الأحد سبتمبر 08, 2024
الأحد, سبتمبر 8, 2024

(10) المؤتمرات العالمية الأربعة الأولى للأمميـــــــــــة الشيوعيــــــــــــــة

النظرية الماركسية(10) المؤتمرات العالمية الأربعة الأولى للأمميـــــــــــة الشيوعيــــــــــــــة

المؤتمر الثاني

الأنظمة الداخلية للأممية الشيوعية


تأسست في لندن، عام 1864، أول عصبة أممية للشغيلة: العصبة الأممية الأولى. وقد تضمنت الأنظمة الداخلية لهذه العصبة ما يلي:

«لما كانت العصبة تعتبر:

أن تحرر الطبقة العاملة ينبغي أن تحققه الطبقة العاملة نفسها؛
أن النضال من أجل التحرر لا يعني بأي حال نضالا من أجل خلق امتيازات طبقية جديدة واحتكارات جديدة، بل من أجل إقامة المساواة في الحقوق والواجبات ومن أجل إلغاء كل سيطرة طبقية؛
إن خضوع الأنسان الاقتصادي للعمل في ظل نظام مالكي وسائل الإنتاج (أي كل موارد الحياة) والعبودية بأشكالها كافة، هما السببان الرئيسيان للبؤس الاجتماعي والانحطاط الأخلاقي والخضوع السياسي؛
أن التحرر الاقتصادي للطبقة العاملة هو، في كل مكان، الهدف الأساسي الذي يجب أن ترتهن به كل حركة سياسية، بوصفها وسيلة لبلوغه؛
أن كل الجهود لبلوغ هذا الهدف الكبير قد فشلت بسبب غياب التضامن بين الشغيلة في فروع العمل المختلفة في كل بلد، وغياب التحالف الأخوي بين الشغيلة في البلدان المختلفة؛
أن التحرر ليس مشكلة محلية أو وطنية إطلاقا، بل مشكلة اجتماعية تطول جميع البلدان حيث يوجد النظام الاجتماعي الجديد، ويتوقف حلها على التعاون النظري والعملي بين البلدان الأكثر تقدما، وأن تجديد الحركة العمالية الذي يحدث بشكل متزامن في البلدان الأوربية الصناعية يوقظ فينا من جهة، آمالاً جديدة، ولكنه يشكل لنا، من جهة ثانية، تحذيرا صارخا لعدم الوقوع في الأخطاء القديمة، ويدعونا إلى التنسيق الفوري للحركة التي لم تكن تتمتع إلى الآن بالتماسك والانسجام.
إن الأممية الثانية، التي تأسست في باريس عام 1889، كانت تعهدت بأن تكمل عمل الأممية الأولى، ولكنها تعرضت عام 1914، في بداية الحرب العالمية، إلى انهيار كامل. لقد هلكت الأممية الثانية، نخرتها الانتهازية وجندلتها خيانة زعمائها، الذين انتقلوا إلى معسكر البرجوازية؛
لذلك فإن الأممية الثالثة التي تأسست في آذار / مارس 1919 في عاصمة جمهورية السوفيتات الاشتراكية الاتحادية، موسكو، قد أعلنت بوجه العالم أنها تتكفل بمتابعة وإنجاز العمل الذي شرعت به الأممية الأولى للشغيلة.
لقد تشكلت الأممية الثالثة الشيوعية في نهاية المجزرة الإمبريالية بين عامي 1914 و1918، التي زهقت خلالها البرجوازية، في مختلف البلدان، أرواح 20 مليون بشري.
تذكّر الحرب الإمبريالية! هذه هي الكلمة الأولى التي توجهها الأممية الشيوعية إلى كل شغيل مهما كان أصله أو اللغة التي يتكلمها. تذكَّر أنه بفعل وجود النظام الرأسمالي، تمكنت حفنة من الامبرياليين، خلال سنوات أربع طويلة، من إجبار الشغيلة في كل مكان على ذبح بعضهم بعضا ! تذكر أن الحرب البرجوازية قد أغرقت أوربا والعالم أجمع في الجوع والفقر ! تذكر أنه دون إطاحة الرأسمالية فإن تكرار هذه الحروب الإجرامية لن يكون ممكنا فحسب بل هو محتم !.
إن الأممية الشيوعية قد وضعت نصب أعينها الكفاح المسلح من أجل إطاحة البرجوازية العالمية، وخلق الجمهورية الأممية للسوفيتات، المرحلة الأولى على طريق القضاء التام على كل نظام حكومي. وتعتبر الأممية الشيوعية أن دكتاتورية البروليتاريا هي الوسيلة الوحيدة المهيأة لتخليص الإنسانية من فظائع الرأسمالية، وتعتبر سلطة السوفيتات شكل دكتاتورية البروليتاريا الذي يفرضه التاريخ.
لقد خلقت الحرب الإمبريالية صلة وثيقة جدا بين مصير الشغيلة في بلد محدد ومصير البروليتاريا في البلدان الأخرى كافة.
لقد أكدت الحرب الإمبريالية مرة جديدة صحة ما ورد في الأنظمة الداخلية للأممية الأولى: أن تحرر الشغيلة ليس مهمة محلية، ولا وطنية، بل أنه مهمة اجتماعية وأممية.
إن الأممية الشيوعية تقطع إلى الأبد مع تراث الأممية الثانية، التي لم يكن يوجد في الواقع، بالنسبة لها، إلاّ الشعوب ذات العرق الأبيض. فالأممية الشيوعية تتآخى مع الشعوب في كل الأعراق: الأبيض والأصفر، والأسود، ومع شغيلة الأرض أجمع.
إن الأممية الشيوعية تدعم بالكامل، ودون تحفظ، مكاسب الثورة البروليتارية العظمى في روسيا، أول ثورة اشتراكية منتصرة في التاريخ، وتدعو بروليتاريي العالم إلى السير في الطريق نفسه، وتتعهد الأممية الشيوعية بدعم كل جمهورية اشتراكية تنشأ في أي مكان، بكل الوسائل التي تكون بمتناولها.
لا تجهل الأممية الشيوعية أنه، من أجل تسريع النصر، على العصبة الأممية للشغيلة، التي تقاتل لإزالة الرأسمالية وبناء الشيوعية، أن تمتلك تنظيما شديد المركزية، وأن على الآلية المنظمة للأممية الشيوعية أن تؤمن للشغيلة في كل بلد محدد إمكانية تلقي كل نجدة ممكنة، في أي وقت، من جانب العمال المنظمين في البلدان الأخرى.
آخذة بالاعتبار كل ذلك، تتبنى الأممية الشيوعية الأنظمة التالية:

