الجمعة نوفمبر 22, 2024
الجمعة, نوفمبر 22, 2024

من حزب الله الكردي إلى “هدى – بار”

الشرق الأوسط وشمال أفريقيامن حزب الله الكردي إلى "هدى - بار"

في الانتخابات النيابية التركية التي جرت في 14 أيار، كان أحد الأحزاب التي دخلت البرلمان من قوائم التحالف الشعبي هو حزب “القضية الحرة”، الذي يسمى اختصاراً “هدى – بار”، والذي تعود جذوره إلى حزب الله الكردي [1].
الحزب المرخص لمنظمة حزب الله، الذي عذب وقتل مئات الأشخاص في المحافظات الكردية في التسعينيات، دخل إلى البرلمان عام 2023 وأعلن شرعيته. إذاً، ما هو حزب الله، تنظيم القتلة الذي يتوتر الناس بمجرد ذكر اسمه؟

✍🏾 بقلم نيهان دراما

 نشأة المنظمة

 رغم أن حزب الله بدأ في صياغة اسمه في عام 1991، إلا أن تأسيسه يعود إلى عام 1979 في باتمان، مسقط رأس حسين فيليوغلو، الذي عاد إليه، بعد دراسة السياسة في أنقرة، عام 1979. في ذلك الوقت، كانت المنطقة تهيمن عليها الأيديولوجية اليسارية، أما المحافظون فقد تم تنظيمهم في حزب الخلاص الوطني. فيليوغلو من جهته لم ينضم إلى ذلك الحزب، بل كانت لديه مخططات أخرى. وقد شرع في ترجمتها على الأرض، لتتخذ زخمها مع الإطاحة بالشاه، وقيام الثورة الإسلامية في إيران. وانعكاسا للوضع في إيران، نظم الإسلاميون في باتمان مسيرات في الشوارع، وازدادت الدعاية لثورة إسلامية شعبية. وهكذا، بدأ فيليوغلو في تعليم الشباب في مسقط رأسه ما يتماشى مع أيديولوجيته.
في اسطنبول، تأسس حزب الله في منطقة قاسم باشا. وكان العديد من أعضاء المنظمة ينحدرون من الاتحاد الوطني للطلاب الأتراك. وفي عام 1984، ظهرت المنظمة للعيان، بعد سرقة متاجر وأسواق المجوهرات، وقد تم القبض على أحد قادتها، عرفان جاغريجي، إثر إحدى تلك السرقات.
منذ عام 1991، تم تدريب بعض مقاتلي حزب الله على يد قوات أمن الدولة. وبحسب بعض المصادر، فقد تم تدريب بعض أعضاء التنظيم في إيران. بعد هذا التدريب، بدأ التنظيم يصنع لنفسه اسما بهجماته الدموية على المدنيين.
بعد انقلاب 12 أيلول 1980، تم تمهيد الطريق للطائفية في تركيا. وكانت خطة تمهيد الطريق لإنشاء التجمعات الدينية عبارة عن وصفة صاغتها الولايات المتحدة. كان هذا هو مسار التوليفة التركية الإسلامية، إذ خططت الولايات المتحدة لمحاربة الشيوعية في دول العالم الثالث من خلال خلق هوية جماعية للناس عبر الدين. وفي عام 1986، أعلن الرئيس كينان إيفرين ورئيس الوزراء تورغوت أوزال أن هذه الوصفة تمثل السياسة الثقافية الرسمية للدولة.
بعد الانقلاب، استخدمت الدولة التركية الإسلام لفرض هيمنتها على الأكراد على وجه الخصوص: “الأكراد لا يعتبرون أنفسهم أتراكا”، لذا، كانت هناك حاجة إلى خلق وهم الوحدة من خلال “الدين” للتمكن من كبح جماح “أعداء الدين” الذين يريدون المساواة والاستقلال. ولهذا الغرض، تم بناء العديد من المساجد في المحافظات الكردية، وتنظيم التجمعات الدينية. كان يتم تدريس الكتب الدينية في مدارس القرى، وتعيين رؤساء المكاتب الحكومية من الجماعات الدينية. كما امتدت الدعاية الدينية إلى السجون، وخاصة سجن ديار بكر.

