الجمعة نوفمبر 22, 2024
الجمعة, نوفمبر 22, 2024

بايدين مقابل ترامب.. معظم الناخبين يكرهون كليهما

دول العالمبايدين مقابل ترامب.. معظم الناخبين يكرهون كليهما

✍🏾 جيمس ماركين

 مع استمرار أزمة التضخم والحرب على غزة، وتراجع شعبية بايدن على نحو متزايد، يواجه الحزب الديمقراطي وضعا غير مستقر فيما يتعلق بالانتخابات الرئاسية المزمع عقدها في تشرين الثاني المقبل. ويبدو أن مرشحي الحزبين البرجوازيين الرئيسيين، بايدن وترامب، لا يتمتعان بالشعبية. في الواقع، عند النظر إلى أحدث استطلاعات الرأي في كل ولاية على حدة – الطريقة التي يتم بها تحديد نتائج الانتخابات الرئاسية الأمريكية فعليا – يتبين أن طرفي السباق الانتخابي متقاربين للغاية. ترامب، الذي تمت هزيمته قبل أربع سنوات وتخلى عنه مؤيدوه الرأسماليون، في أعقاب محاولاته اليائسة المتزايدة لقلب نتيجة الانتخابات، نجح في استعادة الدعم الرأسمالي على ما يبدو، وباتت لديه فرصة جيدة للفوز.

