الأثنين يوليو 22, 2024
الإثنين, يوليو 22, 2024

الاتفاقية المغربية_ الاسرائيلية: اتفاقية ضد الشعب

الشرق الأوسط وشمال أفريقياالاتفاقية المغربية_ الاسرائيلية: اتفاقية ضد الشعب

في العاشر من كانون الأول 2020، أعلن الرئيس ترمب اعترافه بحق المغرب في ضم الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية، جارتها الجنوبية، إلى مناطقها. لقد كانت دولة مستقلة منذ 27 شباط 1976، بعد انتصار جبهة تحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب (جبهة البوليساريو) في الصحراء الغربية السابقة، التي احتلتها اسبانيا كمنطقة وراء البحار. الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية، المعترف بها كدولة من قبل الاتحاد الأفريقي، هي بلد بحجم نصف إسبانيا، بمناجم فوسفات، ومكونات أساسية للأسمدة، ويمثل خطه الساحلي، البالغ طوله 1100 كيلومترا على المحيط الأطلسي، مصدر ثروة سمكية، إضافة إلى أهميته الجيوستراتيجية. وقبل ترامب، كانت الولايات المتحدة دوما تتبع توجيهات الأمم المتحدة، منذ العام 1975، بعدم الاعتراف بسيادة الرباط على هذه المنطقة.

ما هو سبب هذا الدفاع عن السياسة الاستعمارية لدولة كانت، في مناسبة أخرى عام 1777، أول من اعترف رسميا باستقلال الولايات المتحدة على الجانب الآخر من المحيط الأطلسي؟

بقلم رابطة العمال الشيوعية، الرابطة الأممية للعمال_ الأممية الرابعة الفرع البلجيكي_ 10 شباط 2021.

تغريدة لترمب تفسر الأمر: “نجاح تاريخي آخر اليوم، صديقتانا العظيمتان، إسرائيل والمملكة المغربية، اتفقتا على إقامة علاقات دبلوماسية كاملة، خطوة كبيرة نحو السلام في الشرق الأوسط!”[i]. هذه ضربة لنضال الشعب الفلسطيني، ولكنها أيضا ضربة لنضال الشعب الصحراوي، الذي أصبح ورقة مساومة في سياسة الولايات المتحدة الإجرامية لدعم الدولة الصهيونية.

في نهاية فترة ولايته، يقوم دونالد ترمب بهذا الإعلان على أنه نجاح لدبلوماسيته الموالية لاسرائيل. هذه الاتفاقية في النهاية هي حلقة أخرى في سياسة ما يسمى بـ “التهدئة” في الشرق الأوسط. في الواقع هي دعم للدولة الصهيونية بوصفها دركي من شأنه تحطيم نضالات الشعوب المتضامنة مع المطالب العادلة للشعب الفلسطيني ضد استعمار بلادهم.

تطبيع العلاقات الدبلوماسية مع اسرائيل كانت قد حدثت بالفعل في مصر عام 1979، وفي الأردن عام 1994. وفي 13 آب 2020 أعلن ترمب عن “صفقة تاريخية كبرى” أخرى. كما تم توقيع “اتفاقيات ابراهيم”[ii] بين اسرائيل والإمارات العربية المتحدة، وبين اسرائيل والبحرين في 12 و15 أيلول 2020 بواشنطن لتطبيع العلاقات بين هاتين الدولتين العربيتين وبين الدولة الصهيونية. وفي 23 تشرين الأول، أعلن ترمب اتفاقية مشابهة بين اسرائيل والسودان. في هذه الحالة كان الثمن قيام ترمب بإزالة السودان من القائمة السوداء لـ “الدول الإرهابية” التي تأسست عام 1993[iii].

السبب النهائي وراء كل هذه الاتفاقيات هو كسر تضامن الشعوب، التي ترفض التقليل من شأن الاستعمار الإسرائيلي لفلسطين، مع القضية الفلسطينية.

لكن ليس ترمب وحده من هو على المحك فيما يتعلق بعلاقات المغرب مع اسرائيل. في الحكومة المغربية، كان على حزب العدالة والتنمية (الإسلامي) أن يواجه تمرد الشباب الغاضب إثر هذه الاتفاقيات.

العلاقات بين المغرب وإسرائيل

 

على أسس غير رسمية، كان التقارب الدبلوماسي بين المغرب واسرائيل يحدث بالفعل منذ عدة أشهر، إن لم يكن لسنوات، بطريقة غير رسمية.

