الأحد ديسمبر 22, 2024
الأحد, ديسمبر 22, 2024

رأس المال: II- الإنتاج الراسمالي كإنتاج لفائض القيمة (109)

النظرية الماركسيةرأس المال: II- الإنتاج الراسمالي كإنتاج لفائض القيمة (109)

غموض رأس المال، إلخ.

بما أن العمل الحي – داخل عملية الإنتاج. قد جرى امتصاصه سلفا في رأس المال، فإن كل القدرات الإنتاجية الاجتماعية للعمل تظهر بمثابة قدرات إنتاجية لرأس المال، بمثابة محمولات باطنية لرأس المال، كما هو الحال مع النقود، حيث بدت القوة الخالقة للقيمة التي يمتلكها الطابع العام للعمل وكأنها صفة لشيء من الأشياء، وما كان يصدّق على النقود يصدق بدرجة أكبر على رأس المال، لأنه

1) رغم أن العمل هو تعبير عن قدرة – العمل، ورغم أنه يمثل مجهود العامل الفرد، وبالتالي ينتمي إليه (إنه المادة التي يدفع منها إلى الرأسمالي لقاء ما يتقاضاه منه)، فإنه مع ذلك يتشيّأ في المنتوج وبذا يؤول إلى الرأسمالي. الأنكى من ذلك أن الشكل الاجتماعي الذي يتحد فيه العمال الأفراد، والذي لا يؤدون وظائفهم في نطاقه إلا كأعضاء خاصين من قدرة – العمل الكلية الناشطة التي تؤلف الورشة ككل، إن هذا الشكل ليس ملكا لهم. على العكس، إنه يواجههم بصفته ترتيباً رأسمالياً مفروضاً عليهم؛

2) إن تلك القدرات الإنتاجية الاجتماعية للعمل، أو القدرات الإنتاجية للعمل الاجتماعي، لم تأت إلى الوجود تاريخياً إلا مع حلول النمط الرأسمالي الخاص للإنتاج. نقصد بذلك أنها ظهرت کشيء باطني ملازم للعلاقات الرأسمالية، ولا انفصال لها عن هذه العلاقات؛

3) مع تطور النمط الرأسمالي للإنتاج، ترتدي الشروط الموضوعية للعمل شكلا مختلفة من جراء النطاق الذي تستخدم فيه، والتوفير المقتصد الذي تستخدم به (بمعزل تماما عن شكل الآلات نفسها). وتزداد هذه الشروط تمركزاً باطراد تطورها؛ إنها تمثل الثروة الاجتماعية. ولوضع المسألة في إطار عام، فإن مجالها وتأثيرها هما مجال وتأثير شروط إنتاج للعمل الموحد اجتماعياً. وبمعزل عن توحيد العمل، فإن الطابع الاجتماعي لشروط العمل – وهذه تتضمن الآلات ورأس المال الأساسي ((capital fixe من كل نوع – يظهر وكأنه منفصل ومستقل كلياً عن العامل. بل إنه يبدو وكأنه نمط وجود رأس المال ذاته، وبالتالي كشيء يمليه الرأسماليون دون رجوع إلى العمال. وعلى غرار الطابع الاجتماعي لعملهم بالذات، بل وإلى حد أكبر، فإن الطابع الاجتماعي الذي تحظى به شروط الإنتاج، بوصفها شروط الإنتاج الجماعية للعمل الموحد، يظهر بمثابة طابع رأسمالي، کشيء مستقل عن العمال وملازم لشروط الإنتاج بما هي عليه.

يضاف إلى ذلك (3). ينبغي أن نضيف في الحال الفقرة التكميلية التالية التي تستبق البحث اللاحق إلى حد معين:

