري الإسلامي: محمد رضا زاهدي ومحمد هادي حاجي رحيمي. واقتصر موقف النظام السوري على الاحتجاجات الدبلوماسية، فيما لم تفعل القوات العسكرية الروسية، التي تمتلك قاعدتين عسكريتين في البلاد، شيء. ووعد النظام الإيراني بالانتقام لمقتلهم في رسالة مشتركة مع الميليشيات الإقليمية المرتبطة بإيران.
أما في لبنان، فالهجمات “الإسرائيلية” يومية، وقد ضربت بالفعل عدة مدن في البلاد، من صور والناقورة والنبطية في الجنوب، إلى بيروت (حيث اغتالت قائدا مهما في “حماس” في أوائل كانون الثاني)، وبعلبك في البقاع. ورد حزب الله بهجمات محدودة في المنطقة الحدودية، وأكد زعيم الحزب حسن نصر الله مجددا دعمه المعنوي للفلسطينيين، لكنه أشار إلى أنه لن يهاجم “إسرائيل” إلا إذا هاجمت لبنان.
السلطة الفلسطينية ليست مختلفة، فعلى الرغم من الإبادة الجماعية في غزة والاحتلال العنيف للضفة الغربية، حافظ محمود عباس على التعاون الأمني مع الدولة الصهيونية، وقام بتعيين رئيس وزراء جديد تثق به الإمبريالية الأمريكية في محاولة لوضع قطاع غزة تحت سيطرته.
القوة العربية الوحيدة التي تدعم الفلسطينيين بشكل فعال هي الحوثيون اليمنيون، الذين يمثلون القوة الفعلية في المناطق الأكثر اكتظاظا بالسكان في اليمن، والذين منعوا مرور السفن عبر مضيق باب المندب، أحد طرق التجارة الرئيسية في العالم.
الجماهير العربية تعبر الآن عن تضامنها مع فلسطين، والطليعة في هذه الأثناء هي الشعب الأردني الذي ينظم مظاهرات يومية حول السفارة “الإسرائيلية” في عمان، وينتقد النظام الملكي علنا[ix]. 

الفلسطينيون والمقاومة

 المقاومة الفلسطينية لاتزال فاعلة في قطاع غزة، حيث ينفذ مقاتلو “حماس” والمنظمات المتحالفة معها عمليات منتظمة ضد القوات الصهيونية، رغم التفوق العسكري الكبير الذي تتمتع به الأخيرة، والذي تضمنه الأسلحة التي ترسلها الدول الإمبريالية الغربية، وخاصة الولايات المتحدة. الطرف الآخر للمقاومة الفلسطينية في غزة هو سكانها، الذين يواجهون جميع أنواع العنف العسكري، ونقص الغذاء والدواء والسكن، ومع ذلك يواصلون دعم أعمال المقاومة الفلسطينية.
كما يواصل الشعب الفلسطيني في الضفة الغربية التظاهر على الرغم من القمع “الإسرائيلي” الشرس، سواء من قبل الجيش أو المستوطنين النازيين الصهاينة. وفي فلسطين المحتلة عام 1948، كانت هناك تحركات صغيرة تم قمعها بقسوة. وتشهد مدينة القدس حالة متفجرة حول المسجد الأقصى الذي تحدّ القوات العسكرية “الإسرائيلية” من حرية الوصول إليه. وقد شارك فلسطينيو الشتات (الذين يعيشون كلاجئين خارج فلسطين المحتلة) في تحشيد حركات التضامن حول العالم بشكل مكثف.
في خضم هذا الوضع الصعب للغاية، أصبح السكان الفلسطينيون مسيسين ويستخلصون النتائج. وهذا ما تظهره استطلاعات الرأي بين الفلسطينيين في غزة والضفة الغربية. فمن ناحية، 83% من الفلسطينيين راضون عن الحوثيين اليمنيين و56% عن قطر. في المقابل، فإن نسبة الرضا عن حزب الله (48%)، وإيران (30%)، والأردن (22%)، ومصر (12%) هي الأقل[x].
يظهر الاستطلاع نفسه أن نسبة التأييد للهجوم المضاد في 7 أكتوبر (71%) ولـ “حماس” (52%) لا تزال مرتفعة، في حين أن غالبية الفلسطينيين يريدون استقالة محمود عباس (84%) وحل السلطة الوطنية الفلسطينية (58%).
كما ارتفعت نسبة تأييد حل الدولتين (45% بشكل عام، 62% في غزة و34% في الضفة الغربية) لكن 52% من الفلسطينيين ما زالوا يعارضون حل الدولتين. 24% يؤيدون إقامة دولة ديمقراطية لـ “الإسرائيليين” والفلسطينيين بحقوق متساوية. 33% يدركون أن الأولوية هي حق اللاجئين الفلسطينيين في العودة إلى ديارهم التي طردوا منها منذ قيام “دولة إسرائيل” عام 1948. ولا تزال المقاومة المسلحة هي الوسيلة الأكثر شعبية لتحقيق أي من هذه الأهداف (46%) عوضا عن المفاوضات مع “إسرائيل” (25%) أو المقاومة السلمية 18%. 

