الأثنين يوليو 22, 2024
الإثنين, يوليو 22, 2024

(21) المؤتمرات العالمية الأربعة الأولى للأمميـــــــــــة الشيوعيــــــــــــــة

النظرية الماركسية(21) المؤتمرات العالمية الأربعة الأولى للأمميـــــــــــة الشيوعيــــــــــــــة

قرار متعلق بالعلاقات الأممية
بين النساء الشيوعيات
والأمانة النسائية للأممية الشيوعية

(جرى تبنيه في جلسة 12 حزيران / يونيو، بعد تقرير الرفيقة كولونتاي وتعديل الرفيقة زتكين).

يقترح الكونفرنس الثاني الأممي للنساء الشيوعيات على الأحزاب الشيوعية في بلدان الغرب والشرق كافة أن تقوم بانتخاب مراسلات أمميات، عبر الفرع النسائي المركزي، وتبعا لتوجيهات الأممية الثالثة. ودور مراسلة كل حزب شيوعي هو، كما تحدده «التوجيهات»، تبادل تقارير منتظمة مع المراسلات الأممية للبلدان الأخرى ومع الأمانة النسائية الأممية أيضا في موسكو التي تشكل هيئة العمل للجنة التنفيذية للأممية الثالثة. وينبغي أن تمنح الأحزاب الشيوعية المراسلات الأمميات كل الوسائل التقنية وكل إمكانات الاتصال فيما بينها ومع الأمانة في موسكو. وتجتمع المراسلات الأمميات مرة كل ستة أشهر من أجل التقويم وتبادل وجهات النظر مع ممثلات الأمانة النسائية العالمية. مع ذلك، وعند الضرورة، بإمكان هذه الأخيرة أن تجمع هذا الكونفرنس ساعة تشاء.
وتنجز الأمانة النسائية العالمية، بالاتفاق مع التنفيذية والاتصال الوثيق بالمراسلات الأمميات في مختلف البلدان، المهام المحددة في «التوجيهات». وما ينبغي القيام به بشكل خاص هو الإسراع في تطوير الحركة النسائية الشيوعية في كل بلد عبر التوجيه والعمل، هذه الحركة التي لا زالت ضعيفة. ومنح الحركة النسائية في جميع بلدان الغرب والشرق قيادة واحدة، والتحريض على تحركات وطنية وأممية وتوجيهها تحت قيادة الشيوعيين ودعمهم النشط، تحركات من شأنها أن تعزز النضال الثوري للبروليتاريا وتجعله يتسع بفعل اندفاعة النساء. وينبغي أن تضم الأمانة النسائية الأممية إليها جهازا ملحقا من أجل أن تؤمن ارتباطا أكثر وثوقا وانتظاما مع الحركات النسائية الشيوعية لكل البلدان. وسيكون على هذا الجهاز أن يقوم بالأعمال التحريضية والإضافية للأمانة الأممية، أي أن يكون تنفيذيا محضا، ولا يحق له التقرير بأي شأن من الشؤون. وهو مرتبط بقرارات وتوجيهات الأمانة العامة في موسكو واللجنة التنفيذية للأممية الثالثة. وينبغي أن تتعاون مع الجهاز الملحق في أوروبا الغربية ممثلة على الأقل من الأمانة العامة.
وطالما أنه لم يتم تحديد تشكيل الأمانة وحقل نشاطها في «التوجيهات» فسيتم تسوية هذه المسائل من قبل اللجنة التنفيذية للأممية الثالثة بالاتفاق مع الأمانة النسائية العالمية، كما ستسوي مسألة تشكيل الجهاز المساعد وشكله وسير عمله.

قرار متعلق بأشكال العمل الشيوعي بين النساء وأساليبه

(جرى تنبيه في جلسة 13حزيران /  يونيو، بعد تقرير الرفيقة كولونتاي) 

إن الكونفرنس الثاني الأممي للنساء الشيوعيات المنعقد في موسكو يعلن:
أن انهيار الاقتصاد الرأسمالي وانهيار النظام البرجوازي القائم على هذا الاقتصاد، وتطور الثورة العالمية تجعل من النضال الثوري من أجل الاستيلاء على السلطة السياسية وإقامة الدكتاتورية ضرورة أكثر فأكثر حيوية وإلحاحا بالنسبة للبروليتاريا في كل البلدان حيث لا زال هذا النظام سائدا، وواجب لا يمكن إنجازه إلاّ إذا شاركت النساء الكادحات في هذا النضال بشكل واع ومصمم ومخلص.
وفي البلدان حيث استولت البروليتاريا أصلا على سلطة الدولة وإقامة دكتاتورية على شكل سوفيتات، كما في روسيا وأوكرانيا، فإنها لن تتمكن من الحفاظ على سلطتها ضد الثورة المضادة الوطنية والعالمية والبدء ببناء نظام شيوعي تحرّري، طالما أن الجماهير النسائية العمالية لم تكتسب الوعي الواضح والراسخ بأن الدفاع عن الدولة وبناءها ينبغي أن يكون عملهن.
وتبعا لذلك يقترح الكونفرنس الثاني الأممي للنساء الشيوعيات على الأحزاب في جميع البلدان، انسجاما مع مبادئ الأممية الثالثة وقراراتها، أن تعمل بأكبر نشاط ممكن من أجل توعية الجماهير النسائية وتجميعها وتكوينها بالروح الشيوعية، وجعلها تنخرط في صفوف الأحزاب الشيوعية، وتعزيز إرادة العمل والنضال لديها بشكل دائم وبإقدام.
ومن أجل الوصول إلى هذا الهدف، ينبغي أن تشكل جميع الأحزاب المنتسبة إلى الأممية الثالثة فروعا نسائية في جميع أجهزتها ومؤسساتها بدءا بالأدنى بينها ووصولا إلى أعلاها. ولا تشكل هذه الفروع النسائية منظمات منفصلة؛ وليست سوى أجهزة عمل مكلفة بتعبئة العمال وتثقيفهم بهدف النضال من أجل الاستيلاء على السلطة السياسية، وكذلك من أجل تشييد الشيوعية. وتعمل في كل المجالات وفي كل وقت تحت قيادة الحزب، ولكنها تملك أيضا حرية الحركة الضرورية لتطبيق أساليب العمل وأشكاله، ولخلق المؤسسات التي تتطلبها السمات الخاصة للمرأة وموقعها المميز الذي لا زال قائما في المجتمع والعائلة.
ينبغي أن تكون الأجهزة النسائية في الأحزاب الشيوعية واعية دائما في نشاطها لهدف مهمتها المزدوج:

