ما هو الحصار الأمريكي على كوبا؟
الحصار الاقتصادي على كوبا هو إجراء خططت له الإدارات الإمبريالية لأيزنهاور (1953-1961) وكينيدي (1961-1963) لهزيمة ثورة 1959 الكوبية.
بقلم ريكاردو أيالا وروبرتو هيريرا
في المرحلة الأخيرة من النضال المناهض للدكتاتورية ضد فولجنسيو باتيستا، اكتسبت حركة 26 تموز تعاطف قطاع من المؤسسة الأمريكية، التي أصدرت قرارا بحظر تصدير الأسلحة لنظام باتيستا في 14 آذار 1958.
الإجراءات الأمريكية والإجراءات المضادة فيما يتعلق بالثورة الكوبية قادت إلى الحصار اعتبارا من 19 تشرين الأول 1960، حيث يعتبر هذا التاريخ بداية الحصار المفروض على النظام الكوبي الحالي.
أيزنهاور أعلن الحصار ردا على قيام الحكومة الكوبية بمصادرة 376 شركة. في 3 كانون الثاني 1961، قطعت الولايات المتحدة علاقاتها الدبلوماسية مع كوبا، حيث لم يتم إعادة بنائها حتى 20 تموز 2015، في ظل إدارة أوباما.
بعد فشل اجتياح خليج الخنازير في 7 شباط 1962، فرض الرئيس السابق كينيدي حصارا شاملا بهدف قطع كافة الروابط التجارية مع الجزيرة. عام 1959، كانت كوبا قد استوردت 70٪ من منتجاتها من الولايات المتحدة، وشحنت 73٪ من صادراتها إلى ذلك البلد. كان كينيدي ينوي خنق الثورة الكوبية الناشئة اقتصاديا.
بعد انهيار الاتحاد السوفييتي، تطور الحظر التجاري إلى سياسة أوسع تجمع بين عدة قوانين مختلفة، مثل قانون الديمقراطية الكوبية لعام 1992، والمعروف أيضا باسم قانون توريسيللي، وقانون الحرية والتضامن الديمقراطي الكوبي لعام 1996 (المعروف باسم قانون هيلمز – بيرتون)، وقانون إصلاح الجزاءات التجارية وتعزيز الصادرات لعام 2000.
خلال السنوات الخمس التي مرت على “ذوبان الجليد” لإدارة أوباما، تم تخفيف الحصار وإعادة بناء العلاقات الدبلوماسية وفتح السفارات بين البلدين، وتم استئناف الرحلات الجوية التجارية، وتضاعف السفر من الولايات المتحدة إلى كوبا، وتم تخفيف الحظر التجاري. هذا سمح لشركات مثل اير بي ان بي، وجوجل، وفيريزون، وماريوت بالقيام بالأعمال التجارية في الجزيرة.
إدارة ترمب وضعت نهاية لسياسة “ذوبان الجليد” لأوباما، واعتمدت 243 إجراء لتعزيز الحصار، لكن أربعة منها هي الإجراءات المركزية: تطبيق الباب الثالث من قانون هيلمز-بيرتون، وتقييد التحويلات، وتقييد “السفر غير الشخصي”، كالتعاون الأكاديمي، ومنع المواطنين الأمريكيين من ممارسة الأعمال التجارية مع نحو 200 شركة كوبية، معظمها مرتبط بالمجموعة الاقتصادية للقوات المسلحة الثورية.
إدارة بايدن حافظت بشكل أساسي على سياسات ترامب تجاه الجزيرة.
هل كل شيء ذنب الحصار؟ من أجل سياسة ثورية في كوبا
الحصار الاقتصادي المفروض على كوبا كان وما زال جريمة إمبريالية يجب هزمها. سواء أكان ضد كوبا أو أية أمة أخرى ضعيفة. الأشخاص الوحيدون الذين يعانون من نقص الأدوية والسلع الأساسية، نتيجة للحصار، هم أولئك الذين يعانون في القاع. ومع ذلك، فإن هذا النضال لا ينبغي أن يعني تقديم الدعم السياسي للحكومات والأنظمة المستعبدة، سواء أكانت كوبية أو إيرانية أو غيرها[i].
ومع ذلك، فإن الجدل حول الحصار الأمريكي على كوبا قد اتخذ طابعا غير عادي حقا. في نهاية حزيران، أقرت الجمعية العامة للأمم المتحدة اقتراحا لإنهاء الحصار المفروض على كوبا، 184 مقابل 2. فقط الولايات المتحدة وإسرائيل صوتتا للإبقاء عليه. وامتنعت عن التصويت فقط الحكومات الأكثر ولاء للإمبريالية الأمريكية، كالبرازيل وكولومبيا وأوكرانيا[ii].
فيما يتعلق بالجدل حول الحصار الاقتصادي على كوبا، فإن النتيجة التي توصل إليها لسان الإمبريالية البريطانية، مجلة الايكونوميست (18/06) هي أنه: “على جو بايدن أن يتوصل إلى نتيجة واضحة.. حتى الآن ترك سياسات ترمب بشأن كوبا كما هي حتى لا يغضب الكوبيين الأمريكيين الأكثر عدوانية. بدلا من ذلك، يجب أن يعود إلى استراتيجية أوباما”.
الاستنتاج الأول الذي يجب أن نستخلصه هنا يتعلق بالمهزلة القاتلة التي تمثلها “منظومة الأمم المتحدة” وكافة الخطابات المعسولة حول “القانون الإنساني” و”القانون الدولي” التي تصدر عن الأمم المتحدة هي عبارة عن تزيين للأعمال الحقيقية للنظام الإمبريالي وسياسته في النهب والمصالح “الفجة” و “القاسية”.
إننا نواجه حقيقة أن 184 دولة في العالم تعارض الحصار. الاتحاد الأوروبي ككل يعارض الحصار، حتى أن غالبية الأمريكيين يعارضونه. بحلول عام 2016، اعتبر 62٪ من الأمريكيين أن تخفيف الحصار مفيد لهم[iii]. وحتى بين الأمريكيين الكوبيين، فإن الحصار لا يحظى بتأييد الأغلبية. بحلول عام 2019، اعتقد 80٪ من الأمريكيين الكوبيين أن الحصار قد فشل و49٪ منهم عارضوه، وهو رقم انخفض من 63٪ قبل عامين[iv].
وحتى الآن، رغم هذه البيانات الهائلة، فإن الإمبريالية الأمريكية تطبق سياستها الأحادية الخاصة بها، والتي تتمثل في الإبقاء على الحصار. كلا الحزبين في المؤسسة الأمريكية، الديمقراطي والجمهوري، يحافظان على الحصار حصريا للحسابات الانتخابية، حتى لا يفقدوا دعم لوبي الأعمال الكوبي الأمريكي القوي الذي يمكنه في كثير من الأحيان تحديد نتائج الانتخابات في فلوريدا وفي البلاد (على سبيل المثال، تم تحديد انتخاب جورج بوش عام 2000 في فلوريدا).
