السبت يونيو 21, 2025
السبت, يونيو 21, 2025

الثورة السورية مستمرة

الشرق الأوسط وشمال أفريقياالثورة السورية مستمرة

 

سوريا

بقلم دانيل سوغاستي

الجمعة 5 سبتمبر/أيلول 2014

بعد خطف أنظار العالم بين عامي 2012 و2013، تراجع الاهتمام بالحرب الأهلية السورية. فقد تحصن الصراع المستمر، مع تزايد التعقيدات السياسية بعد 41 شهر، بشكل عملي في الحقل العسكري، وشارك اليمين و”اليسار” بحملة تشويه وعزل الثورة السورية.

ناهيكم عن ظهور الصراعات الأخرى التي احتلت قضايا السجال الدولي، مثل الصراع في أوكرانيا، تقدم الدولة الإسلامية (داعش) والإعلان عن تنصيب “خليفة” في شمال غرب العراق، بالإضافة إلى العدوان العسكري الصهيوني الأخير ضد الشعب الفلسطيني.

لم يضعف، مع كل هذا، الاهتمام السياسي بالحرب الأهلية في سوريا، وطغى الصراع بين الثورة والثورة المضادة في هذا البلد العربي على كافة الصراعات المحيطة الأخرى، وبقي حاسما وديناميكيا بالنسبة لكل السيرورة الثورية في الشرق الأوسط.

في الجانب العسكري، اشتدت وتيرة القتال، والبلاد تُدمر. حسب المرصد السوري لحقوق الإنسان، هناك ستة مليون سوري نازح داخليا، وثلاثة ملايين لاجئ ضاقت بهم الطرق في بلاد العالم. نفس المصدر يتحدث عن مقتل 190 ألف شخص، ثلثهم من المدنيين (حوالي 9000 طفل). أما الأمم المتحدة فقدرت (في مايو/أيار) عدد الضحايا بنحو 520 ألفا بين قتيل وجريح. ومع تصاعد حدة الحرب، أضحت سياسة الإبادة الجماعية التي تتبعها الديكتاتورية السورية أكثر وضوحا. مع استخدام الأسلحة الكيميائية1، مثل غاز الخردل، وقنابل الكلور بالإضافة إلى البراميل المليئة بالمتفجرات ضد المدنيين، وهذه إشارات كافية تعبر عن رغبة الأسد في فعل أي شيء ليبقى في السلطة.

فيما يتصل بالإصابات العسكرية، فيمكن تقسيمهم إلى 65 ألف عسكري من جيش الأسد و46 ألف من الثوار السوريين. كما خسر حزب الله الذي يقاتل إلى جانب النظام الديكتاتوري على الأقل 500 رجل منذ تدخله في سوريا. ويقدر الخبراء تكلفة الحرب بـ 170 مليار دولار.

عدوان النظام الديكتاتوري

في السنة الأخيرة، شن نظام الأسد هجمة على المناطق التي تم تحريرها سابقا من قبل الميليشيات الثورية، والمؤلفة بشكل رئيسي من الجيش السوري الحر، الجبهة الإسلامية، القوة الثورية الرئيسية والتي تضم حوالي 45 ألف مقاتل، وشبكة واسعة من التنسيقيات المحلية، والتي بكثير من الأحيان، تقوم بدو تنظيم المدن التي تم انتزاعها من النظام الديكتاتوري. في هذا العدوان، كما هو معروف، سعى الطاغية إلى الاستعانة بحزب الله.

في الأشهر الماضية، استولى النظام على كامل الخط الغربي من كسب (القرية السورية في الشمال مع الحدود التركية) إلى جنوب الحدود مع لبنان، بعد مجموعة من الانتصارات الجزئية التي بدأت في يونيو/حزيران 2013 مع الاستيلاء على القصير، وما تبعها من استعادة يبرود والزبداني. ضمنت هذه التقدمات للطاغية السيطرة على الأرض من دمشق حتى حلب على طول خط البحر المتوسط، وممر آمن إلى لبنان، لتأمين الدعم العسكري لمقاتلي حزب الله.

