الأحد يوليو 21, 2024
الأحد, يوليو 21, 2024

2022| عام النضال المستمر

دول العالم2022| عام النضال المستمر

في الوقت الذي نبدأ فيه بكتابة الموجز التقليدي لما حدث في العالم خلال هذا العام الذي يقترب من نهايته، وكيف نعكس ذلك في موقعنا الإلكتروني، فإن الاستنتاج الأول الذي يبرز هو أننا عشنا في أوقات مضطربة. السنوات التي سبقت هذا العام كانت أيضا قاسية على البشرية، لكن هذه السنة مضت بنا إلى ما هو أبعد، حيث لم تمنحنا لحظة لالتقاط أنفاسنا: حرب في أوروبا، وتوترات متزايدة في العالم، والعديد من الإضرابات العمالية في مواجهة آثار التضخم المستمر والهجمات الحكومية، والتمردات والصيرورات الثورية في العديد من دول العالم، وكأن هذا لم يكن كافيا، فأتى فيروس كورونا الذي عبر الطفرات الدائمة ليزيد الأوضاع سوءاً. 

صادر عن “الرابطة الأممية للعمال – الأممية الرابعة”

لنبدأ بفيروس كورونا: في بداية العام 2022، أعلنت معظم حكومات العالم  “انتهاء الجائحة”، في ذات الوقت الذي انتشر فيه نوع جديد (أوميكرون) بمستوى عال من العدوى [1]. كانت هذه السياسة استمرارا منطقيا لـ “تطبيع” الجائحة، والحاجة إلى استئناف النشاط الاقتصادي الكامل، ومعه المستويات “الطبيعية” لاستغلال العمال وتوليد الأرباح.
بعد ذلك أصبحت الجائحة “وباء متوطنا” (مرض مزمن ولكنه مستقر في تأثيره)، وتم تخفيض تصنيف كوفيد إلى اعتباره “إنفلونزا قوية”. مرض مزمن جديد بات جزء من المخاطر والمعاناة التي يواجهها العمال يوميا في ظل انتشار عدوى واسعة ومستمرة [2]. كل من التدمير المتسارع للطبيعة على يد الرأسمالية، والتركيز العالي للسكان، وقربهم من الحيوانات، يتسبب بوجود “جسر” للأمراض حيوانية المصدر (الأمراض المنقولة من الحيوانات إلى البشر)، ما يؤدي حتما إلى ظهور أوبئة جديدة. هذا ليس استنتاجنا: فقد ذكره العديد من المتخصصين والمنظمات الدولية نفسها، كمنظمة الصحة العالمية [3].
فيما يتعلق بالاقتصاد العالمي، أعلنت الحكومات البرجوازية والصحافة الرأسمالية عام 2021 أن “الأمر قد تم الآن”، أي أنه قد بدأ الانتعاش الكبير والنمو الاقتصادي. عام 2021 سبق وأن اعتبرنا أنه سيكون هناك، بالفعل، انتعاش طفيف، لكنه سيتباطأ بشكل متسارع إلى حد ما. علاوة على ذلك، توقعنا أن هذا “الانتعاش” سيكون متسما بارتفاع التضخم في كافة أنحاء العالم، والواقع أكد هذا. وقد تفاقم الأمر إثر عواقب الحرب في أوكرانيا [4].

