الجمعة نوفمبر 22, 2024
الجمعة, نوفمبر 22, 2024

اغتيال هنية وشكر.. إسرائيل تستعد لمهاجمة لبنان وإيران

الشرق الأوسط وشمال أفريقيااغتيال هنية وشكر.. إسرائيل تستعد لمهاجمة لبنان وإيران

✍🏾 فابيو بوسكو


في 31 تموز الماضي قامت دولة الكيان الإسرائيلي باغتيال زعيم حركة حماس، إسماعيل هنية، في طهران، حيث كان على وشك حضور حفل تنصيب الرئيس الإيراني الجديد.
قبلها بيوم، تم قتل القيادي في حزب الله، فؤاد شكر، بصاروخ إسرائيلي في منطقة الضاحية، وهي منطقة ذات أغلبية شيعية في بيروت، يقطنها العديد من أعضاء الحزب.
الهدف من عمليتي الاغتيال هو توسيع العدوان الإسرائيلي ليشمل لبنان وإيران، وفي ذات الوقت، مواصلة الإبادة الجماعية في غزة والضفة الغربية، من أجل نزع فتيل الأزمة الإسرائيلية الداخلية وإنقاذ حكومة نتنياهو.

 الأزمة الإسرائيلية الداخلية تفاقمت بعد 7 أكتوبر


دولة إسرائيل كانت تمر بالفعل بأزمة اقتصادية وسياسية كبيرة قبل 7 أكتوبر. فمن ناحية، يعاني الاقتصاد من أزمة منذ بداية العام 2023، بسبب هروب رأس المال من القطاع التكنولوجي، إلى جانب أسباب أخرى. ومن ناحية أخرى، عارض الإصلاح القضائي الذي فرضته حكومة نتنياهو قطاعات صهيونية رأسمالية وليبرالية واسعة، وقطاعات القوات المسلحة، والموساد، والشين بيت، وبيروقراطية الدولة.
كما لاتزال تضاف أزمات جديدة إلى سابقاتها منذ تحرك المقاومة الفلسطينية بقيادة حماس في 7 أكتوبر وحتى الوقت الراهن.
أولى الأزمات الجديدة تتعلق بفقدان مصداقية دولة إسرائيل وحكومة نتنياهو لدى السكان اليهود الإسرائيليين، الذين أدركوا أن الخطاب “الأمني” هو خطاب احتيالي، وباتوا يتحركون للمطالبة بإجراء انتخابات لإسقاط الحكومة.
أما الأزمة الثانية فتتعلق بالمجهود الحربي. لقد كان لإطالة أمد الإبادة الجماعية في غزة تأثير قوي على الاقتصاد، سواء من ناحية التكاليف أو تعبئة جنود الاحتياط. وتحت ضغط من القوات المسلحة والسكان، بدأت الحكومة تطلب من أعضاء مجتمع الحريديم (اليهود الأرثوذكس المتطرفين) أداء الخدمة العسكرية، فتحرك الحريديم ضد التجنيد، وهم يواجهون قمعا بوليسيا شديدا. ومن المهم أن نأخذ بعين الاعتبار أن الحزبين اللذين يمثلان الحريديم هما جزء من حكومة نتنياهو، وبالتالي فإن انسحابهما قد يؤدي إلى سقوط هذه الحكومة.
هناك عامل آخر يؤثر على تعبئة الجنود وهو المقاومة الفلسطينية في غزة، فرغم الإبادة الجماعية المستمرة، التي استشهد خلالها أكثر من 40 ألف فلسطيني (وهو رقم قد يصل في الواقع إلى 186 ألفا وفقا لمجلة لانسيت)، وتم تدمير 70% من المباني في غزة (من مساكن ومدارس ومستشفيات ومؤسسات)، تقوم قوات المقاومة الفلسطينية بعمليات فدائية ضد القوات الإسرائيلية، وتحتجز أكثر من 100 أسير إسرائيلي في المخابئ منذ 300 يوم.
قضية الأسرى الإسرائيليين تقودنا إلى الأزمة الثالثة: أهالي هؤلاء الأسرى كانوا قد أيدوا الإبادة الجماعية، معتقدين أنه سيتم إطلاق سراح أبنائهم. لكن اليوم، تحشد العائلات ضد حكومة نتنياهو، مطالبة بوقف فوري لإطلاق النار، لإطلاق سراح السجناء. وتتزايد تعبئتهم كل أسبوع، وأصبحت واسعة للغاية على الرغم من قمع الشرطة.
أخيرا، هناك أزمة مع اليمين المتطرف الصهيوني الفاشي. ومؤخرا، قام حشد من الغوغاء بقيادة أعضاء في الحكومة والبرلمان بغزو معسكر سدي تيمان العسكري لتحرير تسعة جنود إسرائيليين مسجونين بتهمة الاغتصاب والتعذيب الوحشي لسجناء فلسطينيين من غزة. وقد أدى ذلك إلى صراع بين القائد العسكري والوزراء الصهاينة الفاشيين. وباتت هناك حملة مستمرة للمطالبة بإجراء تحقيقات مستقلة في حالات التعذيب والاغتصاب تلك.
للهروب من هذه الأزمة متعددة الأوجه، شن نتنياهو هجمات مميتة على عاصمتي لبنان وإيران لإثارة حرب شاملة، وجر الإمبريالية إلى صفه عسكريا، إضافة إلى الحيلولة دون وقف إطلاق النار في غزة، وكسب إمكانية بقائه السياسي.