لماذا يحدث هذا وماذا يعني؟
ولكن ما الذي تعنيه هذه الحقائق بالفعل، ولماذا لا يزال الحصار سيئ السمعة قائما، وما هي عواقبه الحقيقية على الشعب الكوبي؟
هناك إجماع قل نظيره، يمتد من الناطقة باسم الإمبريالية البريطانية، الإيكونوميست، إلى مؤسسة الاتحاد الأوروبي، إلى رجال الأعمال في أمريكا اللاتينية الذين يعارضون الحصار من أجل توسيع استثماراتهم. وقد انضم إليهم الحزب الشيوعي الكوبي، ومنتدى ساو باولو، ومنظمات ستالينية أخرى، لا تزال تعتبر كوبا “آخر معقل للاشتراكية”، وتلقي باللوم فيما يتعلق بكافة أمراض الجزيرة على الحصار. في هذه الكتلة يوجد أولئك الذين قمعوا، أو يدعمون القمع، أو الاعتقال، أو عقوبة السجن للنشطاء، وكذلك أولئك الذين يعلنون نفاقا شرعيتهم من أجل غاياتهم الإمبريالية. لكن كلا الجانبين يبرران مواقفهما على الأرض بذريعة الحصار سيء السمعة.
من ناحية أخرى، هناك العديد من المنظمات التي في الوقت الذي تدعم فيه حراك الشعب الكوبي، وتدين نظامه، والقمع، وتطالب بالإفراج عن السجناء، تعتبر أيضا أن هذا حدث بشكل أساسي بسبب آثار الحصار. بعبارة أخرى، الحصار هو نقطة التقاء المواقف السياسية المتعارضة بشكل مباشر. إذن، هل هذه حقيقة غير عادية تفسر “كل شيء”؟ هناك شيء غير مناسب على الإطلاق.
الحقيقة أن أولئك الذين ينتصرون لـ “إنهاء الحصار” معتبرين أن ذلك سينقذ “فتوحات الثورة” يعيشون في الماضي الذي لم يعد له وجود.
الدول والشركات الرأسمالية في أوروبا وأمريكا اللاتينية أكثر واقعية من أولئك الذين يتحدثون عن كوبا والحزب الشيوعي الصيني على أنهما “معقل الاشتراكية” أو “دولة عمالية”. المعارضة الساحقة من الدول الرأسمالية في أوروبا وأمريكا اللاتينية للحصار لم تأت لأنها أصبحت “اشتراكية”، بل لأن كوبا كانت مفتوحة للأعمال التجارية منذ 1990- 1994.
من ناحية أخرى، الرأسماليون في كافة أنحاء العالم لا يهتمون بنوع النظام السياسي لبلد ما، بل بالاستقرار السياسي لجعل أعمالهم تزدهر وأرباحهم تتضاعف.
موقفنا هو أن الدولة الكوبية دولة رأسمالية، وتتمثل مهمتها الرئيسية في تعزيز وحماية وتنظيم وتعميق الرأسمالية والنهب الإمبريالي في كوبا. لذا، فإن الطريق الوحيد أمام الجماهير الكوبية للدفاع عن أرواحهم وحريتهم هو محاربة دكتاتورية دياز كانيل، والتي هي الأداة السياسية للاستعمار.
الرأسمالية الفعلية في كوبا
دعنا نلقي نظرة على بعض الأمثلة للمجموعات الرأسمالية التي شهدت أرباحها ازدهاراً بالاشتراك مع الدولة الرأسمالية الكوبية: مجموعة ميليا الاسبانية ايبيكس 35 بلغت عائداتها في كوبا 3.664 مليار دولار خلال 20 سنة. وميغويل فاكوس، والذي كان حتى وفاته أحد أغنى رجال الأعمال وأكثرهم كراهية في هندوراس، مالك شركة دينانت، ومزرعة بمساحة 17000 هكتار من النخيل الافريقي، والمسؤول عن الإصلاح الزراعي المضاد في باجو أغوان، والذي ترك وراءه نحو 150 فلاحا ميتا، أصبح ثريا عندما استثمر في النخيل الأفريقي خلال الفترة الخاصة (1990_ 1994) في كوبا[v].
وهكذا، يمكننا المضي قدما بأمثلة لشركات رأسمالية كبرى استفادت من “فرص العمل” في كوبا، مثلا: شيريت (منتجة النيكل الكندية)، وإمبريال توباكو (التبغ الإنجليزي)، ونستله (منتجات الألبان السويسرية). حاليا، 280 شركة أجنبية من 40 دولة تعمل في الجزيرة[vi].
علاوة على ذلك، فإن منطقة مارييل للتنمية الخاصة، وهي منطقة تجارة حرة، “حققت أكثر من 50 مستخدما، من بينهم شركات براسكوبا، ويونيليفر سوشيل، وديفوكس كاريبي، ومعدات وومي، وريتشميت، ونيسكور، ومارييل للطاقة الشمسية، ومجموعة بي ام للاستثمار، وبروفود، وفيدريسو مارييل، وسوشيل تي بي في، ومجموعة تي او تي كلر، وفيمارييل للامتياز (رأسمال فيتنامي)، والتي تطور حديقة صناعية”[vii]. ورغم وجود منطقة تجارة حرة لإيواء الاستثمارات الأجنبية بإعفاءات ضريبية (محاكاة لمناطق التصدير الصينية الخاصة التي تم إنشاؤها في أوائل الثمانينيات)، يمكننا أن نشير إلى أنه لا كوبا ولا أية دولة أخرى في منطقة الكاريبي أو أمريكا الوسطى جزء من سلاسل الإنتاج التصديري للرأسمالية الإمبريالية، التي كانت موجودة مسبقا في جنوب شرق آسيا قبل أن يفتتح الحزب الشيوعي الصيني “مناطق التصدير” الخاصة به.
من المهم جدا أن نفهم أن الدورات المختلفة للإصلاحات الاقتصادية الكوبية (تلك الخاصة بالأعوام 1994-1995 و 2008 و 2012 و 2013 و 2014 والأخيرة في 2019-2021) لم تفعل شيئ سوى تضخيم استسلام الذكاء والعمل والموارد الكوبية لرأس المال الأجنبي، ما زاد من شبه استعمار الجزيرة، التي تعاني من نفس العلل الاجتماعية مثل بلدان أمريكا اللاتينية: الاعتماد على العملات الأجنبية والديون واستسلام الموارد الطبيعية للاحتكارات الإمبريالية.
وهكذا، على سبيل المثال، في إعلان صدر في 9 كانون الأول 2020، مدفوعا بأزمة الجائحة وتدابير إدارة ترامب، أشار وزير التجارة الخارجية والاستثمار الأجنبي، رودريغو مالمييركا، إلى أنه: ” في السياحة والتكنولوجيا الحيوية وصناعة الأدوية وتجارة الجملة، يمكن أن تكون المشاريع المشتركة متساوية، أو حتى بمشاركة أقل من الجانب الكوبي”. وزاد: “في القطاع المالي، نشجع مشاركة صناديق الاستثمار، ونسمح أيضا لشركات رأس المال الأجنبي تماما بالتأسيس في مجمعات العلوم والتكنولوجيا مثل تلك الموجودة بالفعل في العاصمة”[viii]. حتى أن الحكومة الكوبية سمحت في آب 2021 بوجود شركات خاصة يصل عدد موظفيها إلى 100 موظف[ix].