المادة الأولى:

إن العصبة الأممية الجديدة للشغيلة قد تأسست بهدف تنظيم نشاط شامل للبروليتاريا في البلدان كافة، يتجه نحو غاية واحدة ووحيدة وهي: إطاحة الرأسمالية، وبناء دكتاتورية البروليتاريا وجمهورية السوفيتات الأممية، مما يهيئ لإزالة الطبقات بشكل نهائي، وتحقيق الاشتراكية، الدرجة الأولى في المجتمع الشيوعي.

المادة الثانية:

إن العصبة الأممية الجديدة للشغيلة تتبنى اسم الأممية الشيوعية.

المادة الثالثة:

كل الأحزاب والتنظيمات المنتسبة إلى الأممية الشيوعية تحمل الاسم التالي: الحزب الشيوعي لهذا البلد أو ذاك (فرع الأممية الشيوعية).

المادة الرابعة:

ليست الهيئة العليا للأممية الشيوعية إلاّ المؤتمر العالمي لكل الأحزاب والتنظيمات المنتسبة للأممية. ويقوم المؤتمر العالمي بالمصادقة على برامج مختلف الأحزاب المنتسبة. إنه يدرس القضايا البرنامجية والتكتيكية الأساسية المتعلقة بنشاط الأممية الشيوعية ويحلها. ويحدد عدد الأصوات المقررة، لكل حزب أو تنظيم في المؤتمر العالمي، بقرار خاص من المؤتمر، بالاستناد إلى عدد أعضاء كل تنظيم، على أن يؤخذ بالاعتبار التأثير الفعلي للحزب.

المادة الخامسة:

ينتخب المؤتمر العالمي لجنة تنفيذية للأممية الشيوعية، تكون الهيئة العليا للأممية الشيوعية في الفترة التي تفصل بين دورتين للمؤتمر العالمي.

المادة السادسة:

يحدد المؤتمر العالمي في كل دورة جديدة مقر اللجنة التنفيذية للأممية الشيوعية.

المادة السابعة:

يمكن الدعوة لمؤتمر عالمي استثنائي للأممية الشيوعية بقرار من اللجنة التنفيذية أو بطلب من نصف العدد الكلي للأحزاب المنتسبة في آخر مؤتمر عالمي.

