الأثنين يوليو 22, 2024
الإثنين, يوليو 22, 2024

ستيلانتيس (فيات سابقا).. تحليل طبقي

دول العالمستيلانتيس (فيات سابقا).. تحليل طبقي

أجرى المقابلة فريق تحرير موقع الحزب الشيوعي البديل – إيطاليا

 مصانع السيارات في إيطاليا تعاني وضعا مأساويا، إذ ترد كل أسبوع أنباء عن حالات إغلاق أو نقل جديدة، تفضي إلى تسريح مئات العمال. أضف إلى هذا حالة مصنع ماريلي في كريفالكور، التي سبق أن تناولناها في مقال سابق – والتي يدور الحديث حولها هذه الأيام فيما يتعلق بالإبقاء على 152 عاملا من أصل 299 عاملا. والآن جاء دور مصنع ماريلي في فيناريا (تورينو)، حيث ينذر الوضع بفقدان ما لا يقل عن 320 وظيفة.

هذا تجسيد لتصرفات مجموعة ستيلانتيس (فيات سابقا) التي، إلى جانب تسريح جزء كبير من عمالها (من ميرافيوري في بوميجليانو إلى مازيراتي في مودينا)، بدأت تلوح بقبضتها في وجه المناضلين النقابيين النشطاء، في محاولة لكبح جماح النضالات العمالية، ومن بينهم عمال شركة ديليو (كب، مصنع كاسينو)، وفرانشيسكا (سلاي كوباس، مصنع أتيسا)، الذين تم فصلهم لدوافع خفية. بعدها، لم يمض وقت طويل حتى جاء رد العمال: في 8 آذار، عبر إضراب بمناسبة اليوم العالمي للمرأة العاملة، إذ تم تنظيم احتجاج في أتيسا، أمام المصنع، بحضور وفد من العمال من مصنع كاسينو. مناضلونا المتواجدون في المصنع كانوا أيضا من ضمن المنظمين، وتدخل رفيقنا دييغو بوسي، أحد عمال بيريللي، معبرا عن تضامن الحزب الشيوعي البديل بأكمله. وتضامنا مع فرانشيسكا، وهي عاملة طردت من عملها عشية 8 آذار، صدحت الهتافات أيضا في ساحات أخرى في يوم المرأة، مثل مودينا، التي شهدت إحدى الخطابات التي ألقتها خلال افتتاح المسيرة في المدينة.

 ننشر هنا مقابلة مع روبرتو، أحد مناضلي سلاي كوباس (نقابة عمالية ذاتية التنظيم)، وأحد أعضاء الحزب. وهو عامل في ستيلانتيس، يشرح تاليا وضع مصانع المجموعة. كما نعيد نشر مقال ذي خلفية تاريخية، بقلم فابيانا ستيفانوني، يعيد فيه بناء بعض أهم لحظات النضال العمالي في شركة فيات خلال العقود الأخيرة، وخاصة إضرابات السبعينيات التي بلغت ذروتها باحتلال ميرافيوري عام 1973. من الجيد، في الواقع، ألا ننسى نضالات عمال شركة فيات – إلى جانب نضالات العمال في بيريللي، وفينكانتيري، إلخ _ حددت مصير بلادنا. إنها دليل على قوة العمال التي يجب أن نتذكرها اليوم، في مواجهة البيروقراطيين النقابيين الذين يدعون العمال إلى الاستقالة والاستسلام.

قبل الخوض في تفاصيل أكثر تحديدا حول مصنع أتيسا، ماذا يمكنك أن تخبرنا عن الوضع العام للمجموعة؟ وبشكل أكثر تحديدا، ما الذي يمكنك قوله لنا في ضوء التصريحات الأخيرة التي أدلى بها تافاريس، الذي يستفيد من الحكومة مثل سلفه، في حين أن المصانع الإيطالية كلها تقريبا ماضية في طريق مسدود (على سبيل المثال، تسريح العمال في ميرافيوري، والذي عارضه العمال عبر الإضراب، وحالة مازيراتي في مودينا)؟ وماذا سيعني التحول إلى السيارات الكهربائية بالنسبة للعمال؟