بلا شكل، حصل النصر الرئيسي للنظام في حمص، ثالث أكبر المدن السورية، والتي كانت تعتبر سابقا “عاصمة الثورة”. في 7 مايو/آيار، بعد الحصار الرهيب الذي دام سنتين تقريبا وبمقاومة بطولية، انسحب حوالي ألفان مقاتل من المدينة الرمز، بعد التوصل إلى اتفاق مع النظام. بدأ حصار وقصف حمص من قبل القوات الحكومية في مارس/آذار 2011، والهجمات على الأرض حصلت أيضا بدعم من مقاتلي حزب الله.

إن الاتفاق الذي من خلاله تمكن الثوار مغادرة حمص سمح لكل مقاتل اصطحاب سلاحه الشخصي، وفي كل حافلة، استطاعوا حمل قاذفة صواريخ، ورشاش آلي. كما تم إطلاق سراح سبعين مقاتلا تم القبض عليهم في حلب.

إن استعادة مدينة حمص كان بمثابة نصرا عسكريا هاما لصالح النظام، خاصة ما يتعلق بالتأثير المعنوي بهزيمة الحصن الرمزي للثوار. لذلك من الضروري توضيح الأبعاد الحقيقية لهذه الواقعة. انتقل الثوار الذين كانوا محاصرين إلى مناطق أخرى يسيطر عليها الثوار أنفسهم، 20 كيلومتر شمال حمص. وسائل إعلام أخرى تحدثت عن سيطرة الثوار على مواقع على بعد 10 كيلومترات من المدينة. وهذا يدل على أن الثوار، على الرغم من تركهم مكان مهم، لم يتم “سحقهم” من قبل النظام الديكتاتوري، ومازالوا يسيطرون على مساحات واسعة حول هذه المدينة الإستراتيجية، التي تصل بين دمشق وحلب شمالا، وبين دمشق واللاذقية على ساحل المتوسط.

“تقدمنا 300 مترا في عامين”

هل يعني نجاح عدوان الأسد أن الثورة قد هزمت، كما يدعي الأسد، والصحافة العالمية وحتى عدد كبير من “اليسار”؟

لا نعتقد ذلك.

نعلم أن الثورة تمر بواحد من أصعب أوقاتها. فقوى الثورة، لا تملك تسليح كاف وبدون قيادة ثورية بالإضافة إلى قتالها على جبهتين في السنة والنصف الماضية: ضد تحالف الأسد-حزب الله-روسيا-إيران، وضد حشود الدولة الإسلامية وجبهة النصرة (تنظيم القاعدة في سوريا).

الأسوأ من هذا الوضع يتجلى في الضعف الهائل في التنسيق على الأرض، نتيجة وجود القيادة البرجوازية “الديمقراطية” المفككة والتي خسرت السلطة بين الثوار بسبب مواقفها المترددة وخاصة لأن برنامجها، على افتراض سقوط الأسد، لا يلبي المطالب الاقتصادية والديمقراطية للشعب السوري. من ناحية أخرى، لدى هذه القيادات موقفا علنيا مناصرا للامبريالية، كانت تطالب متذمرة من الولايات المتحدة بضرب سوريا قبل عام من الآن. لم يحصل التهديد بتوجيه الضربة العسكرية نتيجة تراجع أوباما المخزي في اللحظة الأخيرة، بفضل ضعف الدعم السياسي الذي حصل عليه، وبالتأكيد ضعف الثقة بهذه “المعارضة الخارجية”.

وبهذا السياق، أثبت ما يطلق عليه الائتلاف الوطني للثورة السورية وقوى المعارضة وقيادة الجيش السوري الحر عدم قدرتهم على تشكيل قيادة مركزية من أجل نضال موحد ضد نظام الطاغية. يقول أبو حسين، أحد قادة الثوار في الجبهة الجنوبية: “على مدار العام الماضي، لم نتواصل مع كتائب الشمال، نركز فقط على المنطقة التي نسيطر عليها (ونتواصل) مع الكتائب الأخرى هنا”.