المادة الثامنة:

إن العمل الرئيسي والمسؤولية الكبرى داخل اللجنة التنفيذية للأممية الشيوعية يقعان بشكل أساسي على عاتق البلد الذي حدده المؤتمر كمقر للجنة التنفيذية. وينتدب الحزب الشيوعي في هذا البلد خمسة ممثلين عنه على الأقل يتمتعون بحق التصويت، وبالإضافة إلى ذلك، ينتدب كل حزب من الأحزاب الأكثر أهمية (اثنا عشر حزبا) ممثلا عنه إلى اللجنة التنفيذية يتمتع بحق التصويت. يقر المؤتمر العالمي لائحة بهذه الأحزاب. ويحق للأحزاب والتنظيمات الأخرى أن تنتدب ممثلين عنها إلى اللجنة (بنسبة ممثل واحد عن كل حزب) وتكون أصواتهم استشارية.

المادة التاسعة:

تقود اللجنة التنفيذية في الفترة الفاصلة بين دورات المؤتمرات جميع نشاطات الأممية الشيوعية. وتنشر في لغات أربع على الأقل النشرة المركزية (مجلة الأممية الشيوعية) والبيانات التي تعتبرها ضرورية باسم الأممية الشيوعية. وتقدم التوجيهات لكل الأحزاب والتنظيمات المنتسبة ويكون لهذه التوجيهات حكم القانون ويحق للجنة التنفيذية، أن تطلب من الأحزاب المنتسبة أن تطرد أي مجموعة أو فرد يخرق الانضباط البروليتاري، ويحق لها أن تطلب طرد الأحزاب التي تخرق قرارات المؤتمر العالمي، ولهذه الأحزاب حق الاستئناف أمام المؤتمر العالمي. وعند الضرورة تنظم اللجنة التنفيذية في بلدان مختلفة مكاتب تقنية مساعدة وأخرى خاضعة لها تماما.

المادة العاشرة:

يحق للجنة التنفيذية للأممية الشيوعية أن تعين ممثلين يتمتعون بأصوات استشارية، عن تنظيمات وأحزاب غير مقبولة في الأممية الشيوعية ولكنها نصيرة للشيوعية.

المادة الحادية عشرة:

يجب أن تنشر الصحافة الخاصة بالأحزاب والتنظيمات المنتسبة إلى الأممية الشيوعية أو النصيرة لها، كل الوثائق الرسمية للأممية الشيوعية ولجنتها التنفيذية.

المادة الثانية عشرة:

إن الوضع العام في أوربا وأمريكا يفرض على الشيوعيين أن يخلقوا بموازاة منظماتهم الشرعية، منظمات سرية، وعلى اللجنة التنفيذية أن تسهر على مراعاة هذا البند من بنود النظام الداخلي.

المادة الثالثة عشرة:

إن القاعدة في كل العلاقات السياسية المهمة بين مختلف الأحزاب المنتسبة للأممية الشيوعية، أن تمر عبر اللجنة التنفيذية للأممية الشيوعية. ولكن عند الضرورة الملحة، يمكن أن تكون هذه العلاقات مباشرة، شرط أن تُعلَم اللجنة التنفيذية للأممية الشيوعية بذلك.

المادة الرابعة عشرة:

إن النقابات التي تقف على أرضية الشيوعية والتي تشكل مجموعات عالمية تحت إشراف اللجنة التنفيذية للأممية الشيوعية، تشكل فرعا نقابيا للأممية الشيوعية، وترسل النقابات الشيوعية ممثليها إلى المؤتمر العالمي للأممية الشيوعية بواسطة الحزب الشيوعي في بلدانها، وينتدب الفرع النقابي أحد أعضائه إلى اللجنة التنفيذية للأممية الشيوعية حيث يتمتع بحق التصويت وللجنة التنفيذية أن تنتدب ممثلا عنها إلى الفرع النقابي للأممية الشيوعية، يتمتع بحق التصويت.

المادة الخامسة عشرة:

يخضع الاتحاد العالمي للشبيبة الشيوعية للأممية الشيوعية وللجنتها التنفيذية. وينتدب ممثلا عن لجنته التنفيذية إلى اللجنة التنفيذية للأممية الشيوعية حيث يتمتع بحق التصويت، ويحق للجنة التنفيذية أن تنتدب ممثلا عنها إلى اللجنة التنفيذية لاتحاد الشبيبة، يتمتع بحق التصويت. وتقوم العلاقات المتبادلة القائمة بين اتحاد الشبيبة والحزب الشيوعي، باعتبارها تنظيمين في بلد واحد على المبدأ نفسه.