إن الربح کشيء متميز عن فائض القيمة، يمكن أن ينشأ نتيجة استخدام مقتصد لشروط العمل الجماعية، كالتوفير في النفقات العامة، مثل التدفئة والإنارة، إلخ. هناك واقع أن قيمة المحرك الرئيس لا تزيد بمعدل زيادة قوته نفسها: التوفيرات المقتصدة  في سعر المواد الأولية، إعادة تصنيع فضلات الإنتاج، تقليص التكاليف الإدارية، أو تكاليف التخزين نتيجة الإنتاج الواسع، إلخ – إن كل هذه التوفيرات النسبية التي تصيب رأس المال الثابت وتتطابق مع النمو المطلق في قيمته، ترتكز على واقع أن وسائل الإنتاج هذه، أي كلا من وسائل العمل ومواد العمل، إنما تستخدم بصورة جماعية. إن هذا الاستخدام الجماعي، بدوره، يرتكز على المقدمة المطلقة لتعاون مجمع موحد من العمال. وعليه فإنه هو ذاته ليس سوى تعبير موضوعي عن الطابع الاجتماعي للعمل والقوى الاجتماعية للإنتاج الناشئة عنه، مثلما أن الشكل الخاص الذي ترتديه هذه الشروط، کالألات مثلا، لا يتيح استخدامها إلا لأجل عمل يقوم على أساس التعاون الموحد. ولكنها تظهر، بالنسبة إلى العامل الذي يدخل في هذه العلاقات، کشروط معينة، مستقلة عنه؛ إنها أشكال لرأس المال. وبالنتيجة، فإن سائر هذه التوفيرات (وما ينجم عنها من نمو في الأرباح وتقليصات في سعر السلع) تبدو وكأنها شيء منفصل عن العمل الفائض للعامل. إنها تبدو وكأنها فعل مباشر للرأسمالي، إنجاز الرأسمالي، الذي يؤدي وظيفته، هنا، كتجسيد في إهاب شخص، للطابع الاجتماعي للعمل، لورشة العمل ككل. وبالطريقة نفسها، فإن العلم، الذي هو في الواقع النتاج الفكري العام للتطورات الاجتماعية، يبدو وكأنه النتاج المباشر لرأس المال (نظراً لأن تطبيقه في العملية المادية للإنتاج يقع بمعزل عن المعرفة والقدرات التي يتمتع بها العامل المفرد). وبما أن المجتمع يتسم باستغلال رأس المال للعمل، فإن تطوره العام يبدو وكأنه القدرة الإنتاجية التي يتمتع بها رأس المال في تضاده مع العمل؛ ولذلك يبدو وكأنه تطور رأس المال، وهو يبدو كذلك حقا نظرا لأنه، بالنسبة إلى الغالبية العظمی، عملية يتم بواسطتها اعتصار قدرة – العمل.

إن الرأسمالي نفسه لا يغنم السلطة إلا بمقدار ما يكون تجسيدا لرأس المال في إهاب شخص (لهذا السبب فإنه يظهر دوماً في دور مزدوج في دفاتر الحسابات الإيطالية. مثلا کدائن لرأسماله بالذات).

أما بخصوص رأس المال في إطار النمط الشكلي للخضوع، فإن إنتاجيته تقوم، في المقام الأول، في القسر على أداء عمل فائض. وهذا القسر هو ميزة يشترك بها رأس المال مع أنماط الإنتاج السابقة. ولكنه في الرأسمالية شكل أكثر ملاءمة للإنتاج.

وحتى لو انتصرنا على معاينة العلاقة الشكلية، الشكل العام للإنتاج الرأسمالي، المشترك بين شكليه الأكثر والأقل تطوراً، لرأينا أن وسائل الإنتاج، الشروط الشيئية للعمل، ليست خاضعة للعامل، بل إن العامل خاضع لها. إن رأس المال يستخدم العمل (employs labour). وهذا يعرض في ذاته، العلاقة في شكلها البسيط، ويستتبع شخصنة الأشياء وتشييء (Versachlichung) الأشخاص.