الإضرابات العمالية

بعيدا عن الجدل حول ما إذا كنا نشهد بالفعل ركودا في الاقتصادات الكبرى في العالم أو أننا نقترب من ذلك، ما هو مؤكد أن التضخم المرتفع يضرب بشدة أجور العمال ومستويات معيشتهم في كافة أنحاء العالم. إنها ضربة تستمر عبر الجائحة. إضافة إلى هذا، هناك هجمات خطط التكيف التي تنفذها الحكومات، وآثار الخصخصة (الكلية أو الجزئية)، وكذلك تخفيض مستويات الخدمات العامة.
في مواجهة هذه الهجمات، أكد لنا العام 2022 تنامي اتجاه كان قد تم الإعلان عنه بالفعل خلال العام الذي سبقه: انخراط الطبقة العاملة في النضالات بشكل متزايد. قائمة الإضرابات حول العالم طويلة للغاية [5]. وفي هذا الإطار، يتبين لنا أن مركز زلزال تلك الإضرابات كان في أوساط الطبقة العاملة الأوروبية، ومن ضمنها العمال البريطانيون.
في بريطانيا، كان الدافع هو زيادة الهجمات الحكومية على الخدمات العامة، كالنقل والصحة، بالخصخصة والاقتطاعات. كانت نقطة البداية هي إضراب عمال السكك الحديدية، ومن ثم سلسلة متتالية من الإضرابات الأخرى التي تتركز اليوم في أوساط العاملين بالمستشفيات والنظام الصحي [6].  هناك ديناميكية للإضراب العام تحاول بيروقراطيات النقابات المختلفة تجنبها بطرق شتى. لكن، ما هو مؤكد أن هذه الموجة من النضالات مقترنة بأزمة داخل البرجوازية، بسبب عواقب خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، ما أدى بالفعل إلى سقوط حكومة بوريس جونسون [7]، والاستنزاف السريع للغاية، وخروج إليزابيث تروس [8].
قد يكون مركز هذه الإضرابات هو بريطانيا، لكن العمال في العديد من البلدان، حتى أولئك الذين لا يشهدون صيرورة نضالات عامة، بينوا قوتهم. على سبيل المثال، في البرازيل كان هناك كفاح مرير للغاية لعمال شركة الحديد والصلب الوطنية (إحدى الشركات الرئيسية في البلاد بآلاف من العمال) من أجل وضع اتفاقية جديدة للأجور. بات النضال أكثر حدة لأن الشركة طردت أعضاء اللجنة التي اختارها العمال للتفاوض (تمت إعادتهم في النهاية) [9].
الشيء المهم في مجمل العملية هو أنه في الانتخابات النقابية (التي تشهدها أيضا المصانع الأخرى في المنطقة)، انتخب العمال قيادة جديدة من الطليعة النضالية. وهكذا اتخذوا خطوة أولى في غاية الأهمية على طريق أداء مهمة ملحة لغالبية العمال في العالم: استبدال البيروقراطية النقابية (التي تخون النضالات علانية أو تقودها نحو عزلها وإيقافها) بقيادة جديدة انبثقت عن النضال. في هذا الإطار، تقدم قطاعنا في البرازيل في تأثيره بين عمال شركة الصلب الوطنية، وفي مدينة فولتا ريدوندا [10].
هذه السلسلة من الإضرابات نتجت عن أهداف اقتصادية أو دفاعية، لكن لها أهمية سياسية عميقة. إنها تهاجم جوهر السياسات المركزية للبرجوازية والحكومات: تخفيض الأجور وسوء ظروف العمل من جهة، وخصخصة أو تقليص الخدمات العامة، كالنقل والصحة، من جهة أخرى.
في مراجعة العام 2022 والتوقعات للعام المقبل، المسألة المركزية بالنسبة للرابطة الأممية للعمال – الأممية الرابعة، هي أن طبقتنا بدأت تخوض النضال من خلال هياكل الطبقة العاملة، بتنظيمها وأساليبها. لهذا السبب، فإن المهمة المركزية هي أن نرتبط بهذه الصيرورة ونتدخل لتعزيز تقدمها وتطورها. كما أن الطبقة العاملة، مثلما رأينا في حالة عمال شركة الحديد والصلب الوطنية، هي المركز الذي نريده لبناء نضالاتنا.
العام 2022 لم يشهد الكثير من الإضرابات فحسب، بل شهد أيضا العديد من الثورات الشعبية الكبرى، والتي ارتقى بعضها إلى مستوى الصيرورات الثورية الحقيقية. كان هذا هو الحال في سريلانكا (سيلان سابقا)، وهي دولة جزرية جنوب الهند. هناك، أدت موجة مستمرة من التعبئة والإضرابات إلى إجبار الرئيس المكروه غوتابايا راجاباكسا (المنتخب قبل بضع سنوات بأغلبية كبيرة من الأصوات الشعبية) على الاستقالة والفرار من البلاد، تاركا النظام السياسي الذي كان يترأسه مع شقيقه ماهيندي [11] تحت وطأة ضربة شديدة. رغم أن سريلانكا بلد صغير نسبيا، إلا أن لها أهمية بالنسبة للتروتسكيين، لأنه منذ عقود مضت كان لمنظمة ذات منشأ تروتسكي (حزب لانكا الاشتراكي) وزن كبير في الصيرورات النضالية [12].
التطورات التي شهدتها إيران إثر مقتل شابة كردية على يد أحد عناصر ما يسمى بـ “شرطة الآداب”، بسبب “عدم ارتداء الحجاب بشكل صحيح” (الحجاب التقليدي الذي ترتديه النساء المسلمات) كان لها أثرا كبيرا على الساحة الدولية. الرد على هذا الحدث كان بمثابة شرارة اندلاع غضب كبير متراكم ضد دكتاتورية رجال الدين التابعين لآية الله، وقد تحول الأمر إلى تمرد وطني ضد النظام، مازال مستمرا رغم القمع العنيف [13]. لقد حققت التعبئة أول انتصار لها عندما أعلن النظام حل شرطة الآداب المكروهة [14].
في تشرين الثاني، شهدت أنحاء واسعة من الصين العديد من النضالات والتعبئة العمالية والشعبية، والتي خصصنا لها عدة مقالات نظرا لأهميتها الدولية [15]. كان الفتيل هو تعب العمال والشعب الصيني من الإجراءات الخانقة لسياسة تسمى “صفر كوفيد”، التي فرضتها دكتاتورية الحزب الشيوعي الصيني الرأسمالية، والتي كانت في الممارسة العملية أداة قمعية للإبقاء على مستويات عالية جدا من الاستغلال الذي تخضع له الطبقة العاملة في البلاد. لكن هذا كان مجرد الشرارة التي أشعلت “العشب الجاف” للغضب المتراكم تجاه هذا النظام، فديناميكيات الحراك موجهة بشكل مباشر ضد الحكومة نفسها. وإدراكا لهذا الخطر، اتخذت الدكتاتورية خطوة إلى الوراء وألغت بعض التدابير الأكثر إثارة للاستياء. وبهذا، يمكننا اعتبار أن موجة التمرد حققت أول انتصار جزئي لها [16]. 