المادة السادسة عشرة:

تصادق اللجنة التنفيذية للأممية الشيوعية على تعيين أمانة سر الحركة النسائية الأممية، وتنظُّم فرعا نسائيا شيوعيا للأممية.

المادة السابعة عشرة:

كل عضو في الأممية الشيوعية ينتقل من بلد لآخر، يجري استقباله بشكل أخوي من قبل أعضاء الأممية الثالثة.

شروط قبول الأحزاب في الأممية الشيوعية

إن المؤتمر التأسيسي الأول للأممية الشيوعية لم يقم بصياغة الشروط الدقيقة لقبول الأحزاب في الأممية الثالثة. فعندما عقدت الأممية مؤتمرها الأول لم يكن يوجد في غالبية البلدان إلاّ اتجاهات وتجمعات الشيوعية.
إن المؤتمر الثاني للأممية الشيوعية ينعقد في شروط مختلفة تماما. في أغلب البلدان أصبح هناك أحزاب وتنظيمات شيوعية بدل الاتجاهات والتجمعات.
بشكل متزايد، نرى أحزابا وتجمعات، كانت لوقت قريب تنتمي إلى الأممية الثانية، تتجه إلى الأممية الشيوعية راغبة الآن بالانضمام إليها، دون أن تكون قد أصبحت مع ذلك شيوعية حقا. لقد هُزمت الأممية الثانية بشكل نهائي. والأحزاب الوسطية وتجمعات «الوسط»، إذ رأت وضعها اليائس، تسعى للاستناد إلى الأممية الشيوعية التي تزداد قوتها كل يوم، وهي تأمل الاحتفاظ مع ذلك بـ «استقلالية» تسمح لها بمتابعة سياستها الانتهازية أو «الوسطية» القديمة. فالأممية الشيوعية هي، بشكل أو بآخر، «على الموضة».
إن رغبة بعض المجموعات القيادية «الوسطية» بالانتساب إلى الأممية الثالثة تؤكد لنا بشكل غير مباشر أن الأممية الشيوعية قد كسبت تعاطف الأغلبية العظمى من الشغيلة الواعين في العالم أجمع، وأنها تشكل قوة تزداد نموا يوما بعد يوم.
إن الأممية الشيوعية مهددة بأن تغزوها تجمعات متذبذبة ومترددة لم تستطع بعد القطع مع أيديولوجية الأممية الثانية.
يضاف إلى ذلك أن بعض الأحزاب الهامة (الإيطالي، والسويدي) التي تتبنى الغالبية فيها وجهة النظر الشيوعية، مازالت تحتفظ داخلها بالعديد من العناصر الإصلاحية، والاشتراكية – السلمية التي لا تنتظر إلاّ الفرصة من أجل رفع رأسها وتخريب الثورة البروليتارية بشكل نشط، مقدمة بذلك المساعدة للبرجوازية وللأممية الثانية.
ينبغي على أي شيوعي ألاّ ينسى دروس جمهورية السوفيتات الهنغارية، إن اتحاد الشيوعيين الهنغاريين مع الإصلاحيين كلّف البروليتاريا الهنغارية غاليا.
لذلك يرى المؤتمر الثاني العالمي وجوب تحديد شروط قبول الأحزاب الجديدة تحديدا دقيقا للغاية، والإشارة، بالمناسبة عينها، إلى الواجبات التي تقع على عاتق الأحزاب المنتسبة سابقا.

يقرر المؤتمر الثاني للأممية الشيوعية أن شروط القبول في الأممية هي التالية:

