الأثنين يوليو 22, 2024
الإثنين, يوليو 22, 2024

(29) المؤتمرات العالمية الأربعة الأولى للأمميـــــــــــة الشيوعيــــــــــــــة

النظرية الماركسية(29) المؤتمرات العالمية الأربعة الأولى للأمميـــــــــــة الشيوعيــــــــــــــة

برنامج عمل وتحرك
الحزب الشيوعي الفرنسي

أولاً ـ إن المهمة الأكثر إلحاحاً للحزب هي تنظيم مقاومة البروليتاريا لهجمة الرأسمال التي تمتد في فرنسا كما في البلدان الصناعية الأخرى. ويشكل الدفاع عن يوم العمل من ثماني ساعات، والحفاظ على الأجور المكتسبة وزيادتها، والنضال من أجل المطالب الاقتصادية اليومية، أفضل برنامج سياسي لتجميع البروليتاريا المشتتة، ولاستعادة ثقتها بقوتها وبمستقبلها. وينبغي أن يأخذ الحزب مباشرة بيده المبادرة إلى تحركات عامة قادرة على إفشال هجمة رأس المال وإعادة مفهوم الوحدة للطبقة العاملة.

ثانياً ـ ينبغي أن يخوض الحزب حملة من أجل توضيح التداخل بين الحفاظ على يوم العمل من ثماني ساعات وحماية الأجور للشغيلة، والانعكاس الحتمي لكل من هذين المطلبين على الآخر. وينبغي أن يدرك كإمكانات تحريضية ليس فقط مكائد أرباب العمل، بل أيضاً الضربات التي توجهها الدولة للمصالح المباشرة للطبقة العاملة، مثل الضريبة على الأجور وكل المسائل الاقتصادية التي تهم الطبقة العاملة، مثل زيادة الإيجارات، وضرائب الاستهلاك والضمانات الاجتماعية، إلخ…

يلتزم الحزب بحملة دعاوية نشطة داخل الطبقة العاملة من أجل إنشاء مجالس مصانع تضم مجموع الشغيلة في كل منشأة، سواء كانت منظمة اقتصادياً أو سياسياً أو غير منظمة، ومعدة تحديداً لممارسة رقابة عمالية على شروط العمل والإنتاج.

ثالثا ـ يجب أن تكون شعارات النضال من أجل المطالب المادية الملحة للبروليتاريا بمثابة وسائل لتحقيق الجبهة المتحدة ضد الرجعية الاقتصادية والسياسية. ويصبح تكتيك الجبهة الواحدة العمالية القاعدة العامة للتحركات الجماهيرية. وينبغي أن يخلق الحزب الشروط الملائمة لنجاح هذا التكتيك بالالتزام بإعداد جدي لتنظيمه الخاص وللعناصر المتعاطفة، عبر كل وسائل الدعاوة والتحريض التي يملكها. الصحافة، والبيانات، والكراريس، والاجتماعات من كل نوع، كل ذلك ينبغي أن يسهم في ها الإعداد الذي سوف يوسعه الحزب ليشمل كل التجمعات البروليتارية التي تضم شيوعيين. وينبغي أن يتوجه الحزب بالنداء للمنظمات العمالية العدوة الهامة، السياسية منها والاقتصادية، بصورة مدوية ودون التوقف عن شرح مقترحاته أو مقترحات الإصلاحيين، والموافقة والرفض من جانب هؤلاء أو أولئك. ولا يتخلى بأي حال من الأحوال عن استقلاليته الكاملة، وحقه في نقد المشاركين في التحرك، ويسعى دائماً لاتخاذ المبادرة والحفاظ عليها والتأثير على كل مبادرة أخرى لصالح برنامجه.

رابعاً ـ وينبغي أن يشكل الحزب، دون إمهال، منظمته للعمل النقابي، لكي يكون على مستوى المشاركة في التحرك العمالي بجميع أشكاله والإسهام في توجيهه أو لعب دور حاسم في بعض الظروف. إن تشكيل اللجان النقابية إلى جانب الاتحادات والفروع (التي تقررها مؤتمرات الأحزاب) والمجموعات الشيوعية في المصانع والمنشآت الكبرى الرأسمالية أو الخاصة بالدولة، يغرس داخل الجماهير العمالية فروعاً للحزب يستطيع هذا الأخير بفضلها أن يبث شعاراته وينمي التأثير الشيوعي على الحركة البروليتارية.