أمريكا اللاتينية

 سنقوم بالإشارة هنا إلى ثلاث دول. في كوبا، كانت هناك عدة احتجاجات، في أيلول الماضي على انقطاع التيار الكهربائي الذي شمل البلاد بأكملها. كان الأمر في الواقع بمثابة قفزة فيما يتعلق بالانقطاعات الجزئية والمتناوبة للكهرباء، والتي يعاني منها عمال وشعب كوبا بشكل يومي. بتحليل الحقائق، نعيد تأكيد توصيفنا بأن نظام كاسترو كان قد استعاد الرأسمالية في التسعينيات، وفتح الباب أمام صيرورة شبه استعمارية تتعرض لها البلاد على يد الإمبريالية، في ذات الوقت الذي قامت فيه الكوادر العليا (خاصة في الجيش) بتحقيق الثراء، متحولة بذلك إلى برجوازية جديدة. وعبر هذا المسار، هاجمت ودمرت جزء كبيرا من المكاسب التي تحققت بعد ثورة العام 1959. كما أنها تنكر على الشعب الكوبي أية حرية ديمقراطية حقيقية.. لقد تحول نظام كاسترو إلى دكتاتورية رأسمالية. التعبئة والاحتجاجات التي تشهدها البلاد (كتلك التي حدثت في 11 تموز 2021)، وهذه الاحتجاجات الأخيرة، هي رد الشعب الكوبي على هذا الواقع. لذا، فإننا نصنفها على أنها “نضالات عادلة”، وندعمها، وندافع عنها ضد الذين يعتبرونها “معادية للثورة”، أو أولئك الذين يقولون إنهم “غير منحازين” سواء للناس في الشوارع، أو لنظام كاسترو [17].
مسألة أخرى في غاية الأهمية هي الانتخابات في البرازيل، حيث هزم تحالف واسع بقيادة لولا وحزب العمال (والذي شمل حتى شخصيات يمينية تقليدية مثل جيرالدو ألكمين) الرئيس اليميني المتطرف جايير بولسونارو. “حزب العمال الإشتراكي الموحد” PSTU جادل بأن لولا ليس “أهون الشرين”، بل هو أحد البديلين اللذين دفعت بهما البرجوازية البرازيلية والإمبريالية (حتى أنه المفضل) [18].
على الطرف الآخر، تحتفي غالبية اليسار البرازيلي والعالمي بانتصار لولا، وترى أنه تعبير جديد عن “الموجة التقدمية” التي تشهدها القارة عبر مسار الانتصارات الانتخابية لبيدرو كاستيلو في البيرو، وبوريك في تشيلي، وجوستافو بيترو في كولومبيا. الحقيقة هي أن هذه الحكومات (التي لا تواجه الإمبريالية أو البرجوازية الوطنية بأي شكل من الأشكال) قد انهارت بسرعة كبيرة، ما أحبط الآمال التي عقدتها الجماهير عليها [19].
حكومة بيدرو كاستيلو انتهت بالفعل. لقد  تولى منصبه بآمال كبيرة للفلاحين الفقراء في الداخل، والعديد من العمال في المدن الكبرى. لكن حكومته أظهرت بسرعة أنها ليست على استعداد لتغيير أي شيء من أجل القيام بالتعبئة العمالية والشعبية والمضي قدما في طريق النضال هذا. أصبح كاستيلو أضعف وأضعف، وفقد مكانه أمام الكونغرس الذي يهيمن عليه اليمين، الذي أحاط به وأراد إزاحته.
للمرة الثانية، لم يناشد العمال والتعبئة الشعبية للدفاع عنه، وحاول الانقلاب (إغلاق الكونغرس بدعم من القوات المسلحة). لقد فشل وأقاله ذلك الكونجرس الذي عيّن نائبه دينا بولوارت كبديل له، من أجل تحقيق استقرار حكومة “طبيعية” [20]. لكن انتقال السلطة هذا لم ينجح، فرغم القمع، لا سيما في الداخل، كانت هناك تعبئة هامة للفلاحين في المناطق الريفية التي رفضت الحكومة الجديدة، وفي المدن، احتشد العمال أيضا. كانت قيادة هذه الصيرورة في المدن هي الاتحاد العام لعمال البيرو (الذي يؤثر فيه حزب المجتمع)، والذي يحاول قيادة التعبئة نحو حل تفاوضي مع الحكومة، عبر الدعوة إلى انتخابات رئيس جديد. في إطار أزمة عميقة للنظام السياسي، وبوجود الجماهير في الشوارع، فإن فرعنا في البيرو (“حزب العمال الاشتراكي”) يتدخل ببرنامج ثوري [21]. 