وتصبح العلاقة على أي حال أكثر تعقيداً، بل أكثر غموضا كما هو بين، بانبثاق النمط الرأسمالي الخاص للإنتاج. وهنا نجد أن ليس فقط أشياء من قبيل منتوجات العمل، القيم – الاستعمالية والقيم – التبادلية على السواء، تجمح على قوائمها الخلفية بإزاء العامل لتجابهه کـ «رأسمال» بل إن الشكل الاجتماعي للعمل يتجلی كشكل لتطور رأس المال، وبالتالي فإن القدرات الإنتاجية للعمل الاجتماعي التي تطورت بذلك تظهر بمثابة القدرات الإنتاجية لرأس المال. إن مثل هذه القوى الاجتماعية هي في الواقع «مُرسملة» بإزاء العمل. والواقع إن الوحدة الجماعية في التعاون، التوحيد في تقسيم العمل، استخدام قوى الطبيعة والعلوم، استخدام منتوجات العمل، مثل الآلات – إن ذلك كله يجابه العمال الأفراد كشيء غريب، شيئي، جاهز، موجود دون تدخل منهم، بل يكون في الغالب معادياً لهم. إن ذلك كله يظهر ببساطة على أنه الأشكال السائدة لوجود وسائل العمل. فهي، کمواضيع، مستقلة عن العمال الذين تهيمن عليهم. ورغم أن ورشة العمل هي إلى درجة ما نتاج توحيد العمال، فإن کامل ذكائها وإرادتها تبدو مندمجة في الرأسمالي أو أتباعه (Understrappers)، ويجد العمال أنفسهم مجابهين بوظائف رأس المال التي تحيا في الرأسمالي. إن الأشكال الاجتماعية لعملهم الخاص – ذاتياً وموضوعياً على السواء. أو، بتعبير آخر، أشكال عملهم الاجتماعي الخاص، ذات علائق مستقلة تماما عن العمال الأفراد. إن العمال إذ يخضعون لرأس المال يصبحون مكونات لهذه البنى الاجتماعية، لكن هذه البنى الاجتماعية ليست ملكا لهم وبالتالي تنهض ضدهم بصفتها أشكالا لرأس المال نفسه، كما لو أنها تخص رأس المال، كما لو أنها تراکیب نشأت منه وكانت جزءا لا يتجزأ من تكوينه، في تضاد مع قدرة – العمل المعزولة للعمال. وتشتد هذه العملية باطراد إذ تتعرض قدرة – عملهم إلى التحوير على يد هذه الأشكال إلى حد يجعل هذه القدرة عاجزة حتى حين توجد مستقلة. بتعبير آخر إن الإمكانات الإنتاجية المستقلة لقدرة العمل هذه تدمر حالما تجد نفسها خارج إطار الرأسمالية. من جهة أخرى، فمع تطور الآلات، ينشأ إحساس بأن شروط العمل تأخذ بالهيمنة على العمل حتى تكنولوجيا، وفي الوقت نفسه، تحل محله، وتكبحه، وتجعله زائداً عن اللزوم في أشكاله المستقلة. في هذه العملية إذن تأخذ السمات الاجتماعية العمل العمال بمجابهة العمال، إن جاز التعبير، في شكل مُرسمل؛ وهكذا فإن الآلات هي مثال على الطريقة التي ترتدي فيها المنتوجات الحسية للعمل مظهر سادة العمل. وتمكن ملاحظة التحول نفسه في قوى الطبيعة والعلم، منتوجات التطور التاريخي العام في خلاصته المجردة. إنها هي أيضا تجابه العمال بمثابة قوى لرأس المال. وهي تغدو منفصلة انفصالا مؤثراً عن مهارة العامل الفرد ومعرفته؛ ورغم أنها هي ذاتها، في نهاية المطاف، منتوجات العمل، فإنها تظهر بمثابة جزء من محتویات رأس المال، حيثما تدخلت في عملية العمل. إن الرأسمالي الذي يضع آلة في موضع العمل، لا يحتاج إلى أن يفهمها. (أنظر أور). لكن العلم المتحقق في الآلة يتجلى للعمال في شكل رأسمال . والواقع، إن كل تطبيق من هذا النوع للعمل الاجتماعي والعلم، وقوى الطبيعة ومنتوجات العمل على نطاق واسع، يظهر على أنه لا أكثر من وسيلة لاستغلال العمل، وسيلة للاستيلاء على العمل الفائض وبالتالي فإنه يبدو ناشراً لقوى متميزة عن العمل ومندمجة برأس المال. وبالطبع فإن رأس المال لا يستخدم هذه الوسائل إلا لكي يستغل العمل، ولكن إذا أراد استغلال العمل، فعليه أن يطبق هذه الوسائل في الإنتاج نفسه. وهكذا فإن تطور القدرات الإنتاجية الاجتماعية للعمل، وشروط هذا التطور، تظهر الآن بمثابة إنجاز حققه رأس المال، إنجاز يتحمل العامل المفرد عبئه سلبا، إنجاز يتطور قدما في تضاد مع هذا العامل الفرد.

وبما أن رأس المال يتألف من سلع، فإنه يتجلى في شكل مزدوج،

1) قيمة – تبادلية (نقود)، ولكنها قيمة تنمي نفسها ذاتياً، قيمة تخلق قيمة، وتنمو كقيمة، وتتلقى علاوة إضافية لمجرد أنها قيمة. وينحلّ ذلك إلى مبادلة كمية محددة من العمل المتشيئ لقاء كمية أكبر من العمل الحي.