كل هذه البيانات تبين أنه لأكثر من 30 سنة كانت العلاقات الاجتماعية التي دأبت الدولة الكوبية على تشجيعها وتنظيمها وحمايتها، هي علاقات إنتاج وتبادل رأسمالية. هذه العلاقات الرأسمالية تسير يدا بيد مع الخضوع للإمبرياليتين الأوروبية والكندية، وبالتالي، مع زيادة عملية استعمار البلاد، وتعميق وتكثيف كل شرور المجتمعات الرأسمالية: الجوع، والبطالة، والهجرة القسرية، والعنصرية[x]، ورهاب المثلية[xi]، والاستبداد[xii]، والرقابة الثقافية[xiii]، والتدين القرباني، والأصولية[xiv]، وهلم جرا.
لذا، عندما يشير أولئك مثل أتيليو بورون أو كلاكسو بسخرية إلى أنه “إذا أبقت واشنطن على الحصار، فذلك لأنها تعرف جيدا أنه بدونه سيزدهر الاقتصاد الكوبي كأية دولة أخرى في المنطقة[xv]. أو أن الحصار هو “العقبة الرئيسية أمام التنمية وتحسين الظروف المعيشية للشعب الكوبي[xvi]. ما يفعلونه هو إثارة توقعات خاطئة بالرأسمالية الفعلية في كوبا، وليس بالاشتراكية.
حصار وثورة واستعادة
التيارات التي تتحدث عن كوبا على أنها “دولة عمال” (مثل الجزء التروتسكي) لا تجرؤ على توضيح: ما هي وسائل الإنتاج المؤممة في كوبا؟ وهل هناك تخطيط اقتصادي مركزي في كوبا؟ وإذا كانت الشركات تستطيع الاستيراد والتصدير مباشرة من السوق العالمي فأين احتكار التجارة الخارجية؟ وفوق كل شيء، كيف توجد دولة عمالية إذا كانت لمدة 30 عاما لم تفعل شيئ سوى تعزيز علاقات الإنتاج الرأسمالية في الجزيرة وتنظيمها وتطويرها وحمايتها بقوة السلاح؟
دون الإجابة على هذه الأسئلة، من المستحيل إجراء تقييم صحيح للحصار في التاريخ الكوبي، وهذا هو مفتاح النقاش السياسي الحالي في أمريكا اللاتينية.
بداية يجب فهم الحظر التجاري ولماذا وجد؟ الحظر التجاري هو أحد الطرق التي قاتلت عبرها الطبقات الحاكمة فيما بينها وضد الشعوب. إنه أكثر حداثة من الحصار في العصور الوسطى، وفي العصر الرأسمالي الحديث، تم تصميمه لتدمير تجارة البلاد وثروتها من أجل تحطيمها.
الثورتان الفرنسية والهاييتية تمت محاصرتهما وفرض حظر تجاري عليهما، كما كان وضع الثورة الروسية، لكن التغييرات الأكثر اعتدالا كالتحولات التي روج لها لازارو كارديناس في المكسيك أو جاكوبو أربينز في غواتيمالا تمت معارضتها بشدة من قبل الإمبرياليتين البريطانية والأمريكية.
الحصار التجاري يعد قاسيا لأن لديهم فلسفة تجويع الناس وإهلاكهم بهدف إلحاق الهزيمة بهم سياسيا و/ أو عسكريا. وحتى في لحظاتهم “التقدمية”، كما حدث أثناء الحروب النابليونية (على سبيل المثال، الحصار القاري لبريطانيا عام 1806)، استخدم الجيش البرجوازي الحصار التجاري. اليوم، على سبيل المثال، هناك أشكال مختلفة من الحصار والعقوبات: كوبا وإيران وكوريا الشمالية وفنزويلا وسوريا. وفي الماضي، عانت نيكاراغوا أيضا إحداها.
الحظر التجاري البرجوازي يتناقض بشكل حاد مع التقليد البروليتاري الأممي الذي يتصور النضال الأممي دوما تضامنا أمميا فعالا ونضاليا مع الشعوب وقضاياها؛ إنه يناقض الحصار البرجوازي والإمبريالي بالتضامن الأممي لكمونة باريس أو روسيا السوفيتية في السنوات الأولى للثورة الروسية.
لكن الحقيقة هي أنه من الوهم الاعتقاد بأن الإمبريالية والبرجوازية لن تستخدما، لأي سبب إنساني أو ديمقراطي، الحصار التجاري لمجرد اتخاذ تدابير ديمقراطية وإجراءات استقلال وطني، ناهيك بمحاولة القيام بالثورة الاجتماعية. الدول الوحيدة التي لم تتم معاقبتها قط هي تلك التي تبقى مستعمرات بشكل طوعي.
لذا فإن النقاش ليس ما إذا كان الحصار موجودا أم لا، أو ما إذا كان ظالما أم لا، فمن الواضح أنه غير عادل. الجدال هو: ما هي الإجراءات التي يجب اتخاذها للرد عليه من أجل تلافي الاختناق والكارثة الاقتصادية التي يعتزم إحداثها؟
هنا يكمن الاختلاف الكبير الذي لم يلاحظه معظم اليسار في العالم: لا يمكن مساواة الرد على حصار 1959-1961 بالرد على الحصار الذي تلقته القيادة الكوبية منذ 1968-1972، حتى يومنا الحالي.
هذا مهم لأن الثورة الكوبية هي نتيجة مباشرة لسياسة الحصار.
من المعروف جيدا أن القيادة الكوبية في أصولها كان لديها برنامج وتوجه بعيدين عن الأفكار الاشتراكية. وكما قال “تشي” جيفارا: “كانت الحركة الوريث المباشر للحزب الأرثوذكسي وشعاره المركزي: “عار على المال”. بعبارة أخرى، الأمانة الإدارية هي الفكرة الرئيسية للحكومة الكوبية الجديدة[xvii]. لقد كان الأمر أثناء صيرورة الزحف والزحف المضاد بين الإمبريالية والقيادة الكوبية عندما أصبحت الأخيرة أكثر راديكالية، حيث إن الاستقلال الوطني – أو “الأمانة الإدارية” كما وصفه تشي – كان مستحيلا دون مصادرة ملكية الشركات الإمبريالية. في النهاية، تحولت كوبا من دولة رأسمالية إلى دولة عمال بيروقراطية متحللة[xviii].
فقط للتذكير بصيرورة هذه المسيرة والمسيرة المضادة[xix]: في شباط وآذار 1959 تم تخفيض فواتير الكهرباء وإيجارات المنازل، وفي 17 أيار صدر قانون الإصلاح الزراعي، وكافة العقارات التي تزيد مساحتها عن 402 هكتارا (مع تعويض على أساس قيم الأراضي كما يتم تحديدها للأغراض الضريبية) تمت مصادرتها[xx].
هذا القانون أثار أولى ردات فعل الولايات المتحدة؛ القيادة الكوبية أرادت في البداية تعويض ملاك الأراضي، ووفقا لنسختها الرسمية كانت التأميمات قانونية[xxi]. وعلى الرغم من قبول الكنديين والبريطانيين بالتعويض، إلا أن الأمريكيين رفضوه وشددوا الحصار.
بحلول 13 تشرين الأول 1960، قام النظام الثوري بتأميم 376 شركة كوبية، وبحلول 24 تشرين الأول 1960، قام بتأميم 166 ملكية مملوكة كليا أو جزئيا لمواطني الولايات المتحدة. الحصار كما نعرفه اليوم بدأ في 19 تشرين الأول 1960.