وعلى الرغم من التفوق العسكري الساحق، لم يستطع النظام تحطيم الثورة. هذه هي الحقيقة، فعلى الرغم من ازدياد التضحيات والمعاناة التي لا تنتهي، لا تزال القوى المناهضة للنظام الديكتاتوري تسيطر على مناطق هامة كأجزاء من حلب وإدلب، بالإضافة إلى “جيوب” في ضواحي دمشق وبالقرب من حمص.

إن القوى الموحدة للأسد وحزب الله، لا تملك الوسائل للاستيلاء على مواقع الثوار عبر الهجمات البرية للمشاة، لذلك تتبنى تكتيكات حصار الثوار في المدن الرئيسية، وقطع خطوط المواصلات والذخيرة.

حاليا، بعد السيطرة على كامل المنطقة على حدود لبنان. يركز الأسد على تعزيز سيطرته على العاصمة وخطوط المواصلات المتصلة بدمشق، محاولا إبعاد الثوار عن ضواحي المدن الكبرى. تكثف قوات النظام جهودها للسيطرة على حلب ومهاجمة، بكل ميزات الغارات الجوية، جيوب الثوار في ريف العاصمة والمدن الأخرى، بما في ذلك حماه وحمص.

عندما تغامر قوات النظام السوري وتتوغل في المناطق المحررة فإنها تواجه تكتيكات حرب المدن، التي أصبح الثوار ماهرين فيها. فقد أنشئوا نظاما معقدا من الأنفاق لشن هجمات مفاجئة أو للحفاظ على خطوط الذخائر. وهذه طريقة “للتحايل” على الهيمنة الجوية للنظام. علاوة على ذلك، في مدن مثل حلب، هناك “مناطق رمادية” في الخريطة العسكرية، لا يسيطر عليها أحد، بسبب العدد الكبير من القناصين من كلا الطرفين، الذين يتحصنون في الأبنية المهجورة، ليقدموا مساهماتهم في “تراجع” الحرب في المدن الكبرى.

إن نظام الأنفاق الذي بناه الثوار أتى بنتائج جيدة. مثلا، في 8 مايو/أيار، اليوم التالي للانسحاب من حمص، كتيبة من الجبهة الإسلامية في حلب، والتي على الرغم من برنامجها الإسلامي تحارب الديكتاتورية إلى جانب الثوار، نسفت فندق الكارلتون وأبنية محيطة أخرى يستخدمها النظام السوري كـ “قواعد عسكرية”، وقتلت أكثر من 40 عسكريا. فجر الثوار جهاز كان موضوع في نفق بطول 75 مترا، حفروه في أعماق البناء، ليشكل واحد من أهم الأعمال البطولية في الحرب على الإطلاق.

بعد أسبوع، في إدلب، فجرت الجبهة الإسلامية 60 طنا من المتفجرت، ودمرت أحد المعسكرات السورية بشكل كامل. مرة أخرى كانت الوسيلة هي الأنفاق. حسب ما روى أحد قادة الجبهة الإسلامية، “حفرت كتيبته نفقا بطول 850 قدما أسفل قاعدة وادي الضيف، التي يحاصرها الثوار”.

حدث آخر لصالح الثوار حصل في 18 مايو/أيار في مدينة المليحة، في ضواحي دمشق، حيث قتل الثوار في إحدى المعارك قائد كتيبة الدفاع الجوي في سوريا، العميد حسين إسحق.

إذا ما أخذنا هذه الوقائع وغيرها بعين الاعتبار، فإن القول بأن الثورة انتهت وأن الديكتاتورية انتصرت خطأ فادح. وبصرف النظر عن الأوضاع غير المستقرة إلا أن الثوار يقاتلون حتى الآن. نحن أمام صراع طويل المدى دون البحث في الحلول. كما حدث في بدايات الثورة، والتي أخذت شكل حرب أهلية، هناك تناقضات متراكمة منذ عقود، لا تزال دون حل.