المعاناة الاقتصادية الحقيقية هي ما يضعف موقف بايدن، وليس “الاهتزاز” المفترض

يبدو أن هذا الاستطلاع قد حيّر الاستراتيجيين في الحزب الديمقراطي، والذين يزعمون أن الوضع الاقتصادي رائع، وأنه من الطبيعي أن يدعم الناخبون شاغل المنصب الذي قدم لهم تلك الخدمة الاقتصادية. حتى أن أنصار الرئيس صاغوا مصطلحا لهذا “التناقض” الواضح، واصفين إياه بـ “الاهتزاز”. وفي مقال لصحيفة نيويورك تايمز أوضح المحلل الليبرالي بول كروجمان أنه رغم توقعات الناس الاقتصادية الإيجابية، وفقا لاستطلاعات الرأي، إلا أنهم ما زالوا يرون أن الأوضاع الاقتصادية على الصعيد الوطني الشامل سلبية، رغم الإحصاءات الاقتصادية الرسمية. الكاتب وصف المعاناة الاقتصادية بأنها مجرد حالة ركود، أو «اهتزاز». وبطبيعة الحال، فإن هذا السرد المتعجرف هو محض محاولة للتستر على الأزمة الحقيقية المتعلقة بكلفة المعيشة التي تواجه العمال في هذا البلد، ولتمكين بايدن من الادعاء بأن الأوضاع الاقتصادية “إيجابية”.
الواقع الاقتصادي الذي يواجهه العمال في الولايات المتحدة ليس وردياً على الإطلاق كما يزعم أنصار كروجمان وبايدن. وفقا للتحليل الذي أجراه توماس فيرجسون وسيرفاس ستورم، فإن الأجور الحقيقية انخفضت بالفعل خلال الفترة الأخيرة من رئاسة بايدن، حيث لم تكن الزيادات في الأجور مناسبة لمستوى التضخم. أزمة تكلفة المعيشة تجلت في العديد من جوانب الحياة، لكنها أكثر حدة فيما يتعلق بنظام الرعاية الصحية الذي تضربه الأزمات. وقد أشار أحد الاستطلاعات إلى أن غالبية الأشخاص في الولايات المتحدة يواجهون مشكلات تتعلق بتكلفة الرعاية الصحية. ووفقا لهذا الاستطلاع، أفاد 60% من المستطلعة آرائهم بأنهم لم يحصلوا على الرعاية الصحية التي يحتاجونها بسبب التكاليف، ونحو 20% منهم تخلوا عن الدواء لنفس السبب.
الكلفة الرئيسية الأخرى التي تتحملها عائلات الطبقة العاملة هي إيجار السكن. وتشير البيانات إلى أن الإيجارات ارتفعت بشكل عام منذ بداية الوباء أكثر من زيادات الأجور بمعدل 1,5 مرة.  وقد يكون وراء الأمر أكثر مما يبدو للعيان، إذ أن مكتب التحقيقات الفيدرالي داهم هذا الشهر مكتب إدارة شركة كورتلاند الكبرى، والتي يقع مقرها في أتلانتا، في سياق التحقيق في برنامج “ريل بيج”. ويزعم مكتب التحقيقات الفيدرالي أن أصحاب الشركات العقارية في كافة أنحاء البلاد يستخدمون هذا البرنامج للتواطؤ بهدف رفع الأسعار على المستأجرين.
هذا التواطؤ، إلى جانب الأزمة المستمرة لتكاليف الرعاية الصحية، والألم العام الناجمين عن التضخم، يبين حقيقة أن ما يشهده الوضع الاقتصادي ليس مجرد “اهتزاز”، بل استمرار معاناة الطبقة العاملة في مواجهة القضايا المتعلقة بكلفة المعيشة، وانخفاض قيمة الأجور، رغم ارتفاع الأرباح ومؤشرات الأعمال. وهذا يوضح أنه في الوقت الذي تعكس المؤشرات الاقتصادية وضعا جيدا للاقتصاد بالنسبة للطبقة الحاكمة، إلا أن الناس العاديين من الطبقة العاملة لا يزالون في حالة سيئة للغاية. وهذا دليل آخر على أن السياسة الصناعية المكلفة التي ينتهجها بايدن، بما في ذلك قانون تشيبس، فشلت في إشباع جيوب الجماهير.
