منيف ملحم
لغز شعار إسقاط النظام
“في كل حال تبقى هذه المفارقة لغزاً محيراً، ويزيد في صعوبة الاطمئنان إلى تفسير، أنه في الاجتماع التالي للمركزية في آذار 1980، لم تجمد الرابطة الشعار المذكور، وهذا يقلل من الاطمئنان إلى التفسير الذي ذهبنا إليه وهو أن الرابطة تسرعت في رفع الشعار تحت ضغط الحماس وأنها أدركت تسرعها وعالجته بأن دفعت شعار إسقاط السلطة إلى الخلف”(1)
سبّب شعار إسقاط النظام الديكتاتوري الذي طرحته رابطة العمل الشيوعي في اجتماع المركزية المنعقد في بيروت أيلول 1979، ومن ثم تجميده في جلسة الهيئة المركزية المنعقدة في آب 1980 الكثير من اللغط والاتهامات والتأويلات، وصلت إلى حد أن بعض القوى السياسية المعارضة اتهمت الرابطة بالتحالف مع النظام في الصراع الذي جرى بين هذا الأخير والإخوان المسلمين في أواخر السبعينيات وأوائل الثمانينيات من القرن الماضي. في نفس الوقت اتهم النظام وبعض القوى السياسية الأخرى الرابطة بالتحالف مع الإخوان المسلمين (بعد تأسيسي لمنتدى اليسار في أواخر عام 2000 استدعيت من قبل الأمن السياسي، وعند مثولي أمام رئيس الفرع كان أول ما واجهني به: أنتم (الرابطة) تحالفتم مع الإخوان المسلمين!!).
باعتقادي فإن كل تنظيم سياسي عندما يتأسس يكون هدفه الرئيسي هو السلطة، امتلاكاً أو مشاركة أو بالحد الأدنى أن يكون فاعلاً فيها، وإلا امتنع عن أن يكون كذلك، ورابطة العمل الشيوعي التي تأسست في آب 1976 لم تكن استثناءً في ذلك، فالعدد الأول لـ “الراية الحمراء” الذي صدر في كانون الأول 1979 كان لديه الهدف ذاته. فقد قالت الرابطة في النظام الديكتاتوري ومن خلال صحيفتها المركزية أو من خلال البيانات والمنشورات والملصقات أكثر مما قاله (مالك) في الخمر، بل إنها تجاوزت خطوطاً حمراء دأبت جميع القوى السياسية في سوريا على عدم تخطيها ألا وهي تناول شخصية رأس النظام ومسؤوليته عما يجري في السياسة الداخلية والخارجية لسوريا. كما أن وعي الرفاق جميعاً في تلك المرحلة كان يتمحور عند ذلك الهدف (إسقاط النظام الديكتاتوري). وإن لم يرد ذلك الهدف برنامجياً فالسبب يعود لوعي مضمر أو محكي فيه. وعي لينيني يقول: يجب كخطوة أولى بناء حزب ثوري يمثل الطبقة العاملة وتكون مهمته تحقيق برنامج الطبقة العاملة الثوري. لقد استفاض وأجاد الصديق راتب شعبو (مؤلف كتاب “قصة حزب العمل الشيوعي في سورية”) في البحث في هذه المسألة (وعي المؤسسين لتلك القضية)، سواء في بحثه حول جدل بناء الحزب الشيوعي في سوريا (كراس صدر عام 1977) أو في المهمات البرامجية الصادرة عن الاجتماع الثالث الموسع للحلقات الماركسية أب 1976.
