البيانات الصادرة في 30 تشرين الثاني 2022 عن المعهد الوطني لأبحاث الفضاء، تبين أن غابات الأمازون كانت لاتزال تفقد الأشجار خلال عهد حكومة جايير بولسونارو. ما بين شهري آب/ أغسطس من العام الماضي وتموز/ يوليو من هذا العام، تم تدمير 11.568 كيلومتر مربع، وهي مساحة تعادل مساحة قطر.
صادر عن حزب العمال الاشتراكي الموحد في البرازيل
بولسونارو هو عدو شرس للبيئة وحليف لتجار الحطب، ومنتزعي الأرض، والمنقبين عن الذهب، وملاك الأراضي الذين كانوا مسؤولين عن تجريف غاباتنا. وفقا لشبكة الكيانات البيئية، مرصد المناخ، فإن إزالة غابات الأمازون تنامت بنسبة 59.5 ٪ خلال السنوات الأربع من عهد حكومة بولسونارو. هذه أعلى نسبة زيادة خلال ولاية رئاسية. عندما تولى بولسونارو منصبه كان المعدل السنوي لقطع الأشجار في منطقة الأمازون يأتي على 7500 كيلومتر مربع، لكنه ترك 11,500 كيلومتر مربع مدمراً في السنة الماضية.
البيانات التي كشف عنها التقرير الصادر بالأمس عن مشروع “بروديس” (قياس إزالة الغابات عن طريق الاستشعار عن بعد) في منطقة الأمازون القانونية، والذي أعدته وكالة “آي إن بي إي”، وهي وكالة مرتبطة بوزارة العلوم والتكنولوجيا والابتكار، كانت جاهزة منذ الثالث من تشرين الثاني/ أكتوبر، ولكن لم يتم الكشف عنها قبل الآن لتجنب الإفصاح عن مدى تدمير الغابات البرازيلية خلال مؤتمر المناخ السابع والعشرين للأمم المتحدة، والذي عقد في مصر في ذلك الشهر.
موقف الحكومة الانتقالية من مسألة البيئة
خلال مؤتمر صحفي عُقد مؤخراً، قالت المجموعة الفنية للبيئة، التابعة لمجلس الوزراء الانتقالي لحكومة لولا – علقمي، إن الحكومة المستقبلية تريد إنهاء معضلة اقتلاع الأشجار في الأشهر الثلاثة الأولى من العام 2023، واستعادة الدور الرائد للبرازيل فيما يتعلق بحماية البيئة.
وزير البيئة السابق، كارلوس مينك، نوّه بأن السياسة البيئية للبلاد قد تم طمسها خلال حكومة بولسونارو، وبأن “الإفلات من العقاب انتهى” بقدوم لولا.
كما قال إنه “سيكون هناك بالفعل انخفاض شديد وفوري في معدل إزالة الغابات في الربع الأول لحكومة لولا، لا مزيد من الضعف والإفلات من العقاب”. وأضاف: “المهمة ليست بسيطة، والإجراءات الفورية ستشمل تعزيز المعهد البرازيلي للبيئة والموارد الطبيعية المتجددة. ثم إننا بحاجة إلى إلغاء مراسيم [بولسونارو]، حيث أن بعضها يمنع فرض الغرامات، وأخرى تحول دون التفتيش على شركات قطع الأخشاب.
إننا نعلم أن بولسونارو قد دمّر السياسة البيئية عبر “ترك الأمور تنزلق”. لقد شجع التعدين غير القانوني، ولم يكافح قطع الأشجار غير القانوني في الغابات المطيرة، ووافق على تدابير مواتية لمغتصبي الأراضي وملاكها. الأمازون عاشت أربع سنوات متتالية بين ألسنة النيران.
لا بد من قلب هذا الوضع. لكن هذا لن يحدث بالخطب العصماء. هناك حاجة إلى عمل حقيقي، بحيث تكون الخطوة الأولى هي مواجهة منتزعي الأراضي غير الشرعيين، الذين يدمرون الغابات، ويضطهدون ويقتلون الشعوب الأصلية وشعوب الغابات النهرية. هل لولا على استعداد للقيام بذلك؟ لأن ليس هذا ما رأيناه خلال 14 سنة من عهد حكومات حزب العمال.
في فترة ولاية لولا الأولى وحدها (من 2003 إلى 2006)، تم اجتثاث 86,468 كيلومترا مربعا من الغابات، وهذا يمثل ضعف مساحة ولاية ريو دي جانيرو.
الحرائق الكبيرة في الأمازون كانت نتيجة الاستيلاء على الأراضي. وقد تصرفت حكومات حزب العمال بشكل حاسم لصالح منتزعي الأراضي في المنطقة. كان لولا، على سبيل المثال، هو الذي أصدر القانون رقم 11.952 في حزيران 2009، والذي أجاز إصدار سندات ملكية لأراضي المناطق العامة بمساحة تصل إلى 1500 هكتار في منطقة الأمازون، والتي تم الاستيلاء عليها بشكل غير قانوني، وإزالة غاباتها بشكل استمر حتى العام 2004. وهكذا، تم نقل أكثر من 67 مليون هكتارا من الأراضي العامة في منطقة الأمازون إلى ملكية منتزعي الأراضي. وليس صدفة، وقتها، أن ذلك الإجراء بات يعرف باسم “قانون الاستيلاء على الأراضي”.