اعترف الضابط السوري أبو أحمد، الذي كان يقود قوات الأسد في حلب مؤخرا، أنه تقدم في العامين الماضيين 300 مترا فقط. وقال: “لن تنتهي الحرب ما لم يتم التوصل إلى حل سياسي بين المجتمع الدولي والقوى الإقليمية، وإن لم يحصل هذا سنستمر على هذا المنوال لسنوات”.

وصرح أبو حسن، ضابط سوري يقود فرقة للحرس الجمهوري، وهي من قوات النخبة، بأنهم لا يملكون القدرة العسكرية الضرورية لهزيمة الثوار وقال: “لا تأتي إستراتيجية الحرب التقليدية بنتائج جيدة. هناك الكثير من الأضرار والخسائر في صفوف المدنيين. سنحافظ على مواقعنا حتى التوصل إلى حل سياسي”.

دور الدولة الإسلامية

أكدنا منذ نهاية عام 2012 على الدور الحاسم لحزب الله في الميدان العسكري لصالح الثورة المضادة. فقد دخلت الميليشيا اللبنانية إلى المشهد في أخطر الأوقات بالنسبة للنظام الديكتاتوري، حيث كان الجيش النظامي ينزف من الانشقاقات ومن ضربات الثوار على أبواب دمشق. وبسرعة أثبت حزب الله كفاءته للوصول إلى التقدم الحربي الأخير للنظام.

ومنذ النصف الثاني من عام 2013، ظهر عامل آخر معادٍ للثورة بوزن متساوي أو أكبر، وهو ما أطلق عليه الدولة الإسلامية.

كما بينا سابقاٍ، الدولة الإسلامية هي منظمة برجوازية تملك برنامجيا دينيا ديكتاتوريا ورجعيا. هي الجيش المعادي للثورة والذي يسيطر على معظم مناطق حقول النفط في سوريا والعراق، واليوم قامت بتأسيس “الخلافة” الإسلامية في هذا البقعة من الأرض.

منذ أن كانت جزء من تنظيم القاعدة، والممثل في سوريا اليوم بواسطة جبهة النصرة، عملت “الميليشيات السوداء” للدولة الإسلامية كـ “طابور خامس” لصالح النظام، وكانت مكرسة لقتال الثوار والجيش السوري الحر لتبتلع مناطق الثورة التي تم تحريرها من النظام السوري.

هذا حدث بأماكن كثيرة منها مدن دير الزور، الرقة ومنبج. بعد اغتصاب جبهة النصرة هذه المدن من الثوار، اندلع نزاع ضار على هذه المناطق الغنية بالنفط بين القوى “الجهادية”، مما أدى إلى اقتتال شرس بين الدولة الإسلامية وجبهة النصرة، بتكلفة بشرية تجاوزت أربعة آلاف مقاتل من الطرفين. وأخيرا، بعد هذا التطفل المزدوج، أسست الدولة الإسلامية ديكتاتورية دينية في هذه المناطق، على شكل “خلافة” إسلامية. في المناطق التي احتلتها، قام مقاتلو داعش بتعذيب وقتل مقاتلي الجيش السوري الحر والجبهة الإسلامية وأعضاء التنسيقيات المحلية الذين تم اختيارهم من قبل الناس لتنظيم أمور المناطق المحررة، كما حصل في مدينة منبج.

وهكذا، وصلوا إلى وضع يتم فيه نشر وفرض الرعب الرهيب على السكان (قطع الرؤوس، الصلب، الرجم، حرق الناس أحياء، ختان الإناث) استنادا إلى تفسير متطرف ورجعي للشريعة. وفي نفس الوقت، تم تعيين “إبراهيم خليفة” للقيام بأعمال تجارية مع النظام نفسه، من خلال بيع النفط الهام جدا لتموين الأسد من أجل ارتكاب المجازر بحق الثورة.