قصة الشعار/ في جريدة التنظيم/ في البرنامج الانتقالي
بعد حملة أيلول 1978 لم يبق من قيادة التنظيم سوى ثلاثة رفاق، لذا قام ما تبقى منهم باستكمال أعضاء الهيئة المركزية وتم عقد اجتماع للهيئة في حمص في كانون أول 1978. حضر الاجتماع كل من الرفاق: أصلان عبد الكريم، فاتح جاموس، نهاد نحاس، زياد مشهور، مصطفى خليفة، أحمد رزق، وائل السواح، كامل عباس، وجيه غانم، حسام علوش، علي الكردي، جهاد عنابة، منيف ملحم. انتخب الاجتماع لجنة عمل مؤلفة من الرفاق: أصلان عبد الكريم، فاتح جاموس، نهاد نحاس، زياد مشهور، منيف ملحم.
تقرر حينها إصدار “الراية الحمراء” كل 15 يوماً بدلاً من إصدارها كل شهر، لكن في نيسان 1979 شن الأمن العسكري حملة اعتقالات شملت اللاذقية وطرطوس وحلب، اعتقل على إثرها كل من أعضاء الهيئة المركزية: جهاد عنابة، مصطفى خليفة، وجيه غانم، حسام علوش.
شهدت الأشهر الفاصلة بين اجتماع الهيئة المركزية في كانون أول 1978 / حمص وحملة الاعتقالات في نيسان 1979 نشاطاً مكثفاً للتنظيم، إضافة لإصدار “الراية الحمراء” كل 15 يوماً، كان هناك ملصق أو بيان يوزع كل أسبوع تقريباً.
اجتمعت الهيئة المركزية في آذار 1979، لتحديد السياسة المناسبة في هذا الجو القمعي الكثيف. اعتبر غالبية المجتمعين أن التحدي والتوزيع القطاعي والتحريضي السابق كان خطأً ناجماً عن نزوع يساري ساد المنظمة في المرحلة السابقة. “كان الاجتماع عاصفاً ومتوتراً ومشحوناً بالخوف والغضب معاً وقد طرحت فيه آراء عديدة متباينة ومتناقضة تماماً منها مثلاً رأي يطالب بحل المنظمة والعودة إلى مرحلة الحلقات الماركسية، الوجه المقابل له، مزيداً من النشاط السياسي والتحريض مهما كانت النتائج (2)”.
الاجتماع كان في نيسان وليس في آذار لأن الاجتماع جاء عقب حملة نيسان. نعم كان الجو متوتراً. وكان هناك قلق من إمكانية تصفية التنظيم. ولكن لم يطرح أيٌ كان حل التنظيم والعودة للحلقات الماركسية. قرر الاجتماع تقسيم ما تبقى من الهيئة المركزية إلى قسمين، قسم يذهب إلى لبنان كقيادة احتياطية (أصلان عبد الكريم، وائل السواح، كامل عباس، أحمد رزق، نهاد نحاس) إذا ما تم اعتقال لجنة العمل (فاتح جاموس، زياد مشهور، علي الكردي، منيف ملحم). كانت مهمة القيادة الاحتياطية فقط التنسيق مع لجنة العمل لإصدار “الراية الحمراء”.
مع أوائل حزيران 1979 كان قد تم ترميم منظمات التنظيم واستقر الوضع التنظيمي مع التغيير الجديد في هيكليته ونمت منظماته في حلب ودمشق واللاذقية.
كان الجو السياسي في سوريا قبل مجزرة المدفعية وبعد التقارب ومن ثم التباعد ما بين البعثين الحاكمين في دمشق وبغداد ملبداً بغيوم عزاها النظام السوري إلى نشاط نظام البعث في العراق ومنها بشكل خاص العمليات العسكرية من الاغتيالات التي طالت بعض رموز النظام. بينما رأت رابطة العمل الشيوعي أن النظام يتعامى قصداً عن مبعث ومدبر الاغتيالات التي تحدث في سوريا، وهي اغتيالات تقوم بها القوى الدينية (الإخوان المسلمون) مستخدمة السمة الطائفية للنظام التي تتعزز يوماً بعد يوم كمادة لعملياتها.