وتُبقي اللجان النقابية، على جميع مستويات بنية الحزب والنقابات، على الصلة مع الشيوعيين الباقين، بموافقة الحزب، في الاتحاد العام للشغل الإصلاحي، وتوجههم في معارضتهم للقادة الرسميين؛ وتسجل أعضاء الحزب النقابيين، وتراقب نشاطهم وتنقل إليهم توجيهات الحزب.

خامساً ـ يقوم العمل الشيوعي في جميع النقابات دون استثناء، بالدرجة الأولى، على النضال من أجل إعادة الوحدة النقابية الضرورية لانتصار البروليتاريا. وينبغي أن يستخدم الشيوعيون كل مناسبة لإظهار الآثار المضرة للانقسام الحالي وللمطالبة بالاندماج. ويحارب الحزب كل ميل لتشتيت العمل، ولتجزئة المنظمة، وللخصوصية المهنية أو المحلية، وللأيديولوجية الفوضوية. وبدعم ضرورة مركزة الحركة وتشكيل منظمات واسعة تبعاً للصناعات، وتنسيق الإضرابات لاستبدال التحركات المحلية أو المحدودة، المقضي عليها مسبقاً بالفشل، بتحركات شاملة قادرة على تغذية ثقة الشغيلة بقواهم. وبالاتحاد العام للشغل الموحد، يحارب الشيوعيون كل ميل مضاد لربط النقابات الفرنسية بالأممية النقابية الحمراء وفي الاتحاد العام للشغل الإصلاحي يشهرون بأممية أمستردام وممارسات التعاون الطبقي لدى القادة. وفي الاتحادين العامين للشغل ينادون بالتظاهرات والتحركات المشتركة، وبالإضرابات المشتركة وبالجبهة الواحدة، وبالوحدة العضوية وبالبرنامج الكامل للأممية النقابية الحمراء.

سادساً ـ ينبغي أن يفيد الحزب من كل تحرك جماهيري عفوي أو منظم يكتسي اتساعاً معيناً من أجل إضاءة الطابع السياسي لكل تحرك طبقي، ويستخدم الشروط الملائمة لنشر شعاراته للنضال السياسي، مثل العفو العام وإلغاء معاهدة فرساي، وانسحاب جيش الاحتلال من الضفة الشمالية للرين، إلخ…

سابعاً ـ ينبغي أن ينتقل النضال ضد معاهدة فرساي ونتائجها إلى رأس اهتمامات الحزب. ويتعلق الأمر بتنشيط البروليتاريتين الفرنسية والألمانية ضد البرجوازية في هذين البلدين، المستفيدة من المعاهدة. ومن أجل ذلك، يكون الواجب الملح للحزب الشيوعي الفرنسي هو تعريف العمال والجنود على الوضع المأساوي لأخوتهم الألمان، المسحوقين تحت الصعوبات المادية للحياة الناجمة أساساً عن نتائج العاهدة. إن الدولة الألمانية لا تلبي متطلبات الحلفاء إلا بتحميل الطبقة العاملة أعباء أكبر. والبرجوازية الفرنسية توفر البرجوازية الألمانية. وتتفاوض معها على حساب العمال، وتشجع مشروعها للاستيلاء على الخدمات العامة وتضمن لها العون والحماية ضد الحركة الثورية. والبرجوازيتان تستعدان لإبرام تحالف الحديد الفرنسي مع الفحم الألماني، وللاتفاق على احتلال الروهر الذي يعني إخضاع عمال مناجم الحوض للعبودية. إن الخطر لا يتهدد فقط المستغلين في الروهر، بل يتعداه إلى الشغيلة الفرنسيين، العاجزين عن تحمّل منافسة اليد العاملة الألمانية التي تحولت بالنسبة للرأسماليين الفرنسيين إلى يد عاملة رخيصة بشكل استثنائي بفعل انخفاض قيمة المارك. وينبغي أن يُفْهِم الحزب الطبقة العاملة الفرنسية هذا الوضع ويحميها من الخطر الداهم. كما ينبغي أن تصف الصافة على الدوام معاناة البروليتاريا الألمانية، ضحية معاهدة فرساي، وتظهر استحالة تحقيق المعاهدة. ويجب القيام بدعاوة خاصة في المناطق المحتلة والمناطق المدمرة، للتشهير بالبرجوازيتين كونهما مسؤولتين عن الأضرار التي تسببها دسائسهما، وتنمية روح التضامن لدى العمال في البلدين. ويجب أن يكون الشعار الشيوعي: تآخي الجنود والعمال الفرنسيين والألمان على الضفة الشمالية للرين. ويلتزم الحزب باتصال وثيق مع الحزب الألماني الشقيق من أجل خوض النضال ضد معاهدة فرساي ونتائجها بشكل ناجح. ويحارب الحزب الامبريالية الفرنسية، ليس فقط من جراء سياستها إزاء ألمانيا، بل في كل مظاهرها على سطح الكرة الأرضية، وخاصة معاهدات سلام سان جرمان، ونويي وتريانون وسيفر.