تم استخدام الجرائم الشنيعة والشائنة لتنظيم القاعدة ضد الأقليات الإثنية والدينية في سوريا والعراق لتقديم تبرير “إنساني” للإمبريالية لتقوم بضربات جوية على أرض العراق. نفس الشيء حصل مع تابعيها، مثل المعزول مؤخرا رئيس الوزراء السابق في العراق نوري المالكي، وحتى الأسد، الذي “طلب” أن يكون في خدمة “تنسيق” الغارات الجوية للولايات المتحدة في بلاده.

كما نعلم، نفذت الولايات المتحدة عدة ضربات “محدودة ومحددة” ضد مواقع للدولة الإسلامية في العراق، منذ مقتل الصحفي الأمريكي جيمس فولي، تم التفويض بـ “طلعات استطلاعية” فوق سوريا، كخطوة أولية ممكنة لتستكمل بضربات في المستقبل. حتى الآن، يعبر أوباما عن حذره الشديد بما يتعلق بتوسيع الضربات الجوية في سوريا وحتى أنه يعترف “بعدم امتلاكه إستراتيجية للتعامل مع الوضع”.

ربما يظهر الأسد كـ “مناهض للإمبريالية” حسب أتباع كاسترو وتشافيز، ولكنه يعمل بالفعل مع الولايات المتحدة. فحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان فإن “الضربات الجوية” ضد مواقع داعش فد بدأت فعلا “والتنسيق قد بدأ بالفعل، والولايات المتحدة تقدم معلومات إلى دمشق عبر بغداد وموسكو”.

إن ظهور الدولة الإسلامية أجبر الثوار المعارضين للنظام الديكتاتوري، علمانيين وغير علمانيين، على فتح جبهة أخرى، على الرغم من ضعف مصادرهم. إن ثمن القتال ضد النظام وداعش مرتفع جدا. تقول بعض مجموعات الثوار التي تقاتل داعش بأن نصف قواها تحولت إلى قتال العدو الثاني.

أعلنت مجموعات مختلفة من كتائب الثوار أن الدولة الإسلامية تندرج ضمن “الأهداف العسكرية للثورة”، وصرحت “تستند الثورة السورية إلى قيم تهدف إلى تحقيق الحرية والعدالة والأمان في أرجاء المجتمع السوري ونسيجه الاجتماعي متعدد الإثنيات والأديان”.

في هذا السياق، حدثت الضربة الشاملة ضد دور داعش في منبج (ريف حلب) في أواخر شهر مايو/آيار، منذ يناير/كانون الثاني، وعلى الرغم من كل الاختلافات، بحسب الإيكونوميست، تعرض تنظيم الدولة الإسلامية لنكسات عسكرية على يد الثوار في إدلب وحلب، مما اضطر التنظيم إلى الانسحاب أبعد إلى الشرق والعودة إلى حصنه في الرقة.

يخطط الثوار أيضا لطرد داعش من كافة ضواحي دمشق وريفها، وخاصة من مسرابا في الغوطة الشرقية، ويلدا وبيت سحم، حسب المركز السوري لحقوق الإنسان.

من الصعب، على أية حال، طرد الدولة الإسلامية من سوريا، بسبب تعزيز قوتها المالية والعسكرية بعد سيطرتها على المناطق التي تحتلها في العراق، ففي يوم الأحد 24 أغسطس/ آب مثلا، سيطر التنظيم على القاعدة العسكرية في الرقة، التي تبعد 45 كيلومتر عن المدينة، وحصل على طائرات حربية ومروحيات ودبابات ومدافع ثقيلة، مع توسع وتعزيز مناطق “خلافتهم” المنشودة.