الإمبريالية على وشك الانجرار قسرا إلى حرب إقليمية

الإمبريالية (الأمريكية والأوروبية واليابانية والصينية والروسية) لا تريد توسيع العدوان العسكري الإسرائيلي، لأسباب تتعلق بالاستقرار الاقتصادي والاجتماعي.
العدوان الإسرائيلي من شأنه ضرب الاقتصاد العالمي عبر التسبب في زيادة أسعار النفط وتعطيل الحركة التجارية في البحر الأحمر، أحد أهم طرق الشحن في العالم. علاوة على ذلك، يمكن أن يمهد هذا الطريق لاندلاع هبّة جماهيرية راديكالية ديمقراطية شاملة، مناهضة للإمبريالية والصهيونية، ما يهدد النظام الإقليمي برمته.
مع ذلك، فإن إضعاف الإمبريالية (الأمريكية) المهيمنة، لاسيما في ظل استقطابات الانتخابات الوطنية، يتيح لنتنياهو إشعال النار في الشرق الأوسط، ومحاولة جر الولايات المتحدة، وربما الإمبريالية الأوروبية، إلى الدفاع العسكري عن إسرائيل، تماما كما تفعل الولايات المتحدة والمملكة المتحدة ضد الحوثيين اليمنيين.

النظام الإيراني وحزب الله لا يريدان الحرب

النظام الإيراني وحزب الله سبق وأن بينا، بالأقوال والأفعال، معارضتهما لصراع عسكري شامل مع إسرائيل. لكن اغتيال اسماعيل هنية وفؤاد شكر يجبرهما على الرد. وأي رد، مهما كان منضبطا، قد يشكل دافعا لإسرائيل لشن عدوان شامل.
حماس تريد وقفا دائما لإطلاق النار والسلطة الوطنية تريد غزة.
حماس تريد وقفا دائما لإطلاق النار كشرط مسبق لتبادل الأسرى. وعلى المدى الطويل، بعكس ما تقوله وسائل الإعلام الإمبريالية، لا تقترح حماس تدمير دولة إسرائيل، بل تقترح هدنة لمدة 20 أو 30 سنة بين دولة إسرائيل ودولة فلسطينية صغيرة، دون اعتراف رسمي متبادل. وهذا من شأنه أن يسمح بإعادة إعمار غزة، وتعزيز قوة الحركة.
أما السلطة الوطنية الفلسطينية، التي تسيطر عليها حركة فتح، فترغب بانتزاع السيطرة على غزة من حماس، وتشكيل دولة فلسطينية صغيرة عبر التعاون الأمني مع دولة إسرائيل. ومنافسها الرئيسي في هذا هو المليونير الفلسطيني (والمجرم) محمد دحلان، الذي يحظى بدعم الإمارات العربية المتحدة لحكم غزة على رأس قوات أجنبية.
المنظمات الرئيسية في اليسار الفلسطيني (الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، والجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، وحزب الشعب) استسلمت للأنظمة العربية ولما يسمى “محور المقاومة” بقيادة إيران وحزب الله. وفي فلسطين، باتت منقسمة ما بين دعم السلطة الوطنية الفلسطينية ( بحجة الدفاع عن العلمانية)، وبين دعم حماس، أو إعلان موقف معارض لكليهما .

تعزيز التضامن من أجل فلسطين حرة، من النهر إلى البحر


من غير الواضح ما إذا كانت إسرائيل ستنجح في جر إيران وحزب الله إلى حرب ضد رغبة قادتهما. ومن الممكن أن يبتلع المرشد الإيراني آية الله خامنئي وزعيم حزب الله حسن نصر الله كل الاستفزازات الإسرائيلية دون اتخاذ رد فعل متناسب، كما يفعلان حتى الآن. وفي كل الأحوال، فإننا نعارض أي عدوان إسرائيلي، سواء داخل فلسطين أو خارجها.
في ذات الوقت، ندعو إلى التضامن الفاعل، بما فيه التضامن العسكري، مع الفلسطينيين. ولسوء الحظ، فإن القوة العربية الوحيدة التي تعمل على خلق مثل هذا التضامن الفعال هي الحوثيون اليمنيون.
في حالة نشوب حرب بين إسرائيل وإيران أو حزب الله، سنكون في صف المعسكر اللبناني والإيراني لهزيمة إسرائيل. ولكن، لا يمكننا أن نعلق كل آمالنا على مثل هذه المنظمات والأنظمة البرجوازية. ولا بد من الدفع قدما بالتنظيم المستقل للطبقة العاملة الفلسطينية والعربية للنضال من أجل إنهاء دولة إسرائيل، وتحرير فلسطين، من النهر إلى البحر، ومن أجل إسقاط الأنظمة العربية الاستبدادية، نحو اتحاد اشتراكي للبلدان العربية.


ترجمة تامر خرمه
مراجعة فيكتوريوس بيان شمس

Check out our other content

Check out other tags:

Most Popular Articles