ثامناً ـ ينبغي أن يتعهد الحزب عملاً منظماً للتغلغل الشيوعي في الجيش ويجب أن تختلف الدعاوة المعادية للنزعة العسكرية بوضوح عن النزعة السلمية البرجوازية الخادعة وتستوحي مبادئ تسليح البروليتاريا ونزع سلاح البرجوازية. ويدعم الشيوعيون في صحافتهم، وفي البرلمان وفي كل مناسبة مؤاتية، مطالب الجنود ويطالبون بالاعتراف بالحقوق السياسية لهؤلاء الأخيرين، إلخ… ويُفترض لدى استنفار فصائل جديدة، والتهديد بحرب، أن يكثف التحريض الثوري المعادي للنزعة العسكرية. ويتم ذلك تحت قيادة هيئة خاصة في الحزب، بمشاركة منظمات الشبيبة الشيوعية.

تاسعاً ـ ينبغي أن يمسك الحزب بقضية الشعوب المستعمرة المستغلة والمضطهدة من قبل الامبريالية الفرنسية، ويدعم مطالبها الوطنية التي تشكل مراحل نحو تحررها من النير الرأسمالي الأجنبي، ويدافع دون تحفظ عن حقها في الاستقلال والحكم الذاتي. فالنضال من أجل حرياتها السياسية والنقابية دون قيود، وضد تجنيد السكان المحليين، وبغية تحقيق مطالب الجنود المحليين، هذه هي المهمات المباشرة للحزب. وينبغي أن يحارب هذا الأخير دون رحمة الميول الرجعية الموجودة حتى بين بعض العناصر العمالية والقائمة على الحد من حقوق السكان المحليين، ويخلق إلى جانب لجنته القيادية جهازاً خاصاً معداً للعمل الشيوعي في المستعمرات.

عاشراً ـ ينبغي أن تترافق الدعاوة داخل طبقة الفلاحين، الساعية إلى كسب أغلبية العمال الزراعيين والمؤاكرين والمزارعين إلى الثورة، وكسب تعاطف صغار الملاكين، مع التحرك من أجل الحصول على أفضل الشروط. إن تحركاً كهذا يفرض أن تضع المنظمات المناطقية للحزب برامج للمطالب المباشرة المتوافقة مع الشروط الخاصة لكل منطقة، وتنشرها. ويجب أن يشجّع الحزب الجمعيات الزراعية، التعاونية والنقابية التي تعاكس الفردية الفلاحية. ويجب أن يثابر بشكل خاص على إنشاء نقابات مهنية بين العمال الزراعيين وتطويرها.

أحد عشر ـ إن العمل الشيوعي بين العاملات هو ذو أهمية أولية ويتطلب منظمة خاصة. وإن لجنة مركزية لدى اللجنة القيادية مع أمانة دائمة، ولجاناً محلية متزايدة دائماً، وهيئة مخصصة للدعاوة النسائية، هي هيئات ضرورية. وينبغي أن يدعم الحزب توحيد المطالب الاقتصادية للعاملات والعمال، ومساواة الأجور للعمل نفسه دون تمييز جنسي، ومشاركة النساء المستغلات في حملات العمال ونضالاتهم.