حلب والمعركة الحاسمة

تعتبر حلب حتى الآن مركز الحرب الأهلية. يسيطر الثوار السوريون، جنبا إلى جنب مع الميليشيات الكردية، على شمال شرق وجنوب شرق المدينة. أما الحرس الجمهوري وميليشيا حزب الله فيسيطرون على غرب قلب سورية الاقتصادي. يؤكد ناصر، الضابط في كتيبة النمور التابعة للحرس الجمهوري أن “أصدقائنا في حزب الله يحافظون على بعض المواقع عندما ننسحب منها”.

تجري المعارك الأكثر شدة في الضواحي الشمالية والشرقية. تضرب المدفعية السورية باستمرار مواقع الثوار، وتطلق البراميل المتفجرة (ذات التصنيع البدائي والفعالية التدميرية الهائلة) من المروحيات. إن “براميل الموت”، التي تهبط على المناطق المزدحمة (والمخابز والمستشفيات)، قتلت حوالي أحدى عشر ألف مدنيا حتى الآن.

تم نسف أحياء بكاملها. في منتصف هذا المشهد الجحيمي، حوالي مليونا مدني، يرزحون تحت وطأة حصار رهيب دون ماء ولا كهرباء إلا ما ندر، يحاولون الاستمرار بحياواتهم قدر المستطاع.

تقاوم ميليشيات الثوار، حاليا، تقدم النظام الديكتاتوري في حلب بالإضافة إلى مقاتلي الدولة الإسلامية، الذين حصلوا على تسليح أفضل بعد هجومهم في العراق وانتقالهم إلى مركز المدينة من الشمال الشرقي. فهم يتمركزون على بعد 25 كيلومترا، وقد استولوا على قريتي عشتارين ومارع من الجبهة الإسلامية، وهي واقعة تزيد من تعقيد أوضاع الثوار. ولكن الثوار جاهزون لاستقبالهم. يقول المعارض أبو رمزي من على مشارف حلب: “اتفق قادة مختلف كتائب الثوار على تشكيل إئتلاف واتفقوا على قضايا مشتركة. الآلاف تجمعوا هنا لوقف تقدمهم”

المقاومة السورية في دمشق

على الرغم من “تراجع” قوى الثوار، إذا ما قورن بفترة 2011-2012، عندما كانت الثورة تطبق على دمشق، لا تزال شبكة من الميليشيات الثورية تحتل مواقع في ضواحي العاصمة.

فإلي جانب القتال العنيف ضد قوات النخبة وداعش، ينغص على الثوار الحياة اليومية للمركز السياسي في البلاد مكتفين بإطلاق قذائف الهاون، والقنابل، وبعض التفجيرات والتي ساعدت الأنفاق كثيرا على تنفيذها.

إن الدفاع عن العاصمة بات من أولويات النظام. كما في حلب، فإن التكتيك هناك يعتمد على إحكام الحصار على الثوار والقيام بغارات جوية على مواقعهم. هذا وقد أعلن الضابط في الجيش السوري مؤخرا بأنه تمت السيطرة على بلدة المليحة والتي تبعد كيلومترين اثنين جنوب دمشق، بعد قتال دام لمدة 18 شهرا. وبهذا يكون الثوار قد انسحبوا شرق العاصمة.

ومع هذا، فإن الوضع أبعد ما يكون عن “تطهير الإرهابيين”، كما وعد الأسد بعد تربعه على العرش بعيد فوزه بالانتخابات الزائفة. حتى أن ضابطا في الجيش السوري “بين الفوارق” قائلا: “في الحرب، عندما يتم السيطرة على منطقة ما هذا لا يعني أن يتم تطهيرها بالكامل. في 10 أيام من الممكن أن يتغير كل شيء”. وأقد أظهرت الجبهة العسكرية في ضواحي دمشق وضع قريب من إمكانية التفجر كما حصل في حلب، مع كر وفر بضعة كيلومترات. وبهذا كل شيء ممكن أن نغتنمه من العدو يمكن أن نخسره في الجولة التالية.

ومع هذا، تستمر الثورة بالسيطرة، استنادا إلى المقاومة البطولية، على أغلب مناطق الغوطة الشرقية.