السلطات المغربية تقدم هذه الاتفاقية على أنها ضرورية، بحجة أن هناك العديد من اليهود من أصل مغربي: مليون إلى الثمانية ملايين الذين يشكلون سكان اسرائيل. علاوة على ذلك، فإن ثلث الوزراء هم يهود من أصل مغربي. لهذا يقال إنه يجب الاعتراف بهذا الوضع، ويجب إيجاد حل إنساني للصراع في الوقت المناسب.

السلطات المغربية لا تقول إن القيادة المغربية كانت لها دوما علاقات مع الدولة الصهيونية وإنها تحاول إضفاء الطابع الرسمي على هذه العلاقات الوثيقة. جذور هذا التعاون بين الدولتين تعود إلى تواطؤ النظام المغربي فيما يتعلق بالهجرة الجماعية لليهود المغاربة إلى اسرائيل في خمسينيات وستينيات القرن الماضي. ما بين 1961 و1964 فقط هاجر 97000 شخص.

دبلوماسية الحسن الثاني السرية باتت الآن معروفة جزئيا، بما في ذلك تعاونه مع الموساد (الذي كان قادراً على إنشاء مكتب فرعي في المغرب) للقضاء على مهدي بن بركة، زعيم المعارضة المغربي الكبير والقومي الأفريقي المقنع، في أيلول 1965. وكذلك تجسسه على مفاوضات الجامعة العربية في نفس شهر أيلول عام 1965 خلال الاستعدادات للحرب على اسرائيل. هذا ليس مفاجئا لأن الحسن الثاني دعا إلى موقف “واقعي” تجاه إسرائيل في جامعة الدول العربية عام 1964، وأنشأ لجنة برئاسته لتسوية الصراع. منذ ذلك الوقت أصبح المغرب المحاور المميز للدول الغربية مع جامعة الدول العربية.

في عام 2000، وتحت ضغط الحركة الشعبية التي أظهرت تضامنها العميق مع انتفاضة الشعب الفلسطيني ضد دولة اسرائيل الصهيونية، أغلق المغرب مكتب الاتصال مع إسرائيل في الرباط. واليوم، في نفس اللحظة التي أعلنت فيها السلطات المغربية عن الاتفاق، وردت كلمة صغيرة منافقة تكرر فيها دعمها للشعب الفلسطيني. منافقة لأن النظام المغربي، بخلاف الشعب المغربي والجالية اليهودية المغربية في البلدة القديمة بالقدس، يتعاون مع جرائم الصهيونية التي تنتهك أراضي الفلسطينيين وتدمر ثقافتهم ومنازلهم.

خطوة جديدة تم اتخاذها اليوم عبر الإعلان بوضوح عن الشراكة مع الجيب الاستعماري. وإذا كان أحد جوانب الاتفاقيات يسهل الرحلات الجوية، فهي أساسا للبضائع، وليست للإسرائيليين من أصل مغربي. إن القسم الخاص بالعلاقات الاقتصادية وحرية الاستثمار هو الذي سيفيد المغرب أولاً وقبل كل شيء. أما بالنسبة لإسرائيل، فالفائدة الأساسية هي، بالطبع، إضعاف دعم القضية الفلسطينية بين حكومات المنطقة.

النظام المغربي والإمبرياليتين الأمريكية والأوروبية ضد الشعب الصحراوي

 

الاتفاقية تنص على اعتراف الولايات المتحدة بسيادة المغرب على الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية. حتى العام 1975، كانت الصحراء الغربية، وهي إقليم ما وراء البحار لإسبانيا، مستعمرة فعليا. واليوم، لايزال المغرب يطالب بالمنطقة التي تحتلها قواته بشكل أساسي. ولهذه الغاية، حاولت العديد من الحملات والعمليات الدعائية أن تخلق بشكل مصطنع قومية مغربية تطالب بالإقليم. هذه البروباغاندا الشوفينية ذكية للغاية وتحوّل كل من يجرؤ على انتقاد الاتفاق مع إسرائيل إلى عدو للقضية الوطنية المغربية، حيث أنها تساوي بين هذا وبين التشكيك في الاعتراف بـ “الصحراء الغربية” كجزء لا يتجزأ من التراب الوطني.

