الجمعة أبريل 11, 2025
الجمعة, أبريل 11, 2025

الاحتجاجات في المدرسة المهنية بمدينة بوتشينج في مقاطعة شنشي الصينية

دول العالمالاحتجاجات في المدرسة المهنية بمدينة بوتشينج في مقاطعة شنشي الصينية

✍🏾 لي


في 1 كانون الثاني 2025، تم العثور على جثمان طالب في المدرسة المهنية التقنية في بوتشنغ ملقى على الأرض أمام مسكنه الدراسي.
تقرير فريق التحقيق التابع للحزب الشيوعي الصيني أورد أنه نحو الساعة العاشرة من ليل يوم الأول من كانون الثاني 2025، كان طالب يحمل لقب “دانغ” يواجه صعوبة في النوم في مسكنه في الطابق الرابع بسبب الضوضاء التي أحدثها زملاؤه في السكن. وبعد ذلك، زعم التقرير أن الطالب واجه صراعا لفظيا تطور إلى صراع جسدي مع طالب آخر يحمل لقب “جو”.
بحسب التقرير، فقد ذهب دانج بعد ذلك إلى الطابق الأول برفقة شخص آخر يدعى تشين، وهو عضو في اتحاد الطلاب، ليبلغ لي، نائب مدير القسم السياسي والتعليمي، بالوضع. وبعد أن توسط لي بين دانج وجو، عاد الاثنان إلى السكن. وفي حوالي الساعة 3 صباحا من اليوم التالي، وجد زميل دانج في السكن المشترك، هوانج، كرسيا خشبيا تحت نافذة الشرفة التي كانت مفتوحة، والتي ذكر التقرير أن دانج سقط منها على الأرض.
في الخامس من كانون الثاني، أصدر فريق التحقيق التابع للحزب الشيوعي الصيني تقريرا يفيد بأنه بعد التحقيق والمراقبة الميدانية من قبل إدارة الشرطة، تأكدوا من أن دانج توفي نتيجة سقوطه من نافذة مسكنه، وتم استبعاد أية شبهة جنائية. بعبارة أخرى، زعموا بأن دانج انتحر.
في الواقع، تم إخطار والدة المتوفى، يوم الحادثة، بأن عليها الحضور إلى المدرسة، لكن لم يتم توضيح سبب استدعائها. وبعد وصولها لم تتمكن من رؤية جثة ابنها مباشرة. عوضا عن ذلك، تم اصطحابها إلى أحد الفصول الدراسية من قبل أحد المعلمين للإشراف عليها، ولم يسمح لها بالمغادرة لبعض الوقت. بعد بقائها في المدرسة لبضعة ساعات، تم إرسالها مباشرة إلى مكان الجنازة حيث تم نقل جثة ابنها. هناك، لاحظت أن على جسد ابنها العديد من الكدمات، فحاولت التقاط الصور، لكن تم إيقافها من قبل المعلمة المرافقة. بعد ذلك، طلبت عدة مرات رؤية جثة ابنها مرة أخرى، لكن طلباتها قوبلت بالرفض. بالإضافة إلى ذلك، تمت مصادرة الهواتف المحمولة والساعات الذكية لمن شهدوا الأحداث، وتم حذف الصور بالقوة. الشيء الأكثر أهمية هو وجود علامات واضحة تدل على أن قتالا كان قد نشب في السكن. لكن هذه ليست كل تفاصيل المأساة.
كما أنه في يوم 5 كانون الثاني، تعرض عم المتوفى للاحتجاز والضرب من قبل عناصر الشرطة.
رغم أن إشعار الشرطة ذكر أنه ستتم مراجعة تسجيلات كاميرات المراقبة، إلا أن المدرسة زعمت أن التسجيلات تعرضت للتلف، ولم يسمح لأحد بمشاهدتها. رفض المدرسة إتاحة الوصول إلى تسجيلات كاميرات المراقبة، ومعاملة أسرة الرجل المتوفى، تشير إلى أن ما حدث لم يكن مجرد انتحار.
وفقا لشهود عيان، فإن دانغ تعرض للضرب حتى الموت على يد مدير مدرسة ثانوية محلية يتمتع بحماية كبيرة على المستوى السياسي.
كون هذه المأساة من شأنها إثارة غضب الرأي العام إلى درجة كبيرة، جاءت ردة فعل الجماهير تعبيرا عن هذا الغضب، واستجابة مؤثرة لوفاة دانج، ففي السابع من كانون الثاني، احتشد أكثر من خمسين ألف شخص أمام المدرسة المهنية، ومبنى حكومي، ومركز الشرطة، مطالبين الحكومة بالإفراج عن العم المعتقل، والتحقيق في الجريمة. إذ تجمع آلاف الأشخاص عند مدخل المدرسة المهنية، وتحدث أفراد أسرة المتوفى إلى الحشد، متهمين المتورطين في التستر على الجريمة بالفساد.