تعزيز التضامن مع الثورة السورية

الثورة السورية لم تهزم، والحرب الأهلية مستمرة ولا يوجد أي إشارات لحل سريع. وأقد أصبحت مقاومة الثوار البطولية ونضالهم رمزا لتضحيات جميع المقاتلين الثوريين في سبيل الديمقراطية في العالم. مع الصعود والهبوط، المعركة على جبهتين، ضد نظام الأسد من جهة وضد “طابوره الخامس”، الدولة الإسلامية من جهة أخرى.

لذلك، من الخطأ “الاتكال على روح الهزيمة” دون التأكد من وقوعها. فترويج هذه “الدعاية” في وسط هذه الحرب المستمرة يمكن أن يشجع المشاريع الديكتاتورية لكل من الأسد وداعش.

يجب أن يكون موقف الثوريين وسياستهم أيضا مناقضا بشكل كامل لمبدأ الهزيمة. فالوضع العسكري الصعب يجب أن يكون سببا لتعزيز حملة تضامن غير مشروطة، دعم كامل للنصر العسكري للشعب السوري، مجسدا بالجيش السوري الحر، الميليشيات الثورية، الجبهة الإسلامية، التنسيقيات المحلية، المجالس المحلية، وقطاعات واسعة علمانية كانت أم لا، والتي حملت السلاح للتخلص من زمرة الأسد الدكتاتورية التي تمارس الإبادة الجماعية، ولا ننسى مواجهة “خلافة” داعش البربرية.

من العاجل والضروري كسر العزلة التي تعيشها الثورة السورية، والمفروضة ليست فقط من قبل حملات التشهير التي يمارسها الإعلام الدولي، وإنما يأتي الدعم الصريح لديكتاتورية الأسد من تنظيمات ستالينية وأخرى تحمل أفكار كاسترو وتشافيز.

للتفكير جديا بشأن هجوم الثوار المضاد الذي يمكن أن يعبد الطريق لنصر عسكري، يبقى مطالبة جميع الحكومات بإرسال الأسلحة إلى المقاتلين السوريين أمرا أساسيا. يجب الدفاع عن الحق الذي تدافع عنها الثورة.

هذا وقد أحدث تصريح سليم إدريس، القائد السابق لهيئة أركان الجيش الح حالة من القلقلة بعد تصريحاته التي قال فيها: “معظم المقاتلين من السوريين، مدنيين أو منشقين من الجيش، الذين تركوا أعمالهم لينضموا للثورة. في الجيش السوري الحر لدينا الآن حوالي 100 ألف مقاتل. نصفهم مجهز بالسلاح والنصف الآخر لا. يحتاجون للمشاركة بالسلاح… تحدثت مع جميع القادة والدول الداعمة لنا لتوحيد جميع المجموعات على الأرض وتقديم رواتب لهم؛ 100 دولار شهريا لكل مقاتل. طلبت ذخائر والمزيد من الأساسيات العسكرية للمساعدة في تقديم العون للكتائب. ولكن لم نحصل سوى على القليل، تقريبا لا شيء يذكر. لا رواتب ولا دعم مالي؛ هناك شح كبير في المساعدات الطبية والإنسانية، وهذه من أكبر المشاكل التي تواجهنا… حتى الآن لم نحصل على أية أسلحة أو ذخائر من أي نوع. لقد أرسلوا بعض الصواريخ المضادة للدبابات ولكننا بحاجة إلى نظام دفاع جوي لأن مقاتلي النظام يقصفون المدن والبلدات والمدارس والمستشفيات كل يوم.

