بعد فترة وجيزة من انتهاء الحرب العالمية الثانية، بدأ نقاش بالغ الأهمية في أروقة “الأممية الرابعة” حول سمات الدول. ليس فيما يتعلق بالاتحاد السوفييتي، بل حول تلك الدول الحديثة التي انبثقت عن احتلال الجيش الأحمر (ألمانيا الشرقية، وهنغاريا، وبولندا.. الخ). وكان داخل “الأممية الرابعة” أيضا نقاش دار لعدة سنوات حول الدول التي انبثقت عن الثورات التي قادتها القيادات الستالينية أو البرجوازية الصغيرة (يوغوسلافيا، والصين، وكوبا لاحقا). عمال التروتيسكية و”الأممية الرابعة” لم يتنبأوا بهذا النوع من الظواهرعلى أنه الأرجح، ما أربك الجيل الجديد من النشطاء والقادة في “الأممية”. على أية حال، أعمال تروتسكي حول الاتحاد السوفييتي كانت مفيدة للغاية للتمكن من فهم طبيعة هذه الصيرورات الحديثة والمتناقضة.
استنادا إلى تحليله للطبيعة الاجتماعية للاتحاد السوفييتي، قام تروتسكي بتحليل الغزو الستاليني لبولندا على النحو التالي:
“طالما أن الدكتاتورية الستالينية البنوبارتية أسست نفسها على ملكية الدولة وليس الملكية الخاصة، فإن غزو بولندا من قبل الجيش الأحمر سيقود، بطبيعة الحال، إلى إلغاء الملكية الرأسمالية الخاصة، وبالتالي ائتلاف نظام المناطق المحتلة مع نظام الاتحاد السوفييتي”.
وفيما يتعلق بالسياسة التي ينبغي أن يتبناها الثوريون قال بحسم:
“تقييمنا العام للكرملين والكومنتيرن لن يغير حقيقة أن مطابقة الملكية في المناطق المحتلة هي بحد ذاتها معيار تقدمي. علينا الاعتراف بذلك بعقل منفتح. إذا كان هتلر سيلقي غدا بجيوشه ضد الشرق، لاستعادة “القانون والنظام” في بولندا الشرقية، سيدافع العمال التقدميون في مواجهته عن هذه الأشكال الجديدة للملكية والتي أسستها البيروقراطية السوفييتية البنوبارتية”.
“الأممية الرابعة” وبعد نقاش مستفيض تصرفت وفق الأعمال المقتبسة أعلاه. قاموا بتعريف الدول الجديدة بدول العمال البيروقراطية المشوهة، وتبنوا سياسة مماثلة، بشكل عام، لتلك المتعلقة بالدفاع عن الاتحاد السوفييتي (ثورة سياسية ودفاع غير مشروط في مواجهة خطر الهجمة الإمبريالية).
التعريف الصحيح قبل هذه الظواهر الجديدة لم يوقف جدالين واسعين خلال الثلاثينيات على مستويات مختلفة.
تعزيز الستالينية بعد الحرب بات مصدر ضغط داخل “الأممية الرابعة” وقاد قسما منها لتبني سياسات استسلامية أمام ذلك. قادة من أمثال بابلو، وبوساداس، ومانديل تصدروا هذا الأمر، معتقدين بأنهم يشهدون أجنحة وأقسام وقادة للستالينية يتبنون مسارا تقدميا.
من جهة أخرى كان القسم “المناهض للدفاع”، والذي نشير إليه في هذا العمل، قد تطور، تبعا لمنطق مواقفهم، كل مرة أبعد عن حدود “الأممية الرابعة”.
الجدال داخل حزب العمال الاشتراكيين، قسم أميركا الشمالية للأممية الرابعة، تسبب في العام 1940 (وكان تروتسكي ما يزال على قيد الحياة) بانشقاق الأقلية (تقريبا 40% من التنظيم). غير أن بعض قادة الأقسام الأخرى “للأممية” تبنوا مواقف “مناهضة الدفاع”.[1]
حتى العام 1948، في المؤتمر الثاني لـ “الأممية الرابعة”، كان قد تم هزيمة الفرضية المناهضة للدفاع تماما. على أية حال، كما سبق وأن قلنا، بقيت هذه المواقف وتطورت خارج “الأممية الرابعة”.