2) قيمة – استعمالية، وهنا يتوافق رأس المال مع الطبيعة الخاصة لعملية العمل. وهنا بالضبط لا يكون مقصوراً على مواد أو وسائل العمل التي ينتمي إليها العمل، والتي امتصت عملا. فإلى جانب استيلائه على العمل، استولى رأس المال على شبكة علاقات اجتماعية ومستوى تطور وسائل العمل المطابقة لها. إن الإنتاج الرأسمالي هو أول من يطور شروط عملية العمل، شروطها الشيئية والذاتية معاً، على نطاق واسع – إنه ينتزعها من أيدي الشغيلة المستقلين، الفرادى، ليطورها كقوی تسيطر على العامل المفرد، قوی غريبة عنه.

بهذه الطريقة يصبح رأس المال ماهية بالغة الغموض. إن شروط العمل تتكدس أمام العامل بهيئة قوى اجتماعية، وتكتسي شكلا مترسم.

هكذا يبدو رأس المال منتجاً،

1) باعتباره قسراً على العمل الفائض. وإذا كان العمل منتجاً فإنه يكون كذلك بالضبط بوصفه منفذاً يؤدي هذا العمل الفائض نتيجة التباين بين القيمة الفعلية لا قدرة – العمل وما تنميه من قيمة.

2) باعتباره تجسيداً في إهاب شخص، وممثلا أو الشكل المتشیئ لـ «القدرات الإنتاجية الاجتماعية للعمل»، أو القدرات الإنتاجية للعمل الاجتماعي. أما كيف يحقق قانون الإنتاج الرأسمالي ذلك – خلق فائض القيمة، إلخ – فذلك ما سبق أن بيّناه. إنه يأخذ شكل قسر يفرضه الرأسماليون على العمال وعلى بعضهم بعضا: – وعليه، فإنه، في الواقع الفعلي، قانون رأس المال، المفروض على الاثنين. إن العمل، كقوة اجتماعية وطبيعية، لا يتطور ضمن عملية إنماء القيمة بما هي عليه، ولكن ضمن عملية العمل الفعلية. وعليه فإنه يقدم نفسه كمجموعة من الصفات الملازمة لرأس المال کشيء، أي بمثابة قيمته – الاستعمالية. إن العمل المنتج – کشيء منتج للقيمة – يواصل مواجهته الرأس المال، باعتباره عمل عمال فرادی، بصرف النظر عن التراكيب الاجتماعية التي قد يدخلها العمال في عملية الإنتاج. وعليه بينما يمثل رأس المال دائماً الإنتاجية الاجتماعية للعمل بمواجهة العمال، فإن العمل المنتج نفسه لا يمثل أكثر من عمل عامل مفرد بمواجهة رأس المال.

لقد سبق أن رأينا تلك اللحظة، في بحثنا لعملية التراكم، كيف أن عمل الماضي، أي العمل في شكل قوى وشروط الإنتاج التي جرى إنتاجها أصلا، يشدد إعادة إنتاج كل من القيمة – الاستعمالية والقيمة – التبادلية، أي من ناحية كتلة القيمة التي تديمها كمية معينة من العمل الحي، ومن ناحية كتلة القيم – الاستعمالية التي يخلقها حديثاً. ولقد رأينا كيف أن ذلك يتجلى بمثابة قوة ملازمة لرأس المال، لأن العمل المتشیئ يؤدي دوماً وظيفة عمل مترسمل بإزاء العامل.

وإن رأس المال هو قوة ديموقراطية، وإحسان، ومساواتية، بامتيازه. (ف، باستيا، مجانية الائتمان، إلخ، باريس، 1850، ص 29)(*).

«رأس المال (stock)(**) يزرع الأرض، رأس المال يستخدم العمل». (آدم سميث، المرجع نفسه، الكتاب الخامس، الفصل الثاني ، طبعة بوكانن، 1814، المجلد 3، ص309).

«رأس المال هو… قوة جماعية» . (جون وايد، تاریخ الطبقات الوسطى والعاملة، إلخ، الطبعة الثالثة، لندن، 1835، ص 162). «ما رأس المال إلا اسم آخر للحضارة». (نفسه، ص 104).

«إن طبقة الرأسماليين، مأخوذة ككل، تجد نفسها في وضع اعتيادي حين يتوافق رفاهها مع مسيرة التقدم الاجتماعي» (شیربولييه، الثروة أو الفقر، ص 75). «والرأسمالي إنسان اجتماعي بامتياز، فهو يمثل الحضارة». (ص 76).

