الأحد سبتمبر 08, 2024
الأحد, سبتمبر 8, 2024

اعتصام ليليّ يتحول إلى مسيرة احتجاج في المغرب إثر إغتيال بائع السمك “محسن فكري”

الشرق الأوسط وشمال أفريقيااعتصام ليليّ يتحول إلى مسيرة احتجاج في المغرب إثر إغتيال بائع السمك "محسن فكري"

حسن أدونيس

شهد المغرب يوم 30 أكتوبر 2016 في أزيد من 40 مدينة وبلدة، احتجاجات جماهيرية (وقفات- مسيرات) تنديدا بجريمة بشعة أودت بحياة محسن فكري بائع سمك بمدينة الحسيمة، فالشارع المغربي لم يهتز كما اهتز يوم الأحد 30 أكتوبر، سوى مرة واحدة عندما اندلعت شرارة حركة 20 فبراير، وبدرجة أقل بكثير عندما احتج المغاربة ضد إطلاق سراح البيدوفيلي الإسباني “كالفان” إثر عفو ملكي. وبالرغم من الاختلافات الإيديولوجية والاجتماعية، كان صوت آلاف المغاربة واحدا وموحدا؛ فالجميع خرجوا من أجل محسن فكري فمن يا ترى هذا الشهيد؟ ولماذا انتفض الشارع المغربي من أجله؟.

محسن فكري أو شهيد الحسيمة كما بات معروفا للجميع ، رأى النور  بمدينة إمزورن في شتنبر من سنة 1985، ينتمي لأسرة من الطبقة المتوسطة، والده عمل لسنوات بسلك التعليم والتدريس، و هو الابن السادس من بين 8 أشقاء.

انقطع عن الدراسة في السنة الاولى من التعليم الثانوي حيث كان يدرس باحدى ثانويات إمزورن، و عمل كمساعد لاحد تجار المدينة في مجال تجارة السلع والمواد الغذائية، ثم قرر بعد ذلك الالتحاق بمعهد تكنولوجيا الصيد البحري بالحسيمة، ليحصل على دبلوم بحار.

واغتيل محسن فكري  بعد مصادرة بضاعته من طرف أمن الحسيمة وحسب نشطاء من مدينة الحسيمة فقد اقترض محسن مبلغا ماليا وتوجه صوب المرسى حيث اقتنى كمية من السمك بهدف إعادة بيعها وتحصيل بعض الأرباح من العملية وبعد شحن البضاعة أمام أنظار أمن المرسى انتقل محسن إلى وسط المدينة حيث فوجئ بأمن المدينة يوقفه لأن شحنته غير قانونية .

بعدها احتج محسن على قرار توقيفه لأن عملية الشحن تمت تحت أنظار أمن المرسى الذي لم يعترض على العملية غير أن أحد الضباط نادى على طاحونة للنفايات وأمر برمي السمك بداخلها، ولما اعترض محسن على ذلك لم يأبه به الضابط، وشغلت الطاحونة مما أدى إلى وفاته في الحال، وقد خرجت مجموعة من الشباب للاحتجاج على ما تعرض له ابن مدينتهم ليلة أمس، مما دفع عامل إقليم الحسيمة للنزول إليهم وتقديم التعازي لهم متعهدا بفتح تحقيق في النازلة ومتابعة المتورطين فيها.

20161102-a-woman-protests-in-rabat-morocco-e1477917301344

غير أن الجماهير الشعبية الساخطة أبت إلا أن تقوم  باعتصام ليليّ بساحة محمد السادس في مدينة الحسيمة، لتتحول إلى مسيرة احتجاجية للمطالبة بتحديد المسؤوليات ومعاقبة المتورطين في قضية مقتل “سماك الحسيمة” محسن فكري.

ومن بين الشعارات التي تم رفعها “سلمية .. لا حجرة لَاجْنْوِيَة”، و”الشعب يريد من قتل الشهيد”، و”قتلُوهم عدمُوهم أولاد الشعب يْخْلفُوهُم” و”إيمَازِيغْن ..إيمَازيغْن”، و”الشهيد خلّا وصيّة لا تنازل على القضيّة” و”الريف أرضِي حرّة .. الحُكْرَة تْطْلَع برّا”، “بنكيران قول لسيدك شعب الريف ماهو عبيدك”. حزمة من الشعارات التي صدحت بها حناجر الغاضبين من بين أخرى رفعت في المسيرة الليلية ذاتها. كما عمد السائرون غضبا في شوارع الحسيمة إلى تنظيم ذاتيّ، على تشكيل سلاسل بشرية، لحماية ممتلكات الأغيار من أي إيذاء غير مرغوب فيه.

