الأحد يناير 19, 2025
الأحد, يناير 19, 2025

بيان صادر عن الرابطة الأممية للعمال – الأممية الرابعة

سوريابيان صادر عن الرابطة الأممية للعمال - الأممية الرابعة

* المجد للثورة السورية المظفرة! لا ثقة بهيئة تحرير الشام! لا بد من تشكيل مجالس شعبية لحكم البلاد! فلتخرج القوات الأجنبية!
في الثامن من كانون الأول، أسقطت ثورة ديمقراطية شعبية دكتاتورية الأسد، وتم حل الركيزتين الرئيسيتين للنظام: الجيش، ومراكز القمع والتعذيب الثمانية عشر (المخابرات)، وفر الديكتاتور والقادة العسكرِيون الرئيسيون من البلاد.
الدكتاتورية خسرت قاعدتها الاجتماعية عبر إصرارها على فرض نظام شمولي، وإفقار 90٪ من السكان. ومنذ عام 2011، تم قتل أكثر من نصف مليون سوري على يد الدكتاتورية، وهناك نحو 200 ألف مفقود في شبكة سجون النظام الواسعة، والتي تضم 400 مركز اعتقال وتعذيب وإبادة. لكن في النهاية، لم يكن داعمو تلك الدكتاتورية الرئيسيون، روسيا وإيران، في وضع يتيح لهم تقديم نفس الدعم الذي قدموه على مدى السنوات العشر الماضية لذبح سكان البلاد. ومن جهتها، جمعت الثورة بين العمل العسكري للميليشيات، التي تشكلت في محافظة إدلب بقيادة هيئة تحرير الشام، والتي انطلقت في 27 تشرين الثاني 2024 بحوالي 20 ألف مقاتل، وبين الانتفاضة الشعبية في جنوب البلاد، وفي العاصمة دمشق، مستئنفة تجارب التنظيم الذاتي التي تبلورت خلال بدايات الثورة.

خلال الزحف إلى دمشق، تم إطلاق سراح آلاف السجناء السياسيين من السجون، وقد اكتسب هذا الإجراء شعبية واسعة، إذ عكس التزام الثورة بالحريات الديمقراطية التي سحقها نظام الأسد. كما كان هناك إجراء ديمقراطي آخر، تمثل في احترام ما يسمى بـ “الأقليات” الطائفية: المسيحيون من مختلف المذاهب، والعلويون، والدروز. وعند وصوله إلى العاصمة، وعد زعيم هيئة تحرير الشام، محمد الجولاني، بإجراء انتخابات حرة في غضون 18 شهرا، وقام بتعيين محمد البشير رئيسا للوزراء في حكومة انتقالية. والبشير هو مهندس، وعضو في هيئة تحرير الشام، وكان رئيس حكومة الإنقاذ الوطني في محافظة إدلب، وقد صرح أنه سينشئ حكومة قائمة على اقتصاد السوق، مندمجة في السوق العالمية، كما صرح أنه سيعين مجموعة لإعداد دستور جديد للبلاد.

بعد هذا، سعت هيئة تحرير الشام إلى تطبيع العلاقات مع الدول الإمبريالية، والقوى الإقليمية، لتسهيل دخول المساعدات الإنسانية، وجذب رؤوس الأموال، من أجل إعادة إعمار البلاد على أسس رأسمالية.

كما كانت قضية معاقبة الجنرالات والجلادين أول معضلة بين السكان والحكومة الانتقالية، فالسكان مستاؤون للغاية من نجاة كبار الجنرالات والجلادين، وهذا ما أرغم الجولاني على الالتزام باعتقالهم ومعاقبتهم جميعا.

تأثير الثورة على الصعيدين الإقليمي والعالمي

لقد كان للثورة تأثير كبير على النظام الإقليمي والعالمي، فقد أثرت بشكل مباشر على مصالح الإمبريالية الروسية، والنظام الإيراني، كما أثرت أيضا على مصالح إسرائيل، ودول الخليج، والإمبريالية الأمريكية، والأوروبية، والصينية.

لقد فقدت روسيا حليفا كانت تعتمد عليه لإبقاء قواعدها العسكرية في البلاد، من أجل عملياتها في إفريقيا (ليبيا والسودان والدول الناطقة بالفرنسية). كما شجعت هزيمتها في سورية المقاومة الأوكرانية في قتالها ضد العدوان. والآن، يتفاوض بوتن مع هيئة تحرير الشام للحفاظ على قواعده في حميميم وطرطوس، وهي اتفاقية لن تحظى برضى شعبي إن تمت، لكنها تصب في مصلحة هيئة تحرير الشام. ومن جهتها، اضطرت القوات الإيرانية، التي يمقتها السوريون، إلى الفرار من البلاد.