شكلت مجزرة المدفعية التي ارتكبتها القوى الدينية في حزيران 1979 وما تلاها من تطورات على الساحة السورية (اعتراف النظام بوجود معارضة مسلحة من القوى الدينية، لقاء أعضاء من الجبهة التقدمية للنظام مع أعضاء من اتحاد الكتاب العرب) بداية تبلور خط سياسي ومهام جديدة لرابطة العمل الشيوعي يمكن تكثيفها في: إن استمرار النظام والصراع الذي تخوضه القوى الدينية معه ينذر بكارثة محدقة بالوطن. لذا كان على القوى الديمقراطية والشيوعية العمل من أجل إسقاط هذا النظام من خلال بناء جبهة شعبية متحدة تكون الأداة التنظيمية للطبقات الشعبية.(4)
منذ العدد 34 آب 1979 وحتى العدد 43 شباط 1980 بدأ يظهر شعار إسقاط النظام على صفحات “الراية الحمراء” بمواقع مختلفة من صفحاتها وبمضامين مختلفة منها: إسقاط النظام الديكتاتوري، إسقاط الديكتاتورية البعثية، إسقاط السلطة الديكتاتورية البعثية، إسقاط سلطة الطبقات السائدة، إسقاط الحكم الديكتاتوري البعثي، إسقاط الأنظمة البورجوازية العربية الديكتاتورية. بالإضافة لشعارات أخرى مثل إسقاط الإرهاب اليميني الطائفي المتطرف، تحيا الجبهة الشعبية المتحدة أداة السلطة الشعبية…إلخ.
أنا أتحمل مسؤولية رفع شعار إسقاط السلطة على صفحات “الراية الحمراء” من العدد 34 وحتى العدد 43 شباط 1980 الذي ظهر فيه شعار من “أجل إسقاط الأنظمة البورجوازية العربية الديكتاتورية” بالإضافة للشعارات الأخرى المذكورة سابقاً، والذي جعل نهاد نحاس (ولم يكن في حينها عضواً في لجنة العمل) يسأل في اجتماع للجنة العمل عن سبب رش هذه الشعارات بدون ضوابط.
لم يكن وعيي في حينها يرى أي تمييز بين إسقاط الحكم وإسقاط النظام وإسقاط سلطة الطبقة البورجوازية، فجميعها واحد باختلافات بسيطة (ومازال هذا لدي حتى اليوم في الحالة الراهنة للوضع في سوريا). وهي عندما ترد في الأدبيات فهي شعارات للتحريض والتعبئة حولها وليس للتنفيذ المباشر. وطرحها لم يكن يعني أننا أمام ثورة اشتراكية مطروحة على جدول الأعمال راهناً. واستخدامنا لتعبير الجبهة الشعبية بوصفها “الأداة التنظيمية للطبقات الشعبية القادرة على صنع الثورة الاجتماعية” جاء في سياق الحديث عن الجبهة الشعبية ومهامها وليس في إطار الحديث عن إسقاط النظام. ولو كان الحديث يجري هنا عن ثورة اجتماعية (ثورة اشتراكية) كما تم فهم ذلك لما كان هناك من معنى لطرحنا البرنامج الانتقالي(5) باعتباره برنامجاً ديمقراطياً ثورياً.
كما لم يكن لدي أي تمييز بين أهمية كون الشعار في الصفحة الأولى أو في نهاية المقالات أو في الصفحة الأخيرة. كان الأمر بالنسبة للشعار (كما كنت أعتقد في حينها) أن يكون تكثيفاً لافتتاحية الراية الحمراء فإذا كانت الافتتاحية تدور حول الجبهة الشعبية فيتطلب الأمر أن يكون الشعار: نحو بناء الجبهة الشعبية. وهكذا تأتي الشعارات. وهكذا كان الأمر بالنسبة لي (بالطبع الآن أدرك أهمية موقع الشعار)(6).
في كل الأحوال، لم يعترض أحد من الرفاق على وجود الشعار بالصيغة التي ورد فيها، وبالمكان الذي ورد فيه في الراية الحمراء، سواء قبل اجتماع بيروت أيلول 1979 أو بعده لولا ملاحظة الرفيق نهاد نحاس.