معركة التضامن والانتصار في كسب القلوب والعقول

 التعبئة القوية من أجل فلسطين في كافة أنحاء العالم، وخاصة في الولايات المتحدة وأوروبا والدول العربية ذات الأغلبية المسلمة، مثلت نقطة الدعم الرئيسية للفلسطينيين في نضالهم من أجل التحرر.
إلى جانب المقاومة الفلسطينية، نجحت حالة التضامن الدولي في كسب قلوب وعقول غالبية الناس، وزاد من عزلة “إسرائيل”. ويدفع هذا الضغط عدة دول إلى المطالبة بوقف إطلاق النار وإدخال المساعدات الإنسانية دون قيود. 

هل هي بداية نهاية “دولة إسرائيل”؟

 هناك عدة عناصر تشير إلى أزمة تاريخية تعيشها “دولة إسرائيل”.
أصبحت الإبادة الجماعية التي تقترفها اسرائيل في غزة، إلى جانب الغزو الروسي لأوكرانيا، رمزا لأزمة النظام العالمي، لأنهما يسلّطان الضوء على ضعف الإمبريالية المهيمنة (كالولايات المتحدة)، وتزايد الخلافات داخل الإمبريالية العالمية.
الدعم غير المشروط لـ “دولة إسرائيل” من قبل الإمبريالية الأوروبية بات موضع تساؤل عبر عنه الضغط الشعبي المتزايد لاتخاذ إجراءات جزئية ضد “إسرائيل”، مثل مقاطعة منتجات المستوطنات “الإسرائيلية”، وتعليق صادرات الأسلحة، والاعتراف بالدولة الفلسطينية.
إن فقدان دعم أغلبية الجماهير في جميع أنحاء العالم لأعمال التطهير العرقي والفصل العنصري، إلى جانب فقدان الهيمنة الديموغرافية داخل الأراضي التاريخية لفلسطين، هو الخطوة الأولى نحو بداية نهاية “دولة إسرائيل”[xi].
لكن المعركة لم تُحسم بعد، فالإمبريالية المهيمنة والقطاعات الصهيونية الأكثر وعيا تعمل على إزاحة نتنياهو وإنقاذ صورة “دولة إسرائيل”، دون أي تغيير في طبيعتها العنصرية. علاوة على ذلك، فإن الإمداد غير المحدود للأسلحة من قبل الدول الإمبريالية يضمن تفوقا عسكريا هائلا للصهاينة، ويعمل الدعم الدبلوماسي الإمبريالي على تحقيق التطبيع مع الأنظمة العربية.
في النهاية، نتنياهو لم ينته. نتنياهو، المعزول عن العالم والذي لا يحظى بشعبية في “إسرائيل”، يعتمد على الجماهير اليهودية “الإسرائيلية” لمواصلة ارتكاب الإبادة الجماعية في غزة والمذابح اليومية في الضفة الغربية. علاوة على ذلك، فهو يستثمر في إضفاء الطابع الإقليمي على الحرب، من خلال تعزيز الهجمات على لبنان وسوريا، إلى جانب استفزازات مباشرة ضد النظام الإيراني..
لذا، لا يمكن التنبؤ بالنتيجة النهائية، بل على العكس، فهي لا تزال مفتوحة على كافة الاحتمالات. يواجه النضال الفلسطيني ثلاثة أعداء: “دولة إسرائيل” ورعاتها الإمبرياليين؛ الأنظمة العربية؛ والبرجوازية الفلسطينية التي يعبر عنها المتعاونين مع السلطة الوطنية الفلسطينية. جميعهم باتوا أكثرا ضعفا، وفقدوا مصداقيتهم، لكنهم مازالوا فاعلين.