أما دولة إسرائيل، فقد خسرت أمن حدودها الشمالية، حيث حالت عائلة الأسد، لمدة 50 سنة، دون تنفيذ أي عمل عسكري ضد القوات الإسرائيلية في مرتفعات الجولان. لقد كان الحفاظ على دكتاتورية الأسد مسألة استراتيجية بالنسبة للصهاينة، لاسيما بعد أن بات ينأى بنفسه عن النظام الإيراني وحزب الله من أجل التقرب من الخليج، وتخفيف العقوبات الاقتصادية.

بعد سقوط الأسد، قالت وسائل الإعلام الإسرائيلية إن أكثر من 80% من أسلحة سورية، وسفنها، وصواريخها، وطائراتها، وما إلى ذلك من الإمدادات العسكرية قد تضررت، أو تم تدميرها إثر الهجمات الصهيونية. كما توغلت إسرائيل داخل الأراضي السورية وقصفت 800 هدف عسكري واستخباراتي سوري.

مجددا، نشهد كيف تقوم إسرائيل بغزو دولة ذات سيادة بموافقة القوى الغربية، وهو ما أدانه ممثلو الأمم المتحدة. علاوة على ذلك، فقد سيطرت على المنطقة منزوعة السلاح التي أنشئت عام 1974، إضافة إلى قسم آخر من مرتفعات الجولان، وخاصة جبل الشيخ الاستراتيجي، ما يشير إلى نيتها في تعزيز هيمنتها الاستراتيجية في المنطقة.

على عكس ما تدعيه قطاعات اليسار الإصلاحي و/أو الستاليني، فإن الثورة السورية عززت قوة المقاومة الفلسطينية، عبر القضاء على نظام طالما عمل على سجن وتصفية الفلسطينيين، فقد تم إطلاق سراح نحو 670 فلسطينيا من سجن صيدنايا، منهم 67 من حركة حماس، أحدهم هو زعيم كتائب القسام. فضلا عن ذلك، نجح نظام الأسد في تأمين الحدود مع الصهاينة. إن الثورة السورية تشكل مثالا يحتذى به لشعوب أخرى في العالم العربي، ومن المؤكد أن موجة جديدة من الثورات العربية التي قد تطيح بتلك الأنظمة المتحالفة مع إسرائيل ستخلق الظروف الملائمة لانتصار المقاومة الفلسطينية ضد إسرائيل، فالطريق إلى القدس يبدأ من دمشق والقاهرة وبيروت وعمان.

أما فيما يتعلق بدول الخليج، باستثناء قطر، فلطالما كانت ملتزمة بدمج نظام الأسد في جامعة الدول العربية. ومع سقوط هذا النظام، باتت تلك الدول تسعى إلى التقارب مع هيئة تحرير الشام. وقد تمحور اهتمامها الرئيسي حول الحيلولة دون اندلاع موجة جديدة من الثورات الديمقراطية في العالم العربي.

من جهتها، استثمرت الإمبريالية الأميركية، على مدى عشر سنوات، تحالفها مع ميليشيا قوات سورية الديمقراطية، بقيادة حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي، للسيطرة على نحو 27% من الأراضي السورية في شمال شرق البلاد. وكانت قوات سورية الديمقراطية قد أبرمت اتفاقية عدم اعتداء ضمنية مع دكتاتورية الأسد. ومن الجدير بالذكر أن هذه المنطقة تحتوي على أراض خصبة وآبار نفط وغاز. ويوفر هذا الوجود للولايات المتحدة موقف قوة فيما يتعلق بأي نقاش حول مستقبل سورية، بيد أنها لاتزال تخشى اندلاع موجة جديدة من الثورات الديمقراطية التي من شأنها تهديد الأنظمة العربية – وكل حلفائها تقريبا.

كما تخطط الإمبريالية الصينية لدمج سورية في مبادرة الحزام والطريق (طريق الحرير الجديد)، وبالتالي في الاقتصاد الصيني. وسيتعين مراجعة هذه الخطط والتفاوض عليها مع الحكومة الانتقالية.

من جانبه، تحرك الاتحاد الأوروبي بسرعة لتعليق جميع طلبات اللجوء المقدمة من اللاجئين السوريين على الفور. ونحن نطالب بعدم ترحيل أي لاجئ سوري قسرا. ومن حق اللاجئين في أوروبا أن يقرروا ما إذا كانوا يريدون العودة إلى سورية أم لا، وسنواصل النضال من أجل الاعتراف بحقوقهم العمالية والسياسية والاجتماعية.

 

النظام التركي يريد فرض أجنداته على الثورة


النظام التركي هو القوة الإقليمية التي استفادت من سقوط الأسد، حيث أعطى أردوغان الضوء الأخضر لتقدم هيئة تحرير الشام نحو المناطق الريفية في محافظة حلب، رغم أنه لم يتوقع أو يدعم الاستيلاء على مدينتي حلب وحماة، وبعد الاستيلاء على حماة، دعم تقدم هيئة تحرير الشام نحو العاصمة دمشق.