في نفس الوقت، لإحداث تغيير دراماتيكي وعاجل في مجريات الحرب يجب التقدم باتجاه مركزة ميلشيات الثوار تحت قيادة واحدة، مدعومة ببرنامج يعتمد على الحاجة إلى إسقاط النظام الديكتاتوري، بالإضافة إلى الاستجابة إلى المشاكل الاجتماعية الملحة، المتفاقمة نتيجة الدمار الكلي الناجم عن الحرب. من المهم توحيد النضال الديمقراطي، والذي يعني بالضرورة تمركز كافة جهود جميع المنظمات والقطاعات الاجتماعية الراغبة في الاستمرار بالقتال ضد النظام السوري الديكتاتوري والدولة الإسلامية.

يفترض التوحد الواسع لأنشطة الثوار، تنفيذ برنامج الثورة الاشتراكية كاستراتيجيه للخروج من هذا الوضع. وهذا يعني أن يكون جزء من النضال الديمقراطي في الخنادق وفي معارضة النظام السوري الديكتاتوري، من المهم أن يكون واضحا أن إستراتيجيتنا تنبع من ثورة أكتوبر الظافرة؛ برنامج يبدأ بالاستجابة إلى التطلعات الديمقراطية للشعب السوري والوصول إلى استيلاء الطبقة العاملة على السلطة. إن “نقطة البداية” للبرنامج الثوري يجب أن تكون: كسب الحرب بإسقاط بشار الأسد.

ضمن هذا السياق، فإن برنامج “كسب الحرب واندلاع الثورة الاشتراكية” يمكن أن يُدافع عنه من قبل قيادة ثورية أممية، والتي في حال غيابها سيكون الوضع أكثر دراماتيكية، وقد يتمكن النظام وداعش من تنفيذ عدوانهم ضد تقدم الثورة السورية.

تم الإعلان عن مواقف كهذه في مقررات مؤتمر الرابطة الأممية للعمال- الأممية الرابعة بما يتعلق بالمخاطر والمهمات في الثورة السورية: “هناك قصور عميق يهدد النصر المسلح وتقدم الثورة: ضعف التمركز العسكري والسياسي حول البرنامج الثوري (ابتداءً بمهمة تدمير النظام الديكتاتوري) وغياب مشاركة الطبقة العاملة المنظمة في العملية الثورية، والأكثر من ذلك غياب قيادة ماركسية ثورية في هذه المهمة. لا يوجد أي مهمة إستراتيجية في سوريا أو في الشرق الأوسط أكثر أهمية من بناء هذه القيادة.

______________

(1) حتى مع إنكار الأسد امتلاك “أسلحة كيماوية” فقط في العام الماضي تم تدمير 581 طن من “المواد الكيماوية” لإنتاج غاز السارين و19.8 طن من الكيماويات المصنعة لغاز الخردل.

المصادر

[2]http://internacional.elpais.com/internacional

[3]http://www.lanacion.com.ar

[4]http://internacional.elpais.com/internacional

[5]http://www.publico.es/internacional

[6]http://internacional.elpais.com/internacional

[7]http://www.aljazeera.com/news/middleeast

[8]http://www.aljazeera.com/news/middleeast

[9]http://www.aljazeera.com/news/middleeast

[10]Watch video: http://internacional.elpais.com/internacional

[11]http://www.noticias24.com/fotos/noticia

[12]http://noticias.terra.com.br/mundo/oriente-medio

[13]http://internacional.elpais.com/internacional

[14]http://internacional.elpais.com/internacional

[15] http://internacional.elpais.com/internacional

[16]http://www.clarin.com/mundo

[17]http://www.economist.com/news/middle-east-and-africa

[18]http://noticias.terra.com/internacional/asia

[19]http://www.dailystar.com.lb/News/Middle-East

[20]http://www.economist.com/news/middle-east-and-africa

[21]http://www.prensalibre.com/internacional

[22]http://internacional.elpais.com/internacional

[23]http://internacional.elpais.com/internacional

[24]http://internacional.elpais.com/internacional

[25]http://internacional.elpais.com/internacional

[26]http://internacional.elpais.com/internacional

[27]http://internacional.elpais.com/internacional

[28]Resolución Syria’s XI Congress of the IWL.

 

Check out our other content

Check out other tags:

Most Popular Articles