الحرب في أوكرانيا

 في إطار عام حافل للغاية، تعد الحرب في أوكرانيا، بلا شك، أهم حدث منذ شباط الماضي. حرب جديدة اندلعت في أوروبا بعد أكثر من 75 عاما من انتهاء الصراع الكبير الذي هزّ القارة، ونحو 30 عاما على الحروب التي نجمت عن انهيار الاتحاد اليوغوسلافي. في صراع يتم فيه التعبير عن عوامل متداخلة ومعقدة للغاية. تصف الرابطة الأممية للعمال – الأممية الرابعة الأمر بأنه حرب تشنها دولة مستبدة/ معتدية (روسيا) ضد بلد مضطهد/ يتعرض للاعتداء (أوكرانيا) بغاية دمجها. الرابطة الأممية للعمال – الأممية الرابعة وصفتها  بأنها حرب دولة مضطهِدة / معتدية (روسيا) ضد بلد مظلوم / مهاجَم (أوكرانيا). انطلاقا من هذا التوصيف، ووفقا لمعايير لينين وتروتسكي، “كان لدينا وطن”، دعمنا، دون قيد أو شرط المقاومة الأوكرانية لهزيمة الغزو الروسي، وخاصة مقاومة الطبقة العاملة التي كانت في قلب هذا النضال. وبما أنها حرب، فقد اعتبرنا أن مسألة ضمان تسليح المقاومة هي القضية المركزية لهذا الدعم. وقد تابعنا تغيرات ديناميكيات الحرب خطوة بخطوة [22].
في ذات الوقت، اقترحنا سياسة للطبقة العاملة والجماهير الأوكرانية في مواجهة هجمات حكومة زيلينسكي والبرجوازية الأوكرانية، مع الأخذ بعين الاعتبار وعي الجماهير تجاه الحكومة، والبرجوازية، والإمبريالية. وبنفس المنهج، شجبنا أيضا  الناتو، وهاجمناه، وعارضنا أي احتمال لتدخله المباشر في الصراع.
كل هذا تم التعبير عنه في نقاشات عامة (مع عدة مقالات)، سواء مع المنظمات التي تدعم عدوان بوتين، أو تلك التي تبنت موقف “الحياد”، وحتى مع أولئك الذين يدعمون المقاومة الأوكرانية ولكنهم ينكرون حقهم في مطالبة الحكومات الأجنبية بالسلاح.
لم نقف عند حدود الكلام، بل مضينا بهذه السياسة إلى الشوارع. حملنا ملصقات كبيرة في مختلف الحراكات (كتلك التي حدثت في 8 آذار، والأول من أيار، وكذلك في مخيمات المعتصمين الأرجنتينية)، وقمنا بعمل موحد مع أحزاب أخرى، وروجنا للقرارات والإجراءات التي ينبغي اتخاذها في النقابات العمالية والجماهيرية.. إلخ.
أهم تلك الفعاليات تم تنظيمها في إطار شبكة نقابات العمال الأممية، والتي نحن جزء منها، إلى جانب المنظمات النقابية في أوروبا. على سبيل المثال، في اجتماعها الذي عقد في فرنسا في شهر نيسان الماضي، أخذنا معنا ناشطا يمثل قطاع النقابات العمالية الأوكرانية. وفي ذلك الاجتماع تقرر إرسال أول قافلة عمالية تضامنية إلى أوكرانيا، والتي وصلت إلى ذلك البلد والتقت بقادة نقابات التعدين المشاركين في المقاومة [23]، ومن ثم تم تنظيم قافلة ثانية [24]، وفي كانون الأول، تم عقد مؤتمر مفتوح عبر الإنترنت بين أعضاء الشبكة والنقابيين من مدينة “كريفي ريه” الصناعية، لتقييم تقدم الحملة وأوضاع الحرب [25]. إننا فخورون بموقفنا من الحرب في أوكرانيا، وفي إطار ذلك، بالأنشطة الملموسة للدعم والتضامن مع المقاومة العمالية في هذا البلد. 