أ- جعل عدد متزايد باستمرار من الجماهير النسائية، المتزايدة وعيا وعزما صلبا، ينخرط في الصراع الطبقي الثوري لجميع المضطهدين والمستغلين ضد الرأسمالية ومن أجل الشيوعية.

ب- القيام بكل الإسهامات الواعية والبطولية للبناء الشيوعي، بعد انتصار الثورة البروليتارية. وينبغي أن تأخذ الأجهزة النسائية للحزب الشيوعي بالاعتبار في نشاطها أن وسائل التحريض والتثقيف ليست الخطابات والكتابات، بل ينبغي أيضا تثمين الوسائل الأكثر أهمية واستخدامها: التعاضد بين النساء الشيوعيات المنظمات في جميع مجالات نشاط – نضال وبناء – الأحزاب الشيوعية والمشاركة النشطة للنساء العاملات في جميع تحركات البروليتاريا الثورية ونضالاتها، في الإضرابات والانتفاضات العامة، وتظاهرات الشارع، والانتفاضات المسلحة.

1. تعريب Céréale، وهي الحبوب التي يتغذى بها الإنسان (والحيوان) بعد طحنها، كالقمح والشعير والذرة وما يشبه ذلك (م).

2. نسبة إلى ستينز Stinnes (م)

3. معدن غير خالص (م).

4. قانون لنش، قانون ينص على الإعدام دون محاكمة، منسوب إلى قاضٍ أميركي بهذا الاسم (م).

5. نسبة للونغيه Longuet (م).

6. العمل الذي يرجع فيه القائم به الى الصفر باستمرار على طريقة البطل الاسطوري الذي يحمل هذا الاسم (م).

7. النسوية Féminisme هي نزعة الى تحسين وضع المرأة في المجتمع بتوسيع حقوقها ومد سلطاتها (م).

8.  العاملات في الحركة النسوية لتحسين وضع المرأة (م).

المؤتمر الرابع
قرار حول تكتيك الأممية الشيوعية

أولاً: تثبيت قرارات المؤتمر الثالث

يسجل المؤتمر الرابع، قبل كل شيء، أن قرارات المؤتمر العالمي الثالث:

1) حول الأزمة الاقتصادية العالمية ومهام الأممية الشيوعية؛

2) حول تكتيك الأممية الشيوعية؛

قد أثبتتها كلياً مجرى الأحداث وتطور الحركة العمالية في المرحلة الفاصلة بين المؤتمرين الثالث والرابع.

ثانياً: مرحلة انحطاط الرأسمالية

بعد تحليل الوضع الاقتصادي العالمي، تمكن المؤتمر الثالث من أن يبيّن من الدقة أن الرأسمالية، بعد أن أنجزت رسالتها بتطوير القوى المنتجة، وقعت في تناقض لا سبيل للتغلب عليه ليس فقط مع حاجات التطور التاريخي الراهن، بل أيضاً مع الشروط الأكثر أولية للوجود الإنساني. وانعكس هذا التناقض الأساسي بشكل خاص بفعل الحرب الامبريالية الأخيرة وتفاقم أيضاً بفعل هذه الحرب التي زعزعت بشكل عميق جداً نظام الإنتاج والتبادل. إن الرأسمالية التي تعيش هكذا على أمجادها الغابرة، قد دخلت في المرحلة التي يحطم فيها العمل التدميري لقواها المنفلتة من عقالها المكاسب الاقتصادية الخلاّقة التي حققتها البروليتاريا في روابط العبودية الرأسمالية، ويشلّها.
إن اللوحة العامة لدمار الاقتصاد الرأسمالي لم تلطِّف منها إطلاقاً التقلبات المحتومة الخاصة بالنظام الرأسمالي، في انحدار هذا النظام كما في صعوده. والمحاولات التي قام بها الاقتصاديون الوطنيون البرجوازيون والاشتراكيون الديمقراطيون لإظهار التحسن الذي تم تسجيله في النصف الثاني من عام 1921 في الولايات المتحدة، وبمقدار أقل في اليابان انجلترا، وبجزء منه في فرنسا وبلدان أخرى، كمؤشر على إعادة التوازن الرأسمالي، هذه المحاولات تقوم بجزء منها على إرادة تزويد الوقائع، وبالجزء الآخر على قلة الفطنة لدى خدم رأس المال. وكان المؤتمر الثالث، حتى قبل بدء الازدهار الصناعي الراهن، توقع هذا الازدهار في مستقبل قريب إلى هذا الحد أو ذاك، وحدده آنذاك بالشكل الأكثر دقة كموجة سطحية على خلفية التدمير المتنامي للاقتصاد الرأسمالي. ويمكننا من الآن أن نتوقع بوضوح أنه، إذا لم يكن ازدهار الصناعة الراهن قادراً، حتى في مستقبل بعيد، على إعادة التوازن الرأسمالي أو حتى شفاء الجروح الفاغرة التي تركتها الحرب، فإن الأزمة الدورية القادمة، التي سوف يتطابق عملها مع الخط الرئيسي للتدمير الرأسمالي، سوف تفاقم كل مظاهر هذا الأخير، وتفاقم نتيجة لذلك أيضاً وبشكل خارق، الوضع الثوري.
وستظل الرأسمالية، حتى موتها، فريسة تقلباتها الدورية. وفقط استيلاء البروليتاريا على السلطة والثورة العالمية الاشتراكية، يمكنهما إنقاذ الإنسانية من هذه الكارثة الدائمة التي يسببها بناء الرأسمالية الحديثة.