محاولة التجميد الفاشلة لشعار إسقاط النظام -“قضايا الخلاف”
كان اجتماع الهيئة المركزية في بيروت أواخر أيلول 1979 أكثر الاجتماعات هدوءاً وحميميةً وثقةً بالتنظيم. فنحن إلى حد ما بعيدون عن قبضة النظام، والتقينا بعد طول غياب، ووضع البنية التنظيمية استقر ونما. واستطاعت أعداد “الراية الحمراء” التي صدرت بالأشهر الأخيرة أن توحد الآراء حول المهام القادمة وخطة العمل القادمة(7).
تمت الموافقة على برنامج انتقالي، النقطة المركزية فيه إسقاط النظام. كما تم التركيز على العمل من أجل بناء جبهة شعبية متحدة مع القوى السياسية الشيوعية والديمقراطية المعارضة، وتقرر عقد مؤتمر للتنظيم في آذار 1980.
عدنا إلى دمشق بعد اجتماع أيلول 1979 في بيروت (أعتقد كان الاجتماع في 24 و25 أيلول). وأمضينا التشرينين في شرح رؤيتنا ومهامنا السياسية للرفاق والأصدقاء والقوى السياسية التي نطمح أن تشاركنا هذه الرؤية للتصدي لما كنا نعتقده. إن الصراع بين النظام والقوى الدينية المتطرفة سيؤدي لكارثة إذا بقي هذا النظام. لذا توجب العمل على بناء قطب ثالث من القوى السياسية الوطنية في إطار جبهة شعبية متحدة تأخذ على عاتقها إسقاط هذا النظام وقطع الطريق على القوى الدينية المتطرفة (اختصاراً “الإخوان المسلمون”).
تم تكليف الرفيق أصلان عبد الكريم بالحوار مع انقسامات بكداش والرفيق فاتح جاموس بالحوار مع ما عرف لاحقاً بـ “التجمع الوطني الديمقراطي” من خلال الدكتور جمال الأتاسي.
في شهر كانون الأول 1979 بدأت تظهر خلافات مصحوبة بتوترات داخل لجنة العمل بسبب خلافي مع الرفاق حول قضايا لها علاقة بموقف “الرفاق السوفييت” من بعض الأنظمة (أثيوبيا، اليمن الجنوبي) ودعم بعض الرفاق لهذا الموقف. جاء التدخل السوفييتي في أفغانستان ليزيد من حدة الخلاف. ثم جاءت القشة التي قصمت ظهر التوافق ضمن لجنة العمل ورفعت حدة الخلاف بيني وبين الرفيق أصلان إلى أعلى مستوياته. فقد تواردت إلي أخبار على شكل تساؤلات من خلايا في منظمة دمشق أن هناك تغيراً وانعطافاً في الخط السياسي والبرنامج للتنظيم ينشره الرفيق أصلان عبد الكريم بين الرفاق وبين حتى القوى السياسية، مضمونه الرئيسي تجميد شعار إسقاط النظام واتباع تكتيك لينين في مواجهة عصيان كورنيلوف.
تم في اجتماع للجنة العمل سؤال الرفيق عن الموضوع فأقر بالموضوع ودافع عن وجهة نظره بضرورة اتباع التكتيك المذكور. رفضت لجنة العمل وجهة نظر الرفيق وطلبت منه الكف عن طرح وجهة نظره الشخصية خارج إطار جريدة الحزب الداخلية (البروليتاري).
في الواقع أصبح الجو متوتراً(8) بيني وبين الرفيق وبصراحته المعهودة وبثقه بنفسه وبمواقفه السياسية أكثر من اللازم أعلن في أحد اجتماعات لجنة العمل في كانون الثاني 1980، أنه سيعمل كل ما في وسعه لإبعاد منيف ملحم عن لجنة العمل(9). فكان ردي عليه سأفعل نفس الشيء اتجاهك (كنا ننتظر عقد مؤتمر الحزب المقرر في آذار1980).