بين أولئك الذين استمروا بتطوير مثل هذه المواقف (رغم أنهم لم يسبغون على أنفسهم صفة “مناهضي الدفاع”) يمكن تسليط الضوء على الأعمال التي طورها اليوناني كورنيليوس كاستوريادس، المشجع الرئيسي للمجموعة التي نشرت نشرة “الاشتراكية أو البربرية” في فرنسا. بالإضافة إلى الفلسطيني طوني كليف، والذي قاد (ومازال) في لندن حزب العمال الاشتراكي، منظمة متشعبة في عدة دول بالعالم (ألمانيا، كندا، الولايات المتحدة، اليونان.. الخ).
كاستورياديس: “المجتمع البيروقراطي”
في 1949 نشر كورنيليوس كاستورياديس مقالا (علاقات الإنتاج في روسيا) بنشرة “الإشتراكية أو البربرية”، حيث قدم تحليلا مختلفا تماما عن تروتسكي حول السمة الإجتماعية للاتحاد السوفييتي.
النقطة التي أبرزها في الصفحات الأولى، أن تحليل تروتسكي الخاطئ للمجتمع الروسي مازال يمارس تأثيرا، من الواضح أنه ضار. (كاستورياديس، ن/د).
سابقا، في المواد الداخلية لـ “الأممية الرابعة”، كان قد طرح رفض نظرية “دولة العمال المتحللة” بشكل قاطع. هذه النظرية غير صحيحة علميا لأنها تحدثنا فقط عن التطور الذي قاد إلى النظام الحالي، ولكنها خاطئة تماما فيما يتعلق بطبيعة النظام الراهن. (كاستورياديس، ن/د).
فيما يتصل باستعادة الرأسمالية، قال في ذات العمل: لحماية هيمنتها، لا تحتاج البيروقراطية إلى العودة إلى الرأسمالية الخاصة. على العكس، من كلتا وجهتي النظر الاقتصادية (القضاء على الأزمة الاقتصادية) والسياسية (تستر بيروقراطية شمولية بالاشتراكية) فهذا مقنع للحفاظ على النظام الراهن. استعادة الرأسمالية في روسيا بسبب صيرورة داخلية أمر مستحيل. هذا الأمر يمكن فرضه فقط عبر غزو أجنبي مسلح. (كاستورياديس).
وبالنسبة للسياسة، قال إن على المرء أن يهرع إلى مناهضة الميل الحالي لـ “الأممية”. بشعارها “الدفاع غير المشروط عن الاتحاد السوفييتي” ونظريتها “الأسس الاشتراكية للاقتصاد السوفييتي” إنها تبذل كل ما في وسعها لجر الجماهير إلى الجانب الروسي وإنها عمليا تؤسس لعذر “يساري” للستالينية. (كاستورياديس، ن/د).
كما يمكن للمرء أن يرى، كاستورياديس وصل عمليا إلى نفس الاستنتاج الذي سبق وأن وصل إليه برونو ريزي. المثير للفضول أنه لم يذكر تلك المواقف ولم يأت حتى على ذكر صاحبها.
الفرق الأكثر أهمية بين الكاتبين أن كاستورياديس لم يتحدث، كريزي، عن “بيروقراطية العالم” والمساواة بين البيروقراطيتين الفاشية والستالينية. ولكن كل شيء يبين أن هذا الفرق لم يكن ناجما عن تسلسل منطقي، بل لحقيقة أن كاستورياديس كان لديه امتياز تأليف كتابه بعد الحرب العالمية الثانية.
على أية حال رغم عدم بلوغه أي استنتاج يختلف كثيرا عن ريزي، يمكن ملاحظة أنه تعمق في مفاهيم تستحق تسليط الضوء عليها.
