✍🏾 كارلوس سابير
في الأسبوع الماضي، شنت الولايات المتحدة سلسلة من الغارات الجوية ضد أهداف في العراق وسورية، ما أسفر عن مقتل وجرح العشرات، من بينهم مدنيين. إدارة بايدن ذكرت أن هذه الهجمات جاءت ردا على هجمات على القوات الأمريكية في الأردن والعراق، وهو تبرير يستوجب طرح السؤال التالي: ما الذي تفعله القوات الأمريكية على الأراضي الأردنية والسورية والعراقية؟
رغم انتهاء الغزو الأمريكي للعراق رسميا عام 2011 – والذي خلف وراءه دولة عراقية مختلّة، ومنقسمة طائفيا، وغارقة في الفقر والفساد والعنف – إلا أن الولايات المتحدة أبقت على قوات عسكرية يصل عدد مجموعاتها إلى الآلاف في العراق والدول المجاورة له، بهدف حماية المصالح الأمريكية في المنطقة. وتعد هذه القوات الذراع الطويلة للإمبريالية الأمريكية، وهي بمثابة عقبة أمام تحقيق أي تقرير حقيقي لمصير شعوب العراق والأردن وسورية، وكذلك بمثابة نقطة انطلاق للتهديدات ضد إيران.
في الوقت الذي يعدّ فيه هذا الأمر سببا كافيا بالفعل لإدانة آلة الحرب الأمريكية، والمطالبة بإعادة الجنود إلى الوطن من كافة أماكن انتشارهم، فمن الجدير بالملاحظة عبثية ولا منطقية جولة القصف الحالية، حتى من منظور الإمبريالية الأمريكية نفسها. وكما هو الحال في اليمن، حيث اعترف بايدن علنا بأن الضربات الجوية التي تشنها حكومته ستستمر رغم إدراك أنها لن تحقق هدفها التكتيكي المعلن، والمتمثل في إنهاء هجمات الحوثيين المسلحة على سفن الشحن الدولي، فإنه لا توجد خطة حقيقية وراء الضربات الجوية في العراق وسورية، سوى إحداث الدمار في عموم المنطقة التي يقطنها من تجرأوا على معارضة حلفاء الإمبريالية الأمريكية.
عندما تدعي حكومة الولايات المتحدة أنها تحافظ على النظام في اليمن أو سورية أو العراق، فمن المهم أن نتذكر الدافع الحقيقي وراء مناوراتها العسكرية: التخفيف من وطأة تداعيات غزو الإبادة الجماعية الذي تقترفه إسرائيل في غزة. وبعيدا عن حماية السلام، فإن الضربات الجوية الأمريكية تحمي الحرب؛ إنها انتقامٌ من الانتقام من اعتداء إسرائيل غير المعقول على الفلسطينيين. الجيش الأمريكي لا يحارب عدم الاستقرار في الشرق الأوسط، بل هو السبب وراءه. إن دعمه لإسرائيل لا يتوافق مع تحقيق أي شكل من أشكال الديمقراطية في مختلف أنحاء العالم العربي، وجرائم إسرائيل ضد الفلسطينيين سوف تلهم باستمرار المقاومة المسلحة المشروعة ضدها.
إن خطة المعركة التي تتبناها حكومة الولايات المتحدة واضحة تماما، وتتمثل في خنق الصرخة الفلسطينية من أجل الحرية بعنف لا معنى له، عنف ضد أي شخص يجرؤ على الصراخ، وكل ذلك في الوقت الذي تنحرف فيه أكثر فأكثر نحو صراع عسكري مباشر مع منافستها الإقليمية الرئيسية، إيران. ومع احتفاظ روسيا أيضا بتواجد عسكري في سورية، وتنفيذ غاراتها الجوية الإمبريالية بشكل دوري هناك، فإن المناورات العسكرية الأمريكية في البلاد تهدد بشكل أكبر بإمكانية حدوث مواجهة إمبريالية مباشرة تكون عواقبها كارثية.
داخل الولايات المتحدة، علينا أن نعارض بشدة محاولات الحكومة الأمريكية التغطية على الإبادة الجماعية بمزيد من العنف، وكذلك كافة المحاولات الهادفة إلى فرض أو الحفاظ على الهيمنة الإمبريالية الأمريكية على البلدان الأخرى. تقع على عاتقنا مهمة بناء حركة جماهيرية مبدئية واسعة النطاق، تعارض النزعة العسكرية الأمريكية. ولوقف هذا العدوان، لا يمكننا الاعتماد حتى على الديمقراطيين الأكثر ميلا إلى اليسار في الكونجرس، والذين يؤيدون بشكل روتيني الميزانية العسكرية التي تتيح للولايات المتحدة تنفيذ هذه الهجمات. إن قدرتنا على حشد الناس في الشوارع هي التي ستجبر الحكومة على الانحناء، كما حصل في ظل حكومة نيكسون المؤيدة للحرب، والتي اضطرت مع ذلك إلى مغادرة فيتنام.
يجب على الطبقة العاملة وكافة أصحاب الضمائر الحية أن يدركوا حجم قوتنا، خارج أجهزة حكومتنا الفاسدة، وغير الخاضعة للمساءلة، وأن يطالبوا بوضع حد لمحاولات الولايات المتحدة الإبقاء على الهيمنة العنيفة على الشرق الأوسط. وعبر ذلك، يمكننا زرع بذور حركة الطبقة العاملة التي يمكنها تحدي الحكم الرأسمالي من واشنطن إلى بغداد.
- أوقفوا قصف اليمن والعراق وسورية!
- فلتخرج الولايات المتحدة من الشرق الأوسط!
- أوقفوا الدعم الأمريكي للإبادة الجماعية التي تقترفها إسرائيل بحق الفلسطينيين!
ترجمة تامر خرمه
مراجعة فيكتوريوس بيان شمس