ليتم تنظيم مجموعة من الوقفات والمسيرات كما أسلفت الذكر في بقية المدن المغربية تنديدا بهذه الجريمة البشعة، وقد نظمت الحركة التلاميذية بكل من مدينة الناظور والحسيمة مظاهرات تنديدا بمقتل محسن فكري، كما نظم الطلاب بمختلف الجامعات والكليات سلسلة من المظاهرات خاصة طلاب كلية الناظور الذين قطعوا الطريق الرابطة بين الناظور والعروي احتجاجا على مقتل محسن فكري ولازلت ردود الفعل متواصلة خاصة حينما تم افراز لجان في مختلف المدن المغربية لتتبع فضية الشهيد محن فكري وكذا التنسيق قصد تنظيم مظاهرات في نهاية هذا الأسبوع.

وذكرت هذه التظاهرات الجميع، بأن مناخ الاستعداد للنضال لا زال قائما، وأن تراجع الحراك السياسي والاجتماعي المعروف بـ 20 فبراير على خلفية تنازلات النظام، تراجع مؤقت وظرفي.

ستذكر هذه التظاهرات النظام، بأن ما يدعيه من نجاح مطلق في إخماد جذوة النضال بتنازلاته وقمعه المحسوب، نجاح نسبي فقط.. ما دامت أقسام كبرى من الشعب الكادح مخدوعة بأوهام تحسين ظروف حياتها بطرق سلمية يتفادى معها مآل الخراب والدمار التي تعيشه سوريا واليمن وليبيا، التي يسوقه إعلامه عن باطل.

لا تفسر التظاهرات التي شهدها المغرب يوم 30 أكتوبر ببشاعة الجريمة فقط، بل بمستوى الاحتقان والغضب الشعبي الذي ظل يتراكم في نفوس الجماهير، طيلة السنوات الست بعد خفوت حراك 20 فبراير..

الاحتقان والغضب ضد إجراءات دكاكة عصفت بالنذر القليل من ما تبقى من حقوق، كما قضمت طفيف تنازلات النظام أيام 20 فبراير (زيادة في الأجور، ضخ أموال في صندوق المقاصة، تشغيل معطلين، إصلاح دستوري يدعي القطع مع الاستبداد..).

غضب شعبي مشروع ظل يتراكم ضد تعسف أجهزة البوليس وتغولها، لأنها متأكدة من أن “مبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة” محض كذبة لخداع الواهمين.. استياء عارم ضد تدخلات رجال البوليس والقوات المساعدة ضد تظاهرات شباب عاطل وأساتذة متدربين وأطر عليا ونساء يدافعن عن مساكن بنيت بشق النفس.

كل هذا- إلى جانب بشاعة جريمة اغتيال محسن فكري- هو ما يفسر سرعة وسعة التظاهرات، لذلك سيكون من الخطأ الكبير، تصديق مناورات النظام حول فتح تحقيق نزيه في الواقعة، وكأن الأمر يتعلق بحادثة فردية أو جريمة حق عام يجب فقط تطبيق ما ينص عليه القانون، وليس بسلوك عام طبع وظل يطبع تعامل أجهزة القمع تجاه الكادحين.

20161102-chakri-2

 وبالتالي لا يمكن انتظار مسطرة التحقيق وتطبيق القانون، فهذا ليس إلا خدعة لامتصاص الغضب في انتظار فتور الهمم وتراجع حدة التظاهر والاحتجاج.. وبعد ذلك تعود مياه الطحن اليومي للكادحين إلى مجراها الاعتيادي.

لا يمكن لهذه المطالب أن تمنح منحا من طرف نظام مستبد حريص على سلامة جهازه القمعي وبقاء معنويات أفراده في المستوى الضروري لأداء أدوارهم القمعية.

فقط حركة شعبية منبعثة من الأعماق، فقط حركة منظمة من القاعدة إلى القمة، فقط نضال سياسي واع يربط هذه “الجرائم الفردية” لرجال القمع مع مجمل نظام الاستبداد، هذه الحركة وهذا النضال هو الذي سيضمن كرامة الشعب والمواطن، هو الذي سيضمن محاسبة مقترفي الجريمة السياسية والقمع والعسف البوليسي.

ملاحظة: الآراء الواردة في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن راي “الرابطة الأممية للعمال – الأممية الرابعة”

Check out our other content

Check out other tags:

Most Popular Articles