دولة “علمانية” متحالفة مع الإسلاميين

مقلع أيدينلار كان قد تأسس كمركز للتوليفة التركية الإسلامية، المناهضة للشيوعية والمؤيدة لحلف شمال الأطلسي. كانت تحاول فرض هيمنة أيديولوجية تحت شعار “الشيوعيون انفصاليون والمسلمون يحمون دولتهم”.
استنادا إلى هذا المفهوم التركي – الإسلامي، قام حزب كونترا، الذي كان ناشطا في ترهيب الشعب الكردي، بارتكاب مذابح دموية للقضاء على “أعداء الدولة” و “العلمانيين”.
في باتمان عام 1992، كان يتم اختطاف شخص ما أو إعدامه كل يوم تقريبا. لقد قتلوا من استهدفوهم بأساليب معينة، باتت علامة معروفة تعكس عنف حزب الله، كالإعدام برصاصة واحدة في مؤخرة العنق، والطعن بالسكاكين. الأمر بمهاجمة الأطفال الذين يوزعون صحيفة أوزغور غوندم بالسكاكين، كان أيضا على قائمة أعمال الحزب. وبما أن مكان تنظيم حزب الله هو المساجد، فقد كان أعضاؤه يذهبون إلى أئمتها ويطلبون مفاتيح المسجد، ويقتلون من لا يعطونها. الصحفيون والمسؤولون التنفيذيون في حزب العمل الشعبي، وممثلو المنظمات غير الحكومية، كانوا أيضا أهدافا للمنظمة.
كان الخطف من أكثر الأساليب التي استخدمها حزب الله شيوعا. كان يعذب من يتم اختطافهم محتجزا إياهم في الأقبية والمخابئ التي يسميها بيوت الزنازين، وكانت فترة الاحتجاز تمتد لأشهر أو سنوات، حيث يتم تقييدهم بالسلاسل، ولا يتم منحهم سوى الخبز والماء. وفي بعض الأحيان لم يكن هناك طعام ولا ماء لمدة أسبوع. أثناء “الاستجواب” كان الناس يموتون نتيجة التعذيب الشديد. كانت إحدى أساليب التعذيب المميزة التي استخدمتها المنظمة هي تقييد الناس بطريقة معينة، بحيث ينتهي الأمر بأن يختنق الشخص المربوط بالحبال حتى الموت خلال التعذيب. كانت غونكا كوريش إحدى الضحايا الذين تم اختطافهم وتعذيبهم لمدة 35 يوما، ثم قتلهم بتلك الطريقة. لم يعلن حزب الله قط مسؤوليته عن أي من مذابحه. وقد تم تعذيب الناس وتصويرهم بالفيديو لكي يشاهدها فيليوغلو. 

حل المنظمة 

تمت “تصفية” حزب الله في 17 كانون الثاني 2000، عندما تم قتل الزعيم حسين فيليوغلو في مداهمة منزل زنزانة، واعتقال خلفاؤه، جمال توتار وإديب غوموش. خلال المداهمة، تم ضبط 12,000 طلب انتساب لأعضاء التنظيم. تلك السير الذاتية التي كان على كل من انضم إلى المنظمة تدوينها كانت مفصلة للغاية. وبحسب الأرقام الرسمية، فقد تم اعتقال 3000 عضو من التنظيم في تركيا. ولكن، لم يتم القبض على العديد من الأشخاص الذين كان لهم مكانة مهمة في المنظمة. وحتى جثث أكثر من 30 شخصا اختطفهم التنظيم، الذي تسبب في مقتل المئات، لم يتم العثور عليها.
بعد تعرية التنظيم، عاد الأعضاء الذين تم اعتقالهم وإطلاق سراحهم، وأولئك الذين بقوا في الخارج، إلى باتمان وديار بكر. وبعد سنوات قليلة أسسوا جمعية “مستزافلار”، وزعموا أنهم سينخرطون في السياسة دون سلاح، وأنهم منظمة من منظمات المجتمع المدني، لكن تم إغلاق الجمعية بأمر من المحكمة.
بحلول العام 2012، اتخذت المنظمة خطوة لتأسيس حزب “هدى – بار”، وقد نجحت في ذلك. هذا الحزب الذي انطلق بشعار “أنا مسلم أولا وكردي ثانيا” موجود الآن في البرلمان، ويدعي في العديد من منشوراته أن لا علاقة له بتنظيم حزب الله.
نرى أن القصر يتخذ خطوات لجعل المحافظات الكردية أكثر محافظة. لا شك في أن العداء الذي نشب بين الشعبين الكردي والتركي سيزداد أكثر، وأن الهدف هو إبعاد الأكراد عن السياسة.
إنهم كارهون للنساء، وممارسون للتعذيب، أعداء للبشرية وجدوا لأنفسهم مكانا في البرلمان البرجوازي. في مواجهة هذا الظلام، يتوجب على النساء، والاشتراكيين، وكل من يعتبر نفسه تقدميا أن يناضل من أجل الحق في الحياة للشعبين الكردي والتركي، ومحاربة عقلية القرون الوسطى التي تسعى هذه المجموعة لنشرها.

ملاحظة:

[1] حزب الله هذا لا علاقة له بجماعة حزب الله المعروفة في لبنان وفلسطين وسوريا


الآراء الواردة لا تعبّر بالضرورة عن آراء ومواقف “الرابطة الأممية للعمال – الأممية الرابعة”

ترجمة تامر خرمه
مراجعة فيكتوريوس بيان شمس

Check out our other content

Check out other tags:

Most Popular Articles