استغلال هذه المنطقة مفتوح للمغرب والولايات المتحدة والإمبريالية الأوروبية من خلال معاهدات الاستثمار التجاري. وهكذا، فإن المغرب هو منبر للاستثمار الرأسمالي لاستغلال الصحراء الجنوبية. وفي مقدمة ذلك الإمبريالية الفرنسية التي تطبق سياستها الاستعمارية الجديدة هناك.

نضال الشعب الصحراوي، بالتالي، هو مشكلة حقيقية للمغرب والإمبريالية العالمية. لهذا السبب بنى الجيش المغربي في الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية، بالتعاون مع إسرائيل والمملكة العربية السعودية، جدار الرمل، وهو جدار بطول 2700 كم. ومجهز بسبعة ملايين لغم ويدافع عنه أكثر من مائة ألف جندي. جدار يعد مأساة للسكان المحليين، حيث يفرق بين العائلات، ويدمر الاقتصاد المحلي[iv].

وكجزء من هذه الاتفاقيات، أبرمت الولايات المتحدة بالمصادفة عقدا لبيع أربع طائرات بدون طيار للمراقبة والقتال مقابل مليون دولار. وهذا يكمل مبلغ أكثر من 10 مليارات في العام 2019. فرنسا، من جانبها، باعت للمغرب ما قيمته أكثر من ملياري يورو من المعدات العسكرية (أسلحة وذخيرة وأقمار تجسس صناعية) منذ العام 2008. بما في ذلك شراء أنظمة مدفعية محمولة على شاحنات من طراز سيزار عام 2019. هذا من شأنه تعزيز الجيش المغربي الذي تتمثل مهمته المتوقعة في استعادة السيطرة على “الصحراء الغربية”.

الكفاح من أجل سيادة الشعب

 

في مواجهة هذه الخيانات التي لا تحصى من قبل الملك والبرجوازية المغربية، نؤكد مجددا دعمنا الكامل للشعب الفلسطيني برفض هذه الاتفاقية التي تشكل جريمة حقيقية ضد حقوقه المشروعة. ونرفض أيضا كافة ادعاءات النظام المغربي بالمطالبة بمناطق ما وراء البحار، وندعم بالكامل الشعب الصحراوي للجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية في مطالبه المشروعة بالاستقلال.

العمال المغاربة يجب أن لا يستسلمون للبروباغاندا الشوفينية للنظام المغربي التي تضعهم في مواجهة أخوتهم في الصحراء. بل على العكس، فقط من خلال النضال الموحد من أجل اتحاد الجمهوريات الاشتراكية في المغرب الكبير، مع احترام الخصائص المحددة لكل منها، سيزدهر المغرب الذي سيطور إمكاناته بالتعاون مع جيرانه.

ولكن لكي يحدث هذا، علينا أن نبدأ برفض هذه الاتفاقيات المخزية. على بلجيكيا الاعتراف بالجمهورية الصحراوية كدولة مستقلة. في بلجيكيا، وأيضا في فرنسا وكافة أنحاء العالم، نوجه الدعوة للمنظمات، والحركات، والأحزاب، والنقابات العمالية، التي تدعم القضية الفلسطينية، للتعبير عن رفضها لهذه الاتفاقية المخزية.

ترجمة تامر خرمه

 

[i] https://elpais.com/internacional/2020-12-10/marruecos-logra-que-ee-uu-reconozca-su-soberania-sobre-el-sahara-occidental-a-cambio-de-iniciar-relaciones-diplomaticas-con-israel.html

[ii] الاسم يحاول تمويه العدوان الصهيوني تحت عباءة تعدد الثقافات: “الشعبان العربي واليهودي ينحدران من سلف مشترك، إبراهيم، ويطمحان إلى تعزيز رؤية واقعية لشرق أوسط يعيش فيه المسلمون واليهود والمسيحيون والشعوب من كافة الأديان والطوائف والجنسيات بروح التعايش والتفاهم والاحترام المتبادل”. https://fr.wikipedia.org/wiki/Accords_d’Abraham#Traité_de_paix_entre_les_Émirats_arabes_unis_et_Israël

[iii] https://elpais.com/internacional/2020-10-23/israel-y-sudan-normalizaran-sus-relaciones-con-la-mediacion-de-ee-uu.html

[iv] https://www.spsrasd.info/news/fr/articles/2016/10/16/4803.html

Check out our other content

Check out other tags:

Most Popular Articles