بداية، من المفيد تأطير الوضع المالي لمجموعة ستيلانتيس، إضافة إلى وضع كلام تافاريس في سياقه. كان عام 2023 عاما قياسيا بالنسبة لهذه المجموعة العملاقة التي ولدت عام 2021 من الاندماج، بإيرادات تبلغ 189.5 مليار يورو وصافي دخل قدره 18.6 مليار يورو، وهي أرقام لم تتوقف عن النمو على مدى السنوات الثلاث الماضية. كما تؤكد هذه الأرقام القوة المالية للمجموعة وقدرتها على جني الأرباح للمساهمين، الذين سيحصلون على 6.6 مليار عند توزيع الأرباح. أما مبيعات المركبات الكهربائية والهجينة فقد شهدت زيادات في النسبة المئوية لرقم مضاعف مقارنة بالعام الماضي، وتتبع تقديرات عام 2024 نفس الاتجاه. يجب قراءة هذه البيانات من منظور عالمي لأنها تعكس وجود الشركات متعددة الجنسية في كافة أنحاء العالم، والتي تحقق مزيدا من الإنتاج والربح. ولكن إذا نظرنا إلى هذه البيانات من منظور الحقائق الوطنية، فإن العواقب وخيمة، لاسيما فيما يتعلق بالآثار الاجتماعية للعولمة الأكثر تطرفا، والتي بدأت في الظهور. لذا، يجب أن نتذكر، كما حدث في مناسبات عدة، أن الغرض الوحيد من عمليات الدمج والاستحواذ بين المجموعات الصناعية هو تحسين الموارد، والاستيلاء على قطاعات السوق الجديدة، من أجل زيادة الأرباح.

في هذه الحالة التي نشهدها، استحوذ الجزء الفرنسي، شركة بيجو، على نظيرتها الإيطالية الأمريكية، شركة فيات كرايسلر للسيارات، بهدف دخول سوق أمريكا الشمالية، وهو السوق الأكثر ربحية، وكذلك القضاء على المنافسة المحلية، أو على الأقل تقليل أثرها بشكل كبير. ومن الواضح أن التبادل كان غير متكافئ: زمام الأمور بات في أيدي الفرنسيين، انظر فقط إلى مجلس الإدارة والمناصب الإدارية الرئيسية، في حين أن الجزء الإيطالي، الذي يرتكز على رماد شركة فيات، فقد كل ما يتصل بعملية صنع القرار والاستراتيجية. علاوة على ذلك، أعلن جون إلكان نفسه بشكل مقتضب، بعد أن باع مجموعة فيات كرايسلر للسيارات إلى شركة بيجو وحصل على المليارات: لم يعد بوسعنا الاعتناء بإيطاليا”.

العواقب بادية للعيان. إننا نشهد عملية تفكيك المصانع الإيطالية، لكن هذه الصيرورة بدأت منذ وقت طويل، باسم تحسين الموارد الذي ذكرته سابقا، أي نقل الإنتاج إلى أماكن أكثر ربحية، وحيث توجد قيود تشريعية أو بيئية قليلة أو معدومة. وبهذا المعنى، فإن الأهداف الجديدة للمجموعة هي الاستمرار في نقل الإنتاج إلى شمال أفريقيا وأوروبا الشرقية، حيث وصلت المصانع بالفعل إلى حصص إنتاجية كبيرة. ومن السهل في هذه المرحلة على تافاريس، مع حصول العمال على مكافآت نهاية الخدمة وإغلاق المصانع، أن يهدد بالانتقال من أجل الحصول على الأموال العامة على شكل حوافز، وتقليص حقوق العمال دون عائق. من ناحية أخرى، فإن التماس الأموال العامة قصة قديمة: تشير التقديرات إلى أنه منذ عام 1975 وحتى اليوم، تلقت شركة فيات بداية، والآن ستيلانتيس، 220 مليار يورو بأشكال مختلفة، بما في ذلك الحوافز، والتقاعد المبكر، والتصفية، وتمويل افتتاح مصانع جديدة. أما التحول الكهربائي فلا علاقة له بالمسألة البيئية، لأنه يسترشد بالمنطق الرأسمالي؛ الأسباب الحقيقية هي الحاجة إلى إعادة إنشاء سوق سيارات مشبع، وتقليص القوى العاملة اللازمة لزيادة الأرباح.

مصنع سيفيل السابق هو حاليا المصنع الوحيد في فلك ستيلانتيس الذي استمر في الإنتاج في إيطاليا. ولكن، بعد الاستحواذ ظهرت شكوك حول مستقبله، على الرغم من التأكيدات الشفهية التي قدمها تافاريس. ما الذي تغير في ظل الإدارة الفرنسية؟

كان مصنع أتيسا يقوم بإنتاج المركبات التجارية بشكل مستمر ومتزايد منذ أكثر من 40 عاما، وذلك بفضل مزايا المنتج، ولكن فوق هذا بفضل تفاني وتضحيات آلاف العمال. ولكن، مع ولادة ستيلانتيس، عانى المصنع من نفس مصير المصانع الإيطالية الأخرى، إذ بات منغمسا في منطق تنافسي تنازلي، يجعل العمال وحدهم هم الضحايا. والمرة الأولى التي تمت فيها مشاركة إنتاج المركبات التجارية مع مصنع آخر، كانت مع مصنع جليفيتش في بولندا، الذي كان يقوم في السابق بتجميع السيارات. وكان المصنع البولندي يستفيد من أحدث التقنيات (الروبوتية)، والنظام الضريبي التفضيلي، فضلا عن تكاليف العمالة المنخفضة للغاية، وكانت هذه كلها مفيدة للإدارة الاستغلالية. وقد بات الواضح أن النموذج الأمثل الآن هو جليفيتش، لذا فإن شعار تافاريس يتلخص في خفض التكاليف، الأمر الذي أدى إلى توليد ظروف عمل متزايدة القسوة، وتداعيات رهيبة على العمال، في الشركات المتعاقدة والصناعات المرتبطة بها. كان هذا هو الحال من شركات التنظيف إلى الشركات المصنعة للمكونات، حيث نصحهم الرئيس التنفيذي البرتغالي صراحة بنقل الإنتاج إلى المصنع البولندي الأكثر ربحية (بالنسبة له). باختصار، بالإضافة إلى كل ما حدث، يمكن لتافاريس الاعتماد على التهديد بالانتقال إلى الخارج لفرض شروطه على العمال.

بصفتك من سلاي كوباس، فإنكم تروجون، مع النقابة الأساسية، لسلسلة من النضالات ضد تسريع العمل، وفرض المزيد من الأعباء، وضد الإجراءات التأديبية المضللة ضد العمال المناضلين. ما هي المشاكل المحددة التي تواجهكم؟

لقد كنا دوما من دعاة النضال ضد تسريع العمل وأعبائه المرهقة، كون هذا ضروري في مواجهة دوافع أرباب العمل المتعلقة بتحقيق الربح على حساب صحة وجيوب أبناء الطبقة العاملة. وقد أدت شروط اتفاقية التوظيف الجماعية واستراتيجيات ستيلانتيس الحالية إلى تصعيد النضال؛ وقد ترجم خفض التكاليف الذي دعا إليه تافاريس إلى ظروف عمل متزايدة الصعوبة تقوض صحة العمال وسلامتهم. العمل على خط ميكانيكي بات يتضمن إجراءات لتسريع الإنتاج (مزيد من الإنتاج، أي المزيد من الربح لصاحب العمل)، ما يفاقم المخاطر الملموسة والأضرار الهيكلية للعمال. إننا نناضل ضد أسوأ البنود في عقد العمل غير العادل، وضد أولئك الذين يديرون العملية، بما فيهم القادة النقابيون الموقعون على تلك الاتفاقية.

 ظروف العمل المثيرة للقلق تخلق مناخا من السخط بين العمال، وحالة توتر على خطوط الإنتاج. ويتمثل رد أرباب العمل في قمع المعارضة عبر إجراءات تأديبية مضللة ضد هؤلاء العمال المناضلين الذين لا يحنون رؤوسهم. ومن الأمثلة الرمزية على ذلك عمليات الفصل غير المشروعة والتمييزية الأخيرة التي فرضت على الرفيق ديليو من فيلمو – كوب من كاسينو، والرفيق فرانشيسكا من سلاي كوباس من كييتي، الذين ثبت أنهما “مذنبان” بالقيام بنشاط نقابي ثابت وحازم. هناك شيء واحد مؤكد: سندافع عن أولئك الذين يتعرضون للهجوم بكافة الوسائل الممكنة.

هل تعتقد أن نضالاتكم النقابية بإمكانها الاتساع لتتشابك مع نضالات المصانع الأخرى؟ على غرار ما فعلته مع زملائك في شركة كب دي كاسينو في سيفيل سابقا للتنديد بالتهجير القسري للعمال؟

بالطبع، فإن الردود التأديبية الأخيرة، وكذلك استمرار حراك العمال من مصنع إلى آخر، وظروف العمل في المصانع، تجعل الاستجابة الموحدة من عمال المجموعة مرغوبة وضرورية؛ وسنعمل على ضمان حدوث ذلك لمواجهة استراتيجيات الربح والاستغلال التي يتبعها أرباب العمل.


ترجمة تامر خرمه
مراجعة فيكتوريوس بيان شمس

Check out our other content

Check out other tags:

Most Popular Articles