وما تمر به الرأسمالية اليوم ليس شيئاً آخر سوى احتضارها. فانهيار الرأسمالية محتم.

ثالثاً: الوضع السياسي العالمي
يعكس الوضع السياسي العالمي أيضاً التدمير التدريجي للرأسمالية.
إن مسألة التعويضات لم تحل بعد حتى الآن. وفيما تتلاحق الكونفرنسات التي تعقدها الدول المتحالفة، يتواصل الانهيار الاقتصادي في ألمانيا ويهدد وجود الرأسمالية في أوروبا الوسطى بأكملها. وتفاقم الوضع الاقتصادي الألماني الكارثي سوف يجبر الحلفاء على التنازل عن التعويضات، مما يسرع الأزمة الاقتصادية والسياسية في فرنسا، أو يؤدي إلى كتلة صناعية فرنسية ـ ألمانية في القارة؛ وهذا الواقع يفاقم الوضع الاقتصادي في انجلترا ووضعها في السوق العالمي، ويضع انجلترا سياسياً بواجهة القارة الأوروبية.
وفي الشرق الأدنى واجهت سياسة الحلفاء إفلاساً كاملاً. فقد مزّقت حراب الأتراك معاهدة سيفر؛ والحرب التركية ـ اليونانية والحوادث التي تلتها أظهرت بوضوح عدم ثبات التوازن السياسي الراهن. وظهر شبح حرب عالمية امبريالية جديدة بجلاء، وبعد أن ساعدت فرنسا الامبريالية، لدوافع تنافسية مع انجلترا، في اتخذا قرار العمل المشترك للحلفاء في الشرق الأدنى، دفعتها من جديد مصالحها الرأسمالية إلى الجبهة المشتركة الرأسمالية ضد شعوب الشرق، وبذلك، تثبت فرنسا الرأسمالية لشعوب الشرق الأدنى أنه لا يمكنها أن تخوض نضالها الدفاعي ضد الاضطهاد إلا جنباً إلى جنب مع روسيا السوفياتية وبدعمٍ من البروليتاريا الثورية في العالم أجمع.
وفي الشرق الأقصى حاولت الدول المتحالفة المنتصرة أن تعيد النظر في واشنطن بسلام فرساي، ولكنها بذلك لم تفعل أكثر من أخذ استراحةٍ عن طريق الحد، لسنوات قليلة، من فئة واحدة من أنواع الأسلحة، أي من العدد الكبير من السفن الحربية. ولم تصل إلى حل للمسألة. حيث يستمر الصراع بين أميركا واليابان، ويغذي الحرب الأهلية في الصين. وتبقى سواحل المحيط الهادئ بعد واشنطن، كما قبلها، بؤرة لصراعات كبرى.
ويظهر مثال حركات التحرر الوطنية في الهند ومصر وايرلندا وتركيا أن البلدان المستعمرة وشبه المستعمرة تشكل بؤراً لحركة ثورية متنامية ضد القوى الامبريالية، ومستودعاتٍ لا تنضب لقوى ثورية تنقلب موضوعياً، في الوضع الراهن، ضد كامل وجود النظام البرجوازي العالمي.
لقد صفّت الأحداث سلام فرساي، ولكنه لم يخلُ المكان لاتفاق عام بين الدول الرأسمالية، ولإلغاء الامبريالية؛ بل خلق على العكس تضادّات جديدة، وحملات تسلح جديدة. وفي الظرف المحدد، من المستحيل إعادة بناء أوروبا. فأميركا الرأسمالية لا تريد القيام بأي تضحية من أجل إعادة بناء الاقتصاد الرأسمالي الأوروبي وأميركا الرأسمالية تحوّم مثل نسر فوق الجسد المحتضر للرأسمالية الأوروبية التي ستكون هي وريثتها. وأميركا ستحوّل أوروبا الرأسمالية إلى العبودية إذا لم تستول الطبقة العاملة الأوروبية على السلطة، وتنكب على إصلاح دمار الحرب العالمية، وعلى الشروع ببناء جمهورية اتحادية للسوفياتات الأوروبية.
إن الأحداث الأخيرة التي جرت في النمسا تميز الوضع السياسي الأوروبي بصورة فائقة. فبأمر من امبريالية الدول الحليفة، وبترحيب من البرجوازية النمساوية، ألغيت الديمقراطية الشهيرة، مفخرة زعماء أممية فيينا، والتي من اجلها خان هؤلاء الأخيرون مصالح البروليتاريا باستمرار وعهدوا بها إلى حرس الملكيين والاشتراكيين المسيحيين ـ والقوميين الذين ساعدتهم على استعادة سلطتهم، ألغيت بشحطة قلم في جنيف واستُبدِلت بدكتاتورية مفتوحة لشخص مطلق الصلاحيات من قبل الحلفاء. والبرلمان البرجوازي بالذات تم إلغاؤه في الواقع واستبداله بوكيل لأصحاب البنوك في الدول الحليفة. وبعد مقاومة قصيرة مخادعة، استسلم الاشتراكيون ـ الديمقراطيون وساعدوا في تنفيذ هذه المعاهدة المخزية. وأعلنوا حتى عن استعدادهم للدخول من جديد في الائتلاف تحت شكل يكاد يكون مقنّعاً، من أجل منع البروليتاريا من المقاومة.
تظهر هذه الأحداث في النمسا وانقلاب إيطاليا الفاشي الأخير، بشكل مذهلٍ، عدم استقرار الوضع برمته وتثبت بشكل فائق أن الديمقراطية ليست سوى خيال، وليست في الواقع سوى الدكتاتورية المقنّعة للبرجوازية، تستبدلها هذه الأخيرة عندما يحين الأوان بالرجعية المفتوحة الأكثر فظاظة.
وفي الوقت نفسه، تعزز بشكل كبير الوضع السياسي العالمي لروسيا السوفياتية، البلد الوحيد الذي هزمت فيه البروليتاريا البرجوازية وحافظت على سلطتها خلال خمس سنوات ضد هجمات أعدائها.
وفي جنوى ولاهاي، حاول رأسماليو الدول الحليفة إجبار الجمهورية السوفياتية في روسيا على التخلي عن تأميم الصناعة، وجعلها ترزح تحت ثقل ديون تحولها بالفعل إلى مستعمرة للحلفاء. إلا أن الدولة البروليتارية في روسيا السوفياتية كانت قوية بشكل كافٍ لمقاومة هذه المطامع. وفي فوضى النظام الرأسمالي السائر نحو الانحلال تشكل روسيا السوفياتية، من بيريزينا إلى فلاديفسوستوك، من الشاطئ المورماني إلى جبال أرمينيا، عاملاً متنامي القوة في أوروبا، والشرقين الأقصى والأدنى. وعلى الرغم من محاولات العالم الرأسمالي لخنق روسيا عن طريق الحصار المالي، ستكون هذه الأخيرة قادرة على التصدي لإعادة البناء الاقتصادي. وضمن هذا الهدف، سوف تستخدم مواردها الاقتصادية الخاصة كما المنافسة بين الرأسماليين، التي سوف تجبر هؤلاء على خوض مفاوضات منفصلة مع روسيا السوفياتية. فوجود جمهورية السوفياتات الروسية وحده يؤثر في المجتمع البرجوازي كعنصر للثورة العالمية. وكلما نهضت روسيا السوفياتية وتوطدت اقتصادياً، كلما نما تأثير هذا العامل الثوري المهيمن في السياسة العالمية.