1- ينبغي أن يكون للدعاوة والتحريض اليوميين طابع شيوعي حقا، وأن يتفقا مع برنامج الأممية الثالثة وقراراتها، وأن يحرر كامل صحافة الحزب شيوعيون حقيقيون، أثبتوا تفانيهم في سبيل قضية البروليتاريا. ولا يحْسن الحديث عن الديكتاتورية البروليتارية كصيغة محفوظة ورائجة، بل يجب أن تتم الدعاوة بشكل يظهر ضرورة هذه الديكتاتورية لكل شغيل، لكل جندي، ولكل فلاح، عبر وقائع الحياة اليومية نفسها المدوّنة في صحافتنا. إن الصحافة الدورية أو غيرها وجميع مصالح النشر يجب أن تخضع كليا للجنة المركزية للحزب، أكان هذا الحزب شرعيا أو غير شرعي. فمن غير المقبول أن تسيء أجهزة الدعاوة استخدام الاستقلالية، من أجل اتباع سياسة لا تتفق مع سياسة الحزب. في أعمدة الصحافة، وفي الاجتماعات العامة، وفي النقابات، وفي التعاونيات، وفي كل مكان يصل إليه أنصار الأممية الثالثة، عليهم أن يفضحوا بشكل دائم ودون شفقة ليس فقط البرجوازية بل المتواطئين معها أيضا، الإصلاحيين بمختلف تلاوينهم.

2- على كل تنظيم يرغب في الانتساب إلى الأممية الشيوعية أن يبعد الإصلاحيين و«الوسطيين» بانتظام وبشكل دائم عن المراكز، التي تفرض ولو حدا أدنى من المسؤولية (منظمات الحزب، التحرير، الكتلة البرلمانية، التعاونيات، والمجالس البلدية)، وأن يستبدلهم بشيوعيين مجربين – دون أن تخشى أن يكون عليه، خاصة في البداية، أن يستبدل مناضلين مجربين بشغيلة متدرجين.

3- يدخل الصراع الطبقي في جميع بلدان أوربا وأمريكا تقريبا مرحلة الحرب الأهلية، ولا يمكن الشيوعيين ضمن هكذا شروط أن يثقوا بالشرعية البرجوازية، وعليهم أن يخلقوا في كل مكان بموازاة التنظيم الشرعي، جهازا سريا قادرا على تأدية واجبه في اللحظة الحاسمة تجاه الثورة. وفي جميع البلدان حيث لا يتمكن الشيوعيون من تطوير نشاطهم بأكمله بشكل شرعي، بسبب حالة الطوارئ والقوانين الاستثنائية، يصبح الجميع بين النشاط الشرعي والنشاط غير الشرعي ضرورة أكيدة.

4- إن واجب نشر الأفكار الشيوعية يفرض ضرورة اتباع دعاوة وتحريض منظمين ومستمرين بين الجنود، كضرورة مطلقة، وحيث تصعب الدعاوة العلنية بسبب القوانين الاستثنائية، يجب أن تتم بشكل غير شرعي، ورفض ذلك يعني خيانة الواجب الثوري وهو بالتالي لا يتناسب مع الانتماء للأممية الشيوعية.

5- هناك ضرورة للتحريض العقلاني والمنهجي في الأرياف. فالطبقة العاملة لا تستطيع أن تنتصر إذا لم تكن مدعومة على الأقل بجزء من شغيلة الأرياف (المياومين الزراعيين وفقراء الفلاحين) وإذا لم تحيّد بسياستها جزءا على الأقل من الريف المتخلف. إن النشاط الشيوعي في الأرياف يكتسب في هذه المرحلة أهمية رئيسية ويجب أن يقوم به العمال الشيوعيون الذين لهم صلة بالأرياف. إن رفض القيام بهذا العمل أو إسناده إلى أنصاف إصلاحيين مشكوك فيهم، يعني التخلي عن الثورة الاشتراكية.

6- على كل حزب يرغب في الانضمام إلى الأممية الشيوعية واجب التشهير بالاشتراكية الوطنية المعلنة كما الاشتراكية – السلمية المنافقة والزائفة. والمقصود أن يبرهن للعمال بشكل مستمر أنه دون الإطاحة الثورية للرأسمالية، فإن أي محكمة تحكيم دولية، وأي نقاش حول خفض الأسلحة، أو أية إعادة تنظيم «ديموقراطية» لعصبة الأمم لا تستطيع أن تحمي الإنسانية من الحروب الإمبريالية.

7- على جميع الأحزاب الراغبة في الانضمام إلى الأممية الشيوعية واجب الاعتراف بضرورة القطيعة التامة والنهائية مع الإصلاحية وسياسة الوسط، وعليها أن تروّج لهذه القطيعة بين أعضاء منظماتها. فالنشاط الشيوعي الحازم ليس ممكنا إلاّ لقاء هذا الثمن.

تفرض الأممية الشيوعية، بشكل إلزامي ودون نقاش، هذه القطيعة، التي يجب أن تتم في أقرب مهلة. فلا تستطيع الأممية الشيوعية أن تقبل أن يكون لإصلاحيين حقيقيين مثل توراتي، وكاوتسكي، وهيلفردينغ، ولونغه، وماكدونالد، وموديلياني وغيرهم، حق اعتبار أنفسهم أعضاء في الأممية الثالثة وأن يكونوا ممثًّلين داخلها. إن وضعا كهذا سيجعل الأممية الثالثة شبيهة إلى حد بعيد بالأممية الثانية.

8- أمّا بصدد مسألة المستعمرات والقوميات المضطهدة، فيجب أن يكون للأحزاب في البلدان حيث البرجوازية تملك مستعمرات وتضطهد أمما، خطُّ سلوك واضح وصريح بشكل خاص. ومن واجب كل حزب ينتمي إلى الأممية الثالثة أن يفضح دون شفقة مآثر إمبرياليي بلده في المستعمرات، وأن يدعم بالفعل، وليس لفظيا، كل حركة تحرر في المستعمرات، ويطالب بطرد إمبرياليي الحواضر من المستعمرات، وأن ينمي في قلب شغيلة البلد مشاعر أخوية فعلية تجاه السكان الكادحين في المستعمرات والقوميات المضطهدة، وأن يقوم بتحريض مستمر بين جنود البلد المستعمِر ضد كل اضطهاد للشعوب المستعمَرة.

9- على كل حزب يرغب في الانضمام إلى الأممية الشيوعية أن يتبع دعاوة مثابرة ومستمرة داخل النقابات والتعاونيات والمنظمات الأخرى للجماهير العمالية. وينبغي تشكيل نوى شيوعية يكسب عملها العنيد والمستمر النقابات إلى الشيوعية. إن من واجبها أن تكشف في كل لحظة خيانة الاشتراكيين – الوطنيين وتردُّد «الوسط»، ويجب أن تكون هذه النُّوى خاضعة بمجملها للحزب.

10- على كل حزب منتسب إلى الأممية الشيوعية واجب محاربة «أممية» النقابات الصفراء المؤسسة في أمستردام بقوة وصلابة. وعليه أن ينشر بحزم داخل النقابات العمالية فكرة ضرورة القطيعة مع أممية أمستردام الصفراء. فيما عليه بالمقابل أن يؤازر بكل قوته الاتحاد العالمي للنقابات الحمراء المنتسب إلى الأممية الشيوعية.

11- على الأحزاب الراغبة في الانتساب إلى الأممية الشيوعية واجب مراجعة تشكيل كتلها البرلمانية، لإقصاء العناصر المشكوك فيها وإخضاعها ليس لفظيا بل عمليا للجنة المركزية للحزب، وعليها أن تطلب من كل نائب شيوعي أن يُخضع كل نشاطه للمصالح الحقيقية للدعاوة الثورية والتحريض.

12- يجب أن تبنى الأحزاب المنتسبة إلى الأممية الشيوعية على مبدأ المركزية الديموقراطية. ففي الفترة الحالية، فترة الحرب الأهلية الضارية، لا يستطيع الحزب الشيوعي أن يقوم بمهامه إلاّ إذا كان منظما بالشكل الأكثر مركزية، إلاّ إذا كان الانضباط الحديدي المشابه للانضباط العسكري مقبولا به، وهيئته المركزية تتمتع بسلطات واسعة وتمارس سلطة مسلما بها، وتتمتع بثقة المناضلين بالإجماع.

13- على الأحزاب الشيوعية في البلدان حيث يناضل الشيوعيون بشكل علني أن تلجأ إلى تطهيرات دورية لمنظماتها، بهدف فصل العناصر المنتفعة والبرجوازية – الصغيرة.

14- على الأحزاب الراغبة في الانتساب إلى الأممية الشيوعية أن تدعم دون تحفظ كل الجمهوريات السوفياتية في نضالاتها ضد الثورة المضادة، وأن تدعو الشغيلة، دون كلل، إلى رفض نقل الذخيرة والمعدات المخصصة لأعداء الجمهوريات السوفياتية وأن تقوم بالدعاوة، سواء بشكل شرعي أو بشكل غير شرعي، بين الجنود المرسلين لقتال الجمهوريات السوفياتية.