أحداث أخرى جديرة بالملاحظة 

في خضم هذا العام الحافل، احتفلت الرابطة الأممية للعمال – الأممية الرابعة بالذكرى الأربعين لتأسيسها. وقد خصصت صفحتنا عددا خاصا لهذه الذكرى مؤلفا من عدة مقالات ومقاطع فيديو تتناول مراجعة تاريخنا ومواقفنا النظرية والسياسية الرئيسية، ومناقشات مع منظمات أخرى تعلن أنها تروتسكية [26]. في تلك المقالات أعدنا التأكيد على استراتيجيتنا المتمثلة في استيلاء الطبقة العاملة على السلطة على المستوى الوطني، كخطوة لتنفيذ الثورة الاشتراكية العالمية، وأن الطبقة العاملة هي مكاننا المميز للبناء والتدخل، وأن نموذجنا للأممية يستند إلى السنوات الأولى للأممية الثالثة بقيادة لينين وتروتسكي. ولاختتام من هذه الحملة، سيتم نشر كتاب إلكتروني في شهر شباط يتضمن كافة المقالات الخاصة.
العام 2022 انتهى بحدث لم ينشأ عن الصراع الطبقي لكنه جذب انتباه الملايين في العالم: بطولة كأس العالم لكرة القدم في قطر. وكنا قد تناولنا هذا الحدث بالتنديد بجوانبه الدنيئة: المفاوضات الفجة حول كرة القدم باعتبارها تجارة استعراضية تم اختيار قطر كمضيف لها، والظروف الرهيبة التي بنى فيها العمال الأجانب (أكثرهم من الهند) الملاعب (وما تلا ذلك من حوادث وحالات وفاة)، والاضطهاد والقمع القاسي الذي تعاني منه النساء ومجتمع المغايرين في توجهاتهم الجنسانية في قطر [27]. في الوقت نفسه تابع العديد من طاقم التحرير لدينا، شأنهم شأن ملايين العمال حول العالم، انتصارات وخسائر الفرق الوطنية بشغف، ومنهم من ابتهج أو استاء من النتائج.
سبق وأن قلنا إن بطولة كأس العالم لا تستند إلى الصراع الطبقي، لكنها حتما تثير اعتبارات سياسية. على سبيل المثال، المنتخب الإيراني لم يردد نشيد بلاده قبل المباراة ضد إنجلترا، الأمر الذي تم اعتباره تعبيرا عن التضامن مع ضحايا القمع في إيران. كما شهد مسار البطولة تمايزا عبر دعم المنتخبات التي تعد ممثلة عن دول شبه مستعمرة (كالأرجنتين والمغرب) ضد “القوى الإمبريالية الأوروبية” (مثل إسبانيا وفرنسا). في كثير من دول العالم، كانت الاحتفالات بالبطولة التي حققها المنتخب الأرجنتيني تعكس هذا الأمر.
في ختام الحديث عن العلاقة بين كرة القدم والسياسة، يذكر أن بطولة كأس العالم شهدت تنامي الحملة الأممية المناهضة لإعدام أمير نصر آزاداني، لاعب كرة القدم الإيراني المحترف، والمطالبة بإطلاق سراحه، حيث كان قد تم الحكم عليه بالإعدام بسبب دعمه ومشاركته بالاحتجاجات ضد نظام آية الله. الرابطة الأممية للعمال – الأممية الرابعة دعمت هذه الحملة الأممية وروجت لها [28].
نود اختتام هذه المراجعة للعام 2022 ببعض الملاحظات. لقد بين لنا هذا العام الأزمة العميقة لـ “النظام العالمي الإمبريالي” من خلال الحرب في أوكرانيا، واقتصاد دولي لايزال يصب في صالح الأغنياء، والعديد من النضالات البنيوية لطبقتنا، ناهيك بالعديد من الثورات التي تحدت الأنظمة والحكومات، أو أجبرتها على التراجع (بعضها تمت الإطاحة به كما حدث في سريلانكا). يبدو لنا أنه من الممكن للغاية أن يحافظ العام 2023 على هذه الديناميكية، رغم أن الإمبريالية والبرجوازيات الوطنية وحكوماتها ستحاول إحباطها أو، على الأقل، حرفها.
الواقع سيبين لنا من سينتصر. لكن ما نعيد تأكيده هو التزامنا بدعم هذه النضالات، وتعزيزها، والتدخل الفعال فيها في حدود إمكانياتنا. إن صفحتنا تضع نفسها في خدمة هذه المهمة، وبالتالي في بناء الرابطة الأممية للعمال – الأممية الرابعة.