اثني عشرـ ينبغي تخصيص الجهود الأكثر منهجية والأكثر ثباتاً والتي لم يقم بها الحزب في السابق لتطوير منظمات الشبيبة الشيوعية. ويجب إقامة علاقات متبادلة بين الحزب ومنظمات الشبيبة الشيوعية على جميع المستويات التنظيمية. ومبدئياً، ينبغي أن تتمثل الشبيبة في جميع اللجان المشكلة لدى اللجنة القيادية. ومن واجب الاتحادات، والفروع ودعاويي الحزب تقديم مساعدتهم لمجموعات الشبيبة القائمة، وخلق مجموعات جديدة. إن اللجنة القيادية ملزمة بالسهر على تنمية صحافة منظمات الشبيبة وتأمين منبر لهذه الأخيرة في الصحف المركزية. وينبغي أن يدخل الحزب في النقابات مطالب الشبيبة الشيوعية المتفقة مع برنامجه.

ثلاثة عشر ـ وفي التعاونيات، يدافع الشيوعيون عن مبدأ المنظمة الوطنية الموحدة وينشئون مجموعات شيوعية مرتبطة بالفرع التعاوني للأممية الشيوعية عن طريق لجنة متصلة باللجنة القيادية. وفي كل اتحاد، ينبغي تكريس لجنة خاصة للعمل الشيوعي في التعاونيات. ويبذل الشيوعيون جهدهم لاستخدام النقابات كمعاونة للحركة العمالية.

أربعة عشرـ ينبغي أن يخوض المنتخبون في البرلمان، والبلديات، إلخ… النضال الأكثر نشاطاً والمرتبط بشكل وثيق بالنضالات العمالية والحملات التي يقودها الحزب ومنظماته النقابية خارج البرلمان. وينبغي أن يستخدم الحزب النواب الشيوعيين الموجودين تحت رقابة اللجنة لمركزية للحزب وقيادتها، والمستشارين الشيوعيين في البلديات العمومية وبلديات المناطق الإدارية الموجودين تحت رقابة الفروع والاتحادات وقيادتها، كوكلاء تحريض دعاوة، انسجاماً مع موضوعات المؤتمر الثاني للأممية الشيوعية.

خمسة عشر ـ ينبغي للحزب كي يرتفع إلى مستوى المهام التي رسمها برنامجه والمؤتمرات الوطنية والعالمية، ولكي يكون أهلاً لتحقيقها، أن يحسن تنظيمه ويعززه اقتداء بالأحزاب الشيوعية الكبرى في البلدان الأخرى وبقواعد الأممية الشيوعية. وتلزمه مركزية صارمة، وانضباط حديدي، وخضوع وثيق من جانب كل عضو في الحزب وكل هيئة إلى الهيئة الأعلى. وهناك ضرورة أيضاً لتطوير التثقيف الماركسي للمناضلين عبر مضاعفة الدروس النظرية بشكل منظم في الفروع وفتح مدارس حزبية، على أن تكون هذه الدروس وهذه المدارس تحت قيادة لجنة مركزية للجنة القيادية.