من أجل التحرك نحو إلحاق الهزيمة العسكرية بـ “إسرائيل” وإنهاء الدولة الصهيونية، يعد اندلاع الانتفاضة الفلسطينية الثالثة في كافة أنحاء فلسطين (غزة والضفة الغربية والقدس والأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1948) أمرا ضروريا، مع موجة جديدة من الثورات في العالم العربي، والحفاظ على التعبئة التضامنية وتوسيعها في كل أنحاء العالم. إن المقاومة الفلسطينية في غزة والضفة الغربية، والحشد القوي في الأردن، والحصار الذي يفرضه الحوثيون اليمنيون على البحر الأحمر، والحشد الجماهيري الكبير في أوروبا والولايات المتحدة، وظهور شباب نشط مناهض للصهيونية، كلها خطوات تصب في هذا الاتجاه.
من ناحية أخرى، فإن وجود حزب ثوري فلسطيني يستعيد الاستراتيجية التي تخلى عنها اليسار الفلسطيني، والمتمثلة في ثورة عمالية وشعبية في كافة أنحاء المنطقة ضد “إسرائيل” والأنظمة العربية، والتي تم التعبير عنها في شعار “الطريق إلى القدس يبدأ من عمان وبيروت والقاهرة ودمشق” لا يزال مفقودا، ولا بد من بناء هذا الحزب في خضم المقاومة الفلسطينية.
بهذه الطريقة، ستتمكن المقاومة الفلسطينية، بدعم من الثورات العربية والتضامن الأممي واليهود المناهضين للصهيونية، من تحقيق بناء فلسطين حرة وعلمانية وديمقراطية، من النهر إلى البحر، وإقامة اتحاد الجمهوريات العربية الاشتراكية.

[i]

https://litci.org/pt/2024/03/11/palestina-a-arma-da-fome-no-genocidio-em-gaza/

  

[ii]

https://news.gallup.com/poll/642695/majority-disapprove-israeli-action-gaza.aspx

https://time.com/6559293/morning-consult-israel-global-opinion/

https://litci.org/en/indias-stance-on-the-war-in-gaza/

 

[iii] https://litci.org/pt/2024/03/16/sionismo-sangue-e-pilhagem/

 

[iv] https://litci.org/pt/2024/03/09/israel-tudo-se-complica-para-netanyahu/

 

[v]

https://time.com/6333781/israel-hamas-poll-palestine/

https://www.middleeastmonitor.com/20240131-72-of-israelis-say-aid-deliveries-to-gaza-must-be-stopped-survey-finds/

 

[vi]

https://workersvoiceus.org/2024/03/15/dont-fall-for-bidens-floating-harbor-deception-for-gaza/

 

[vii]

https://www.nytimes.com/2024/03/29/world/europe/germany-israel-gaza.html?searchResultPosition=3

[viii] https://news.un.org/en/story/2024/03/1147976

 

[ix]

https://litci.org/pt/2024/03/29/forte-apoio-a-palestina-nos-povos-arabes/

 

[x]

https://pcpsr.org/en/node/969

 

[xi] https://www.timesofisrael.com/jews-now-a-minority-in-israel-and-the-territories-demographer-says/

 

ترجمة تامر خرمه
مراجعة فيكتوريوس بيان شمس

Check out our other content

Check out other tags:

Most Popular Articles