الأثنين يوليو 22, 2024
الإثنين, يوليو 22, 2024

(27) المؤتمرات العالمية الأربعة الأولى للأمميـــــــــــة الشيوعيــــــــــــــة

النظرية الماركسية(27) المؤتمرات العالمية الأربعة الأولى للأمميـــــــــــة الشيوعيــــــــــــــة

قرارات حول المساندة البروليتارية

 لروسيا السوفياتية

أولاً ـ إن العمال في جميع البلدان، بصرف النظر عن الآراء السياسية أو النقابية، مهتمون بالحفاظ على روسيا السوفياتية وبتوطيدها. وفضلاً عن الشعور بتضامن بروليتاري عميق الجذور، فإن الوعي لهذه المصلحة قبل كل شيء جعل الأحزاب والمنظمات العمالية تصمم على دعم العمل لنجدة الجائعين في روسيا، وملايين الشغيلة في جميع البلدان يقررون تقديم أكبر التضحيات بحماس. وبفضل الدعم المقدّم عبر عمل النجدة البروليتارية، الذي بات العمل الأقوى وأكثر استمراراً بين أعمال التضامن الأممية منذ وجود الحركة العمالية، استطاعت روسيا أن تجتاز أحلك أيام المجاعة وتتغلب على الكارثة.

ولكن، سابقاً، وخلال حملة المساندة للجائعين اعترفت المنظمات العمالية الكبرى التي شاركت بهذا العمل بأنه لا يمكن الاكتفاء بتقديم العون الغذائي لروسيا السوفياتية. إن الحرب الاقتصادية للدول والمجموعات الامبريالية ضد روسيا السوفياتية مستمرة دون كلل. والحصار الاقتصادي بات على شكل رفض الإقراض، وفي كل مرة تدخل المجموعات الرأسمالية في علاقات أعمال مع روسيا السوفياتية، يكون ذلك فقط بهدف ضمان أرباح هائلة واستغلال روسيا.

وفي كل نزاعات روسيا السوفياتية مع الامبرياليين، من واجب شغيلة جميع البلدان أن يدعموا روسيا؛ كذلك في الحرب الاقتصادية التي يخوضها الامبرياليون ضدها، ينبغي أن يدعموها بكل الوسائل العملية بما فيها المعونات الاقتصادية.

ثانياً – إن أفضل دعم لروسيا في الحركة الاقتصادية هو النضال السياسي الثوري للعمال الذين ينبغي أن يمارسوا ضغطاً قوياً على حكوماتهم الخاصة لإجبارها على الاعتراف بالحكومة السوفياتية والشروع بإعادة العلاقات التجارية مع روسيا. ونظراً للأهمية الكبرى لوجود روسيا السوفياتية بالنسبة للشغيلة، يجب أن تقوم البروليتاريا العالمية جنباً إلى جنب مع العمل السياسي بتعبئة أقصى الموارد الاقتصادية من أجل دعم روسيا السوفياتية.

إن كل مصنع وكل شركة تعيد تسييرها روسيا السوفياتية دون اعتماد رأسمالي، وبدعم العمال وحدهم، يشكل عوناً فعالاً جداً في النضال ضد سياسية النهب الامبريالية، وكل تعزيز لروسيا السوفياتية، أول دولة عمالية في العالم، يعزز البروليتاريا العالمية في نضالها ضد عدوها الطبقي، البرجوازي.

يعلن المؤتمر الرابع للأممية الشيوعية، إذن، إنه من واجب جميع الأحزاب والمنظمات العمالية، وبالدرجة الأولى المنظمات الشيوعية أن تدعم مباشرة وبشكل نشط عمل الدعم الاقتصادي الذي طورته أوسع الجماهير من أجل إعادة البناء الاقتصادي لروسيا السوفياتية.

ثالثا ـ تكمن المهمة الأكثر أهمية المتمثلة بالمعونة الاقتصادية البروليتارية في تقديم موارد لروسيا لشراء الآلات والمواد الأولية والأدوات، إلخ… وينبغي النظر أيضاً في مشاركة المجموعات والأحزاب والنقابات والتعاونيات والجمعيات العمالية في القرض العمالي لصالح روسيا السوفياتية. وتستطيع المنظمات العمالية والشغيلة في العالم أجمع، عبر المشاركة في الأقراض، أن تعبر عن تضامنها مع أول جمهورية عمالية وفلاحية.