قرار حول المسألة الإيطالية

لقد سبق واهتم المؤتمران الثاني والثالث بالمسألة الإيطالية بالتفصيل. فالمؤتمر الرابع قادر إذاً على استخلاص بعض الاستنتاجات.
كان الوضع في ايطاليا، نحو نهاية الحرب الامبريالية العالمية، ثورياً موضوعياً. فقد كانت البرجوازية تخلت عن زمام السلطة، وكان جهاز الدولة البرجوازية معطلاً، والقلق قد استولى على الطبقة المسيطرة. وكانت الجماهير العمالية تعبة من الحرب، وفي مناطق مختلفة كانت حتى في حالة انتفاضة. وأجزاء هامة من طبقة الفلاحين بدأت بالنهوض ضد الملاكين العقاريين وضد الدولة وأبدت استعدادها لدعم الطبقة العاملة في نضالها الثوري. وكان الجنود ضد الحرب ومستعدين للتآخي مع العمال.
إن الظروف الموضوعية لثورة ظافرة كانت محققة. ولم يكن مفتقداً إلا العامل الذاتي؛ كان ينقص حزب عمالي حازم، جاهز للمعركة، واع لقوته، وثوري، وبكلمة واحدة حزب شيوعي حقيقي.
وبشكل عام، وبنهاية الحرب، وجد وضع مماثل في جميع البلدان التي شاركت بالحرب. وإذا لم تنتصر الطبقة العاملة عامي 1919 ـ 1920 في البلدان الأكثر أهمية، فهذا عائداً تحديداً لغياب حزب عمالي ثوري. وهذا ما ظهر أكثر بشكل خاص في إيطاليا، البلد الذي كان أقرب إلى الثورة والذي يمر حالياً بمرحلة ثورة مضادة.
لقد شكل احتلال المصانع من قبل العمال الإيطاليين، في خريف 1920، لحظة حاسمة في تطور الصراع الطبقي في إيطاليا. كان العمال الإيطاليون، يدفعون غريزياً باتجاه حل الأزمة حلاً ثورياً. ولكن غياب الحزب العمالي الثوري قرر مصير الطبقة العاملة، وكرس هزيمتها وأعد لانتصار الفاشية الحالي. ولم تستطع الطبقة العاملة أن تجد قوى كافية، في ذروة حركتها، للاستيلاء على السلطة؛ ولهذا نجحت البرجوازية سريعاً بشخص الفاشية، جناحها الأكثر نشاطاً، بطرح الطبقة العاملة أرضاً وبإقامة دكتاتوريتها. ولم يقدم البرهان على عظمة الدور التاريخي للحزب الشيوعي من أجل الثورة العالمية في أي مكان بشكل أكثر وضوحاً مما في هذا البلد. حيث بغياب هكذا حزب، اتخذ مسار الأحداث مجرى ملائماً للبرجوازية.
هذا لا يعني أنه لم يوجد في إيطاليا، خلال هذه السنوات الحاسمة، حزب عمالي. فالحزب الاشتراكي القديم كان هاماً بعدد أعضائه، ويتمتع، خارجياً على الأقل، بتأثير كبير. ولكنه كان يؤوي بداخله عناصر إصلاحية تشله في كل خطوة. وعلى الرغم من الانشقاق الأول الذي وقع عام 1912 (طرد أقصى اليمين) وفي عام 1914 (طرد الماسونيين) بقي في الحزب الاشتراكي الإيطالي في عامي 1919 ـ 1920، عدد كبير من الإصلاحيين والوسطيين. وفي جميع اللحظات الحاسمة كان الإصلاحيون والوسطيون مثل كرة حديدية في قدمي الحزب. ولم يكونوا في أي مكان سوى عملاء للبرجوازية في معسكر الطبقة العاملة.
ولم يعدموا أي وسيلة لخيانة الطبقة العاملة لصالح البرجوازية. وخيانات مماثلة لتلك التي ارتكبت من قبل الإصلاحيين خلال احتلال المصانع عام 1920 نصادفها مراراً في تاريخ الإصلاحية، الذي ليس سوى سلسلة متواصلة من الخيانات. إن العذابات المخيفة للطبقة العاملة الإيطالية عائدة بالدرجة الأولى إلى خيانات الإصلاحيين.
وإذا كانت الطبقة العاملة الإيطالية مجبرة في هذه اللحظة على معاودة طريق صعب اجتيازه بشكل مخيف، ومن البداية، فذلك لأنه جرى التسامح مع الإصلاحيين لفترة طويلة في الحزب الإيطالي.
حدثت في بداية 1921 القطيعة بين أغلبية الحزب الاشتراكي والأممية الشيوعية. وفي ليفورن، فضل الوسط الانفصال عن الأممية الشيوعية وعن 58.000 شيوعي إيطالي، لكي لا يقطع ببساطة مع 16.000 إصلاحي. وتشكل حزبان: من جهة الحزب الشيوعي الشاب الذي على الرغم من كل شجاعته ومن كل إخلاصه، كان أضعف جداً من أن يقود الطبقة العاملة إلى النصر، ومن جهة ثانية، الحزب الاشتراكي القديم الذي تنامى فيه، بعد ليفورن، التأثير المفسد للإصلاحيين. لقد كانت الطبقة العاملة منقسمة ودون موارد. وبمساعدة الإصلاحيين وطدت البرجوازية مواقعها. وعندها فقط بدأت هجمة رأس المال في المجالين الاقتصادي والسياسي. وكان يلزم تقريباً عامان كاملان من الخيانات المتواصلة من جانب الإصلاحيين، لكي يعترف حتى القادة الوسطيون، تحت ضغط الجماهير، بأخطائهم ويعلنوا استعدادهم لتحمل نتائجها.