بداية، باختيار معايير مناقضة لتروتسكي لتعريف السمة الاجتماعية للدولة، اتخذ مقاربة مختلفة فيما يتعلق بالاتحاد السوفييتي: ميزة دولة العمال جوهريا ليس أسسها الاقتصادية، بل القوة السياسية الفاعلة للطبقة العاملة (كومونة 1871، الثورة الروسية حتى 1921-1923). عندما تصطدم الممارسة الفعلية للسلطة بعقبات جدية، يمكن للمرء، الحديث عن دولة عمال متحللة (روسيا 1921-1923 إلى 1927).ولكن عندما لا تعود السلطة بيد الطبقة العاملة، تكون العملية قد آلت إلى نهايتها و”دولة العمال المتحللة” لم تعد دولة عمال. (كاستورياديس، ن/د).
ثانيا، كاستورياديس نوّه بأن تروتسكي كان مخطئا في قوله إن للاتحاد السوفييتي طبيعة مزدوجة. عندما يتحدث تروتسكي -ليس إلى رجال الصف الثاني- حول السمة “البرجوازية” لتوزيع الإنتاج الاجتماعي في روسيا، مقابلا إياه بالسمة “الاشتراكية” لعلاقات الإنتاج أو ملكية الدولة، لا يمكن حتى أخذ حديثه على محمل الجد. نسق توزيع المنتج الإجتماعي لا يمكن فصله عن أسلوب الإنتاج.
ثالثا، قال (كاستورياديس، ن/د) إنه بالنسبة للينين فإن “شكل ملكية الدولة” والتأميم، بالمعنى الأعمق للمصطلح، بعبارة أخرى الوحدة المتكاملة بين الاقتصاد وإدارته في إطار واحد (مخطط) لا تحل المحتوى الطبقي لمثل هذا الاقتصاد.
مشروع كاستورياديس يحتمل على الأقل جزئيتين من عدم الترابط. أولا إذا كان قد بلغ منطقه الخاص (والذي يصف في جوهره دولة العمال بأنها لا تقوم على أسس اقتصادية بل على السلطة السياسية الفاعلة للطبقة العاملة) سيكون عليه الوصول إلى استنتاج أن دولة العمال انتهت فعليا في العام 1918 مع بداية الحرب الأهلية. في تلك الفترة كان لحزب البلاشفة والجيش الأحمر جوهريا “السلطة السياسية الفاعلة”، وليس للطبقة العاملة.
ثانيا، هنالك عدم ترابط هائل في مشروعه الخاص، وذلك في قوله إنه بالفترة ما بين 1921-1923 حتى 1927 كان هناك “دولة عمال متحللة”. إذا كان الأمر كذلك فلن يكون هنالك فرق نوعي بين الدولة التي يقودها حزب البلاشفة مع لينين وتروتسكي وبين الدولة التي يقودها ستالين.
مشكلة موقف كاستورياديس في عمقها شبيهة بمعضلة كل “مناهضي الدفاع” وهو ما يفسر عدم ترابطه.
انطلقوا من واقع أن الطبقة العاملة، في ظل الستالينية، خسرت السلطة السياسية في الدولة. ولكنهم لا يأخذون حقيقة أخرى بعين الاعتبار، وهي أن البيروقراطية الستالينية لم تعد من الإنجازات الاقتصادية الجوهرية للثورة. كان هذا تناقضا جديدا، حيث حاول كاستورياديس عوضا عن التحليل الخروج بصيغة مبسطة، أن الاتحاد السوفييتي دولة لا علاقة لها بالعمال.
كيف برّر كاستورياديس مثل هذا التصريح؟ كيف يمكنه شرح أن دولة قامت فيها الطبقة العاملة بتجريد البرجوازية من أملاكها وكان تجريدها لا يزال مستمرا (عندما كتب ذلك النص) لا علاقة لها أبدا بالعمال؟ المصدر الذي لجأ إليه للاستعانة بماركس ولينين من أجل مهاجمة تروتسكي لأنه اقترف بدعة في قوله إن لاقتصاد الاتحاد السوفييتي طبيعة مزدوجة. ولكن بقول هذا لم يدرك أنه كان فعليا يهاجم لينين وتعريفه للدولة البرجوازية. وكان أيضا يشكك بوجود دولة العمال في السنوات الأولى للثورة الروسية. وعلاوة على ذلك شكك بوجود (والدفاع عن) أية دولة عمال، لأنه كما سبق وأن رأينا كل دولة عمال هي “دولة برجوازية دون برجوازية”، أو لديها، كما قال تروتسكي، طبيعة ازدواجية. في هذا السياق فإن انتفاد كاستورياديس للدولة التي تقودها الستالينية لم ينبع من منظور ماركسي ثوري، بل من مفهوم أناركي، بالتشكيك بكافة أنماط الدولة، بما فيها دولة العمال. وليس صدفة أن غالبية الأناركيين حاليا يدافعون عن أعمال كاستورياديس.