في الوقت الذي ينبغي فيه التعامل مع استطلاعات الرأي بحذر، لابد أيضا من الأخذ بعين الاعتبار أن التحليل السائد لاستطلاع آراء المجموعات العرقية قد يكون في كثير من الأحيان مختزلا وعنصريا إلى حد ما. لكن ذلك الاستطلاع الذي يعكس حالة عدم الرضا عن الوضع الاقتصادي هو ما أرغم أنصار بايدن على اختلاف فكرة “الاهتزاز” منذ البداية. ورغم أن العديد من أنصاره هللوا بأن هذه الظاهرة ستنتهي في شهر كانون الثاني، فإن أزمة تكاليف المعيشة لم تكن مجرد وهم، بل لاتزال مستمرة. وقد استمرت هذه الأزمة بالتجلي في استطلاعات الرأي البرجوازية السائدة، بما في ذلك استطلاع للرأي أجرته مؤسسة غالوب هذا الربيع، إذ تم تصنيف التضخم باعتباره القضية الأكثر أهمية بالنسبة للناخبين، الذين قال 55% منهم إن هذه المشكلة تشكل لهم مصدر “قلق كبير”.
في مواجهة هذا الوضع، حاول بايدن الترويج لـ “أرقامه الاقتصادية الجيدة”، وإثارة المخاوف من أن رئاسة ترامب ستقود إلى نهاية الديمقراطية في الولايات المتحدة. ويشير استطلاع للرأي أجرته جامعة شيكاغو للشباب إلى أن هذا النهج قد يكون أكثر فعالية بين البيض منه بين الناخبين السود واللاتينيين. وفي حين أن معظم المجموعات صنفت التضخم على أنه القضية الأولى، فإن “تهديد الديمقراطية الأمريكية” احتل المرتبة الثانية بالنسبة للناخبين البيض، ولكن لم يتم النظر إلى هذا الأمر على أنه الأكثر أهمية من قبل الناخبين السود واللاتينيين، الذين كانوا عوضا عن ذلك أكثر اهتماما بقضايا الفقر، والامساواة، وتراجع النمو الاقتصادي، والعنف المسلح.
مجددا، من المهم عدم تعميم نتائج الاستطلاعات على فئات عرقية واسعة، لكن هذه النتائج عبرت عن نفسها أيضا في استطلاعات الرأي الوطنية، ما يشير إلى أن بايدن يفقد تفوقه على ترامب بين الناخبين السود واللاتينيين. كما تشير الاستطلاعات إلى أن دعم الرئيس للمذابح في غزة قد أضر بموقفه في أوساط الناخبين السود. وهذه البيانات التي خلصت إليها استطلاعات الرأي تدعمها المزيد من الأحداث الملموسة. على سبيل المثال، في الشهر الماضي، أصدرت الجمعية الوطنية لتقدم الملونين توبيخا لبايدن، داعية إلى وقف إرسال شحنات الأسلحة الأمريكية إلى إسرائيل.
قضية الحرب هذه لا تضر فقط بموقف بايدن وتفقده دعم مجتمعات السود، بل ستؤدي القضية إلى إنهائه بطريقة ما – على يد الشريحة النشطة سياسيا من السكان. وهذه المجموعة من النقابيين والعاملين غير الربحيين يحتلون أهمية بالغة فيما يتعلق بالحصول على الأصوات وإدارة اللعبة الانتخابية الرئاسية. وفي حين أن خسارة أصواتهم وحدها قد لا تكلف الرئيس الانتخابات، إلا أن خسارة دعمهم، أو على الأقل حماستهم، ستكلفه ثمنا باهظا، خاصة في الولايات التي تشهد معارك حاسمة للفوز بالبيت الأبيض في ظل نظام المجمع الانتخابي غير الديمقراطي بشكل حقيقي.