رابعاً: هجمة رأس المال

بما أن البروليتاريا في جميع البلدان، باستثناء روسيا، لم تستفد من حالة الضعف الرأسمالية التي سببتها الحرب، من أجل توجيه ضربات حاسمة لها، استطاعت البرجوازية، بفضل مساعدة الاشتراكيين ـ الإصلاحيين، سحق العمال الثوريين المستعدين للمعركة، وتوطيد سلطتها السياسية والاقتصادية وبدء هجمة جديدة على البروليتاريا. فكل محاولات البرجوازية لإعادة تسيير الإنتاج والإصلاح الصناعي بعد عاصفة الحرب العالمية، تمت على حساب البروليتاريا. وأخذت الهجمة الشاملة والمنهجية التي نظمها رأس المال ضد كل مكاسب الطبقة العاملة، أخذت كل البلدان في إعصارها. وفي كل مكان يخفض رأس المال المعاد تنظيمه الأجر الحقيقي للعمال دون رحمة، ويمدد يوم العمل وينتقص من الحقوق المتواضعة للبروليتاريا في الصناعة؛ وفي البلدان حيث سعر صرف العملة منخفض يجبر العمال الذين تحولوا إلى حياة التسوّل على دفع نفقات البؤس الذي يسببه انخفاض قيمة العملة في الحياة الاقتصادية إلخ…
إن هجمة رأس المال، التي اتخذت في مجرى هذه السنوات الأخيرة أبعاداً ضخمة، تجبر العمال في جميع البلدان على خوض نضالات دفاعية. فقد قبل آلاف وعشرات آلاف العمال المعركة في فروع الإنتاج الأكثر أمية، فيما يدخل عمال جدد دائماً إلى المعركة، عمال يأتون من الفروع الأكثر حسماً في الحياة الاقتصادية (عمال سكك الحديد، والمناجم، وعال صناعة المعادن، وموظفو الدولة ومستخدمو البلديات). لم تلاق معظم هذه الإضرابات حتى الوقت الحاضر أي نجاحات مباشرة؛ لكن هذا النضال يولد لدى جماهير جديدة أكثر فأكثر اتساعاً من العمال المتخلفين في السابق كرهاً لا متناهياً للرأسماليين وسلطة الدولة التي تحميهم. ويحطم هذا النضال سياسة وحدة العمل مع أصحاب المشاريع، التي تقودها الاشتراكية ـ الإصلاحية والبيروقراطية النقابية. ويُظهر هذا النضال حتى للشرائح الأكثر تخلفاً من البروليتاريا العلاقة البديهية بين الاقتصاد والسياسة. فكل إضراب كبير يصبح اليوم حدثاً سياسياً هاماً. وبهذه المناسبة، بدا أن أحزاب الأممية الثانية وقادة أمستردام النقابيين ليس فقط لم يقوموا بتقديم أي عون للجماهير العمالية المنخرطة في معارك دفاعية قاسية، بل تخلوا عنها حتى وخانوها لصالح أصحاب المشاريع، وأرباب العمل والحكومات البرجوازية.
إن إحدى مهمات الأحزاب الشيوعية هي أن تشهّر علناً بهذه الخيانة المذهلة والمتواصلة، وتبرز ذلك في النضالات اليومية للجماهير العمالية. وواجب الأحزاب الشيوعية في كل البلدان أن تنشر الإضرابات الاقتصادية العديدة التي تندلع في كل مكان وتعمقها، وتحولها إذا أمكن إلى إضرابات ونضالات سياسية. لا بل إن الواجب الطبيعي للأحزاب الشيوعية هو أن تستفيد من النضالات الدفاعية من أجل تعزيز الوعي الثوري وإرادة المعركة لدى الجماهير البروليتارية على الشكل الذي يمكّنها، عندما تصبح قوية بشكل كاف، من الانتقال من الدفاع إلى الهجوم.
إن تفاقم التضادات المنظَّم بين البروليتاريا والبرجوازية بفعل وجود هذه النضالات لا مفر منه. والوضع يبقى ثورياً بشكل موضوعي. وأدنى فرصة تتوفر اليوم يمكن أن تصبح نقطة انطلاق لنضالات ثورية كبرى.