بعض المحتجين من أوساط متعددة هتفوا: “عاش الشعب”، فيما هتف بعضهم الآخر بشعارات من قبيل: “أطلقوا سراح الشعب”. باختصار، كانت هناك مواجهة بين الجماهير والشرطة. كان الناس يهتفون بسخط بعبارات مثل: “لماذا تصوبون البنادق نحونا؟”، و”الشرطة قطاع طرق!”، و”الشرطة عصابة!”، و”الشرطة هي أكبر قوى الشر في بوتشينج!”. وفي مواجهة الجدار البشري الذي شكلته الشرطة، نجحت الجماهير باختراقه بشجاعة. مرغمين عناصر الأمن على الانزواء. وانهالت الجماهير بقبضاتها على بوابة المبنى، والنوافذ، وحطمت كاميرات المراقبة بكل ما أوتيت من غضب.
كانت المعركة التي شهدتها مدرسة التعليم المهني مسرحا لأعنف المواجهات، فقد اقتحمت الجماهير بوابات المدرسة الحديدية، واخترقت دفاعات الشرطة، ودخلت الحرم الجامعي، ودمرت المكاتب، والكافيتريات، وغيرها من المرافق. كما تعرض نائب رئيس المدرسة للضرب على أيدي الجماهير الغاضبة. وعندما ركب سيارة الإسعاف، حاولت الحشود قلب السيارة.
في مواجهة الاحتجاجات العنيفة، اتخذت الحكومة الصينية تدابير قمعية أكثر عنفا، فأرسلت القوات الخاصة وعناصر الشرطة المسلحة لمهاجمة الجماهير بقوة مفرطة، فتعرض عدد كبير من الناس للإصابات، ما أدى إلى اضطرار الجماهير غير المسلحة إلى التفرق.
بعد أن هدأ الحراك الجماهيري مؤقتا، ادعت الحكومة الصينية أن المتظاهرين كانوا حاقدين وعدائيين بشكل غير مبرر.
بعد ذلك، قام عدد كبير من عناصر الشرطة المسلحين بحراسة الشوارع الرئيسية، بل وقاموا بإغلاق الطريق السريع في بوتشنغ. كما امتلأت العديد من الفنادق برجال الشرطة الخاصة. وبعد أسبوع واحد فقط، تمكنوا من السيطرة على الشوارع القريبة من المدرسة المهنية.
لكن، رغم تفريق هذا الحراك الجماهيري بالقوة، إلا أنه كان إحدى أبرز الاحتجاجات التي شارك فيها أكثر من 10 آلاف شخص خلال السنوات الأخيرة الماضية، مثل: إضراب شركة فوكسكون وحركة الكتاب الأبيض عام 2021، والاحتجاج الذي شارك فيه 10 آلاف شخص ضد إصلاح التأمين الطبي في ووهان عام 2022، وانتصار إضراب شركة ميتوان للوجبات الجاهزة في شانوي عام 2023، وإضراب آلاف سائقي سيارات الأجرة عام 2024، وكل هذه الاحتجاجات توضح جوهر المسألة: المزيد والمزيد من الناس باتوا يدركون الوسائل المظلمة والدكتاتورية التي يستخدمها الحزب الشيوعي الصيني في الحكم، وبدأوا في الوقوف بشجاعة، والنضال من أجل الحرية والتحرير.
بالتالي، من المرجح أن تكون حادثة بوتشينج مجرد بداية، وليس ذروة للاحتجاجات الاجتماعية في الصين.
من خلال هذه الأحداث، يمكننا أن نلمس عودة الوعي الثوري الجماهيري تدريجيا. ولكن يتعين على كل اشتراكي في الصين أن يمضي في هذا الاتجاه قبل أي شيء آخر، لفضح أكاذيب الحكومة الصينية بداية، وكذلك من أجل الحيلولة دون انتشار الأفكار الليبرالية السامة بين الجماهير. ويتعين على الجماهير أن تدرك أن البرنامج الليبرالي لا يستطيع الإطاحة بحكم الحزب الشيوعي الصيني، ولا يمثل إرادة الشعب. ويتعين على الشعب أن يحرر نفسه ويدير شؤونه بنفسه. وإذا لم تتحقق الرؤية المذكورة أعلاه، فإن المآسي من قبيل تلك التي وقعت في بوتشنغ ستظل قائمة إلى الأبد.
إننا نعتقد أن خفوت الحراك الجماهيري في بوتشنغ ليس إلا حالة مؤقتة، والاحتجاجات ستتأجج مجددا في المستقبل على شكل موجة ثورية وطنية، بالاشتراك مع الحراكات في أماكن مختلفة، والتي ستوجه ضربة قاتلة للإمبريالية الصينية.

ترجمة تامر خرمه
مراجعة فيكتوريوس بيان شمس

Check out our other content

Check out other tags:

Most Popular Articles