ملاحظات:

[1] https://litci.org/en/omicron-the-final-wave-or-another-ripple-in-an-unending-pandemic/

[2] https://www.elcomercio.com/actualidad/mundo/contagios-covid-estables-mundo-oms.html

[3] https://www.who.int/en/news-room/questions-and-answers/item/pandemic-prevention–preparedness-and-response-accord

[4]

[5]  https://litci.org/en/67494-2/  https://litci.org/en/u-s-whats-the-story-behind-inflation/

[6] https://litci.org/en/britain-the-working-class-is-rising-again/

[7]

[8] https://litci.org/en/truss-is-gone-build-for-a-general-strike-now/

[9] https://www.pstu.org.br/operarios-da-csn-se-levantam-contra-a-superexploracao-e-as-injusticas/

[10] https://www.pstu.org.br/pstu-realiza-plenaria-de-apresentacao-do-partido-para-operarios-da-csn-de-volta-redonda-e-seus-familiares/

[11]

[12] https://litci.org/en/the-day-trotskyists-shut-down-a-country-the-sri-lankan-hartal/

[13]

[14] https://litci.org/en/iran-on-the-rebellion-against-the-ayatollah-regime/

[15] See https://litci.org/en/category/world/asia/china/

[16] https://litci.org/en/chinese-dictatorship-backs-down-on-covid-19-policy/

[17] https://litci.org/en/cuba-protests-against-the-general-blackouts/

[18] https://litci.org/en/67025-2/

[19] https://litci.org/en/progressive-governments-a-not-so-pinky-new-wave/

[20] https://litci.org/en/peru-the-end-of-the-castillo-government-and-the-urgent-need-to-rebuild-independent-working-class-action/

[21] https://litci.org/en/peru-long-live-the-workers-and-popular-rebellion-out-with-boluarte-and-the-corrupt-congress-calling-for-a-workers-and-popular-national-strike/

[22] https://litci.org/en/category/world/europe/ukraine/

[23] https://litci.org/en/csp-conlutas-goes-to-ukraine-with-international-worker-convoy-and-delivers-donations/

[24] https://litci.org/en/trade-union-network-prepares-second-workers-aid-convoy-to-ukraine/

[25] https://litci.org/en/trade-union-network-hosts-conference-with-ukrainian-trade-unionists-in-december/

[26]

[27] https://litci.org/en/world-cup-in-qatar-when-sport-is-used-as-a-cover-for-exploitation-and-oppression/

[28] https://litci.org/en/iran-no-to-the-execution-of-amir-nasr-azadani/

 ترجمة تامر خرمه
مراجعة فيكتوريوس بيان شمس

Check out our other content

Check out other tags:

Most Popular Articles