خامساً: الفاشية العالمية

إن السياسة الهجومية للبرجوازية ضد البروليتاريا كما تظهر بشكل صارخ جداً في الفاشية العالمية، ترتبط ارتباطاً وثيقاً بهجمة رأس المال على الصعيد الاقتصادي. ونظراً لأن البؤس يسرِّع من تطور عقلية الجماهير باتجاه ثوري، وتلك سيرورة تطول الطبقات الوسطى بما فيها الموظفين وتزعزع أمن البرجوازية التي لم تعد البيروقراطية أداتها الطِّيعة. فأساليب القهر الشرعية لم تعد تكفي البرجوازية لهذا تسعى جهدها في كل مكان لإنشاء حرس أبيض معدّ بشكل خاص لمحاربة كل الجهود الثورية للبروليتاريا ويخدم في الواقع أكثر فأكثر في سحق محاولات البروليتاريا من أجل تحسين وضعها.
تقوم الخاصية المميزة للفاشية الإيطالية، الفاشية «الكلاسيكية» التي استولت لفترة على البلد بأكمله، ليس فقط على كون الفاشيين يشكلون منظمات متتالية معادية للثورة بحصر المعنى ومسلحة حتى العظم، بل كذلك لأنهم يسعون، عبر ديماغوجية اجتماعية، لخلق قاعدة لهم بين الجماهير، وفي طبقة الفلاحين، والبرجوازية الصغيرة، وحتى في بعض أجزاء البروليتاريا، عبر استخدام الخيبات التي سببتها الديمقراطية المزعومة، استخداماً ذكياً، لأجل أهدافهم المعادية للثورة.
إن خطر الفاشية قائم الآن في العديد من البلدان: في تشيكوسلوفاكيا، والمجر، وجميع البلدان البلقانية تقريباً، وبولندا وألمانيا (بافاريا)، والنمسا وأميركا وحتى في بلد مثل النرويج. والفاشية ليست مستحيلة، تحت هذا الشكل أو ذاك، في بلدان مثل فرنسا وانجلترا.
إن إحدى المهمات الأكثر أهمية للأحزاب الشيوعية هي تنظيم المقاومة ضد الفاشية العالمية، والوقوف على رأس البروليتاريا بأكملها في النضال ضد العصابات الفاشية، وتطبيق تكتيك الجبهة المتحدة بشكل نشط على هذه الأرضية أيضاً؛ والأساليب غير الشرعية ضرورية أيضاً بشكل مطلق هنا.
ولكن المغامرة الفاشية المجنونة هي الورقة الأخيرة للبرجوازية. فالسيطرة المفتوحة للحرس الأبيض موجهة بصورة بشكل عامة ضد أسس الديمقراطية البرجوازية نفسها. إن أوسع جماهير الشعب العامل تقتنع أكثر فأكثر بواقع أن سيطرة البرجوازية ليست ممكنة إلا بواسطة دكتاتورية غير مقنَّعة على البروليتاريا.

سادساً: إمكانية أوهام سلمية جديدة

ما يميز الوضع السياسي العالمي في اللحظة الراهنة، هو الفاشية وحالة الحصار والموجة الصاعدة للإرهاب الأبيض ضد البروليتاريا. لكن ذلك لا يلغي إمكانية استبدال الرّجعة البرجوازية المفتوحة، في وقت قريب إلى هذا الحد أو ذاك وفي بلدان هامة جداً، بحقبة «ديمقراطية سليمة».
إن مرحلة الـ «ديمقراطية السليمة» الانتقالية هذه محتملة في إنجلترا (تعزيز حزب العمال في الانتخابات الأخيرة) وفي فرنسا (مرحلة قادمة لا مفر منها لـ «جبهة اليسار») ويمكن أن تحيي الآمال السلمية من جديد في ألمانيا البرجوازية والاشتراكية ـ الديمقراطية.
وبين المرحلة الراهنة لسيطرة الرجعة البرجوازية المفتوحة والانتصار الكامل للبروليتاريا الثورية على البرجوازية، هناك مراحل متنوعة وحقبات عابرة مختلفة محتملة. وينبغي أن تنظر الأممية الشيوعية وفروعها في هذه الاحتمالات وتحسن الدفاع عن المواقف الثورية في جميع الأوضاع.

سابعاً: الوضع داخل الحركة العمالية

بينما وجدت الطبقة العاملة نفسها، إثر هجمة رأس المال، مضطرة لاتخاذ موقف دفاعي، أنجز التقارب وأخيراً الاندماج بين أحزاب الوسط (المستقلين) والاشتراكيين الخونة المعلنين (الاشتراكيين ـ الديمقراطيين). ففي حقبة الاندفاعية الثورية، حتى الوسطيون أيدوا، تحت ضغط الاستعداد الذهني للجماهير، دكتاتورية البروليتاريا وبحثوا عن الطريق المؤدي إلى الأممية الثالثة. وخلال جَزْر موجة الثورة، الذي ليس بأي حال إلا ظرفياً، يسقط هؤلاء الوسطيون مجدداً في معسكر الاشتراكية ـ الديمقراطية الذي لم يتحرروا منه يوماً في الواقع. وفيما اتخذوا في حقبات النضالات الثورية الجماهيرية موقفاً متردداً ومتذبذباً بشكل متواصل، يرفضون المشاركة الآن في النضالات الدفاعية ويعودون إلى معسكر الأممية الثانية، التي كانت دائماً، بشكل واعٍ أو غير واعٍ معادية للثورة. إن الأحزاب الوسطية والأممية 2,5 هما في مسار التفسخ. والجزء الأفضل من العمال الثوريين الذي كان يقف مؤقتاً في معسكر الوسطية، سينتقل مع الوقت إلى الأممية الشيوعية. وهنا وهناك قد بدأ أصلاً هذا الانتقال (ايطاليا). والأغلبية الساحقة من القادة الوسطيين المرتبطين حالياً بنوسكه، وموسوليني، إلخ… سيصبحون على العكس من المعادين للثورة المتصلبين.
موضوعياً، يمكن أن يكون اندفاع أحزاب الأممية الثانية والأممية 2,5 مفيداً للحركة العمالية الثورية. فوهم حزب ثوري خارج المعسكر الشيوعي يختفي بذلك. فمن الآن وصاعداً هناك مجموعتان فقط داخل الطبقة العاملة تناضلان من أجل كسب الأغلبية: الأممية الثانية التي تمثل نفوذ البرجوازية داخل البروليتاريا، والأممية الثالثة التي رفعت راية الثورة الاشتراكية ودكتاتورية البروليتاريا.

ثامناً: الانقسام ادخل النقابات

يهدف اندماج الأمميتين 2 و2,5 بلا ريب لإعداد «جو ملائم» لحملة منظمة ضد الشيوعيين. وشق النقابات بشكل منهجي من قبل قادة أممية أمستردام هو جزء من هذه الحملة. فرجال أمستردام يتراجعون أمام كل نضال ضد هجمة رأس المال ويواصلون بالأحرى سياستهم الائتلافية مع أرباب عملهم. ولكيلا يزعجهم الشيوعيون في تحالفهم هذا مع أصحاب مؤسساتهم، فإنهم يسعون لإلغاء تأثير الشيوعيين نهائياً وبشكل منظم في النقابات. ولكن بما أن الشيوعيين مع ذلك قد كسبوا إلى الآن الأغلبية في النقابات، أو أنهم في طريقهم لكسبها، فإن رجال أمستردام لا يتراجعون أمام أي طرد جماعي، ولا أمام الانشقاق القطعي للنقابات. فلا شيء يضعف قوى المقاومة البروليتارية ضد هجمة رأس المال أكثر من انشقاق النقابات. وقادة النقابات الإصلاحيون يعرفون ذلك تماماً. لكن بما أنهم يلاحظون أن الأرض تميد تحتهم وأن إفلاسهم محتّم وقريب، فإنهم يتعجلون شق النقابات، هذه الأدوات التي لا بديل منها في نضال الطبقة البروليتارية، كي لا يعود يتلقى الشيوعيون إلا ركام المنظمات النقابية القديمة وشظاياها. فمنذ آب / أغسطس 1914 لم تشهد الطبقة العاملة خيانة أكثر سوءاً.

تاسعاً: كسب الأغلبية

ضمن هذه الشروط، فإن التوجه الأساسي للمؤتمر العام الثالث: «كسب تأثير شيوعي بين أغلبية الطبقة العاملة وقيادة الجزء الحاسم من هذه الطبقة للمعركة»، يحتفظ بكل قوته.
إن المفهوم الذي يمكن تبعاً له، ضمن التوازن غير المستقر الحالي في المجتمع البرجوازي، أن تندلع أزمة كبيرة فجأة إثر إضراب كبير، أو نهوض في المستعمرات، أو حرب جديدة أو حتى أزمة برلمانية، يحتفظ بكل قوته اليوم أكثر أيضاً مما في حقبة المؤتمر الثالث. ولكن لهذا السبب تحديداً يكتسب العامل «الذاتي»، أي درجة وعي الطبقة العاملة وطليعتها، وإرادتهما ونضاليتهما وتنظيمهما، أهمية كبرى.
ينبغي كسب أغلبية الطبقة العاملة الأميركية والأوروبية، هذه هي المهمة الأساسية للأممية الشيوعية حالياً، كما في السابق.
ولدى الأممية الشيوعية في البلدان المستعمرة وشبه المستعمرة، مهمتان:

1 ـ أن تخلق نواة لحزب شيوعي يدافع عن المصالح العامة للبروليتاريا.

2 ـ أن تدعم الحركة الوطنية الثورية الموجهة ضد الامبريالية بكل قواها، وتصبح طليعة هذه الحركة وتُبرز الحركة الاجتماعية داخل الحركة الوطنية وتعززها.