15- على الأحزاب التي مازالت تحتفظ حتى الآن بالبرامج الاشتراكية – الديموقراطية القديمة أن تقوم بمراجعتها دون تأخير وأن تصوغ برنامجا شيوعيا جديدا ينسجم مع الشروط المميزة لبلدها ومصمما بذهنية الأممية الشيوعية، والقاعدة أن تجري المصادقة على برامج الأحزاب المنتسبة إلى الأممية الشيوعية من قبل المؤتمر العالمي أو اللجنة التنفيذية. وفي حال رفض هذه الأخيرة المصادقة لأحد الأحزاب، يحق له الاستئناف لدى مؤتمر الأممية الشيوعية.

16- جميع قرارات مؤتمرات الأممية الشيوعية، وكذلك قرارات اللجنة التنفيذية ملزمة لكل الأحزاب المنتسبة للأممية الشيوعية. وفي مرحلة الحرب الأهلية المحتدمة، على الأممية الشيوعية ولجنتها التنفيذية أن تأخذا بالاعتبار شروط النضال شديدة التنوع في مختلف البلدان، وألاّ تبنى قرارات عامة وإلزامية إلاّ في المسائل التي تكون فيها هذه القرارات ممكنة.

17- انسجاما مع كل ما سبق، على كل الأحزاب المنتمية إلى الأممية الشيوعية أن تغير تسميتها. وكل حزب راغب في الانتساب إلى الأممية الشيوعية يجب أن يحمل الاسم التالي: الحزب الشيوعي لـ… (فرع الأممية الثالثة). إن مسألة التسمية هذه ليست مجرد مسألة شكلية، بل لها أهمية سياسية كبيرة. فالأممية الشيوعية قد أعلنت الحرب دون هوادة على العالم البرجوازي القديم بأكمله وعلى الأحزاب الاشتراكية – الديموقراطية الصفراء الهرمة كافة، ومن الأهمية بمكان أن يبرز الفرق بأكثر جلاء ممكن، أمام أعين كل الشغيلة، بين الأحزاب الشيوعية والأحزاب «الاشتراكية – الديموقراطية» الهرمة أو «الاشتراكيين» الرسميين الذين باعوا راية الطبقة العاملة.

18- إن كل الأجهزة القيادية لصحافة الحزب في كل بلد مجبرة على طباعة كل الوثائق الرسمية المهمة الصادرة عن اللجنة التنفيذية للأممية الشيوعية.

19- إن كل الأحزاب المنتسبة إلى الأممية الشيوعية، أو تلك التي تطلب الانضمام، مجبرة على الدعوة (بأقصى سرعة ممكنة) ضمن مهلة أربعة أشهر بعد المؤتمر الثاني للأممية الشيوعية، كأقصى حد، إلى مؤتمر استثنائي يبت بشأن هذه الشروط. وعلى اللجان المركزية أن تسهر على إيصال قرار المؤتمر الثاني للأممية الشيوعية إلى كل المنظمات المحلية.

20- على الأحزاب التي تريد الآن الانتساب إلى الأممية الثالثة، ولكنها لم تغير بعد تكتيكها القديم بشكل جذري، أن تعمل بشكل مسبق على أن يكون ثلثا أعضاء لجنتها المركزية ومؤسساتها المركزية الأكثر أهمية من رفاق أعلنوا قبل المؤتمر الثاني دعمهم لانضمام الحزب إلى الأممية الثالثة. ويمكن القبول ببعض الاستثناءات بموافقة اللجنة التنفيذية للأممية الشيوعية. وتحتفظ اللجنة التنفيذية بحق الاستثناء بالنسبة لممثلي التيار الوسطي المذكورين في الفقرة السابعة.

21- إن المنتسبين إلى الحزب الذين يرفضون الشروط والموضوعات التي وضعتها الأممية الشيوعية يجب أن يُطردوا من الحزب، وينطبق الشيء على المنتدبين إلى المؤتمر الاستثنائي.

__________________

– الإشراف العام على التدقيق والمراجعة والتصحيح والتنضيد الإلكتروني منيف ملحم
– مراجعة فيكتوريوس بيان شمس بالتعاون مع صفحة التراث الأممي الثوري
– نقله إلى العربية لينا عاصي
– راجع الترجمة ودقّقها كميل قيصر داغر

لمراجعة الفصل السابق يرجى الدخول من خلال الرابط أدناه:
المؤتمرات العالمية الأربعة الأولى للأمميـــــــــــة الشيوعيــــــــــــــة (9)

Check out our other content

Check out other tags:

Most Popular Articles