لقد استغل النظام التركي هجوم هيئة تحرير الشام للسيطرة على مدينتي تل رفعت ومنبج الاستراتيجيتين، عبر ميليشياته الحليفة (الجيش الوطني)، وطرد ميليشيات قسد، وتسبب في نزوح آلاف العائلات الكردية من المناطق التي يسيطر عليها الجيش الوطني. ويهدف هذا الاستيلاء إلى احتلال الشريط الحدودي بالكامل، ومنع تشكيل أي سلطة كردية مستقلة عسكريا في “روجافا”، وهو ما يتعارض مع أهداف الثورة في إنهاء الاضطهاد الطائفي، والقومي، ووجود القوات الأجنبية.

النظام التركي بات بمثابة الجسر الرئيسي بين الحكومة الانتقالية والإمبريالية، ويأمل في استغلال إعادة إعمار سورية لصالح رأس المال التركي.

 أسهم شركات البناء والإسمنت التركية ارتفعت بعد الإعلان عن سقوط الأسد، ما يدل على أن العديد من تلك الشركات تأمل في لعب دور استراتيجي في عملية إعادة الإعمار.

في النهاية، يخطط النظام التركي، على غرار الأوروبيين، لإعادة بعض اللاجئين السوريين البالغ عددهم ثلاثة ملايين إلى سورية.


لا ثقة بهيئة تحرير الشام! عززوا المجالس الشعبية المستقلة والمنظمات العمالية!


لقد حققت الثورة السورية بالفعل حريات ديمقراطية مهمة للغاية، مثل إطلاق سراح آلاف السجناء السياسيين، والعودة الأولية للاجئين إلى ديارهم، وإتاحة حرية التعبير.

 هيئة تحرير الشام لعبت دورا سلبيا في الأيام الأولى للثورة السورية، من خلال محاولتها تحويل الثورة الديمقراطية إلى حرب طائفية. وبعد عام 2016، بدأت في حكم محافظة إدلب على أساس رأسمالي، واستقطاب، أو قمع قوى أخرى، دون إجراء انتخابات حرة.

إن الحفاظ على الحريات التي تحققت بالفعل يعتمد على التنظيم المستقل للطبقة العاملة، والفقراء في المجالس الشعبية، والنقابات العمالية، والجمعيات الطلابية، ومنظمات حقوق الإنسان، وحقوق المرأة، وغيرها.

 على هذه المنظمات أن تناضل من أجل مطالب الشعب، بدء بتشكيل المحاكم الشعبية لفرض العقوبات على الجنرالات والجلادين؛ وتشكيل لجان حقوق الإنسان للتحقيق في كافة السجلات العسكرية، ومراكز القمع والتعذيب الثمانية عشر (المخابرات).

كما يجب النضال من أجل إجراء انتخابات حرة لمجلس تأسيسي وطني خلال ثلاثة أشهر، لصياغة دستور جديد، وتولي السلطة، وإخضاع كافة الميليشيات لمجالس الشعب.

تقترح الحكومة الانتقالية إعادة بناء الاقتصاد على أساس رأسمالي، وجذب رؤوس الأموال الأجنبية، الأمر الذي سيضع ثروات البلاد في أيدي حفنة من المليونيرات السوريين المرتبطين بشركات أجنبية. ويتلخص اقتراحنا في تأميم أصول المليونيرات، مثل رامي مخلوف، ووضع الشركات الكبرى تحت سيطرة العمال، لتلبية احتياجات الشعب. إضافة إلى ذلك، هناك حاجة إلى سياسة إصلاح زراعي لتوسيع إنتاج الغذاء الرخيص لكامل السكان.


الثورة والثورة المضادة في الشرق الأوسط


لقد تجاوزت القضية السورية منذ زمن بعيد مشكلة الدكتاتورية، حيث باتت سورية اليوم إحدى مناطق النزاع الدولي والإقليمي، وتواجه هذه البلاد خطرا حقيقيا يهدد بالدمار والانقسام، في ظل تدخلات القوى العالمية والإقليمية المختلفة، التي تسعى إلى خلق وضع جديد، أو تعزيز مكانتها في المنطقة. ومن الواضح أن القوى العظمى مثل الولايات المتحدة وروسيا، وكذلك القوى الإقليمية مثل إسرائيل والمملكة العربية السعودية وإيران وتركيا، تريد تنفيذ مشاريعها بطرق لن تؤدي إلا إلى مزيد من القمع، والاستغلال، والعنف الدموي، والصراعات الطائفية لشعوب المنطقة.