عاشراً: الحكومة العمالية

ينبغي أن تُستخدم الحكومة العمالية (واحتمالاً الحكومة الفلاحية) في كل مكان كشعار دعاوي عام. ولكن الحكومة العمالية تمثل كشعار للسياسة الراهنة أهمية كبرى في البلدان حيث وضع المجتمع البرجوازي غير مضمون جداً بشكل مميز، وحيث يضع ميزان القوى بين الأحزاب العمالية والبرجوازية حل مسألة الحكومة العمالية على جدول الأعمال كضرورة سياسية.
في هذه البلدان يشكل شعار «حكومة عمالية» نتاجاً محتماً لتكتيك الجبهة الواحدة بأكمله.
تسعى أحزاب الأممية الثانية في هذه البلدان لـ «إنقاذ» الوضع عبر النصح بائتلاف البرجوازيين مع الاشتراكيين ـ الديمقراطيين وعبر تحقيقه. والمحاولات الأخيرة التي قامت بها بعض أحزاب الأممية الثانية (في ألمانيا مثلاً)، في حين رفضت المشاركة علانية بهكذا حكومة ائتلافية، من أجل أن تحقق ذلك في الوقت نفسه بشكل مقنَّع، ليست شيئاً آخر سوى مناورة تتجه لتهدئة الجماهير المحتجة على كل ائتلاف مماثل، وليست سوى خداع مهذب للجماهير العمالية. إن الشيوعيين يواجهون الائتلاف البرجوازي والاشتراكي ـ الديمقراطي العلني أو المقنّع بالجبهة الواحدة لكل العمال والائتلاف السياسي والاقتصادي لكل الأحزاب العمالية ضد السلطة البرجوازية، ينبغي أن يسقط جهاز الدولة بأكمله بين أيدي الحكومة العمالية، وتتوطد مواقع الطبقة العاملة.
وينبغي أن يقوم البرنامج الأولي جداً لأي حكومة عمالية على تسليح البروليتاريا، ونزع سلاح المنظمات البرجوازية المعادية للثورة، وإنشاء الرقابة على الإنتاج، وتحميل الأغنياء العبء الضريبي الأساسي، وكسر مقاومة البرجوازية المعادية للثورة.
وحكومة من هذا النوع ليست ممكنة إلا إذا ولدت في نضال الجماهير نفسها، وإذا استندت إلى الأجهزة العمالية القادرة على المعركة والمنشأة من قبل أوسع شرائح الجماهير العمالية المضطهدة. إن حكومة عمالية ناتجة عن تركيبة برلمانية، يمكن أن تقدم فرصة كذلك لإحياء الحركة العمالية الثورية. ولكن من البديهي أن ولادة حكومة عمالية حقاً والحفاظ على حكومة تقود سياسة ثورة ينبغي أن يؤديا إلى النضال الأكثر ضراوة، ومن المحتمل إلى الحرب الأهلية ضد البرجوازية. إن مجرد محاولة البروليتاريا تشكيل حكومة عمالية ستصطدم منذ البداية بالمقاومة أكثر عنفاً للبرجوازية. فشعار الحكومة العمالية هو ملائم إذاً لتركيز النضالات الثورية وإطلاقها.
وينبغي في بعض الظروف أن يعلن الشيوعيون استعدادهم لتشكيل حكومة مع الأحزاب والمنظمات العمالية غير الشيوعية. ولكن لا يمكن التصرف كذلك إلا إذا أعطيت لهم ضمانات بأن هذه الحكومات العمالية ستخوض فعلاً النضال ضد البرجوازية في الاتجاه المشار إليه أعلاه. وفي هذه الحالة ستكون الشروط الطبيعية لمشاركة الشيوعيين في حكومة مماثلة هي التالية:

1 ـ إن المشاركة في الحكومة العمالية لا يمكن أن تتم إلا بموافقة الأمية الشيوعية؛

2 ـ يبقى الأعضاء الشيوعيون في الحكومة العمالية خاضعين لإشراف حزبهم الأكثر صرامة.

3 ـ يبقى الأعضاء الشيوعيون في الحكومة العمالية على اتصال وثيق بالمنظمات الجماهيرية الثورية.

على الرغم من الفوائد الكبرى لشعار الحكومة العمالية فإن له مخاطر أيضاً، وكذلك كل تكتيك الجبهة الواحدة. من أجل تفادي هذه المخاطر لا ينبغي أن يغيب عن أنظار الأحزاب الشيوعية إنه إذا كانت حكومة برجوازية هي في الوقت نفسه حكومة رأسمالية، فليس صحيحاً أن كل حكومة عمالية ستكون حكومة بروليتاريا حقاً، أي أداة ثورية لسلطة البروليتاريا.
ينبغي أن تنظر الأممية الشيوعية إلى الاحتمالات التالية:

1 ـ حكومة عمالية ليبرالية. وتوجد حكومة من هذا النوع حالياً في أستراليا؛ وممكن أيضاً أن يكون هناك واحدة أيضاً في انجلترا في وقت قريب إلى هذا الحد أو ذاك؛

2 ـ حكومة عمالية اشتراكية ـ ديمقراطية (ألمانيا)؛

3 ـ حكومة عمال وفلاحين. ويمكن توقع هذا الاحتمال في البلقان وتشيكوسلوفاكيا إلخ…

4 ـ حكومة عمالية بمشاركة شيوعيين؛

5 ـ حكومة عمالية بروليتارية فعلاً ولا يمكن أن تتجسد هذه الحكومة، بشكلها الأكثر نقاء، إلا عبر حزب شيوعي.

إن النموذجين الأولين للحكومة العمالية ليسا حكومتين عماليتين ثوريتين، بل حكومتان مموهتان للائتلاف بين البرجوازية والقادة العماليين المعادين للثورة. وهذه «الحكومة العمالية» تتحملها البرجوازية المضعفة في المراحل الحرجة من أجل خداع البروليتاريا حول الطابع الطبقي الحقيقي للدولة، أو من أجل تبديل اتجاه الهجمة. لا ينبغي أن يشارك الشيوعيين بهكذا حكومات. بل ينبغي على العكس أن يفضحوا دون شفقة أمام الجماهير الطابع الحقيقي لهذه «الحكومات العمالية» الزائفة. وفي مرحلة انحدار الرأسمالية، حيث تقوم المهمة الأساسية على كسب أغلبية العمال للثورة، يمكن أن تساهم هذه الحكومات موضوعياً في تعجيل سيرورة تفكك النظام البرجوازي.
والشيوعيون مستعدون للسير أيضاً مع العمال، ومع الاشتراكيين الديمقراطيين، ومع المسيحيين، وغير الحزبيين، والنقابيين، إلخ… الذين لم يعترفوا بعد بضرورة دكتاتورية البروليتاريا. والشيوعيون مستعدون كذلك، في بعض الظروف وبضمانات محددة، لدعم حكومة عمالية غير شيوعية. ولكن ينبغي أن يشرح الشيوعيون للطبقة العاملة، أياً يكن الثمن، أن تحررها لا يمكن أن يتحقق إلا عبر دكتاتورية البروليتاريا.
أما النموذجان الآخران للحكومة العمالية اللذان يمكن أن يشارك فيهما الشيوعيون فليسا بعد دكتاتورية؛ ولا يشكلان بعد شكلاً انتقالياً ضرورياً نحو الدكتاتورية، ولكن بإمكانهما أن يشكلا نقطة انطلاق نحو الظفر بهذه الدكتاتورية. فدكتاتورية البروليتاريا الناجزة لا يمكن أن تتحقق إلا بواسطة حكومة عمالية مشكلة من شيوعيين.

أحد عشر: حركة مجالس المشاغل

لا يمكن أن يعتبر أي حزب شيوعي حزباً شيوعياً جماهيرياً حقاً، وجدياً وصلباً، إذا لم تكن لديه أنوية شيوعية في المنشآت، والمصانع، والمناجم، وسكك الحديد، إلخ… وفي الظروف الحالية لا يمكن النظر إلى أي حركة كحركة منظمة بشكل منهجي إذا لم تنجح في إنشاء لجان مصانع للطبقة العاملة ومنظماتها كقاعدة لهذه الحركة. إن النضال ضد هجمة رأس المال ومن أجل الإشراف على الإنتاج سيكون دون أمل إذا لم يمتلك الشيوعيون نقاط ارتكاز صلبة في جميع المنشآت، وإذا لم تعرف البروليتاريا كيف تنشئ أجهزتها البروليتارية القتالية الخاصة في المنشآت (لجان مشاغل، مجالس عمالية).
يرى المؤتمر أن إحدى المهمات الأساسية لكل الأحزاب الشيوعية هي أن تتوطد في الصناعات أكثر مما فعلت حتى الآن وأن تدعم حركة مجالس المشاغل أو تبادر إلى إنشاء هذه الحركة.

اثني عشر: الأممية الشيوعية حزب عالمي

ينبغي أن تنتظم الأممية الشيوعية أكثر فأكثر كحزب شيوعي عالمي، مكلف بقيادة النضال في جميع البلدان.

ثلاثة عشر: الانضباط الأممي

من أجل تطبيق تكتيك الجبهة الواحدة عالمياً وفي مختلف البلدان يصبح الانضباط الأممي الأكثر صرامة في الأممية الشيوعية وفي مختلف فروعها ضرورياً أكثر مما في أي وقت مضى.
ويفرض المؤتمر الرابع على جميع الفروع وعلى جميع الأعضاء بشكل قاطع الانضباط الأكثر صرامة في تطبيق التكتيك الذي لن يكون خصباً إلا إذا طُبِّق في جميع البلدان ليس فقط بالأقوال بل أيضاً بالأفعال.
فالقبول بواحد وعشرين شرطاً يفرض تطبيق كل القرارات التكتيكية للمؤتمرات العالمية وللتنفيذية باعتبارها جهازاً للأممية الشيوعية في الفترة الفاصلة بين مؤتمرين عالميين.
ويكلّف المؤتمر التنفيذية بتحديد تطبيق القرارات التكتيكية من قبل جميع الأحزاب بالشكل الأكثر صرامة والسهر على ذلك. وحده التكتيك الثوري الذي رسمته الأممية الشيوعية سيؤمن النصر للثورة البروليتارية العالمية بأسرع ما يمكن.

* * *

يقرر المؤتمر إضافة نص الموضوعات الذي تبنته التنفيذية في كانون الأول / ديسمبر 1921 والمتعلق بالجبهة الواحدة، كملحق لهذا القرار. فهذه الموضوعات تعرض بشكل صحيح ومفصل تكتيك الجبهة الواحدة(1).

_____________

– الإشراف العام على التدقيق والمراجعة والتصحيح والتنضيد الإلكتروني منيف ملحم
– مراجعة فيكتوريوس بيان شمس بالتعاون مع صفحة التراث الأممي الثوري
– نقله إلى العربية لينا عاصي
– راجع الترجمة ودقّقها كميل قيصر داغر

لمراجعة الفصل السابق يرجى الدخول من خلال الرابط أدناه:
(20) المؤتمرات العالمية الأربعة الأولى للأمميـــــــــــة الشيوعيــــــــــــــة

 

Check out our other content

Check out other tags:

Most Popular Articles