سطحياً: «ليست القدرة المنتجة لراس المال سوی کمية القدرة المنتجة الحقيقية التي يمكن للرأسمالي أن يتحكم بها بفضل رأسماله» (جون ستيوارت میل، أبحاث في بعض المسائل العالقة في الاقتصاد السياسي، لندن، 1811، ص 91).

«إن تراكم رأس المال أو وسائل استخدام العمل.. ينبغي أن يعتمد في كل الحالات على القدرات المنتجة للعمل». (ریکاردو، مبادیء، الطبعة الثالثة، 1821، ص 92. هناك معلق على أعمال ریکاردو ادلی بالملاحظة التالية حول هذه النقطة:

«إذا كانت القدرات المنتجة للعمل تعني صِغر ذلك الجزء الصحيح من المنتوج الذي يذهب إلى أولئك الذين أنتجوه بعملهم اليدوي، فإن الجملة متطابقة تقريبا». (ملاحظات حول بعض الخلافات اللفظية في الاقتصاد السياسي، لندن، 1821، ص 71).
إن التحول الدائم للعمل إلى رأسمال قد صيغ صياغة جيدة في الأقوال الساذجة الديستوت دو تراسي:

«إن أولئك (الرأسماليين الصناعيين) – الذين يعيشون على الأرباح يعيلون سائر الآخرين، وهم وحدهم يزيدون الثروة العامة ويخلقون جميع وسائل متعتنا. وينبغي أن يكون الأمر كذلك، ما دام العمل هو منبع كل ثروة، وما دام هؤلاء هم وحدهم من يعطي توجيهاً نافعاً للعمل الجاري، وذلك باستخدامهم المفيد للعمل المتراكم». (دیستوت دو تراسي، أطروحة في الاقتصاد السياسي، ص 242)(***).
لأن العمل هو مصدر كل ثروة، فإن رأس المال هو منمي كل ثروة:

«إن قدراتنا هي ثروتنا الأصلية الوحيدة؛ إن عملنا ينتج كل ثروة أخرى، كل عمل موجه توجيها جيداً، هو عمل منتج» (دیستوت دو تراسي، المرجع المذكور نفسه، ص 243) . إن قدراتنا هي منبع ثروتنا الأصلية الوحيدة. وبالتالي فإن القدرة على العمل ليست بثروة. إن العمل ينتج كل الأشكال الأخرى من الثروة، أي أنه ينتج الثروة لكل الآخرين عدا نفسه، بل إنها ليست الثروة نفسها بل مجرد منتوج الثروة. إن كل عمل أحسن توجيهه هو عمل منتج، بتعبير آخر أن كل عمل منتج أو أن كل عمل يدر ربحا للرأسمالي، هو عمل أحسن توجيهه.

إن تحويل القدرات الإنتاجية الاجتماعية للعمل إلى صفات شيئية لرأس المال فكرة متوطدة توطداً راسخاً في أذهان الناس إلى حد أن منافع الآلات، وفائدة العلم والاختراعات، إلخ، ينظر إليها بالضرورة في هذا الشكل المغرب، بحيث أن سائر هذه الأشياء عد خواص رأس المال. وأساس ذلك هو (1) الشكل الذي تظهر به الأشياء في إطار الإنتاج الرأسمالي وبالتالي في عقول المأخوذين بنمط الإنتاج هذا، (2) الواقع التاريخي المتمثل في أن هذا التطور يحصل أولا في الرأسمالية، خلافا لأنماط الإنتاج السابقة، وهكذا يبدو طابعه المتناقض خاصية ملازمة له.

___________

(*) نص المقتبس باللغة الإنكليزية مدرج في قسم المقتبسات باللغات غير الألمانية، ص 1182. [ن. ع].
(**) لغوياً رأس المال هو: عمل مُدّخر. وكلمة (Stock) تحمل هذا المعنى اللغوي أيضا. وهي الكلمة التي داب كتاب القرن الثامن عشر وبداية القرن التاسع عشر على استخدامها قبل شیوع كلمة (Capital). [ن. ع].

(***) النصوص المقتبسة باللغتين الفرنسية والإنكليزية مدرجة في قسم المقتبسات باللغات الألمانية، ص 1182-1183. [ن. ع].

لمراجعة الفصل السابق يرجى الدخول من الرابط أدناه:

 

https://litci.org/arab/archives/4127?fbclid=IwAR0uzqw7z0IyW0qSKeMoQ_fqZInadnDW2xG8WlIevaLpMLT-a-hgBXvz8BU

Check out our other content

Check out other tags:

Most Popular Articles