الطريقة الوحيدة لتجنب هذا الخطر هي الاستثمار في موجة جديدة من الثورات في كافة أنحاء المنطقة.

فلسطين في مركز اهتمام العالم، حيث تقترف دولة إسرائيل إبادة جماعية في قطاع غزة والضفة الغربية، من خلال التطهير العرقي (طرد السكان الفلسطينيين من منازلهم وأراضيهم)، والمذابح اليومية.

إن تصريح الجولاني (أحمد الشرع)، زعيم ميليشيا هيئة تحرير الشام، بأنه سيلتزم باتفاقية وقف إطلاق النار في مرتفعات الجولان، التي وقعها الدكتاتور السوري حافظ الأسد عام 1974، وأنه لن يسمح لسورية بأن تصبح منصة لشن هجمات ضد إسرائيل، أمر غير مقبول، وهذا ليس فقط لأن الشعبين الفلسطيني والسوري شقيقان في النضال ضد الإمبريالية والقمع.

من غير المقبول تلك الإشارة إلى استراتيجية إعادة بناء سورية بالتحالف مع الإمبرياليات الأميركية والأوروبية والروسية والصينية، وبالتحالف مع ممالك الخليج والنظام التركي، وعبر السلام مع إسرائيل. هذه الاستراتيجية ستقود سورية إلى التقسيم والخضوع للمصالح الإمبريالية.

من أجل الدفاع عن مصالح العمال السوريين فيما يتعلق بالحرية والعدالة الاجتماعية، لا بد من بناء تحالفات مع الشعوب العربية المضطهدة، وفي مقدمتها الشعب الفلسطيني.

إننا نطالب الجولاني بالوقوف ضد العدوان الإسرائيلي على سورية ولبنان، وفرض انسحاب القوات الإسرائيلية من الجولان، والتعبير عن التضامن غير المشروط مع الشعب الفلسطيني، ووضع حد للإبادة الجماعية في غزة والضفة الغربية، والنضال على طريق تحرير فلسطين من النهر إلى البحر، وهذا أقل ما ينبغي للجولاني أن يفعله.

لا تزال هناك قضية الأكراد، فالأكراد قومية مضطهدة ويمثلون 10% من سكان البلاد. وفي الوقت الحالي تقوم ميليشيات الجيش الوطني المتحالفة مع النظام التركي بطرد ميليشيات قوات سورية الديمقراطية الكردية، وبحصار “روجافا”، في ظل صمت الجولاني والحكومة الانتقالية لهيئة تحرير الشام. لا بد من المطالبة بانسحاب القوات التركية من كافة الأراضي السورية، ووقف هجمات الجيش الوطني. ومن الضروري ضمان حق تقرير المصير للشعب الكردي في “روجافا”، حتى يتمكن من تقرير مستقبله بشكل ديمقراطي، دون تدخل من النظام التركي، وبكامل الحرية في الانتماء الحزبي. وبطبيعة الحال، ليس من خلال التحالف مع الولايات المتحدة، كما تفعل قيادتهم السياسية والعسكرية، قوات سورية الديمقراطية/ قسد، يمكن للأكراد نيل حقهم في تقرير المصير كشعب.

إن انسحاب كل القوات الأجنبية (إسرائيل والولايات المتحدة وتركيا)، ومنع استئناف القواعد العسكرية الروسية على الساحل، أمر حاسم لمستقبل سورية، وتحرير المنطقة بأكملها.

من أجل طرد القوى الإمبريالية من البلاد والمنطقة، لا بد من الدعوة إلى موجة جديدة من الثورات ضد كل الديكتاتوريات العربية، المتحالفة مع الإمبريالية.

إن الوضع في الشرق الأوسط يتطلب أن يتبع كل تقدم آخر، فلا سلام ممكن مع الإمبريالية، أو إسرائيل، أو أي من الأنظمة الرجعية.


بناء حزب ثوري


لتحقيق أهداف الثورة، نحتاج إلى حزب ثوري جديد، مختلف تماما عن هيئة تحرير الشام، أي حزب عمالي واشتراكي وأممي.

 الفصائل الشيوعية السورية الثلاث (فيصل، وبكداش، وجميل)، والتي كانت تعد الأحزاب اليسارية الرئيسية، خانت الثورة بتحالفها مع دكتاتورية الأسد منذ عام 1974، وهي الآن موضع احتقار من قبل العمال السوريين.

يتعين بناء الحزب الثوري الجديد في خضم الثورة، وتحقيق التنظيم الذاتي للعمال، والنضال من أجل فرض السلطة العمالية، نحو سورية الاشتراكية، كجزء من اتحاد الدول العربية الاشتراكية.

ترجمة تامر خرمه
مراجعة فيكتوريوس بيان شمس

Check out our other content

Check out other tags:

Most Popular Articles