كانت آخر مواجهاتنا صياغة بيان الترحيب بالرفاق الذين أطلق سراحهم في 4 شباط 1980. في وقت أراد الرفيق أصلان عبد الكريم أن يكون عنوان البيان الحرية للقوى الوطنية. طلبت أن يكون العنوان الحرية للشعب أولاً. ولأن الفرحة كانت كبيرة والاستعدادات لاجتماع الهيئة المركزية بكامل أعضائها أصبح يقترب وبالتالي تحسم الخلافات بشكل ديمقراطي فقد تمت الموافقة على اقتراحي(10).
اجتماع 29 شباط 2 آذار 1980
اجتمعت الهيئة المركزية بكامل أعضائها بتاريخ 29 شباط وبعد تثبيت عضوية الأعضاء انتقل الاجتماع إلى مناقشة نقطتين أساسيتين:
الأولى كانت تجميد شعار “إسقاط النظام”، أما الثانية فكانت تخص التحالفات والقوى السياسية المطلوب العمل معها.
كان هناك اتجاهان وليس ثلاثة كما تم ذكره في كتاب قصة حزب العمل الشيوعي (شهادة لفاتح جاموس). الأول كان على رأسه الرفيق أصلان عبد الكريم ومعه الرفاق: أكرم البني، نهاد نحاس، وائل السواح، وعلي الكردي. طرح هذا الاتجاه ضرورة تجميد شعار إسقاط النظام والاتجاه صوب القوى المتفرعة عن بكداش لتحقيق التحالف. والاتجاه الثاني وكان على رأسه منيف ملحم وزياد مشهور وضم جميع الرفاق الخارجين من المعتقل تقريباً بالإضافة إلى الرفيق فاتح جاموس. هذا الاتجاه رفض مشروع التجميد وطالب بالتوجه صوب القوى المعارضة (عرفت فيما بعد بالتجمع الوطني الديمقراطي)(11).
خسر مشروع التجميد لشعار “إسقاط النظام” الذي قاده الرفيق أصلان عبد الكريم فأعلن الرفيق أصلان عبد الكريم أنه لن يرشح نفسه لعضوية لجنة العمل وقد أثنيت أنا على قراره، ولكن تدخل الرفيق فاتح جاموس لإقناع الرفاق بالضغط على الرفيق أصلان عبد الكريم لترشيح نفسه.
انتخبت الهيئة المركزية لجنة العمل من الرفاق: أصلان عبد الكريم، فاتح جاموس، محمد معمار، زياد مشهور، منيف ملحم.
ثم قدم الرفيق فاتح جاموس مشروعاً يتضمن تجميد شعار “إسقاط السلطة” على صفحات “الراية الحمراء” ريثما يتم ترتيب الوضع التنظيمي الجديد فنال الموافقة(12).
الهوامش:
1- ينبغي التنويه إلى أنني لست بصدد إجراء دراسة نقدية للكتاب (في هذا المقال وفي مقالات أخرى) وإنما الهدف من ذلك هو تسليط الضوء على أهم المنعطفات التي مر بها التنظيم كما جرت بالواقع مستخدماً وعيي كما كان حينها وليس كما هو الأن.
2- من كتاب قصة حزب العمل الشيوعي. للصديق راتب شعبو ص 84
3- من كتاب قصة حزب العمل الشيوعي. شهادة لكامل عباس ص 80
4- سلط الصديق راتب شعبو في كتابه: “قصة حزب العمل الشيوعي في سورية” الضوء على الخط السياسي الذي انتهجته “رابطة العمل الشيوعي” وطبيعة الصراع الجاري منذ وقوع مجزرة المدفعية وحتى اجتماع آب 1980 بشكل وافٍ.
5- سأتحدث في مقال قادم عن البرنامج الانتقالي الذي تم طرحه في اجتماع بيروت أيلول 1979 والخلافات مع الأكثرية حوله.