المعركة القانونية ضد ترامب

مع تعثر حملته للانتخابات الرئاسية، يجد بايدن والعديد من أنصاره العزاء في مشاكل ترامب القانونية العديدة، ومن الواضح أنهم يأملون أن تتعامل المحاكم مع ترامب نيابة عنهم. في الواقع، خلال جمع التبرعات لحملة كونيتيكت التي جرت بعد إدانة ترامب بـ 34 تهمة احتيال، ورد أن بايدن اتجه نحو المحاكمة، مشيرا إلى أنه “لأول مرة في التاريخ الأمريكي، يسعى رئيس سابق مجرم مدان إلى منصب الرئاسة”.
رغم أنه من منظور الطبقة العاملة، تعد محاكمة رئيس دولة سابق له سجل حافل مثل ترامب أمرا مرحبا به، إلا أن المحاكم، في معظمها، قررت عدم ملاحقته لجرائمه العديدة ضد الطبقة العاملة. وفي حين تم رفع قضية واحدة ضد ترامب بسبب جريمة الاعتداء الجنسي الخطيرة، لم تكن هناك أي محاكمة في المنطقة الجنوبية من نيويورك لجرائمه المقترفة بحق عدد لا يحصى من الأشخاص الذين قتلهم بضربات الطائرات بدون طيار، ولم تسمع أي هيئة محلفين أي قضية حول سياسة ترامب المتعلقة بالهجرة، التي أفضت إلى تفريق غير معروف من العائلات، ودمرت حياة عدد لا يحصى من الناس. بدلا من ذلك، وباستثناء قضية الاعتداء الجنسي، كانت القضايا القانونية التي رفعت ضد ترامب، إلى حد كبير، من النوع التافه، مع التركيز على الجرائم المرتكبة ضد أعراف المجتمع الرأسمالي.
هذه المقالة لا تتسع لتسليط الضوء بشكل كامل على قضايا ترامب القانونية، ولكن يمكن تقسيم تلك القضايا إلى أربع فئات: الجرائم التجارية والاحتيال، والجرائم الشخصية والتشهير، والجرائم المتعلقة بالانتخابات الرئاسية لعام 2020، والجرائم المتعلقة بالأسرار الحكومية. وبينما يعقد الديمقراطيون الأمل على كل من هذه القضايا لسجن ترامب، أو منعه من الترشح لمنصب الرئاسة، فإن التحقيقات تكشف أنه من غير المرجح أن تنال أي منها من ترامب، أو على الأقل أن تقود إلى إيذائه قبل الانتخابات.
الفئة الأولى، المتعلقة بالاحتيال وجرائم الأعمال، أسفرت عن صدور حكم ضد ترامب في محكمة ولاية نيويورك العام الماضي. وبينما فرض القاضي غرامات كبيرة على ترامب ومؤسساته التجارية، يبدو من غير المرجح أن تؤثر هذه القضية على ترشحه للبيت الأبيض. وعلى نحو مماثل، لا يبدو أن الجرائم التي تمس حياة ترامب الشخصية تمثل بوابة الأمل التي ربما كان بايدن يراهن عليها، فرغم أن القضاء حكم بأن ترامب مذنب بارتكاب جريمة اغتصاب، ورغم أن إدانته بارتكاب 34 جناية بتهمة تزوير سجلات تجارية من أجل إخفاء علاقة غرامية كانت بمثابة أخبار كبرى، فمن غير الواضح ما إذا كان ترامب سيواجه عقوبة السجن لفترة طويلة في هذه القضايا. وهذا صحيح بشكل خاص لأنه يستطيع الاستمرار في تأجيل أي عقوبة يتلقاها من خلال الاستئناف إلى ما بعد انتخابه باعتباره رئيسا محتملا.
أما الفئة الثانية، المتعلقة بمحاكمة ترامب بسبب احتفاظه بوثائق سرية بعد انتهاء فترة ولايته كرئيس، فقد تبين أنها أقل خطورة على ترامب بطريقة أو بأخرى. وفي حين أن هذه القضية قد تعكس انتهاكا للقانون، إلا أننا كاشتراكيين ليس لدينا مشكلة في كشف أسرار الدولة. ومع ذلك، يبدو أن ترامب قد حصل على استراحة فيما يتعلق بهذه القضية بعد تعيين القاضي الموالية له في هيئة المحكمة للإشراف على القضية. وتشير التقارير إلى أن هذه القاضي، إيلين كانون، كانت تماطل في القضية بحيث بات من غير المرجح أن يتم الاستماع إليها قبل الانتخابات.
هذا يقودنا في النهاية إلى القضايا المتعلقة بمحاولة ترامب تزوير الانتخابات الرئاسية لعام 2020.  على الورق، تبدو هذه الأمور هي الأكثر خطورة، ولكن لسوء الحظ، يبدو من غير المرجح أن تؤدي إلى إسقاط ترامب قبل الانتخابات. ويبدو أن القضية الأولى، التي رفعتها وزارة العدل، من غير المرجح أن تشكل خطورة على ترامب لأنه سيكون مسؤولا عنها إذا تم انتخابه رئيسا. أما القضية الأخرى، في مقاطعة فولتون بولاية جورجيا، فيبدو أنها الأكثر خطورة على ترامب، لأنه لن يتمكن من الحصول على عفو إذا أدين بسبب سياسات الولاية القاسية “الصارمة في التعامل مع الجريمة”. ومع ذلك، فقد خرجت القضية عن مسارها منذ ذلك الحين بسبب الاستئنافات والتأخير، بعد الكشف عن سوء السلوك الشخصي من المدعي العام المحلي.
باختصار، يبدو أنه من غير المرجح أن تمنع أي من هذه القضايا القانونية ترامب من الترشح للرئاسة أو الفوز بها في تشرين الثاني المقبل. وبطبيعة الحال، هذا ليس مفاجئا نظرا لقوة الحزب الجمهوري في نظام المحاكم. في الواقع، ستنحاز المحاكم بشكل عام إلى الطبقة الرأسمالية، ولا ينبغي للعمال أن يعتمدوا عليها لتحقيق العدالة الحقيقية. ومع فشل هذه المحاكم في “التخلص” من ترامب، وعدم تقديم الديمقراطيين سوى القليل من البدائل، فإن هناك فرصة معقولة لأن يصبح دونالد ترامب رئيسا منتخبا للمرة الثانية بحلول نهاية العام.
بما أن استطلاعات الرأي تشير إلى أن العمال في الولايات المتحدة الأمريكية يحتقرون كلا الخيارين، اللذين قدمتهما لهم الأحزاب الرأسمالية الكبرى، إلى حد كبير، بات واضحا أكثر من أي وقت مضى أن هذا البلد يحتاج إلى حزب سياسي يمثل الطبقة العاملة بشكل فعلي. ورغم أن مشروع بناء حزب عمالي جديد في هذا البلد لا يمكن تنفيذه في الوقت المناسب للحيلولة دون رئاسة ترامب الثانية، إلا أن بناءه أمر بالغ الأهمية لمقاومة الهجمات الحتمية على العمال، والمهاجرين، والنساء، والأقليات الجنسية، والتي ستعقب انتخاب ترامب.




ترجمة تامر خرمه
مراجعة فيكتوريوس بيان شمس

Check out our other content

Check out other tags:

Most Popular Articles