إن الدعاوة لصالح الإقراض تقدم فرصة لتطوير أفضل تحريض من أجل روسيا السوفياتية، لذلك ينبغي أن تخاض باتصال وثيق مع الفروع في بلدان مختلفة.

إن مسألة الدعم الاقتصادي لروسيا السوفياتية باعتبارها مسألة ذات أهمية عامة بالنسبة لكل البروليتاريا، تقتضي خلق لجان مماثلة للجان الدعم العمالي لجائعي روسيا، أو جمعيات خاصة أخرى، مشكلة من مندوبين من مختلف المنظمات العمالية، من أجل تنظيم هذا العمل وقيادته. إن هذه اللجان أو الجمعيات التي ستكون مهمتها إثارة اهتمام أوسع الجماهير العمالية وجذبها لعمل العدم الاقتصادي سوف تكون تحت رقابة الأممية الشيوعية.

رابعاً ـ سوف يحدد تخصيص الموارد التي تمنحها اللجان والجمعيات باتصال وثيق مع المؤسسات الاقتصادية الخاصة بالدولة أو المنظمات العمالية الروسية.

خامساً ـ في الوضع الاقتصادي الحالي، لا تشكل الهجرة الواسعة للعمال الأجانب دعماً، بل على العكس عائقاً أمام إعادة البناء الاقتصادي، ولا يجب أن تتم بأي حال من الأحوال. وروسيا تكتفي بقبول العمال المتخصصين من مهن ضرورية بصورة مطلقة، والذين لا يمكن استبدالهم بعمال البلد ولكن في هذه الحالة، لا ينبغي أن تتم الهجرة إلا برضاء وموافقة من جانب النقابات الروسية.

سادساً ـ ينبغي أن تكون المعونة الاقتصادية البروليتارية جهداً باتجاه تركيز التضامن العمالي الأممي لصالح أول دولة بروليتارية في العالم، وأن تعطي نتائج اقتصادية ملموسة. 

سابعاً ـ انسجاماً مع مبادئ التعاون والاقتصاد الاشتراكيين، سوف يجري استخدام الفائض المحتمل للموارد من أجل توسيع مجال عمل المعونة الاقتصادية حصراً.



قرار حول مساعدة ضحايا

القمع الرأسمالي

إن نتاج الهجمة الرأسمالية في جميع البلدان البرجوازية هو زيادة عدد الشيوعيين والعمال غير الحزبيين المناضلين ضد الرأسمالية والذين يتعذبون في الزنزانات.

يطلب المؤتمر الرابع من جميع الأحزاب الشيوعية إنشاء منظمة يكون هدفها مساعدة جميع المحتجزين في سجون الرأسمالية مادياً ومعنوياً، وحيي مبادرة البلاشفة القدامى الروس الذين بدأوا بإنشاء جمعية أممية لمنظمات الدعم هذه.


قرار حول إعادة تنظيم التنفيذية 

ونشاطها المستقبلي

المؤتمر العالمي

يعقد المؤتمر العالمي كالعادة كل عام. وتحدد التنفيذية الموسعة موعده. وينبغي أن ترسل الفروع المنتسبة مندوبين، تحدد أيضاً التنفيذية عددهم، وتتحمل الأحزاب النفقات. ويحدد كل مؤتمر عدد الأصوات التي يملكها كل فرع، تبعاً لعدد أعضاء الحزب والوضع السياسي في البلدان المعنية. كما أن التفويضات الملزمة غير مقبولة وتنقض مسبقاً، كون هذه الممارسة معاكسة لروح حزب عالمي بروليتاري أممي وممركز.

التنفيذية

التنفيذية ينتجها المؤتمر. وتتألف من الرئيس و24 عضواً و10 احتياطيين كما ينبغي أن يسكن 15 عضواً على الأقل من التنفيذية بشكل دائم في موسكو.

التنفيذية الموسعة

كقاعدة عامة، تعقد دورة موسعة للتنفيذية كل أربعة أشهر وهذه الدورة مؤلفة على الشكل التالي:

1 ـ 25 عضواً من التنفيذية.

2 ـ ثلاثة ممثلين آخرين عن الأحزاب التالية: ألمانيا، فرنسا، روسيا، تشيكوسلوفاكيا، إيطاليا، أممية الشبيبة والأممية النقابية الحمراء.

3 ـ ممثلين آخرين عن كل من إنجلترا وبولندا وأميركا وبلغاريا والنرويج.

4 ـ بالإضافة إلى ذلك، ممثل عن كل من الفروع الأخرى التي لها حق التصويت.

إن المجلس الرئاسي مجبر على وضع كل المسائل الكبرى الأساسية التي تحتمل مهلة أمام دورة التنفيذية الموسعة. والدورة الأولى للتنفيذية الموسعة تعقد مباشرة بعد المؤتمر العالمي.

المجلس الرئاسي (البريزيديوم)

تنتخب التنفيذية الموسعة، خلال دورتها الأولى، مجلساً رئاسياً يكون من بين أعضائه ممثل عن الشبيبة وممثل عن الأممية النقابية الحمراء بصوت استشاري، وتشكل الفروع التالية:

1 ـ فرعاً مشرقياً ينبغي أن تهتم التنفيذية اهتماماً خاصاً بأعماله في السنة القادمة. ويكون رئيسه عضواً في المجلس الرئاسي. ويخضع في عمله السياسي لهذا المجلس ويسوي هذا الأخير علاقات الفرع بالفرع التنظيمي.

2 ـ فرعاً تنظيمياً يكون فيه على الأقل عضوان من أعضاء المجلس الرئاسي ويخضع للمجلس الرئاسي.

3 ـ فرعاً للتحريض والدعاوة يقوده عضو من التنفيذية وهو أيضاً خاضع مباشرة للمجلس الرئاسي.

4 ـ فرع إحصاء ومعلومات خاضعاً للفرع التنظيمي.

ويحق للتنفيذية إقامة فروع أخرى.

تقسيم العمل في التنفيذية

ينبغي أن يكون هناك تقسيم واضح للعمل بين أعضاء التنفيذية كما بين أعضاء المجلس الرئاسي. ويقوم بإعداد عمل كل فرع مقررون مسؤولون يعيّنهم المجلس الرئاسي، واحداً عن كل بلد من البلدان الأكثر أهمية. وكقاعدة عامة يجب أن يكون هذا المقرر عضواً في التنفيذية، وحتى إذا أمكن في المجلس الرئاسي. والمقررون الذين لا يشكلون جزءاً من التنفيذية أو المجلس الرئاسي يعملون تحت رقابة أحد أعضاء المجلس الرئاسي.

ينشئ المجلس الرئاسي أمانة عامة يقودها أمين عام، وتقدم التنفيذية عضوين احتياطيين. لكن هذه الأمانة ليس لها مهام سياسية مستقلة؛ بل هي هيئة تنفيذية للمجلس الرئاسي.

تكلف التنفيذية بالعمل في جميع الأحزاب من أجل تقسيم مماثل للعمل في كل بلد، مع أخذ الأوضاع المتنوعة بالاعتبار.

مندوبو التنفيذية ـ في حالات خاصة، ترسل التنفيذية إلى هذا البلد أو ذاك مندوبين مختارين من بين الرفاق الأكثر كفاءة من مختلف الفروع. وينبغي أن تمنح التنفيذية هؤلاء الممثلين سلطات واسعة، فضلاً عن توجيهات خاصة تحدد مهمات هؤلاء المندوبين، وحقوقهم والتزاماتهم مثلما تحدد علاقاتهم بالأحزاب المعنية.

تكلف التنفيذية ببذل أقصى جهدها للقيام بمراجعة للتطبيق الحقيقي للشروط الواحد والعشرين ولقرارات العالمية.

يكلف المندوبون بإنجاز هذه المراجعة بأكبر يقظة ممكنة. وعليهم أن يقدموا كشف حساب، مرة كل شهر على الأقل، عن نتائج أعمالهم.

لجنة الرقابة الأممية ـ تبقى لجنة الرقابة الأممية قائمة. وتبقى مهامها التي صاغها المؤتمر العالمي الثالث هي نفسها. ويعين المؤتمر العالمي كل سنة فرعين متجاورين، تنتخب كل من لجنتيهما القياديتين، في داخلها، ثلاثة أعضاء في لجنة الرقابة، وينبغي أن توافق التنفيذية على انتخابهم. ولهذا العام يكلف المؤتمر العالمي الفرعين الألماني والفرنسي بهذه المهمات.

مكتب الإعلام التقني ـ تبقى مكاتب الإعلام التقني قائمة. ومهماتها هي إعطاء معلومات تقنية، وتكون خاضعة للتنفيذية.

«الأممية الشيوعية» ـ إن الأممية الشيوعية هي جريدة التنفيذية، وتنتخب التنفيذية هيئة تحريرها، وهي خاضعة لها.

منشورات التنفيذية ـ يذكر المؤتمر بأن جميع الهيئات الشيوعية ملزمة تماماً، كما هو سارٍ إلى الآن، بطباعة جميع وثائق التنفيذية (النداءات، والرسائل والقرارات، إلخ…) حالما تطلب ذلك التنفيذية.
محاضر الأحزاب الوطنية – ان اللجان القيادية لكل الفروع ملزمة بإيصال محاضر جميع دوراتها دورياً إلى التنفيذية.

التمثيلات المتبادلة ـ من المستحسن أن تقيم الفروع الأكثر أهمية تمثيلاً متبادلاً بين الفروع المتجاورة بهدف الإعلام المتبادل وتنسيق أعمالها. وينبغي أيضاً وضع تقارير عن هذه التمثيلات بتصرف التنفيذية.

المؤتمرات الوطنية للفروع ـ كقاعدة عامة ينبغي أن تعقد الأحزاب كونفرنسات وطنية أو دورات موسعة لهيئتها التنفيذية قبل المؤتمر العالمي من أجل الإعداد للمؤتمر العالمي وانتخاب مندوبين. وتعقد المؤتمرات الوطنية للفروع بعد المؤتمر العالمي كما أن الاستثناءات غير مقبولة إلا بموافقة التنفيذية.

على هذه الشاكلة تصان مصالح الفروع المختلفة بأفضل ما يمكن، وتستمر إمكانية تقويم تجربة الحركة الأممية بأكملها «من أسفل إلى أعلى».

وبهذه الطريقة، تعطى للأممية الشيوعية أيضاً، كحزب عالمي وممركز، إمكانية توزيع التوجيهات الناتجة عن التجربة الشاملة للأممية، إلى مختلف الأحزاب «من أعلى إلى أسفل» عن طريق المركزية الديمقراطية.

الاستقالات ـ يدين المؤتمر بالشكل الأكثر وضوحاً حالات الاستقالة التي يقوم بها رفاق من مختلف اللجان القيادية ومجموعات كامل من أعضائها. إن المؤتمر يعتبر هذه الاستقالات كعمل يثير الفوضى القصوى في الحركة الشيوعية. إن كل موقع قيادي في حزب شيوعي لا يخص حامل التفويض بل الأممية بمجملها.

ويقرر المؤتمر: إن الأعضاء المنتخبين إلى الهيئات المركزية في مختلف الفروع لا يمكنهم أن يتخلوا عن تفويضهم إلا بموافقة التنفيذية. إن الاستقالات المقبولة من أي لجنة قيادية دون تصويت التنفيذية هي لاغية ومردودة.

العمل غير الشرعي ـ بمقتضى قرار المؤتمر الذي يشير إلى أن عدداً من الأحزاب الهامة جداً تدخل على الأرجح في مرحلة من اللاشرعية، فإن المجلس الرئاسي مكلف بتكريس نفسه، بأوسع قدر ممكن، لإعداد هذه الأحزاب بهدف العمل غير الشرعي. ومباشرة، بعد نهاية المؤتمر، على المجلس الرئاسي أن يبدأ مفاوضات مع جميع الأحزاب المعنية.

الأمانة العالمية للنساء ـ تبقى الأمانة العالمية للنساء قائمة كما في السابق. وتسمي التنفيذية أمينة للنساء، وبالتوافق معها، تتخذ كل الإجراءات التنظيمية الضرورية.

التمثيل في تنفيذية الشبيبة ـ يكلف المؤتمر التنفيذية بإقامة تمثيل منتظم للأممية الشيوعية في أممية الشبيبة، ويعتبر المؤتمر أن هذا التمثيل هو من الأعمال الأكثر أهمية للتنفيذية من أجل حفز عمل حركة الشبيبة.

العلاقة مع الأممية النقابية الحمراء ـ يكلف المؤتمر التنفيذية بصيانة أشكال العلاقة المتبادلة بين الأممية الشيوعية والبروفينترن، وذلك بالاتفاق مع القيادة المركزية للبروفينترن. ويعلن المؤتمر أن المرحلة الحالية والنضالات الاقتصادية مرتبطة ارتباطاً وثيقاً أكثر مما في أي وقت مضى بالنضالات السياسية، وتفترض إذاً تعاوناً وثيقاً بشكل مميز بين قوى جميع المنظمات الثورية للطبقة العاملة.

مراجعة الأنظمة الداخلية ـ يصادق المؤتمر على الأنظمة الداخلية التي أقرها المؤتمر الثاني ويكلف التنفيذية بصياغة هذه الأنظمة من جديد واستكمالها على قاعدة القرارات الجديدة. وينبغي القيام بهذا العمل بالوقت الملائم، ويجب أن يخضع لحكم جميع الأحزاب، ويتم التصديق عليه نهائياً من قبل المؤتمر العالمي الخامس.



قرار حول المسألة الفرنسية

أزمة الحزب دور التكتلات

يسجل المؤتمر الرابع للأممية الشيوعية أن تطور حزبنا الفرنسي من الاشتراكية الفرنسية وصولاً إلى الشيوعية الثورية يتم ببطء شديد هو أبعد من أن يفسر بالشروط الموضوعية فقط، وبالتقاليد، وبالسيكولوجيا الوطنية للطبقة العاملة، إلخ… ولكنه عائد قبل كل شيء إلى مقاومة مباشرة وفي بعض الأحيان عنيدة بشكل استثنائي من قبل العناصر غير الشيوعية التي لا زالت قوية جداً في قمم الحزب، وبشكل خاص في تكتل الوسط الذي حاز، منذ تور (TOURS)، على نصيب الأسد في قيادة الحزب.

إن السبب الأساسي للأزمة الحادة التي يمر بها حالياً الحزب يوجد في سياسة الانتظار، الملتبسة والمترددة، والعناصر القيادية الوسطية التي أمام المتطلبات المحلية لتنظيم الحزب تحاول كسب الوقت، مغطّية بذلك سياسة تخريب مباشر في المسائل النقابية، والجبهة الواحدة والتنظيم الحزبي ومسائل أخرى. إن الوقت الذي كسبته العناصر القيادية الوسطية بذلك قد تمت خسارته على صعيد التطور الثوري للبروليتاريا الفرنسية.

إن المؤتمر يلزم اللجنة التنفيذية بإيلاء انتباهها كاملاً للحياة الداخلية للحزب الشيوعي الفرنسي كي تتمكن، بالاعتماد على الأكثرية البروليتارية والثورية الأكيدة، من تحريره من نفوذ العناصر التي ولدت الأزمة والتي لا تتوقف عن مفاقمتها.

ويرفض المؤتمر حتى فكرة الانشقاق، التي لا يوحي بها أبداً وضع الحزب. فالأغلبية العظمى من أعضائه مخلصة بجدية وعمق للقضية الشيوعية ووحده غياب الوضوح المستمر في العقيدة والوعي الحزبي هو الذي سمح لهذه العناصر المحافظة، والوسطية وشبه الوسطية بأن تسبب بلبلة بهذه الحدة وتولد تكتلات. إن جهداً حازماً وثابتاً من أجل توضيح جوهر المسائل موضوع الخلاف أمام الحزب، سيجمع، على أرضية قرارات المؤتمر الحالي، الأغلبية الساحقة من أعضاء الحزب وقبل كل شيء قاعدته البروليتارية. وفي ما يتعلق بالعناصر التي تنتسب إلى الحزب، لكنها مرتبطة في الوقت نفسه على صعيد كل طبيعة فكرها وحياتها بعادات المجتمع البرجوازي وتقاليده، وغير قادرة على فهم السياسة البروليتارية الحقيقية أو على الخضوع للانضباط الثوري، فإن نبذها التدريجي من الحزب، هو الشرط الضروري لتطهيره وتماسكه وقدرته على العمل.

إن الطليعة الشيوعية للطبقة العاملة بحاجة بشكل طبيعي لمثقفين يحملون إلى منظمتهم معارفهم النظرية، ومواهبهم كمحرضين أو كتاب، لكن بشرط أن تقطع هذه العناصر بشكل مطلق ودون رجعة مع تقاليد الوسط البرجوازي وعاداته هذه، وتحرق وراءها كل الجسور التي تربطها بالمعسكر الذي خرجت منه، وتخضع للانضباط مثل المناضلين العاديين. إن المثقفين، العديدين جداً في فرنسا، الذين يدخلون إلى الحزب كهواة أو كوصوليين، لا يسببون له ضرراً كبيراً فحسب، بل يشوهون سمعته أمام الجماهير البروليتارية ويمنعونه من كسب ثقة الطبقة العاملة.

يجب تطهير الحزب دون شفقة من هكذا عناصر وإغلاق أبوابه أمامها مهما كان الثمن. إن أفضل وسيلة لذلك هي القيام بمراجعة عامة للناشطين في الحزب عن طريق لجنة خاصة مؤلفة من عمال لا يرقى إليهم الشك لناحية الأخلاق الشيوعية.

يسجل المؤتمر أن المحاولة التي قامت بها اللجنة التنفيذية من أجل تخفيف مظاهر الأزمة في المجال التنظيمي عبر تشكيل الأجهزة القيادية على قاعدة تعادلية التمثيل بين التكتلين الأساسيين الوسطي واليساري قد جعلها الوسط، غير مجدية، تحت التأثير الأكيد لعناصره الأكثر محافظة، والتي تحرز غلبة حتمية في هذا التكتل في كل مرة تعارض فيها اليسار.

يرى المؤتمر ضرورة أن يُشرح لكل أعضاء الحزب الشيوعي الفرنسي أن جهود اللجنة التنفيذية المتجهة للوصول إلى اتفاق مسبق بين التكتلات الرئيسية كان هدفها تسهيل أعمال مؤتمر باريس وأنها لا تشكل، بأي حال من الأحوال، طعناً لحقوق المؤتمر كجهاز أعلى للحزب الشيوعي الفرنسي.

يرى المؤتمر ضرورة توضيح أنه، مهما كانت أخطاء اليسار الخاصة، فإنه بذل جهده، بشكل خاص، خلال مؤتمر باريس وقبله، لتنفيذ سياسية الأممية الشيوعية، وأنه احتل بمواجهة الوسط ومجموعة رينولت، في المسائل الرئيسية للحركة الثورية، كمسألة الجبهة الواحدة والمسألة النقابية، الموقع الصحيح.

يدعو المؤتمر بإلحاح كل العناصر الثورية والبروليتارية حقاً والتي تشكل دون شك أغلبية داخل الوسط، أن تضع حداً لمعارضة العناصر المحافظة وتتحد مع اليسار في عمل مشترك. إن الملاحظة نفسها توجه إلى التكتل الذي يحل من حيث عدد أعضائه ثالثاً والذي يخوض الحملة الأكثر حيوية، والخاطئة بشكل بيّن ضد سياسة الجبهة الواحدة.

أقصى اليسار

إن اتحاد السين، عبر تصفيته للطابع الفيدرالي لمنظمته، رفض بذلك بالذات الموقف الخاطئ بشكل بيّن للجناح المسمى بأقصى اليسار. إلا أن هذا الأخير اعتقد بشخص الرفيقين هين ولا فيرني، إنه استطاع إعطاء المواطن دلبلانك تفويضاً يلتزم بمقتضاه المواطن دلبلانك بالامتناع عن التصويت على كل المسائل وبعدم التعهد بأي شيء. إن هذه الطريقة في التصرف من جانب الممثلين الذين عينهم أقصى اليسار، تشهد على عدم فهمهم الكامل لمعنى الأممية الشيوعية ولجوهرها.

إن مبادئ المركزية الديمقراطية التي تشكل قاعدة منظماتنا، تحرم بشكل جذري إمكانية التفويض الملزم، سواء تعلق الأمر بالمؤتمرات الفدرالية، أو الوطنية أو العالمية. لا معنى لمؤتمرات إلا بالقدر الذي تصاغ فيه القرارات الجماعية للمنظمات ـ المحلية أو الوطنية أو العالمية ـ بعد التفحص الحر من جانب كل المندوبين وبقرار منهم. وبديهي بشكل كامل أن النقاشات وتبادل الآراء والحجج لكل واحد في مؤتمر ما سوف تفقد معناها إذا كان المندوبون مرتبطين مسبقاً بتفويضات ملزمة.

لقد تفاقم خرق المبادئ الأساسية لمنظمة الأممية في هذه الحالة عبر رفض هذه المجموعة الالتزام بأي شيء إزاء الأممية، كما لو أن مجرد الانتماء إلى الأممية لا يفرض على كل أعضائها التزامات مطلقة لناحية الانضباط ووضع كل القرارات المتخذة موضع التنفيذ.

يدعو المؤتمر اللجنة القيادية لفرعنا الفرنسي إلى دراسة هذا الحادث بأكمله على الأرض وإلى استخلاص جميع الاستنتاجات التنظيمية والسياسية الناتجة عنه.

المسألة النقابية

إن القرارات التي اتخذها المؤتمر بصدد المسألة النقابية تتضمن بعض التنازلات الشكلية والتنظيمية المعدة لتسهيل التقارب بين الحزب والمنظمات النقابية أو الجماهير النقابية التي لم تتبنَّ بعد وجهة النظر الشيوعية. ولكن أن يراد تفسير هذه القرارات كإقرار بسياسية الإحجام النقابي عن التصويت التي كانت سائدة في الحزب، والتي ينصح بها العديد من أعضائه اليوم أيضاً، هو تشويه لمعناها بشكل كامل.

إن الاتجاهات الممثلة في هذه المسألة بأرنست لافونت تتعارض، بشكل كامل ولا مجال للتوفيق فيه، مع المهمات الثورية للطبقة العاملة ومفهوم الشيوعية بأكمله. إن الحزب لا يستطيع ولا يريد التعرض للاستقلال الذاتي للنقابات، بل ينبغي أن يفضح أولئك الأعضاء الذين يطالبون بالاستقلال الذاتي بهدف عملهم التخريبي والفوضوي داخل النقابات ومعاقبتهم دون شفقة. وفي هذه المسألة الأساسية، ستكون الأممية أقل تحملاً مما في أي مجال آخر لأي انحراف لاحق عن الطريق الشيوعي، الذي هو وحده الصحيح من وجهة نظر الممارسة العالمية كما من وجهة نظر النظرية.

دروس إضراب الهافر

إن إضراب الهافر هو، بالرغم من طابعه المحلي، شاهد أكيد على النضالية المتنامية للبروليتاريا الفرنسية. وقد ردت الحكومة الرأسمالية على الإضراب باغتيال أربعة عمال، كما لو أنها تستعجل تذكير العمال الفرنسيين بأنه لا يمكنهم الاستيلاء على السلطة وتحطيم العبودية الرأسمالية إلا لقاء النضال الأعظم، وأقصى الوفاء والتفاني وعدد كبير من التضحيات.

وإذا كان رد البروليتاريا الفرنسية على اغتيالات الهافر غير كافٍ كلياً، فإن المسؤولية لا تقع فقط على الخيانة التي أصبحت منذ زمن بعيد قاعدة لدى المنشقين والنقابيين الإصلاحيين، بل أيضاً على طريقة عمل الهيئات القيادية للاتحاد العام الموحد للشغل (C.G.T.U.) وللحزب الشيوعي الخاطئة تماماً. ويرى المؤتمر أنه من الضروري التوقف عند هذه المسألة لأنها تقدم لنا مثالاً صارخاً على الطريقة الخاطئة جذرياً في التعاطي مع مشكلات العمل الثوري.

إن الحزب، بتقسيمه النضال الطبقي للبروليتاريا بشكل غير صحيح مبدئياً إلى ميدانين سُمّيا مستقلين، الاقتصادي والسياسي، برهن هذه المرة أيضاً عن افتقاده لأي مبادرة مستقلة، مكتفياً بدعم الاتحاد العام الموحد للشغل، كما لو أن اغتيال البروليتاريين الأربعة من قبل حكومة رأس المال كان في الواقع فعلا اقتصادياً وليس حدثاً سياسياً ذا أهمية كبرى. وفي ما يتعلق بالاتحاد العام الموحد للشغل، وتحت ضغط النقابة الباريسية للبناء، فقد أعلن غداة اغتيالات الهافر، ذات أحد، إضراباً عاماً للاحتجاج موعده نهار الثلاثاء. ولم يكن لدى عمال فرنسا الوقت، في الكثير من الأماكن، للعلم ليس فقط بالدعوة إلى الإضراب العام، بل حتى بفعل الاغتيال.

في هذه الظروف، كان محكوماً على الإضراب العام بالفشل. وما من شك، هذه المرة أيضاً، بأن الاتحاد العام الموحد للشغل قد كيّف سياسته مع العناصر الفوضوية، الغريبة بشكل عضوي عن فهم العمل الثورية وإعداده، والتي تستبدل النضال الثوري بدعوات ثورية من جانب زمرها، دون الاهتمام بالاستجابة لهذه الدعوات. واستسلم الحزب، من جانبه بصمت أمام المسار الخاطئ حتماً للاتحاد العام الموحد للشغل، بدل أن يحاول بشكل رفاقي ولكن ملح، أن يحصل من هذا الأخير على تأجيل للتظاهرة الإضرابية بهدف تطوير تحريض جماهيري واسع.

كان الواجب الأول، سواء للحزب أو للاتحاد العام الموحد للشغل، أمام الجريمة الدنيئة للبرجوازية الفرنسية، تعبئة ألف من أفضل محرضي الحزب والنقابات في باريس والريف فوراً، من أجل شرح معنى حدث الهافر للعناصر الأكثر تخلفاً في الطبقة العاملة، ومن أجل إعداد الجماهير العمالية للإنتاج والدفاع. وكان الحزب ملزماً، في هكذا حالة بإصدار نداء إلى الطبقة العاملة والفلاحين، بعدة ملايين من النسخ، بمناسبة جريمة الهافر.

وكان ينبغي أن تطرح الجريدة المركزية للحزب يومياً على الإصلاحيين ـ الاشتراكيين والنقابيين السؤال التالي: ما هو شكل النضال الذي تقترحونه للرد على اغتيالات الهافر؛ وكان على الحزب من جانبه، بالاتفاق مع الاتحاد العام الموحد للشغل، أن يطلق فكرة الإضراب العام، دون تحديد التاريخ والمدة مسبقاً، تاركاً تطور التحريض والحركة في البلد يوجهه. وكان هناك ضرورة لمحاولة تشكيل لجان احتجاج مؤقتة في كل مصنع ولكل حي ومدينة ومنطقة، يُدخل الشيوعيون والنقابيون الثوريون فيها، باعتبارهم المبادرين، أعضاء وممثلين عن المنظمات الإصلاحية.

وحدها حملة من هذا النوع، منظمة، ومركزة وشاملة بوسائلها، جادة ولا تكل، يمكنها خلال أسبوع كامل أو أكثر أن تتوج بحركة قوية وضخمة، على شكل إضراب احتجاج كبير، وتظاهر في الشارع، إلخ… إلخ…، إن النتيجة الأكيدة لهكذا حملة كانت زيادة روابط الحزب والاتحاد العام للشغل وسلطتهما ونفوذهما بين الجماهير، والتقريب في ما بينها في العمل الثوري، وأن يقربا منهما الجزء من الطبقة العاملة الذي لا يزال يتبع الإصلاحيين.

إن إضراب أول أيار / مايو 1921 المزعوم، الذي لم تعرف العناصر أن تعده، والذي أفشله الإصلاحيون بشكل مجرم، شكل تحولاً في الحياة الداخلية لفرنسا عبر إضعافه للبروليتاريا وتعزيزه للبرجوازية. وأن «إضراب الاحتجاج العام» في شهر تشرين الأول / أكتوبر 1922 كان، في الواقع، خيانة يمينية مكررة وخطأ جديداً لليسار. إن الأممية تدعو، بالشكل الأكثر نشاطاً، الرفاق الفرنسيين في بعض فروع الحركة البروليتارية التي يشغلونها، لإيلاء أقصى اهتمام لمشاكل التحرك الجماهيري ودراسة شروطه وأساليبه بشكل دقيق، وإخضاع أخطاء منظماتهم، في كل حالة ملموسة، لتحليل نقدي يقظ، وإعداد حتى احتمالات التحرك الجماهيري بالقدر ذاته من الدقة، عبر تحريض واسع وجاد، وتنسيب الشعارات مع استعداد الجماهير للعمل وقدرتها عليه.

يستند القادة الإصلاحيون في أعمالهم الخيانية إلى نصائح الرأي العام البرجوازي بكامله واقتراحاته وتوجيهاته. هذا الرأي العام الذي يرتبطون به بشكل لا تنفصم عراه… إن النقابيين الثوريين، الذين لا يمكنهم إلا أن يكونوا أقلية في المنظمات النقابية، يرتكبون أخطاء أقل إذا ما كرس الحزب بذاته اهتماماً أكبر بقضايا الحركة العمالية، دارساً بدقة ظروفها ووسطها ومقدماً للنقابات، عبر أعضائه، هذه الاقتراحات أو تلك المنسجمة مع الوضع بمجمله.

_____________

– الإشراف العام على التدقيق والمراجعة والتصحيح والتنضيد الإلكتروني منيف ملحم
– مراجعة فيكتوريوس بيان شمس بالتعاون مع صفحة التراث الأممي الثوري
– نقله إلى العربية لينا عاصي
– راجع الترجمة ودقّقها كميل قيصر داغر

لمراجعة الفصل السابق يرجى الدخول من خلال الرابط أدناه:

(26) المؤتمرات العالمية الأربعة الأولى للأمميـــــــــــة الشيوعيــــــــــــــة

Check out our other content

Check out other tags:

Most Popular Articles