حتى تلك اللحظة، كانت قوة الأحداث والظروف تدفع القيادة الكوبية نحو تحولات في علاقات الإنتاج الاجتماعية، لكن هذا لم يكن كافيا. التحولات الاجتماعية لا يمكن أن تكون وطنية بحتة، فهي تعني أيضا الانتصار الأممي للنضالات الثورية الأخرى، وتعميق الثورة في سياق ديمقراطية أعظم للمنتجين المباشرين، وديمقراطية عمالية أعظم.
القيادة الكوبية حاربت منذ البداية بنشاط ضد أي شكل من أشكال الديمقراطية العمالية. يشير روبرت ألكساندر إلى أن: “عملية إعادة هيكلة الحركة العمالية بلغت ذروتها في المؤتمر الحادي عشر لاتحاد عمال كوبا، الذي عقد ما بين 26_ 28 تشرين الثاني 1961. في عملية اختيار 9650 مندوبا إلى ذلك الاجتماع، تم إنهاء الديمقراطية النقابية التي قادت قبل عامين إلى تنافس حماسي في كافة النقابات العمالية في البلاد تقريبا. لم تكن هناك تقريبا انتخابات متنازع عليها هذه المرة. في معظم الحالات، كانت هناك قائمة واحدة فقط للمرشحين… المؤتمر الحادي عشر انتخب “بالإجماع” لازارو بينيا، الستاليني المخضرم، الذي كان أمينا عاما خلال فترة باتيستا الأولى، لهذا المنصب مرة أخرى[xxii].
أممية الثورة الكوبية المبكرة كانت مدعومة على نطاق واسع من قبل يسار أمريكا اللاتينية وجزء من اليسار من العالم. بين عامي 1961- 1967، من خلال بناء منظمة التضامن لأمريكا اللاتينية وثلاثية القارات، كثير من يساريي العالم، بمن فيهم نهويل مورينو وجو هانسن، آمنوا بجدية بأن القيادة الكوبية كانت تستعد لحرب عصابات قارية، على غرار تلك التي تم تنفيذها في الهند الصينية، لكن هذه الفرضية لم يؤكدها التاريخ. في الواقع، كانت النوايا الحقيقية للكاستروية مختلفة. منظمة التضامن لأمريكا اللاتينية وثلاثية القارات كانتا بعيدتين عن كونهما أممية كما تصورها ماركس ولينين وتروتسكي. كان الأمر تنسيقا من الأعلى إلى الأسفل بين الأجهزة السياسية_ العسكرية وحركات التحرر الوطني. وحتى تلك السمة المحدودة اختفت عندما أصبحت القيادة الكوبية مندمجة عاموديا في الستالينية الروسية بين عامي 1968_ 1972.
خلال تلك السنوات تم تشكيل الحزب الشيوعي الكوبي، نسخة عن الحزب الشيوعي السوفييتي، وبدأ كاسترو بالتطبيع الدبلوماسي مع حكومات برجوازية مختلفة، مثل الحكومات المكسيكية والفرنسية والإسبانية، فضلا عن تقديم الدعم غير المشروط للحزب الشيوعي السوفيتي وللأحزاب الشيوعية المؤيدة له، بدءاً بتأييد كوبا للاجتياح السوفييتي لتشيكوسلوفاكيا عام 1968، ومضيا بالحملة المناهضة للصين عام 1969.
منذ العام 1972 فصاعدا، كان رد القيادة الكوبية على الحصار هو التخلي حتى عن الأممية الرسمية، والعمل بشكل أساسي كحارس خلفي وملاذ للمنظمات الكاستروية-الجيفارية السياسية_ العسكرية، لإضفاء الراديكالية على سيطرة الحزب الشيوعي المتجانسة على المنظمات الجماهيرية، والاندماج عاموديا في الكوميكون. هذا حكم على كوبا بأن تكون دولة ستحافظ على تركيبتها التبعية المرتبطة بالزراعة الأحادية لقصب السكر.
الاحتمالية التي أثارها جيفارا افتراضيا عام 1964 بشأن التصنيع الكوبي اختفت نتيجة لسياسة الحزب نفسه.
هذا يعني أن العنصر المركزي للعزلة الكوبية الذي يسهل عدوان الحصار هو قبل كل شيء نتاج سياسة الكاستروية نفسها. العزلة أصبحت أكثر تطرفا عندما كان التوجه الكامل للقيادة الكوبية هو إقناع الساندينيين بعدم التحرك نحو بناء دولة عمالية في 1979-1981، بل الحفاظ على “الاقتصاد المختلط والتعددية السياسية وعدم الانحياز”[xxiii].
معنى استعادة الرأسمالية
في نهاية المطاف، دفعت نهاية الاتحاد السوفيتي وعضوية الكوميكون القيادة الكوبية لمواجهة الحصار عبر استعادة الرأسمالية. باختصار، على نقيض السنوات الأولى للثورة.
هذه هي نفس الخطوات التي اتخذتها البيروقراطية الصينية عام 1978، والبريسترويكا بقيادة جورباتشوف في الاتحاد السوفياتي السابق. هذا هو معنى حل مجلس التخطيط عام 1994 وقانون الاستثمار لعام 1995: هذه الإجراءات هي جوهر كيفية مواجهة القيادة الكوبية من الآن فصاعدا لسياسة الحصار عبر تعميق العلاقات الرأسمالية.
أولئك من هم من أمثال أتيليو بورون، الذين يزعمون أنه بدون الحصار ستكون كوبا “جنة” و”قوة”، زعمهم مجرد كذبة ساخرة أو وهم ساذج. مع الحصار أو بدونه، كوبا ستكون أيضا دولة رأسمالية، تعاني من الصراع الطبقي والاستغلال، وتخضع لاستعمار الشركات متعددة الجنسية. بلا شك، كثير من أشد أوجه معاناة الشعب الكوبي ستخف جزئيا، ولهذا نريد للحصار أن ينتهي، لكن هذا لا يعني أن الأسباب العميقة التي وقعت من أجلها أحداث 11 حزيران ستختفي أو أن الصراع الطبقي في كوبا سيتوقف بطريقة ما، أو أن النضال الديمقراطي ضد الدكتاتورية لن يحافظ على اتساعه وموضوعيته.
الحصار كضابط للهيمنة الرأسمالية في كوبا
الآن سننظر إلى جانب أقل شهرة وأكثر دقة، ولكنه جوهري تماما لفهم سبب استمرار الحصار، ولماذا قررت إدارة ترمب عكس إجراءات أوباما رغم عدم رغبة أي شخص تقريبا في البرجوازية أو الإمبريالية في العودة إلى الحصار “الصارم”.
اختلاف جوهري بين الرابطة الأممية للعمال_ الأممية الرابعة وبين بقية اليسار يكمن في الإجابة على السؤال التالي: من الذي استعاد الرأسمالية في روسيا، أو الصين، أو كوبا، ومتى تمت استعادتها؟ بالنسبة لمعظم اليسار تمت استعادة الرأسمالية من قبل الجماهير عندما أطاحت بأنظمة الحزب الواحد الستالينية. هذا التحليل مجرد هراء، وقد جعل معظم اليسار أعداء للنضالات الديمقراطية في الاتحاد السوفييتي السابق، وفي كوبا، وفي الصين.
بالنسبة لنا، استعادة الرأسمالية هي نتاج لسياسات البيروقراطية نفسها، المتعلقة بتدمير دول العمال، وإنجازات الثورة، والتي قادت إلى تحول دول العمال القديمة إلى دكتاتوريات رأسمالية. هذا ما حدث في اتحاد الجمهوريات الاشتراكية السوفياتية مع البيريسترويكا عام 1985، وفي الصين خلال “التحديثات الأربعة” عام 1978، وفي كوبا عام 1994 خلال “الفترة الخاصة”[xxiv].
هذا يعطي معنى جديدا تماما للحصار؛ لأنه وراء الخطابات المتضخمة حول “الشيوعية” أو “الحرية” على كلا الجانبين، هناك قتال واقعي ومحسوب وفج للغاية بين أربعة قطاعات برجوازية، لمعرفة من الذي يقود الرأسمالية الكوبية وكيف: البرجوازية الكوبية الأمريكية المقربة من الحزب الجمهوري، والبرجوازية الديمقراطية الإمبريالية، والبرجوازية الكوبية الناشئة للقوات المسلحة الثورية (مجموعة إدارة الأعمال/ شركة مساهمة تابعة للقوات المسلحة الكوبية)، والإمبريالية الأوروبية.
على الجانب الآخر، يوجد الشعب والشباب الكوبيون، الذين يعيشون في الجزيرة، وكذلك في المنفى في ميامي أو إسبانيا أو إيطاليا أو كوستاريكا، والذين هم القوة الاجتماعية الوحيدة المهتمة حقا بإنهاء الحصار بشكل نهائي.
القضية كالتالي: كانت الخطة الأصلية للقيادة الكوبية هي تعويض الأمريكيين الذين تم مصادرة أملاكهم، وهذا ليس بجديد، فقد توصلت الدولة الكوبية إلى اتفاقيات لتعويض الشركات في سويسرا وفرنسا (1967)، وبريطانيا العظمى وإيطاليا والمكسيك (1978)، وكندا (1980) واسبانيا (1986)[xxv].
لفترة طويلة اعتقد “المنفيون الكوبيون” أنهم سيعودون إلى الجزيرة عبر اجتياح أو انقلاب عسكري، لكن لم يحدث شيء من هذا القبيل ومر الوقت. في النهاية، انتهى الأمر بالمنفيين الكوبيين إلى الاندماج الكامل في البرجوازية الإمبريالية الأمريكية، مع تمثيل قوي في الحزب الجمهوري، وتمثيل أقل، ولكنه مهم، في الحزب الديمقراطي. ربما يكون خورخي ماس كانوسا، زعيم المؤسسة الوطنية الكوبية الأمريكية، حتى وفاته عام 1997، نموذجا لهذا المنفى المدمج تماما في السياسة الإمبريالية الأمريكية، سيكون ماركوس روبيو وتيد كروز وبوب ميلينديز أمثلة أخرى.
عندما انهار الاتحاد السوفيتي، كان لدى كل من الديمقراطيين والجمهوريين انطباع بأن الجزيرة لن تقاوم وستنهار من الداخل، ولهذا السبب أصبح الحصار سياسة دولة الحزبين من خلال قانون توريسيللي (1992) وقانون هيلمز-بيرتون (1996). هنا تلعب الأيديولوجيا خدعة قذرة على المؤسسة، لتشخيصها أن “الاشتراكية فشلت”، في حين أن ما حدث بالفعل هو أن الجماهير في أوروبا الشرقية قد أطاحت بديكتاتوريات الحزب الواحد (الاشتراكية سبق وأن فشلت من قبل). لا يمكن استبدال الجماهير المحتشدة بعمليات حظر أو انقلابات أو طائرات خفيفة. النظام الديكتاتوري تحمل التسعينيات عبر استعادة الرأسمالية بمساعدة الإمبرياليتين الأوروبية والكندية، واللتين تلقتا بالفعل تعويضاتهما، وتطبيع العلاقات الدبلوماسية، وكانتا مستعدتين للقيام بأعمال تجارية. وبهذا المعنى تبين أن الجيش الكوبي ورجال الأعمال الأوروبيين/ الكنديين كانوا رجال أعمال أكثر براغماتية من “المنفيين بقسوة”.
إذا، قضية الحصار ليست مجرد إجراء اقتصادي أمريكي تجاه كوبا، بل هي جانب من جوانب السياسة الداخلية الأمريكية، وهي معقدة بشكل متزايد لأن فلوريدا – بسبب وجود 20 مليون صوت، وتدفقات هجرة ضخمة من كوبا وبورتوريكو – هي ولاية رئيسية في انتخابات الولايات المتحدة منذ العام 2000 عندما سمح العد المزور في ذلك العام بتزوير انتخاب جورج بوش. لقد فاز الجمهوريون في تلك الانتخابات فقط عندما كسبوا فلوريدا، والتغييرات الديموغرافية وتغيرات الأجيال تجعل المشهد السياسي في فلوريدا يتغير أكثر فأكثر، لذا، فإن الهيمنة السياسية للجمهوريين الكوبيين الأمريكيين معرضة للخطر.
أولا بسبب الهجرة الهائلة من بورتوريكو بعد إعصار ماريا، ثم لأن الجيل الكوبي الشاب لا يمتلك ذكريات عن الثورة الكوبية ولا عن “الحلم الأمريكي”. هم مثل كل الشباب الأميركيين جزء من الحركات الاجتماعية الأمريكية للحياة، والبيئة، وحقوق العمال، وما إلى ذلك.
على سبيل المثال، قاد حراك المدارس الثانوية للعام 2019 ضد عنف السلاح في ميامي وفلوريدا شباب أمريكيون كوبيون واجهوا ترامب، والجمعية الوطنية للبنادق، ولوبي الأسلحة التابع للحزب الجمهوري.
في إطار هذه الخلفية، قرر أوباما اتخاذ خطوة في 2014-2015 وبدأ سياسة جريئة تتمثل في “ذوبان الثلج” لوضع الشركات الأمريكية في وضع أفضل للمنافسة على السوق الكوبية[xxvi].
الأعمال الزراعية التي كانت ضعيفة بالفعل منذ العام 2001 اكتسبت زخما باستثمارات “آرتشر دانييلز ميدلاند”، و”كارجيل”، و”كوتش للأغذية”[xxvii]. وكذلك ما بين 2014_ 2019 حققت “آي دي تي” (قطاع الاتصالات)، و”تي موبايل”، و”سبرينت”، و”فيريزون”، (للهاتف المحمول)، تقدما. وكذلك فعلت شركات مثل “اير بي ان بي”، و”جوجل”، و”فيريزون”، و”ماريوت”.
إضافة إلى ذلك، قام أوباما برفع القيود المفروضة على التحويلات المالية. عام 2016، بلغت التحويلات إلى كوبا، وفقا لوزارة الخارجية، 3 مليارات دولار أمريكي، ووفقا لمجموعة هافانا الاستشارية (وهي شركة استشارية متخصصة في اقتصاد الجزيرة)، ازداد تلقي التحويلات بشكل ملحوظ بين عامي 2009 و2017، حيث ارتفعت من حوالي 1.6 مليار دولار أمريكي إلى 3.5 مليار دولار أمريكي سنويا. لقد طور أوباما نوعا من السياحة التجارية والأكاديمية المسموح بها (12 نوعا مختلفا من غايات السفر)، والتي شملت أكثر من 600 ألف أمريكي سافروا إلى كوبا عام 2018[xxviii].
تأييد إنهاء الحصار بلغ أعلى مستوياته على الإطلاق بين الأمريكيين الكوبيين عام 2018؛ حيث أن 63٪ منهم يؤيدون رفع الحصار.
سياسة أوباما، التي احتفى بها الحزب الديمقراطي، والتايمز اللندنية، والاتحاد الأوروبي، وحكومات أمريكا اللاتينية، واليسار الستاليني، تضع جديا حدا للحكم الجمهوري في فلوريدا، وتطور الرأسمالية الكوبية عن طريق التفاوض الثلاثي بين الولايات المتحدة، وأوروبا، والجيش الكوبي.
عندما فاز ترمب، حاول تغيير المشهد السياسي وتأمين قاعدة انتخابية بين اللاتينيين. من المعروف أن المهاجرين من نيكاراغوا وفنزويلا وكوبا صوتوا بأغلبية ساحقة لصالح ترمب على أمل أن “يفعل شيئا ما ضد الديكتاتوريات”، لكن ترامب لم يكن مهتما على الإطلاق بمصير “البلدان القذرة” كما يسمي دول العالم الثالث، كل ما كان يريده هو زيادة قاعدته الانتخابية، وتوجيه ضربة لسياسة الديمقراطيين.
لهذا السبب كانت سياسة ترمب ذات أربعة جوانب: تفعيل الباب الثالث من قانون هيلمز-بيرتون، الذي لم يستخدمه أحد منذ العام 1996، وإنشاء نوع واحد فقط من الرحلات، الشخصية، وجعل الأمر أكثر صعوبة فيما يتعلق بإرسال الحوالات المالية، وهو أحد أكثر الإجراءات التي لا تحظى بشعبية لأنها أضرت فقط بالكوبيين العاديين.
لماذا راهن ترمب على تفعيل الباب الثالث من قانون هيلمز-بيرتون؟ تحديدا لأن البرجوازية الكوبية الأمريكية كانت تفقد هيمنتها على الصيرورة الرأسمالية في كوبا. اعتقدوا في البداية أنهم سيستعيدون الممتلكات التي كانوا يمتلكونها قبل عام 1959، لكن هذا لم يحدث. في غضون ذلك، استمر الديمقراطيون والأوروبيون والجيش الكوبي في ممارسة الأعمال واكتساب النفوذ السياسي، وحاول ترامب عكس ذلك باستخدام البند الثالث.
هذا البند يسمح برفع دعاوى قضائية في المحاكم الأمريكية ضد الشركات التي تتعامل مع أو تستفيد من الأعمال التجارية أو المنشآت “المصادرة” من قبل الحكومة الكوبية. لم يتم تطبيق هذا البند مطلقا، والبرجوازية الأوروبية، بعد أن أدركت الآثار المترتبة على ذلك خارج أراضيها، وضعت قانونا لحماية شركاتها، وتوصلت أيضا إلى اتفاق مع كلينتون في 1997-1998 يؤكد عدم استخدام هذا البند.
بعد ذلك قرر ترامب كسر التوازن البورجوازي الداخلي، لأن هذا إجراء من شأنه أن يجلب دعم قطاع من الأمريكيين الكوبيين، لكنه سيضر بالشركات الأوروبية ويفكك تمويل الجيش الكوبي.
بالنسبة لترمب وأيديولوجيته “أمريكا أولا”، سيعني هذا توجيه ضربة للديمقراطيين و”العولمة” الأوروبية، بالإضافة إلى إعادة تأكيد قاعدته الاجتماعية الرجعية وسلاح الابتزاز الأيديولوجي ضد الجيل الجديد من الشباب الكوبي الأمريكي[xxix].
هذا إجراء واقعي بشكل فظ؛ لأنه يستند إلى توليد الوهم لدى نحو 200,000 كوبي وعائلاتهم، والذين يطالبون بالممتلكات أو التعويض عن الأضرار في كوبا منذ عام 1959[xxx]. إنه وهم لخداع المهاجرين المفقرين من الطبقة الوسطى، لأن إمكانية المطالبة ستكون متاحة فقط للكوبيين الأثرياء في ميامي. المطالبات يجب أن تحظى بمؤهلات، وأن تنخفض بعد ذلك من 200,000 إلى 6000 مطالبة. المؤهلات المطلوبة هي، من بين عناصر أخرى، “مطالبة أصحاب العقارات التي تزيد قيمتها على 50,000 دولار أمريكي في وقت المصادرة (أكثر من 427,000 دولار أمريكي اليوم، معدلة للتضخم) (…) لا يمكن أن يكون هناك كوبيون عاديون يعيشون في الممتلكات (“لأن هذا سيؤثر على العائلات الأكثر تواضعا”) (…) أن لا يكون العقار حاليا سفارة أو مكان إقامة دبلوماسية (…)، دفع رسوم تبلغ حوالي 6700 دولار أمريكي (وهو ما يقرب من 17 ضعف قيمة دعوى قضائية عادية [لعدم التشجيع] على رفع “القضايا التافهة”.
حتى الآن كان الإجراء في الغالب يتعلق بشركات المحاماة في ميامي: “حتى الآن (إعداد الدعاوى القضائية) يعني أكثر من أربعة ملايين ساعة عمل فرضت أجرتها مكاتب المحاماة على عملائها، 85٪ منها على المدعى عليهم”. من الواضح أن هذا من أجل تضليل الكوبيين الفقراء من الطبقة الوسطى الذين قد يصوتون لصالح ترامب، لكن الكوبيين الأمريكيين الأثرياء فقط هم الذين سيكونون قادرين على تحمل تكاليف الحصول على هذا الدعم الحكومي الضخم، وهو ما يعنيه هذا الإجراء، إعانة ضخمة من الولايات المتحدة والشركات الأوروبية للأثرياء والأثرياء في ميامي.
حتى الآن هناك 37 دعوى قضائية بموجب البند الثالث ضد 51 شركة من خمسة عشر دولة (بما في ذلك شركات أمريكية وكوبية وأوروبية، لكن معظمها إسبانية). بعض الشركات التي تتم مقاضاتها هي “أمازون”، و”فيزا”، و”بي بي في ايه”، و”ماستركارد برشلونة”، و”بيرنود”، و”ميليا”، و”اكسبيديا”، و”ايبيروستار”، و”اكور”، و”رويال كاريبيان”، وفنادق “ان اتش”، و”تريفاغو”، و”ام اس سي”[xxxi].
رغم أنه كان من المتوقع وجود وابل من الدعاوى القضائية، إلا أن الحقيقة هي أنه كان هناك عدد قليل منها (37)، لكن كان لها تأثير مدمر على الاستثمار الرأسمالي الأوروبي في كوبا، حيث يتعين على الشركات الأوروبية والكندية التفكير فيما سيحدث إذا تمت مقاضاتهم، أو إذا كان عليهم جمع الأموال من أجل ذلك، أو ما إذا كان الأمر يستحق مخاطرة الاستثمار في كوبا في حال كان عليهم الدفع في الولايات المتحدة.
حتى الآن التسوية الوحيدة التي تم التوصل إليها هي مع شركة “هولكيم” السويسرية: “شركة لافارج هولكيم متعدد الجنسية وافقت على تسوية القضية عبر دفع تعويض، بمبلغ لم يتم الكشف عنه، لعائلة كلافين التي قاضتها في محكمة جنوب فلوريدا في تشرين الأول 2020، لممارسة الأعمال التجارية باستخدام الممتلكات المصادرة منهم في الجزيرة”[xxxii]. عائلة كلافين لديها 12 مطالبة من أصل 37 مطالبة مؤهلة بموجب البند الثالث.
في الآونة الأخيرة، رفضت محاكم بالما في إسبانيا، حيث تتمتع مجموعة “سول ميليا” بالشخصية القانونية، دعوى قضائية مماثلة لدعوى عائلة كلافين، لكن هذه المرة من عائلة سانشيز هيل المنفية، ووفقا لصحيفة “ايل باييس”: ” اشتبهت شركة فنادق مالوركان في أن هذه الدعوى كانت الخطوة الأولية للمطالبة في الولايات المتحدة بموجب قانون هيلمز-بيرتون، الذي يتيح للأفراد والشركات في البلاد المطالبة بالتعويض عن الأصول التي تمت مصادرتها خلال حكم نظام كاسترو”[xxxiii].
مجموعات الأعمال الإسبانية قالت على لسان ممثلها، شوليو فونتيسا، رئيس رابطة رجال الأعمال الإسبان في كوبا: “إن الرابطة مستعدة لمقاومة تشديد الحظر، استنادا إلى تجربتها وجذورها في الجزيرة”[xxxiv]. لكن هذه المقاومة من قبل مجموعات الأعمال الإسبانية ليست “مناهضة للإمبريالية”، بل هي تعبير عن صدام برجوازي داخلي. إنهم ليسوا مستعدين لدعم المنفيين الأغنياء في ميامي من خلال الدعاوى القضائية. على أي حال، هم يعرفون أن المادة 6 من قانون الحظر في الاتحاد الأوروبي تخولهم: “… استرداد بدل أي أضرار، بما في ذلك التكاليف القانونية، الناجمة عن تطبيق القوانين المحددة في ملحقها أو الإجراءات القائمة عليها أو الناتجة عنها”. وبالتالي ، فإن نطاق الأضرار التي يمكن المطالبة بها واسع للغاية، بما يتماشى مع الهدف الوقائي لقانون الحظر”[xxxv].
بعبارة أخرى، القتال ضد الحصار انتهى بصفقة مروعة لا علاقة لها بمناهضة الإمبريالية، بل بالقتال بين “أسماك القرش” و “القراصنة” الإمبرياليين، الذين يسعون إلى إعانة أنفسهم على حساب الخزينة العامة للولايات المتحدة وأوروبا. ترمب، والبند الثالث من قانون هيلمز-بيرتون، والمادة 6 من قانون الحظر للاتحاد الأوروبي، سيتيحون للأثرياء في ميامي مقاضاة أثرياء إسبانيا، والقوانين الأمريكية تدعمهم، بينما ستستمر الشركات الأوروبية بممارسة الأعمال التجارية في كوبا، وإذا كانت لديهم خسائر سيطالبون دولهم بدعمهم.
هذا يعني أن العمال على جانبي القارة سيقدمون الدعم لمجموعة أو أخرى من القراصنة. في خضم هذا المشهد المخزي الذي يعمل فقط على تنظيم مسألة من يهيمن على الأعمال التجارية والرأسمالية في كوبا، تعاني العائلات الكوبية لإرسال الأدوية، أو التحويلات المالية، أو الملابس.
لهذا السبب، في مواجهة ثالوث ترامب والرأسماليين الأوروبيين والجيش الكوبي، الذين يستفيدون من معاناة العائلات الكوبية بطريقتهم الخاصة، نراهن على ثالوث مختلف: 1) الشعب الكوبي والشباب الكوبي في الجزيرة، الذين نزلوا إلى الشوارع بشجاعة في 11 حزيران (ربما تموز)، والذين يتحملون اليوم وطأة القمع، لكنهم تذوقوا بالفعل حرية الاحتجاج، ولن يتراجعوا بعد الآن، 2) والمهاجرين التقدميين الشباب في ميامي وإسبانيا وإيطاليا وأمريكا اللاتينية، الذين يشكلون جزء من حراكهم الجماهيري، والذين يناضلون بنشاط ضد الحصار، ومن أجل العادلة والديمقراطية واشتراكية أصيلة في بلدانهم، 3) والحراك الجماهيري في الولايات المتحدة، والذي يعد الشباب الكوبي_ الأمريكي جزء منه، والذين يعرفون أن الشعب الذي يضطهد شعبا آخر لا يمكن أن يكون حرا، وأنه يجب عليهم محاربة الحصار والحظر الذي تمارسه إمبرياليتهم ضد الشعوب الأخرى في العالم.
[i] https://litci.org/es/66419-2/
[ii] https://news.un.org/es/story/2021/06/1493662
[iii] https://www.nytimes.com/interactive/projects/cp/international/obama-in-cuba/most-americans-support-ending-cuba-embargo-nyt-poll-finds?fbclid=IwAR3tLRLlsRUu_b3XZtVBa0UI-Qev8FU6o3C_iuR5JZu4k3D09pI3hPLhIc8
[iv] https://www.nbcnews.com/news/latino/support-u-s-embargo-cuba-increases-among-cuban-americans-miami-n957266?fbclid=IwAR1nubdGQoo76QWozQozzJZMEctcKfHMiYEezk6Us8F3DIKSWNSrol8OfqI
[v] قام فاكوس بهذه الاستثمارات ، متجاهلا حتى نصيحة هوبر ماتوس، أحد قادة الثورة الكوبية، والذي نفي إلى كوستاريكا منذ عام 1960، وكان يعتقد أن قانون هيلمز-بيرتون المصمم حديثًا سيؤدي إلى انهيار نظام كاسترو. توفي ماتوس في المنفى في كوستاريكا وأصبح فاكوس أحد أغنى الرجال في أمريكا الوسطى. انظر:
https://ipsnoticias.net/1996/03/cuba-huber-matos-pide-a-honduras-frenar-inversiones/
[vi] https://www.jornada.com.mx/notas/2021/03/10/mundo/cuba-se-abre-a-las-inversiones-extranjeras/
[vii] http://scielo.sld.cu/scielo.php?script=sci_arttext&pid=S0252-85842021000200005
[viii] https://www.jornada.com.mx/2020/12/09/mundo/037n3mun
[ix] https://www.bbc.com/mundo/noticias-america-latina-58132205
[x] http://ptcostarica.org/alto-a-la-represion-en-cuba-las-vidas-negras-importan/
[xi] https://litci.org/es/represion-una-marcha-lgbt-cuba-dictadura-homofobia-regimen-castrista/
[xii] https://cubalex.org/category/infografias/
[xiii] https://www.amnesty.org/es/latest/news/2018/08/cuba-new-administrations-decree-349-is-a-dystopian-prospect-for-cubas-artists/
[xiv] عام 2009 ، بدأت عملية إعادة ممتلكات الكنيسة الكاثوليكية التي صادرتها الحكومة في الستينيات “بصمت”. لم تعلن السلطات الدينية عن بعض هذه الإقرارات إلا في عامي 2013 و2014
https://diariodecuba.com/cuba/1521844431_38235.html __cf_chl_jschl_tk__=pmd_26b1d0848b254f88cc47550b29dc046e194d9bfa-1627405259-0-gqNtZGzNAfijcnBszQmO
قال القساوسة والمصلين إن الأمة الكاريبية في خضم طفرة غير مسبوقة في العبادة الإنجيلية ، حيث يحضر عشرات الآلاف من الكوبيين الصلوات دون مشاكل ، من الميثوديين والمعمدانيين والمشيخيين والعنصرين إلى الجماعات الرسولية الجديدة. في الوقت نفسه ، تشارك الكنائس – بما في ذلك الكنيسة الكاثوليكية – بشكل متزايد في العمل الاجتماعي ، بدءًا من تدريب الفلاحين إلى دعم المواطنين في حالات الكوارث الطبيعية وحماية المرضى
[xv] https://radiolaprimerisima.com/noticias-generales/destacado/cuba-victima-de-su-exito/
[xvi] https://www.clacso.org/pronunciamiento-frente-a-la-campana-de-manipulacion-contra-cuba/
[xvii] https://www.archivochile.com/America_latina/Doc_paises_al/Cuba/Escritos_del_Che/escritosdelche0024.PDF
[xviii] تعريف الدولة العمالية البيروقراطية هو ذلك الذي تستخدمه الماركسية لوصف مجتمعات مثل الاتحاد السوفيتي ودول أوروبا الشرقية وكوبا. يتناقض هذا المفهوم مع الستالينيين الذين عرّفوا الاتحاد السوفياتي وكوبا بـ “الدول الاشتراكية” أو “الديمقراطيات الشعبية”. تعني الدولة العمالية البيروقراطية الدولة التي تتمثل خصائصها المركزية في احتكار التجارة الخارجية وتأميم المؤسسات الرئيسية والتخطيط المركزي للاقتصاد ، لكن الدولة تدار من قبل بيروقراطية تحظى بامتيازات وتقوض الأسس الاجتماعية للدولة
[xix] تحديد الفترات الذي نستخدمه يتبع ما قدمه دانيال جايدو وكونستانزا فاليرا ، في المقالة التالية:
https://www.scielo.cl/scielo.php?script=sci_arttext&pid=S0718-50492016000200012
[xx] حدد قانون الإصلاح الزراعي دفع التعويض في شكل سندات الإصلاح الزراعي ، بمعدل فائدة 4.5٪ سنويًا ، قابلة للاستهلاك على مدى 20 عامًا. نصت المادة 5 من القانون 851 على أن يتم سداد قيمة الممتلكات المصادرة في شكل سندات الجمهورية ، على أن يتم إطفاءها على مدى فترة لا تقل عن 30 عامًا من تاريخ نزع الملكية وبسعر فائدة لا يقل عن 2٪. من أجل دفع السندات وفوائدها ، سيتم إنشاء “صندوق دفع مصادرة الممتلكات والشركات لمواطني الولايات المتحدة الأمريكية”. سيتم تغذية هذا الصندوق بـ 25٪ من العملات الأجنبية التي يتم الحصول عليها من مشتريات الولايات المتحدة من السكر من كوبا كل عام بأكثر من 3 ملايين طن إسباني وبسعر لا يقل عن 5.75 سنت للرطل
http://rpi.isri.cu/sites/default/files/2021-02/RPIDNo9_Diplomacia3_0.pdf
[xxi] في قضية غير مسبوقة بشأن كوبا ، قضت المحكمة العليا الأمريكية في 23 آذار 1964 في نيويورك بأن المحاكم الأمريكية يجب أن تعترف بصلاحية تأميم الممتلكات الأمريكية من قبل الحكومة الثورية الكوبية
https://www.bc.gob.cu/noticia/las-nacionalizaciones-fueron-legales-y-estados-unidos-lo-sabe/381
[xxii] ألكساندر ، روبرت ج. 2002 ، تاريخ العمل المنظم في كوبا ، ويستبورت ، كونيتيكت: برايجر. اقتباس روبرت ألكسندر مأخوذ من مقال دانييل جايدو وكونستانزا فاليرا المذكور أعلاه
[xxiii] https://archivoleontrotsky.org/dossies/9
[xxiv] رغم أن هذا التحليل جزء لا يتجزأ من تفصيل الرابطة الأممية للعمال_ الأممية الرابعة، إلا أنه من المفيد تحديدا قراءة عمل مارتن هيرنانديز: حكم التاريخ
[xxv] https://www.tsp.gob.cu/en/node/5660
[xxvi] https://www.france24.com/es/20191217-se-cumplen-cinco-a%C3%B1os-del-acercamiento-de-obama-a-cuba-que-luego-congel%C3%B3-trump
[xxvii] https://panamericanworld.com/revista/economia/que-empresas-de-estados-unidos-hacen-negocios-con-cuba/
[xxviii] من المهم ملاحظة أنه رغم الأوهام الستالينية عن النجاح الكوبي، فإن الحقيقة هي أن الاقتصاد الكوبي يشبه إلى حد كبير اقتصاد أمريكا الوسطى ومنطقة البحر الكاريبي، حيث يعتمد في الغالب على التحويلات العائلية والسياحة، وهما علامتان لا لبس فيهما على التبعية.
[xxix] في الواقع، يتماشى استخدام دونالد ترامب للمادة الثالثة من قانون هيلمز-بيرتون مع الطريقة التي جمع بها ثروته وصنع سياستة. لقد جمع ترامب ثروته من خلال التقاضي والتقاضي المضاد في كل محاكماته، وخلق مساحة سياسية لنفسه من خلال مقاضاة وإسكات أكثر خصومه إزعاجا، أو المبلغين عن المخالفات في المحكمة. انظر كتاب ديفيد كاي جونستون، صناعة دونالد ترامب.
[xxx] https://www.bbc.com/mundo/noticias-america-latina-48128428
[xxxi] https://www.lavanguardia.com/vida/20200503/48925571921/el-titulo-iii-de-la-ley-helms-burton-cumple-un-ano-en-vigor.html
[xxxii] https://www.efe.com/efe/america/economia/primer-acuerdo-en-demandas-ee-uu-por-uso-de-bienes-confiscados-cuba/20000011-4550256
[xxxiii] https://webcache.googleusercontent.com/search?q=cache:0OdckcDOHmYJ:https://elpais.com/economia/2021-05-04/archivada-la-demanda-contra-melia-por-los-hoteles-sobre-terrenos-expropiados-en-cuba.html+&cd=2&hl=es-419&ct=clnk&gl=cr
[xxxiv] https://www.france24.com/es/20190417-cuba-ue-estados-unidos-embargo
[xxxv] https://eur-lex.europa.eu/legal-content/EN/TXT/HTML/?uri=OJ:C:2018:277I:FULL&from=EN
ترجمة تامر خرمه
مراجعة فيكتوريوس بيان شمس