6- لم تول قيادة التنظيم أهمية للشعار وموقعه على صفحات “الراية الحمراء” إلا بعد تقرير آب المشؤوم عام 1980
7- عقد الاجتماع بغياب زياد مشهور بسبب بعض الخلافات التنظيمية وعلي الكردي بسبب الاعتقال وتم انتخاب لجنة عمل من: أصلان عبد الكريم، فاتح جاموس، زياد مشهور، وائل السواح، منيف ملحم.
8- في الواقع كان يأخذ الاجتماع لتقرير إصدار عدد من الراية الحمراء أو بيان، جلستين: الأولى لتقرير المواضيع والثانية للموافقة عليها. ولكن بسبب هذا التوتر أصبح إصدار عدد من “الراية الحمراء” يأخذ جلسات، وسابقاً كنا نلجأ للتوافق وقليلاً ما نلجأ للتصويت، ثم أصبح التصويت هو القاعدة.
9- جرى التقليد في “رابطة العمل الشيوعي” أن يعاد انتخاب لجنة العمل في كل اجتماع للهيئة المركزية. وقد حاول الرفيق إقصائي عن لجنة العمل من خلال اجتماعات الهيئة المركزية ولكنه لم ينجح. لذا قدم مشروعاً في المؤتمر التأسيسي لـ “حزب العمل الشيوعي” في آب 1981 يمنع على المعارضة أن تُمثَّل في المكتب السياسي. وقد رأت الأقلية اليسارية في القرار فعلاً غير ديمقراطي وكان هذا القرار بالإضافة لأمور أخرى أحد الأسباب التي دعت الأقلية اليسارية لمقاطعة انتخابات اللجنة المركزية.
10- شكلت الخلافات التي تصاعدت ضمن لجنة العمل منذ أواخر عام 1979 بداية تشكيل تيار في رابطة العمل الشيوعي ومن بعدها حزب العمل الشيوعي. تيار يقترب شيئاً فشيئاً من الخط السوفييتي وهو ما استتبع مواقف ستشكل مفارقات وسقطات في خط الحزب تم الحديث عنها ونقدها في كتاب قصة حزب العمل الشيوعي من قبل الصديق راتب شعبو دون الإشارة إلى الأساس الذي بنيت عليه هذه المواقف. من الأمثلة عليها شعار الحرية للقوى الوطنية والتقدمية في مواجهة نظام ديكتاتوري استبدادي.
11- طلب الرفيق فاتح من الاجتماع السماح له بمغادرة الاجتماع للقاء الدكتور جمال الأتاسي لمعرفة آخر التطورات لديهم. وقد خرج الرفيق الساعة السادسة مساءً وعاد في الثامنة مساءً بوعد من الدكتور الأتاسي بأنهم في حال القيام بأي خطوة جديدة فلا بد أن نكون على علم بها. طبعاً بعد أيام من هذا اللقاء صدر بيان آذار للتجمع الوطني الديمقراطي!!!
12- إن الحديث الذي تناقلته بعض القوى السياسية حول تحالف الرابطة مع النظام لا يعود إلى ما صدر في تقرير آب 1980 وإنما يرجع إلى زمن أسبق أساسه وجهة النظر التي أشاعها الرفيق أصلان عبد الكريم (تكتيك لينين- كورنيلوف) بين القوى السياسية منذ كانون الأول 1979 باعتبارها وجهة نظر الحزب. نعم لم يكن ذلك الدخان بلا نار ولكنها لم تكن سوى النار التي أشعلها الرفيق ولا علاقة للحزب بها.
* سأكتب في مقال قادم ظروف تجميد الشعار باجتماع آب 1980.
مراجعة فيكتوريوس بيان شمس
يمكن قراءة المقالة السابقة من خلال الرابط أدناه:
قراءة أولية في كتاب “قصة حزب العمل الشيوعي في سورية” (1)