طوني كليف: “رأسمالية الدولة”
عام 1948 نشر طوني كليف النسخة الأولى من كتابه: “رأسمالية الدولة”. أعمال طوني كليف، ولا سيما توصيفه (رأسمالية الدولة) طرحت كإجابة جديدة وغير مسبوقة تتيح فهم طبيعة الاتحاد السوفييتي. لدرجة أن المدافعين عنه يقولون حاليا إنها ماركسية كلاسيكية، ينبغي على كل من يريد فهم الإشتراكية الثورية قراءتها. (هارمان، 1988). مؤلفها، طوني كليف (1992)، نوّه بتعريف “رأسمالية الدولة” كنظرية بدأ بتطويرها منذ 1948.
ولكن رغم نوايا “مؤلف” هذه النظرية وأتباعها، انطلق طوني كليف (تماما ككستورياديس) من الأعمال الرئيسية لبرونو ريزي، والذي أيضا كان قد استخدم مصطلح “رأسمالية الدولة”. من جهة أخرى من الضرورة تذكر أن تروتسكي، بعد 12 سنة من كتابة طوني كليف لشيء حول هذا، جادل ضد هذا التصوّر، مستخدما عبارة موحية للغاية: “إننا عادة نبحث عن الخلاص من ظاهرة غير مألوفة بمصطلحات مألوفة.. حيث جرت محاولة لمواراة لغز النظام السوفييتي بدعوته بـ “رأسمالية الدولة”. (تروتسكي، 1991، ص 208).
طوني كليف، تماما كريزي وكاستورياديس، انطلق من أساس أن تروتسكي كان مخطئا تماما في قوله، أن الاتحاد السوفييتي في ظل الستالينية كان لايزال دولة عمال. الفرق الوحيد يكمن في التاريخ الذي شهد التغيير، فهو بالنسبة لكاستوراديس 1927، وبالنسبة لكليف 1928. من هناك سيخلص إلى استنتاج أن البيروقراطية كانت طبقة اجتماعية جديدة، لا تطرح أية ثورة سياسية، ولم تكن ذات اقتصاد متفوق عن الرأسمالية، والدفاع عنها غير مطروح.
عبر كل أعماله، حاول كليف تبرير هذه المواقف بأن يكرر، عموما، سلسلة من الحقائق حول دور البيروقراطية، الذي سبق وأن أشبعه تروتسكي تحليلا، ولكن لبلوغ نتائج معاكسة.
مثلا، لبيان الطبيعة اللاعمالية للاتحاد السوفييتي، سلط كليف الضوء، إلى جانب مضاعفة إنتاج أعماله، على أن معدلات الأجور الحقيقية انخفضت في 1928-1936 بنسبة 50%. بهذا أخفى كليف واقعا: المعدل الاجتماعي. لم يصل إلى الاستنتاج من واقع آخر، الإنجازات الاقتصادية لثورة أوكتوبر بقيت، ولكن تحت هيمنة البيروقراطية. وهكذا نما اقتصاد الدولة بشكل لا يتناسب مع مداخيل العمال.
بالنسبة لكليف، على نقيض تروتسكي، كان النمو الاقتصادي لدولة العمال يبدو واقعا أقل أهمية. من الغريب، بل من المخجل رؤية مقارنات كليف للتقليل من إنجازات الاقتصاد السوفييتي، والتي كانت مصدر فخر لكافة الماركسيين، وفي مقدمتهم التروتسكيين.