ولم يُطرد الإصلاحيون من الحزب الاشتراكي إلا في مؤتمر روما، في تشرين الأول / أكتوبر 1922. وكنا قد وصلنا إلى الوضع الذي كان بإمكان القادة الإصلاحيين فيه أن يتباهوا علناً بأنهم نجحوا في تخريب الثورة ببقائهم في الحزب الاشتراكي وبشلهم عمله في الساعات الحاسمة. لقد ترك الإصلاحيون الآن صفوف الحزب الاشتراكي الإيطالي وانتقلوا علناً إلى معسكر البرجوازية. وتركوا مع ذلك شعوراً بالضعف وبالمهانة وبخيبة الأمل لدى الجماهير وأضعفوا الحزب الاشتراكي بشكل كبير، عددياً وسياسياً.

ينبغي أن يفيد هذا الدرس المحزن، البناء جداً، للأحداث في إيطاليا جميع العمال الواعين في العالم أجمع.

1) الإصلاحية: تلك هي العدو.

2) إن تردد الوسطيين يشكل خطراً قاتلاً لأي حزب عمالي.

3) إن الشرط الأكثر أهمية لانتصار البروليتاريا، هو وجود حزب شيوعي واعٍ ومتماسك.

هذه هي دروس المأساة الإيطالية.

* * *

بالنظر إلى القرار الذي طرد بموجبه مؤتمر الحزب الاشتراكي الإيطالي في روما (تشرين الأول / أكتوبر 1922) الإصلاحيين من الحزب وأعلن استعداده للانتساب دون تحفظ إلى الأممية الشيوعية، يقرر المؤتمر الرابع للأممية الشيوعية:

1 ـ إن الوضع العام في إيطاليا، خاصة بعد انتصار الرجعية الفاشية، يفترض اندماجاً لجميع القوى الثورية للبروليتاريا. وسيستعيد العمال الإيطاليون الشجاعة إذا رأوا أن تركزاً جديداً لكل القوى الثورية يحدث بعد الهزائم والانشقاقات.

2 ـ توجه الأممية الشيوعية إلى البروليتاريا الإيطالية، التي عانت معاناة شديدة، تحياتها الأخوية. وهي مقتنعة كلياً بإخلاص العناصر البروليتارية في الحزب الاشتراكي الإيطالي، وتقرر قبول هذا الحزب في الأممية الشيوعية.

3 ـ يعتبر المؤتمر العالمي الرابع أن تنفيذ الشروط الأحد والعشرين أمر لا نقاش فيه. ويكلف التنفيذية في الأممية الشيوعية إذاً بسبب السوابق الإيطالية، بالسهر على تطبيق هذه الشروط مع كل النتائج المتأتية عنها، بعناية خاصة.

4 ـ ونظراً لأن النائب فيلا أعلن في مؤتمر الحزب في روما عدم القبول بالشروط الأحد والعشرين، فإن المؤتمر الرابع يرى استحالة قبول فيلا وأنصاره في الأممية الشيوعية، ويدعو اللجنة القيادية للحزب الاشتراكي الإيطالي إلى طرد فيلا وأنصاره من الحزب.

5 ـ حيث أنه بمقتضى الأنظمة الداخلية للأممية الشيوعية، لا يمكن أن يكون هناك أكثر من فرع للأممية الشيوعية في بلد واحد، فإن المؤتمر العالمي الرابع يقرر الاندماج الفوري للحزب الشيوعي والحزب الاشتراكي الإيطالي. ويحمل الحزب الموحد اسم «الحزب الشيوعي الموحد في إيطاليا (فرع الأممية الشيوعية)».

6 ـ ومن أجل التحقيق العلمي لهذا الاندماج يعين المؤتمر الرابع لجنة تنظيمية خاصة، مؤلفة من عضوين عن كل حزب، لجنة تعمل برئاسة عضو من التنفيذية.

وانتخب إلى هذه اللجنة التنظيمية: الرفيقان بورديغا وتاسكا عن الحزب الشيوعي، وسيراتي ومافي عن الحزب الاشتراكي، وزينوفييف عن التنفيذية (مع حق التنفيذية باستبدال زينوفييف عند الحاجة بعضو آخر من التنفيذية، كما الأعضاء الأربعة الآخرين في اللجنة). وينبغي أن تصوغ هذه اللجنة، من الآن وفي موسكو، الشروط المفصلة للاندماج في إيطاليا. وهي خاضعة في عملها بأكمله إلى التنفيذية.

7 ـ في مختلف المناطق والمدن الكبرى، تشكل لجان تنظيمية مماثلة أيضاً، وتتألف كل منها من عضوين عن الحزب الشيوعي (واحد من الأكثرية، وواحد من الأقلية) وعضوين عن الحزب الاشتراكي (واحد عن الماكسماليين وواحد عن الأمميين الثالثيين) ويسمي ممثل التنفيذية رئيس هذه اللجان.

8 ـ تكون مهمة هذه اللجان التنظيمية ليس فقط الإعداد للاندماج العضوي بين الحزبين في المركز والأطراف بل أيضاً قيادة تحركاتهما السياسية المشتركة من الآن وصاعداً.

9 ـ تضاف إلى ذلك لجنة نقابية تشكل فوراً وتكون مهمتها فضح خيانة رجال أمستردام وكسب أغلبية المنظمة إلى الأممية النقابية الحمراء، وذلك في اتحاد لافورو (CONFERAZIONE DEL LAVORO). وتكون هذه اللجنة مؤلفة من ممثلين عن كل حزب أيضاً (واحد من الأغلبية في الحزب الشيوعي، وواحد من الأقلية؛ واحد من الماكسيماليين وواحد من الأميين الثالثيين، برئاسة رفيق تعينه التنفيذية في الأممية الشيوعية أو مجلسها الرئاسي.

10 ـ في المدن حيث توجد جريدة شيوعية أو جريدة اشتراكية ينبغي أن تدمجا في أول كانون الثاني / يناير 1923 على أبعد تعديل. ينبغي في أول كانون الثاني / يناير 1923 أن تبدأ جريدة مركزية مشتركة بالصدور. وتعين اللجنة التنفيذية هيئة تحرير هذه الجريدة المركزية، في العام القادم.

11 ـ ينبغي أن يعقد المؤتمر الاندماجي في 15 شباط / فبراير 1923 على أبعد تعديل. وإذا كان هناك ضرورة لعقد مؤتمرات خاصة للحزبين قبل هذا المؤتمر المشترك فإن التنفيذية هي التي تقرر التاريخ والمكان وشروط هذه المؤتمرات.

12 ـ يقرر المؤتمر إصدار بيان حول مسألة الاندماج، بيان ينبغي أن ينشر فوراً بتوقيع المجلس الرئاسي ومندوبين عن الحزبين إلى المؤتمر الرابع.

13 ـ يذكِّر المؤتمر جميع الرفاق الإيطاليين بضرورة الانضباط الأكثر صرامة. وعلى جميع الرفاق دون استثناء أن يقوموا بكل ما في وسعهم من أجل أن يتم هذا الاندماج دون إعاقة وبأقرب وقت. وكل خطأ بحق الانضباط يشكل في الظرف الحالي جريمة بحق البروليتاريا الإيطالية والأممية الشيوعية.


_____________

– الإشراف العام على التدقيق والمراجعة والتصحيح والتنضيد الإلكتروني منيف ملحم
– مراجعة فيكتوريوس بيان شمس بالتعاون مع صفحة التراث الأممي الثوري
– نقله إلى العربية لينا عاصي
– راجع الترجمة ودقّقها كميل قيصر داغر

لمراجعة الفصل السابق يرجى الدخول من خلال الرابط أدناه:

(28) المؤتمرات العالمية الأربعة الأولى للأمميـــــــــــة الشيوعيــــــــــــــة

Check out our other content

Check out other tags:

Most Popular Articles