رغم التحشيد الكبير للنشطاء البيئيين، سمح لولا عام 2007 باستخدام المواد المعدلة وراثيا، متوّجاً بهذا العديد من الامتيازات التي كان قد منحها بالفعل لمنتجي البذور المعدلة وراثيا، العابرين للحدود، منذ بداية عهد حكومته. منذ ذلك الوقت، ارتفع معدل استخدام المبيدات في البلاد بشكل كبير.
كما لا يمكننا أن ننسى إنشاء محطة “بيلو مونتي” للطاقة الكهرومائية، والتي اقتصرت جدواها على تعزيز أموال المقاولين، وتمويل الحملات الانتخابية لحزب العمال. أقل ما يمكن أن يوصف به هذا الأمر أنه جريمة انتخابية، دمرت مناطق الغابات، وطردت المجتمعات التقليدية من أراضي أجدادهم من أجل مصالح الاستثمار الخاص. هذه الجريمة ستبقى إلى الأبد وصمة عار في تاريخ حزب العمال.
وتجدر الإشارة أيضا إلى مشاركة كاتيا أبرو، “ملكة المنشار”، في حكومة ديلما، وهي الآن في الحكومة الانتقالية، وداعمة لحكومة حزب العمال في منطقة ماتوبيبا (وهي منطقة تتألف من ولايات مارانياو، وتوكانتينز، وبياوي، وباهيا، حيث اتسعت الحدود الجديدة للأعمال الزراعية)، وكانت قد أسهمت في تدمير البيئة، وتلويث المياه، وإثارة المزيد من النزاعات.
هناك العديد من النشطاء الذين يأملون بصدق أن تضع حكومة لولا المحتملة حدّاً لحرائق الأمازون، وتمنع سرقة أراضي مجتمعات الكويلومبولا والسكان الأصليين، وتحول دون المضي في الاستيلاء على الأراضي، واستمرار الدمار البيئي الناجم عن التعدين، وغيرهما الكثير من الجرائم البيئية المستمرة.
لكننا لا نعتقد أن هذا ممكن، لأنه سيعني مواجهة الأعمال التجارية الزراعية، وشركات التعدين، والشركات عبر الوطنية التي تنهب الموارد الطبيعية للبلاد. وهذا ما لم تفعله ولن تقوم به حكومة حزب العمال، لأن مشروعهم في جوهره، كان ولا يزال وسيبقى، الحفاظ على النظام الرأسمالي، والتصالح الطبقي مع ما يسمونه بـ “البرجوازية التقدمية”.
ضد البربرية الإيكولوجية: منفذ اشتركي
الاستغلال الرأسمالي يؤدي إلى تدمير البيئة بشكل وحشي، وإلى استخدام الموارد بأكثر مما يمكن استعادته بشكل طبيعي، وهو يفعل كل هذا ليس فقط لتغذية النزعة الاستهلاكية غير الضرورية، بل لأنه ضروري لتحقيق ربح الشركات الكبرى، ما يدفع الكوكب إلى مثل هذا التدهور البيئي، الذي يجعل بقاء البشرية موضع تساؤل.
لا بد من فرض صيغة للتنمية الاقتصادية وفقا لاحتياجات العمال، والجماهير العريضة، وبما يتناسب مع الحفاظ على البيئة. ولهذا السبب، علينا أن نواجه الشركات عبر الوطنية الكبرى من أجل الدفاع عن البيئة، وتنظيم العمال في الريف، والمدن، والمجتمعات الأصلية، والكويلومبولا، ومجتمعات الغابات النهرية، بطريقة مستقلة، ونطالب حكومة لولا – علقمي المستقبلية بما يلي:
– مصادرة ملكية شركات قطع الأشجار التي تحرق غابات الأمازون.
– سجن المنقبين عن الذهب ومنتزعي الأراضي بطريقة غير قانونية.
– تعزيز الوكالات البيئية، بميزانية كافية تماما، وتوظيف فرق جديدة لأنشطة التفتيش، وإعداد خطة طوارئ حقيقية لمواجهة فقدان الغابات.
– وضع معايير للحد من انبعاثات الكربون، ومصادرة الشركات التي تنتهكها.
– مصادر نظيفة للطاقة، مثل طاقة الرياح، لتوسيع توليد الكهرباء مع الحفاظ على البيئة، وليس عبر أعمال وحشية على غرار “بيلو مونتي”.
– تحديد وتسجيل كافة أراضي السكان الأصليين الكويلومبولا.
– زيادة مناطق المحميات البيئية، مع تعزيز هيئات الرقابة العامة، ودمج المجتمع المحلي في السيطرة على هذه المناطق.
– الرأسمالية لا تتناغم مع البيئة! وحده المجتمع الاشتراكي القائم على المساواة، دون وجود مستغلين، سيكون قادراً على بناء علاقة منسجمة مع البيئة.
المقالة نشرت على موقع:
www.pstu.org.br
في 12-1-2022
ترجمة تامر خرمه
مراجعة فيكتوريوس بيان شمس