كليف الشاب، في 1948، الذي كان قد وصل حديثا من فلسطين إلى لندن، لم يستطع إخفاء التأثير الذي خلفته فيه المدينة الكبرى. لذا كان يقارن طيلة الوقت إنجازات الاتحاد السوفييتي بنظيرتها في إنجلترا، مخفيا أن مرد هذه “الإنجازات” الإنجليزية هو كولونياليتها.
كليف لم يستطع في نصوصه تسليط الضوء على التقدم الذي حققه التأميم والاقتصاد المخطط. لو فعل هذا سيكون تصريحه بأن الاقتصاد السوفييتي ليس متفوقا على الاقتصاد الرأسمالي موضع شك. على أية حال هناك حقائق لا يمكن إخفاؤها أو قلبها. مثلا، إنتاج الورق.
يعلم الجميع أن معدل استهلاك الورق هو أحد المقاييس التي تستخدم عالميا لقياس المستوى الثقافي في بلد معين. في الاتحاد السوفييتي كان تنامي استهلاك الورق مذهلا، وهو ما يمكن فهمه بسهولة حتى اليوم، أي شخص [يسافر] “بالمترو” في موسكو ينتابه شعور لطيف بأنه دخل مكتبة.
كليف لم يستطع تجاهل تنامي معدلات استهلاك الورق. لقد قبل بهذا، ولكنه قدم التفسير التالي فيما يتعلق بالورق، إنتاج الورق ارتفع بشكل هائل، عموما بسبب المتطلبات الدعائية للحكومة، إحتياجات الإدارة والمتطلبات الثقافية مرتبطة بالتصنيع. (كليف، ن/د).
تروتسكي قال إن كافة الإنجازات المتقدمة كانت نتيجة لوجود دولة العمال، وأنها تحققت رغما عن البيروقراطية. بالنسبة لكليف، كما هو بالنسبة لكل مناهضي الدفاع، تحليل تروتسكي كان خاطئا بالكامل.
على أية حال، تبقى الحقائق حقائق، وكليف لعدم تمكنه من إخفاء هذا التقدم وعدم قدرته على نسب الفضل لدولة العمال (كونها غير موجودة)، انتهى به الأمر بنسب الفضل إلى البيروقراطية، التي منحها دورا تقدميا كبيرا.
بالإشارة إلى الاتحاد السوفييتي، يقول كليف إنه جاء من التخلف ليصبح بلدا حديثا، وقويا، ومتقدما. البيروقراطية نالت نفس الثناء الذي نالته البرجوازية في كتابات ماركس وانجلز. كانت هي (البرجوازية) أول ما بيّن ما يمكن للنشاط الإنساني فعله. حققت عجائب أكثر إثارة من الأهرامات المصرية، والأقنية الرومانية، والكاتدرائيات القوطية. البرجوازية، خلال الفترة التي سادت فيها منذ 100 عام فقط، خلقت المزيد والمزيد من قوى الإنتاج الهائلة أكثر من كافة الأجيال السابقة مجتمعة. الثمن الذي دفع لقاء هذه النجاحات الكثيرة كان، كما هو معروف، بؤس إنساني لا يمكن قياسه.
ختاما، فيما يتعلق بنظرية “رأسمالية الدولة” الشهيرة، والتي نسبها كليف لنفسه، يمكننا الاتفاق فقط مع الملاحظة الذكية جدا التي أبداها ارنيست مندل (ن/د). أولئك الذين يعرّفون الاتحاد السوفييتي بـ “رأسمالية الدولة” غارقون في نظريتهم. كيف يمكن استعادة الرأسمالية إذا كانت الدولة في الأساس رأسمالية؟ هنا يمكن أن يجادل أحدهم بأن رأسمالية الدولة تختلف عن الرأسمالية الخاصة. إذا كان الفرق نوعيا، فما الذي يدعو لتسمية كليهما رأسماليتين؟
[1]بين آخرين في الأممية الرابعة، قام الاسباني غرانيزو مونيس والبرازيلي ماريو بيدروزا بالالتزام بمناهضة الدفاع
يمكن مراجعة الجزء الرابع عشر من خلال الرابط التالي: